السيد عابد المسيح ,,

يسعدنا وجودك في هذا المنتدى آملين أن يصلك النور يومًا ما فتتخلص نفسك من سراب عبادة العباد إلى حقيقة عبادة رب العباد !
وأرجو قبول أعتذاري عما بدر من الأعضاء تجاه إلهك , فالعواطف مشحونة والنفوس قد ضاقت مما يفعله بعض المنتسبين إلى المسيحية تجاه حضرة النبي صلى الله عليه وسلم .

لقد اطلعت على بعض المشاركات في هذا الموضوع , ووجدتك تحرص على الحديث عن خلاص البشر بالإيمان بالمسيح ربًا وإلهًا دون تقديم أي دليل مادي ملموس على أن المسيح هو الله - تعالى الله عما تصفون -
لذا وددت لو خضت معك حوار هادئ هادف حول أصل الأصول عندكم وهو ألوهية السيد المسيح - المزعومة - على أن يكون حوارنا بعيدًا عن القصص والروايات التي لا تسمن ولا تغني من جوع !
فالحقائق والأدلة هى أقصر طريق لتحقيق الإيمان .

وبالمناسبة فأنا في قمة إنشغالي في العمل لكني قد أتمكن من مشاركتك في الحوار كلما سنحت لي الفرصة , فانظر ماذا ترى , وستجدني إن شاء الله من الصابرين .

إن هذا الموضوع : ( سيرة يسوع في الكتاب المقدس ) احتار فيه علماء المسيحية , نظرًا لأن الأناجيل لا تذكر من حياة المسيح عليه السلام إلا اليسير من حياته , مما جعل العديد من علماء المسيحية يتركون المسيحية لخلو الكتاب المقدس من سيرة مفصلة ومحققة عن المسيح عليه السلام , ومن هؤلاء الأعلام القس " نوح كلر " الذي أسلم وجهه لله تبارك وتعالى , لا لأنه رأى محمدًا صلى الله عليه وسلم فوق كنيسة القيامة يخبره أن يبيع كل ما يملك ويتبعه , ولا لأنه رأى شيطانًا في صورة المسيح عليه السلام- وحاشاه- يخبره أن الإسلام هو الدين عند الله , لكنه أسلم بعد دراسة علمية موثقة خاضها بنفسه غير متحزب إلى دين معين أو إلى طائفة بعينيها بل تجرد من تحزبه وأنصف في بحثه , يقول القس اللاهوتي نوح كلر : ( ... وعندما التحقت بجامعة " غانزاغا " الكاثوليكية بولاية واشنطن خريف 1972م اكتشفت أن مصداقية هذا الكتاب المقدس – لا سيما " العهد الجديد منه " – تعرضت لتشكيك كبير من قِبَل كثير من الباحثين المسيحيين أنفسهم , نتيجة للدراسات الحديثة في تأويل النصوص وإعادة قراءتها . وفي أثناء دراستي مادة اللاهوت قرأت ترجمة نورمان بيرين الإنجليزية لكتاب " إشكالية يسوع التاريخي " الذي كتبه يواكيم يريمياس , وهو واحد من أبرز علماء " العهد الجديد " في القرن العشرين الذين أمضوا سنوات طويلة في دراسة هذه النصوص دراسة متعمقة , ساعده فيها تمكنه من اللغات القديمة التي كتبت بها أصول هذه النصوص . وقد اتفق يريمياس في نهاية الأمر مع اللاهوتي الألماني رودلف بولتمان على أنه " يمكن القول دون أدنى ريب : إن الحلم بكتابة السيرة الذاتية ليسوع قد انتهى للأبد ! " . وهذا يعني أن حياة السيد المسيح – كما عاشها بالفعل – لا يمكن إعادة نسجها إعتمادًا على ما ورد في العهد الجديد بلا أي درجة من الثقة ) ( هكذا أسلمت , رحلة البحث عن معنى ص 11 -12 ) .

فسيرة المسيح عليه السلام غامضة فكيف يمكننا القول بأنه إله وسيرته كبشر أصلاً ناقصة غامضة ؟!

وبالمناسبة عزيزي , بالنسبة لقولك لأحد الإخوة : ( فليغفر الرب لك تجديفك كما غفر لصالبيه، قائلاً لهم : "يا أبتِ اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" لوقا 23 : 34 ) .

فهذا النص محرف ودخيل على الكتاب المقدس وليس له وجود في أقدم المخطوطات اليدوية , يقول علماء الكتاب المقدس في تعليقهم على النص " لوقا 23 : 34 " : ( لم ترد صلاة يسوع في عدة مخطوطات قديمة ربما لأنها رأت في خراب أورشليم الدليل على أن الله لم يغفر جريمة المدينة ) ( هامش الترجمة المسكونية الكاثوليكية ص 274 ) .

والحق يحرركم !