السؤال:
اعتنقت الإسلام مؤخراً دون علم والديّ ، ولو علما لغضبا ولقطعا عني مصاريف الدراسة الجامعية ؛ لذا فقد حرصت على إبقاء الأمر سرّاً ، وفي اليوم الثالث من رمضان اضطررت للذهاب إلى إحدى اللقاءات في الجامعة ، وظهر لي بعد أن وصلت أنهم قد أعدوا عشاءً صادف توقيته قبل أذان المغرب بساعة ونصف ، وليست المشكلة في امتناعي عن الأكل معهم لكن المشكلة أن والديّ كانا ممن حضر هذا اللقاء دون أن أعلم بذلك مسبقاً . لقد فكرت في الأمر مليّاً وخشيت أن يعلما قصة إسلامي لا سيما وأنهما قد لاحظا اهتمامي في الأيام الأخيرة بالإسلام وامتناعي عن الأكل معهم في الثلاثة الأيام السابقة ، وإذا ما لاحظا أني لن آكل معهم في هذه الليلة فإنهما ولا شك سيعلمان بأني قد اعتنقت الإسلام ، وإذا ما حدث ذلك فالعواقب وخيمة . لهذا قررت أن أفطر ذلك اليوم ، لقد أفطرت واستغفرت الله وطلبت منه الصفح والمعافاة .


السؤال هو : هل يجب عليَّ القضاء ؟ أم أداء الكفارة ؟


الجواب :
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يُعظم لك الأجر وأن يُسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنه ، وأن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح ، وهنيئاً لكِ ما أنعم الله به عليك من نعمة الإسلام ، وهنيئاً لك ذلك الحب للإسلام والقيام بشعائره على وجهها الذي شرعها الله عليه .
وما دمتِ تخشى عواقب وخيمة جراء إظهار إسلامك ، فإنه لا يجب عليك إعلانه وإظهاره أمام والديك ، ويقبل الله تعالى إسلام العبد حتى لو لم يظهره في العلن عند العجز عن ذلك ؛ ما دام أنه قد دخل فيه بالشهادتين ، ويجب عليه أن يأتي من شعائره ما يستطيعه بعد ذلك ، من غير أن يسبب لنفسه الفتنة التي قد تمنعه من الاستمرار على هذا الدين ، وهذا مؤمن آل فرعون قد ذكر الله تعالى أنه كان يُخفي إيمانه على فرعون وملئه ، قال تعالى : ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ ) غافر/ 28 ، وبعض الصحابة أسلم في أول الأمر زمن ضعف المسلمين في مكة فرغب منهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يُخفوا إسلامهم خشية الفتنة عليهم ، ومن هؤلاء الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه ، حيث قال له صلى الله عليه وسلم : ( يَا أَبَا ذَرٍّ اكْتُمْ هَذَا الْأَمْرَ وَارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ فَإِذَا بَلَغَكَ ظُهُورُنَا فَأَقْبِلْ ) رواه البخاري ( 3328 ) .
وحيث وقع منك الإفطار في ذلك اليوم بسبب ما ذكرته من وجود والديك ، وخشية من العواقب الوخيمة على عدم الإفطار ، فإنك بذلك تكون معذوراً في إفطارك ، ويجب عليك قضاء ذلك اليوم ، متى تمكنت من ذلك ، وأمنت من حصول الضرر عليك ، ولا يلزمك كفارة عن هذا اليوم .
نسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه .
وللفائدة انظر جواب السؤال رقم ( 165426 ) .

والله أعلم