تابع - ثانيًا التعريف بالكتاب وأقسامه :


أشرنا بالأمس إلى أن النصارى يسمون كتابهم بعهديه بـ "الإنجيل" العوام في الغالب لا يتعمدون ذلك وإنما هي عادة جرت على ألسنتهم أما لرجال الكنيسة والقساوسة شأن آخر .. فكما ذكرنا سابقًا أن نطلق على كتاب يحتوي على أربعة أناجيل - وليسوا واحدًا - ( بالإضافة ) لأسفار أخرى من ضمنها توراة اليهود ، فهل القساوسة بالسذاجة التي تدفعهم لأن يسموا كتاب به أسفار أخرى و"عدة" أناجيل كلهم باسم "إنجيل" - والتي تعني "البشارة السارة " ؟! بالطبع ليست سذاجة وإنما أمر متعمد .. لماذا ؟

كما ذكرنا أن الأربعة أناجيل كتبت - كما يقر النصارى بأنفسهم - بعد رفع المسيح بعشرات السنوات زاعمين أن من كتبوها كانوا مسوقين بالروح القدس ، أي أن المسيح عليه السلام لم ير أي من هذه الأناجيل الأربعة وليس له أي علاقة بها !

فنجد مثلًا زمان كتابة إنجيل "متى" : 60 - 65 ميلادية ، لوقا : 60 - 63 م ، "مرقس" 61 م – 62 م أو 63 م وأخيرًا إنجيل يوحنا كتب سنة : 85-100 م .

ومن التواريخ يتضح أن هذه الأناجيل كتبت بعد رفع المسيح بحوالي من 30 إلى 70 عامًا .. أما نحن كمسلمون فنؤمن أن الكتاب الإنجيل هو إنجيل واحد وهو الكتاب الذي نزل على المسيح ودعى به قومه ولم يوحى به لغيره .. والمفاجأة الكبرى التي ربما لا يعلمها أكثر النصارى لأنهم لا يقرأون كتابهم أن هذا الأمر ذكر صريحًا في كتابهم ، وأنه كان هناك إنجيل فعلًا في زمان المسيح ودعاه "بولس" أيضًا - يعتبره النصارى رسول - بـ "إنجيل" المسيح ، بل أنه ذكر أن إنجيل المسيح هذا هناك محاولات لتحريفه لإنجيل آخر !

على سبيل المثال ما ذكر أن المسيح قاله في إنجيل "متى" :

"13 الحق أقول لكم: حيثما يكرز
بهذا الإنجيل
في كل العالم يخبر أيضاً بما فعلته هذه تذكاراً لها " ( إنجيل متى إصحاح 26 العدد 13 ) ..

العدد يذكرون أن المسيح قائله ويقول : "هذا الإنجيل"

ونحن نسأل النصارى : "أين هذا الإنجيل الذي تحدث عنه المسيح ولم يكن أي من الأناجيل الأربعة قد كتب بعد ؟! "

وأخبرنا أيضًا الكتاب في إنجيل "مرقس" أن الناس كانوا يستمعون للوحي الذي نزل على المسيح :

1 وَإِذْ كَانَ الْجَمْعُ يَزْدَحِمُ عَلَيْهِ
لِيَسْمَعَ كَلِمَةَ اللهِ
، كَانَ وَاقِفًا عِنْدَ بُحَيْرَةِ جَنِّيسَارَتَ. ( إنجيل لوقا إصحاح 5 وما قبل الجملة هو رقم العدد )

فأين كلمة الله التي كان يلقيها المسيح إن كانوا يزعمون أن المسيح لم ير الأناجيل الأربعة المحتوى عليها الكتاب ؟!

ومثلها الكلام المنسوب للمسيح أيضًا في إنجيل "يوحنا" :

"وقد حفظوا كلامك، والآن علموا أن كل ما أعطيتني هو من عندك،
لأن الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم
، وهم قبلوا وعلموا يقيناً أني خرجت من عندك، وآمنوا أنك أنت أرسلتني" (يوحنا الإصحاح 17 الأعداد من 6 إلى 8 ).


وهنا يخبرنا "بولس" بمفاجأة محاولات تحريف الإنجيل لإنجيل آخر !

6 إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ
تَنْتَقِلُونَ
هكَذَا سَرِيعًا عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ
إِلَى إِنْجِيل آخَرَ
! 7 لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ
وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ
. ( رسالة "بولس" إلى أهل "غلاطية" إصحاح 1 ) ..

فأين إنجيل المسيح هذا وأين الإنجيل الآخر المتحول إليه ؟! والمعروف أن زمن كتابة رسالة "غلاطية" كان سنة 49 م أي قبل كتابة أقدم الأناجيل الأربعة بـ 11 سنة على الأقل .. فأين إنجيل المسيح وأين الآخر المتحول له ؟! وهل بعد هذا كله يستطيع أي نصراني أن يدعي أن كتابه غير محرف ولا يسمى بالإنجيل وليس هو إنجيل المسيح ( لا من حيث المحتوى ولا من حيث الوحي ) وهل يستطيع أن ينكر أن الإنجيل قد نزل فعلًا على المسيح كما يقول المسلمون وبشر به وفي زمانه وليس كما يزعمون نزل على أربعة غيره بعد حادثة الصلب ورفعه بعشرات السنوات ؟! أين هذا الإنجيل ؟!

هل كانت الأناجيل الأربعة هي فقط الأناجيل التي كتبت بعد المسيح وهل يوجد أسباب لاختيار آباء الكنيسة لهذه الأربعة دون غيرها وإدراجها في الكتاب ؟!
هل توجد أدلة نصية على تحريف الكتاب من داخله ؟!
هل توجد بشارات تؤكد صدق رسالة الإسلام بل بقدوم سيدنا "محمد" صلى الله عليه وسلم ؟

هذا ما سنعرفه في المرات القادمة إن شاء الله ..