مسألة شك إبراهيم عليه السلام!!! : قال تعالى :{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}

ينقلُ بعضُ المفسرين وعلى رأسهم ابن جرير الطبري في تفسيره لهذه الآية من بين الأقوال والاجتهادات كلاما غريبا يناقض صريح القرآن من أنّ إبراهيم عليه السلام دخله الشك في قدرة الله!!!...حيث قال ناقلا عن غيره : (وقال آخرون: قال ذلك لربه لأنه شك في قدرة الله على إحياء الموتى......عن ابن جريج، قال: سألت عطاء بن أبي رباح، عن قوله:( وإذ قال إبراهيم رب أرني كلف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) قال: دخل قلبَ إبراهيم بعضُ ما يدخل قلوبَ الناس، فقال:( رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى )، قال:( فخذ أربعةً من الطير)، ليريه....) انتهى بلفظه

أقول : والعجب كل العجب من قولهم هذا!!، إذ كيف تسنى لهم هذا القول مع أنّ القرآن ذكر قبلها بقليل المحاجّة بين إبراهيم وبين مَنْ آتاهُ اللهُ الملك حين صرح إبراهبمُ قائلا كما في قوله تعالى : {ذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}!!!!
ثم أتتْ بعدها آية الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها ؛ حيث إن موقفه هنا كموقف إبراهيم إذ طلب كيفية إحياء الموتى فلما أماته اللهُ مئة عام ثم بعثه قال : {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259)}
وبعدها جاء طلب إبراهيم : {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} فإن كان عزير قدّ طلبَ كيف يحيي اللهُ الموتى ثم أقرّ في الآخر بقوله : { أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ولم يقلْ علمتُ فهو يعلمُ قبل هذا؛ فإبراهيم الذي هو {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} أحق بعلمه وإيمانه وإيقانه بأن الله على كل شيء قدير...
ومن وجه آخر : إن القرآن أثبتَ قوة الإيمان والعزيمة لإبراهيم منذ شبابه حيث حطم الأصنام وهو فتى كما قال تعالى : {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} وهذا قبل النبوة فكيف به أن يشك وهو بعد النبوة؟!!!!!

وكذا إذا كان الله قد عصمَ الأنبياء بأمور الدين العبادية فهو لعصمتهم بأمور العقائد أدعى وأقوى وأرجح....
وفي الأخير أقول فائدة : لا أظن أن الله قد نفى الشرك عن أحد من الأنبياء غير إبراهيم عليه السلام فقال تعالى :
{بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }135/البقرة
{وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}67/آل عمران
{ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }95/آل عمران
{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}14/الأنعام
{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}79/الأنعام
...........والخ من الأيات الدالة على نفي الشرك والشك عنه عليه السلام
والله أعلم