الحكم الرابع: ما هي شروط الحجاب الشرعي؟
يشترط في الحجاب الشرعي بعض الشروط الضرورية وهي كالآتي:
أولاً: أن يكون الحجاب ساتراً لجميع البدن لقوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن}. وقد عرفت معنى (الجلباب) وهو الثوب السابغ الذي يستر البدن كله، ومعنى (الإدناء) وهو الإرخاء والسدل فيكون الحجاب الشرعي ما ستر جميع البدن.
ثانياً: أن يكون كثيفاً غير رقيق، لأنّ الغرض من الحجاب السترُ، فإذا لم يكن ساتراً لا يسمّى حجاباً لأنه لا يمنع الرؤية ولا يحجب النظر،
ثالثاً: ألاّ يكون زينة في نفسه، أو مبهرجاً ذا ألوان جذابه يلفت الأنظار لقوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] الآية ومعنى: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أي بدون قصد ولا تعمد، فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز ارتداؤه، ولا يسمى (حجاباً) لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب.
رابعاً: أن يكون فضفاضاً غير ضيّق، لا يشفّ عن البدنن ولا يجسّم العورة، ولا يظهر أماكن الفتنة في الجسم، وفي (صحيح مسلم) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قومٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا». وفي رواية أخرى: وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام. رواه مسلم.
ومعنى قوله عليه السلام: «كاسيات عاريات»أي كاسيات في الصورة عاريات في الحقيقة، لأنهنّ يلبسن ملابس لا تستر جسداً، ولا تخفي عورة، والغرض من اللباس السترُ، فإذا لم يستر اللباس كان صاحبه عارياً.
ومعنى قوله: «مميلات مائلات» أي مميلات لقلوب الرجال مائلات في مشيتهن، يتبخترن بقصد الفتنة والإغراء، ومعنى قوله: «كأسنمة البخت» أي يصفّفن شعورهن فوق رؤوسن، حتى تصبح مثل سنام الجمل، وهذا من معجزاته عليه السلام.
خامساً: ألاّ يكون الثوب معطّراً فيه إثارة للرجال لقوله عليه الصلاة والسلام: «كلّ عينٍ نظرت زانية، وإنّ المرأة استعطرت فمرّت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية».
وفي رواية (أن المرأة استعطرت فمرّت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية).
وعن موسى بن يسار قال: (مرّت بأبي هريرة امرأة وريحها تعصف فقال لها: أين تريدين يا أمة الجبار؟ قالت: إلى المسجد، قال: وتطيّبتِ؟ قالت: نعم، قال: فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقبل الله من امرأة صلاة، خرجت إلى المسجد وريحها تعصف حتى ترجع وتغتسل).
سادساً: ألاّ يكون الثوب فيه تشبه بالرجال، أو ممّا يلبسه الرجال لحديث أبي هريرة: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة الرجل). وفي الحديث: «لعن الله المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء» أي المتشبهات بالرجال في أزيائهن وأشكالهنّ كبعض نساء هذا الزمان نسأله تعالى السلامة والحفظ.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المفضلات