لكن إبليس كما وصفه الله عز وجل


البشر بين التعرّي والستر :

لذلك العالم الآن عالم مقسوم قسمين ، عالم التعري وعالم الحجاب ، المسلم المرأة محجبة الرجل ثيابه فيها ستر ، فيها حشمة لا يظهر فخذه للناس ، قد تزور بلد أوربي تلتقي مع مدير عام يرتدي بنطال قصير إلى أعلى الفخذ ، طبيعي جداً ، النمط الغربي نمط تعرية ، والمنهج الإلهي منهج ستر ، لأن في التعرية إثارة ، ومع الإثارة فاحشة ، ومع الفاحشة فساد ، ومع الفساد ضياع ، ومع الضياع شقاء ، وبعد الموت جهنم ، وقد بدأتْ أول معصية عُصي بها الله في الأرض بكشف العورة .
لذلك الآباء المربون الذين يحرصون على سلامة أخلاق أولادهم قد لا يخلع أحدُهم ثيابه أمام ابنه ، وهذا الأصح ، والأولى ، والأوجب ، لا يمكن لأب مؤمن طاهر أن ينزع ثيابه أمام أولاده أبداً ، الله أمرنا بالستر ، المرأة المسلمة مستورة ، مفاتنها لزوجها ، ولمحارمها لا لكل الناس .
ورأيتم كم من الفساد استشرى في الأرض حينما تعرت المرأة ، كم محطة فضائية بُنيت على عرض المرأة عارية ؟ كم موقع في الانترنيت إباحي ؟ أساسه عرض المرأة عارية ؟ كم في الطريق من فساد من فتاة تبرز كل مفاتنها للناس ؟ لذلك الستر والتعري صفتان تخصان المؤمنين الستر ، والتعري لغير المؤمنين .


﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ ﴾صدقوا أيها الإخوة أنّ المرأة التي ترتدي ثياباً محشومة واللهِ كأنها ملكة ، وأنت حينما ترى امرأة ترتدي ثياباً محتشمة كأنها أختك لا تفكر بشيء آخر ، أما حينما تبرز المرأة مفاتنها تنتقل من أنها امرأة إلى أنها متعة ، وفي هذا امتهان للمرأة
الآن هناك مسيرات في العالم الغربي أساس المسيرة احتجاج واعتراض واستنكار ، أن أي سلعة مهما كانت قليلة الشأن تروَّج عن طريق امرأة شبه عارية ، هذا من فعل إبليس ، التعري أول معصية ارتكبت في الأرض ، والمؤمن أبرز ما فيه الستر ، والصون والاحتشام .


فائدة في قوله : أَنْزَلْنَا

لكن هناك من قال : كلمة أنزلنا أي شيء نزل من السماء هو الخير ، وقد يكون في الإنسان دافع نحو السماء ، ودافع نحو الأرض ، الشرور تتأتى من أن يستجيب الإنسان لنداء الشهوة ، ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ، لذلك الثياب تستر العورات قال تعالى :
﴿ يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ﴾

وَرِيشًا

الريش هو ما يكسو جلد الطائر ، والريش جميل ، وكان بعض الملوك يضعون ريشة على تاجهم ، والعوام استنبطوا من هذا أنه فلان ( مرَيّش ) ، يعني أنه يملك أن يشتري التحسينات ، الترف ، الأشياء الجميلة ، التي لا يحتاجها الفقراء ، فالريش معناه زينة ، والله عز وجل حينما قال :
﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾( سورة النحل ، )فكأن الزينة حاجة في الإنسان ، الإنسان يسكن في بيت ، لكن يستمتع في بيت مطلي بطلاء لطيف ، فيه ألوان جميلة .
هناك إنسان يرتدي ثيابا تستر عورته ، لكنه فوق ذلك يحبها ثياباً جميلة ، بألوان أنيقة ، وبألوان متناسبة ، فكأن الله سبحانه وتعالى أودع فينا حب الشيء الجميل ، وقد قالوا : الإنسان فطر على حب الجمال ، والكمال ، والنوال ، النوال ، وهو العطاء ، فكلّ واحد منا دون استثناء يحب الشيء الجميل ، يحب البيت الجميل ، يحب الثياب الجميلة ، يحب الأداة الجميلة ، يحب الآلة إذا كانت جميلة ، لذلك الآن قضية الجمال واضحة جداً في العالم ، فأيّ شيء له مظهر جميل ، هذا شيء ليس منافياً للفطرة ، لكن العالَم الغربي بالغ بتجميل الحياة ، حتى أصبحت حياته مهوى للقلوب ، ونحن قصرنا كثيراً ، فلم نعبأ بتجميل بلادنا حتى نفر منها أبناءنا ، والجمال لا يحتاج إلى أموال طائلة ، بل يحتاج إلى ذوق ، وجنة المؤمن داره ، وأحياناً يكون الطلاء بسيطا ، ورخيصا جداً ، لكنه طلاء بلون زاهٍ ، والأثاث متناسب مع لون الطلاء ، وكل شيء في الغرفة مشتق من لون موحد .
مرة دخلت إلى صالة للأفراح وللتعزية ، لفت نظري تناسق ألوان عجيب ، فالإنسان يرتاح .
من قال لك : إن الإنسان ينبغي ألا تكون حياته جميلة ؟ كن متأنقاً في ثيابك ، اختر ألواناً تناسبك ، اختر أدوات فيها مسحة جمالية ، هذه حاجة أساسية ، لا تنتقد الآخرين إذا أرادوا أن يكون الشيء جميلاً ، هذه فطرة ، لكن ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة ، الجمال في البيت ، في المدخل ، في غرفة الضيوف ، في التناسق ، في الأزهار ، لكن أن تصل إلى الجمال عن طريق المعاصي والآثام فهذا لا يجوز .
المرأة جميلة ، لكن الله سبحانه وتعالى جعل لك لهذا الجمال طريقاً شرعياً ، أن تتزوج فقط ، والبيت جميل ، لكن جعل لك لهذا البيت الجميل طريقاً واحداً ؛ أن تعمل عملاً شريفاً ، وأن تكسب رزقاً حلالاً ، وأن تشتري بيتاً جميلاً ، أما أن تكون متعتك بالجمال على حساب دينك ، وعلى حساب مبادئك ، فهنا الخطأ ، وقد رسب من يفعل هذا بالامتحان .
إذاً :

﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ﴾

كل شيء خلقه لنا يحقق هدفاً وظيفياً وهدفاً جمالياً :


إذاً : الحاجات التي خلقها الله عز وجل تحقق هدفا وظيفيا ، وهدفا جماليا ، وأيُّ شيء الله عز وجل خلقه ، فالتفاحة فضلاً على أنها مغذية ، وفيها مواد سكرية ، وفيها معادن ، وفيها فيتامينات ، فضلاً على كل خصائصها ، وفضلاً على رائحتها الطيبة ، وطعمها الطيب ، ومنظرها الجميل ، أحياناً هناك لوحات فنية فيها فواكه ، تفاحة جميلة جداً ، الموز جميل ، الأجاص جميل ، العنب جميل ، الله عز وجل علمنا أن كل شيء خلقه لنا يحقق هدفاً وظيفياً وهدفاً جمالياً .
فلذلك الجمال مطلوب ، والمؤمن جميل ، ويحب الجمال ، لكن يحب وفق منهج الله ، ولا يحيد عن منهج الله قيد أنملة .
كان عليه الصلاة والسلام إذا مشى يُعرف بطيب الرائحة .
كان عليه الصلاة والسلام يرتدي أجمل ثيابه في المناسبات والأعياد .
كان عليه الصلاة والسلام له ثياب يرتديها إذا لقي الوفود ، وفي خطبة الجمعة .
أنا أتمنى ، وهذه مناسبة ألاّ نبتعد عن الجمال ، ألا نجعل بلادنا ليست جميلة ، تجد الطرقات ليست جميلة ، لأن الانتماء فردي ، البيوت جميلة جداً ، أما الطرقات فغير جميلة ، ليس هناك انتماء جماعي ، أن هذا الشيء يخرش منظره ، قد يضع أشياء لا يحتاجها في الشرفة ، ومنظر الشرفة فيها أشياء قديمة مكسورة ، معطوبة ، لا يهمه ذلك ، البيت جميل من الداخل ، فيه أناقة ، وجمال ، لكن الشرفة هذه للناس ، يضع فيها أشياء ليست مقبولة ذوقاً .
إذاً :

﴿ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ﴾إنسان بلمسات خفيفة يجعل بيته جنة بلمسات خفيفة ، مسمار عليه شريط ، منظره غير لائق ، يقلع المسمار ، ويضع مكان الثقب معجون فصار المنظر جميلا ، والأشياء الدقيقة يمكن أن تطفي على الإنسان شعوراً بالجمال .
أنا لست مع أن نكون أتقياء ، وبلادنا غير جميلة ، بيوتنا غير جميلة ، تدخل إلى صيدلية أحياناً فيها أناقة ، وفيها نظافة ، وفيها نظام يلفت النظر ، وصيدلية أخرى الأدوية فوق بعضها ، الغبار ، يا لطيف شيء لا يحتمل ، فالنظافة من الإيمان ، والأناقة من الإيمان والأشياء الجميلة من الإيمان ، وهذه آية قرآنية :

﴿ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ﴾

يتبع ..