توقفنا في المرة السابقة على أن "بولس" كان يحاول جاهدًا أن يجعل نبوءة إنجيل لوقا 7: 28 تنطبق عليه هو وكان يحاول إيهام أتباع المسيح بذلك، والنبوءة تتلخص في ثلاثة أمور هامة :

1- يأتى نبي أعظم من الأنبياء جميعًا بل أعظم من ولدت النساء.

2 - هو الأصغر في ملكوت الله، وهذا لن يتحقق إلا إن جاء متأخرًا عنهم في الزمان، وبالطبع هذه الصفة لا تنطبق على "بولس" لأنه كان في زمان سيدنا "يحيى" - يوحنا عندهم - وهذا ولا شك يدل على أنه لن يكون الأصغر.

3 - تكون دعوته للأمم كافة، وكما ذكرنا أن المسيح ذكر عنه كتاب النصارى - البايبل - أنه لم يرسل إلا لخراف بني إسرائيل فقط أي أن دعوته لم تكن أممية، أما "بولس" فقد زعم أن المسيح ظهر له بعد رفعه ودعاه لدعوة الأمم وهذا بالطبع لا شك أنه لمحاولة إيهام الناس أنه هذا النبي المنتظر، ولمعرفة مزيد من المعلومات عن هذه النبي المنتظر من كتاب النصارى تعالوا لنسلط الضوء على مزيد من النبوءات، وهناك نص منسوب للمسيح في كتابهم يشير إلى أن ملكوت الله سيعطى لأمة أخرى غير اليهود يعملون به ، أي أن هذا النبي لن يكون من ني إسرائيل وبالتالي فـ "بولس" مستبعد وهذا يكشف كذبه :

"لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ."إنجيل متى 21: 43

وكنا قد انتهينا في المرة السابقة عند نبوءة نص سفر إشعياء إصحاح 21 التي تتحدث عن وحي قادم من ناحية العرب، ولا يوجد في كتاب النصارى أي ذكر لنبي أتى من ناحية العرب، وهذا معناه أن هذه النبوءة تخص نبي لم يأتي بعد، تعالوا لنعرف من خلال هذا النص من أي نسل يأتي النبي وفي مكان سكن :

13 وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ، يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ.14 هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ، يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ.15 فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ، وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ، وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ.16 فَإِنَّهُ هكَذَا قَالَ لِيَ السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ،17 وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ». سفر إشعياء 21

الوحي جاء في الوعر، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أول ما نزل عليه الوحي كان على جبل "النور" في "غار حراء"، ولكن كيف نعرف أن هذا الوحي نزل في صحراء السعودية تحديدًا ؟ يذكر لنا النص أن سكان تيماء يستقبلون شخص هارب وربما هو صاحب الوحي، وتيماء تقع في المملكة العربية السعودية في الطريق إلى المدينة المنورة، وهذا الهارب هرب إلى المدينة المنورة، وهذه النبوءة لا شك أنها تشير لهجرة سيدنا "محمد" صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لأنه هاجر من "مكة" إلى "المدينة المنورة" بعد إن تآمروا على قتله، وبعد عام من الهجرة حدثت غزوة بدر التي قتل فيها من قتل من أبناء قيدار - ابن سيدنا إسماعيل الذي جاء من نسله قبائل مكة التي كانت تعيش في الجاهلية - ومنهم من اعتنق بعدها الإسلام، بالمناسبة "تيماء" كان يسكنها قديمًا اليهود وكانوا يعلمون بقدوم نبي وربما استنادًا لهذا النص تحديدًا، ولما جاء النبي من نسل سيدنا "إسماعيل" أنكروه وحسدوه وحسدوا العرب ككل وأخفوا ما جاءهم من الحق، ولو أنهم قرأوا العهد الجديد لعلموا أن ملكوت الله ينزع منهم ويعطى لأمة أخرى كما ذكرنا بالأعلى، وهذا الحديث النبوي يوضح الصورة :

إنَّ ممَّا دعانا إلى الإسلامِ – معَ رحمةِ اللهِ تعالى وهُداهُ لنا – لمَّا كنَّا نسمعُ مِن رجالِ اليهودِ وكنَّا أهلَ شِركٍ أصحابَ أوثانٍ وكانوا أهلَ كتابٍ عندَهم علمٌ لَيسَ لنا وكانت لا تزالُ بَينَنا وبينَهم شرورٌ فإذا نِلنا مِنهم بعضَ ما يكرهونَ قالوا لنا إنَّهُ قد تقاربَ زمانُ نبيٍّ يُبعثُ الآنَ نقتلُكم معهُ قتلَ عادٍ وإرمَ فكنَّا كثيرًا ما نسمعُ ذلكَ منهم فلمَّا بعثَ اللهُ رسولَه صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ أجبناهُ حينَ دعانا إلى اللهِ تعالى وعرَفنا ما كانوا يتَوعَّدونَنا بهِ فبادَرناهُم إليهِ فآمنَّا بهِ وكفروا بهِ ففينا وفيهم نزلَت هذه الآياتُ مِن البقرةِ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَالراوي: رجال من قوم عاصم بن عمر المحدث: الوادعي - المصدر: صحيح أسباب النزول - الصفحة أو الرقم: 26
خلاصة حكم المحدث: حسن

أما النبوءة القادمة التي تنفي الرسالة عن بولس وتؤكدها على رسول الله بإذن الله ربما تكون مفاجأة للنصارى وربما لكثير من المسلمين أيضًا ويتبع إن شاء الله ..!