
-
ثالثًا : متى وأين حدث التحريف ؟
نقولها بكل ثقة : على مر العصور والتاريخ يشهد على ذلك , بداية من سقوط القدس على يد بختنصر ومرورًا بحياة اليهود في ظل الحكم الرومانى ومجيء المسيح وبعد رفعه عليه السلام , بل وحتى اللحظة التي أسطر فيها هذا المبحث ، بل وإلى ما شاء الله !
فمن الرقيب على اللفظ حتى يستحيل التحريف ؟ !
إن أمة ظلت قرونًا وقرونًا لا يوجد فرد فيها يحفظ لفظ الكتاب الذي يؤمن بقدسيته , لهو بحق أكبر دليل على أن الكتب قد حرفت , فكيف نصدق أن اللفظ ظل سليمًا طيلة هذه القرون ولم يكن أحد حافظًا له ؟! , وكيف نصدق أن المعنى الموازي للفظ صحيحًا إذا كنا لا نعرف اللفظ أصلاً ؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وأما تلك الكتب فليس لها من يذب عن لفظها ومعناها , فلهذا عظم تحريفهم لها ) ( الجواب الصحيح 2/30 ) , وقال رحمه الله : ( وأما النصارى فلا يوجد فيهم من يحفظ التوراة والإنجيل والزبور والنبوات كلها فضلاً عن أن يحفظها باثنين وسبعين لسانًا , وإن وجد ذلك فهو قليل لا يمتنع عليهم لا الكذب ولا الغلط ) ( الجواب الصحيح 2/21 ) .
وقد جاء في مقدمة الترجمة الكاثوليكية العربية الحديثة للكتاب المقدس ( اليسوعية ) في أثناء حديثها عن نص العهد القديم وتناقله ما يلي : ( كثيرًا ما وقع إلتباس في النصوص الكتابية لأن الكتابة العبرية غالبًا ما تهمل فيها الحركات وفي القرن السابع إهتدى الباحثون إلى وسيلة واضحة لكتابة الحركات...لاشك أن هنالك عددًا من النصوص المشوهة التي تفصل النص المسوري الأول عن النص الأصلى فمن المحتمل أن تقفز عين الناسخ من كلمة إلى كلمة تشبهها وترد بعد بضعة أسطر، مهملة كل ما يفصل بينهما ومن المحتمل أيضًا أن تكون هناك أحرف كُتبت كتابة رديئة فلا يحسن الناسخ قراءتها فيخلط بينها وبين غيرها وقد يُدخل الناسخ في النص الذى ينقله لكن في مكان خاطيء تعليقًا هامشيًا يحتوي على قراءة مختلفة أو على شرح ما ، والجدير بالذكر أن بعض النساخ الأتقياء أقدموا بإدخال تصحيحات لاهوتية على تحسين بعض التعابير التي كانت تبدوا لهم معرضة لتفسير عقائدي خطر ) ( الترجمة الكاثوليكية ( اليسوعية ) ص 53 ) .
وعن الترجمة السبعينية والتي قام بترجمتها سبعون عالماً من علماء اليهود في الإسكندرية في عهد بطليموس الثانى وبأمره (285-246 ق.م) والتي تمثل الأن العهد القديم لطوائف الكاثوليك والأرثوذوكس , يقول عنها البروتستانت أنه لا يوجد ترجمة قد حُرفت أكثر من هذه الترجمة والحديث في هذا الأمر يطول نظرًا لشدة الخلاف بين الطوائف المسيحية في هذا الشأن , بالرغم من أنها تشترك معًا في دعوى الإستحالة !
أما بالنسبة لما حدث بعد رفع المسيح عليه السلام فتخبرنا المقدمة أيضًا والتي وضعها صفوة مختارة من أفضل علماء الكتاب المقدس في العصر الحديث ما نصه : ( فإن نص العهد الجديد قد نُسخ ثم نُسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التي تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت مهما بُذل فيها من الجهد ، ويضاف إلى ذلك أن بعض النساخ حاولوا أحيانا عن حسن نية أن يصوبوا ما جاء في مثالهم وبدا لهو أنه يحتوي على أخطاء واضحة أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي ، وهكذا أدخلوا على النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطأ ثم يمكن أن يضاف إلى ذلك كله أن الإستعمال لكثير من الفقرات للعهد الجديد في أثناء إقامة شعائر العبادة أدى أحيانًا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليها التلاوة بصوت عال ، ومن الواضح أن ما ادخله النساخ من التبديل على مر القرون قد تراكم بعضه على بعضه الأخر فكان النص الذي وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مثقلاً بمختلف ألوان التبديل ظهرت في عدد كبير من القراءات ) ( الترجمة الكاثوليكية اليسوعية ص 13 ) .
وأما عن العصر الحديث فالمصيبة أدهى وأمر ! , فلقد جاء في مقدمة النسخة القياسية المنقحة لترجمة الملك جيمس والتي ثمثل المرجع الأم لكل النسخ والترجمات بشتى اللغات ما نصه : ( ولكن نصوص الملك جيمس بها عيوب خطيرة جدًا وأن هذه العيوب والأخطاء عديدة وخطيرة مما يستوجب التنقيح في الترجمة الإنجليزية ) .
فهذه كانت مقدمة موجزة للإجابة على أسئلة أصحاب دعوى ( الإستحالة ) مع مزيد من الإيضاح إن شاء الله في الباب الثاني .
ولقد كنت دائمًا أتعجب من هذه الأسئلة , لأنها كانت لابد من باب أولى أن يوجهها أصحاب دعوى ( الإستحالة ) إلى أنفسهم , فكان على القمص / يوحنا فوزي أن يوجه هذه الأسئلة لنفسه قائلاً :
من هم الذين كتبوا الكتاب المقدس ؟ ولا يستند هذا الإدعاء إلى هدف معين فما هو القصد من كتابة الكتاب المقدس ؟ , ولا يستند هذا الإدعاء إلى زمن محدد فمتى كُتب الكتاب المقدس ؟ ، ولا يستند هذا الإدعاء إلى مكان معين فأين كُتب الكتاب المقدس ؟ !
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة أبو عبيده في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 12
آخر مشاركة: 03-06-2007, 01:49 PM
-
بواسطة أبو عبيده في المنتدى حقائق حول الكتاب المقدس
مشاركات: 10
آخر مشاركة: 01-10-2006, 12:17 PM
-
بواسطة أبو عبيده في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 12-09-2006, 01:56 AM
-
بواسطة أبو عبيده في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 04-08-2006, 12:06 PM
-
بواسطة أبو عبيده في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 5
آخر مشاركة: 03-08-2006, 10:48 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات