بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
إذا قرأت التفسير أظن إن التعجب سيزول
جاء فى تفسير القرطبى
قَوْلُهُ تَعَالَى وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الثَّانِيَةُ : اسْتَدَلَّ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الرِّزْقَ وَإِنْ كَانَ مَحْتُومًا ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَكَلَ ابْنَ آدَمَ إِلَى سَعْيٍ مَا فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ مَرْيَمَ بِهَزِّ النَّخْلَةِ لِتَرَى آيَةً ، وَكَانَتِ الْآيَةُ تَكُونُ بِأَلَّا تَهُزَّ .
الثَّالِثَةُ : الْأَمْرُ بِتَكْلِيفِ الْكَسْبِ فِي الرِّزْقِ سُنَّةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ ، خِلَافًا لِمَا تَقُولُهُ جُهَّالُ الْمُتَزَهِّدَةِ ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى وَالْخِلَافُ فِيهِ . وَقَدْ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ يَأْتِيهَا رِزْقُهَا مِنْ غَيْرِ تَكَسُّبٍ كَمَا قَالَ : كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا الْآيَةَ . فَلَمَّا وَلَدَتْ أُمِرَتْ بِهَزِّ الْجِذْعِ . قَالَ عُلَمَاؤُنَا : لَمَّا كَانَ قَلْبُهَا فَارِغًا فَرَّغَ اللَّهُ جَارِحَتَهَا عَنِ النَّصَبِ ، فَلَمَّا وَلَدَتْ عِيسَى وَتَعَلَّقَ قَلْبُهَا بِحُبِّهِ ، وَاشْتَغَلَ سِرُّهَا بِحَدِيثِهِ وَأَمْرِهِ ، وَكَلَهَا إِلَى كَسْبِهَا ، وَرَدَّهَا إِلَى الْعَادَةِ بِالتَّعَلُّقِ بِالْأَسْبَابِ فِي عِبَادِهِ . وَحَكَى الطَّبَرِيُّ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ أَنَّ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لَهَا : لَا تَحْزَنِي ؛ فَقَالَتْ لَهُ : وَكَيْفَ لَا أَحْزَنُ وَأَنْتَ مَعِي ؟ ! لَا ذَاتُ زَوْجٍ وَلَا مَمْلُوكَةٌ ! أَيُّ شَيْءٍ عُذْرِي عِنْدَ النَّاسِ ؟ ! يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا فَقَالَ لَهَا عِيسَى : أَنَا أَكْفِيكِ الْكَلَامَ .
الرَّابِعَةُ : قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ : مَا لِلنُّفَسَاءِ عِنْدِي خَيْرٌ مِنَ الرُّطَبِ لِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ شَيْئًا هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الرُّطَبِ لِلنُّفَسَاءِ لَأَطْعَمَهُ مَرْيَمَ ؛ وَلِذَلِكَ قَالُوا : التَّمْرُ عَادَةٌ لِلنُّفَسَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ التَّحْنِيكُ . وَقِيلَ : إِذَا عَسِرَ وِلَادُهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا خَيْرٌ مِنَ الرُّطَبِ ، وَلَا لِلْمَرِيضِ خَيْرٌ مِنَ الْعَسَلِ ؛ ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ . قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : رُطَبًا جَنِيًّا الْجَنِيُّ مِنَ التَّمْرِ مَا طَابَ مِنْ غَيْرِ نَقْشٍ وَلَا إِفْسَادٍ . وَالنَّقْشُ أَنْ يُنْقَشَ مِنْ أَسْفَلِ الْبُسْرَةِ حَتَّى تَرْطُبَ ؛ فَهَذَا مَكْرُوهٌ ؛ يَعْنِي مَالِكٌ أَنَّ هَذَا تَعْجِيلٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وَقْتِهِ ، فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ ، [ ص: 24 ] وَإِنْ فَعَلَهُ فَاعِلٌ مَا كَانَ ذَلِكَ مُجَوِّزًا لِبَيْعِهِ ؛ وَلَا حُكْمًا بِطِيبِهِ . وَقَدْ مَضَى هَذَا الْقَوْلُ فِي الْأَنْعَامِ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ . عَنْ طَلْحَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ جَنِيًّا بِكَسْرِ الْجِيمِ لِلْإِتْبَاعِ ؛ أَيْ جَعَلْنَا لَكَ فِي السَّرِيِّ وَالرُّطَبِ فَائِدَتَيْنِ : إِحَدَاهُمَا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ ، الثَّانِيَةُ سَلْوَةُ الصَّدْرِ لِكَوْنِهِمَا مُعْجِزَتَيْنِ .
وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا أَيْ فَكُلِي مِنَ الْجَنِيِّ ، وَاشْرَبِي مِنَ السَّرِيِّ ، وَقَرِّي عَيْنًا بِرُؤْيَةِ الْوَلَدِ النَّبِيِّ . وَقُرِئَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ . وَحَكَى الطَّبَرِيُّ قِرَاءَةَ ( وَقِرِّي ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَهِيَ لُغَةُ نَجْدٍ . يُقَالُ : قَرَّ عَيْنًا يَقُرُّ وَيَقِرُّ بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا وَأَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ فَقَرَّتْ . وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقُرِّ وَالْقُرَّةِ وَهُمَا الْبَرْدُ . وَدَمْعَةُ السُّرُورِ بَارِدَةٌ وَدَمْعَةُ الْحُزْنِ حَارَّةٌ . وَضَعَّفَتْ فِرْقَةٌ هَذَا وَقَالَتِ : الدَّمْعُ كُلُّهُ حَارٌّ ، فَمَعْنَى أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ أَيْ سَكَّنَ اللَّهُ عَيْنَهُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَنْ يُحِبُّهُ حَتَّى تَقِرَّ وَتَسْكُنَ ؛ وَفُلَانٌ قُرَّةُ عَيْنِي ؛ أَيْ نَفْسِي تَسْكُنُ بِقُرْبِهِ . وَقَالَ الشَّيْبَانِيُّ : ( وَقَرِّي عَيْنًا ) مَعْنَاهُ نَامِي ؛ حَضَّهَا عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ . قَالَ أَبُو عَمْرٍو : أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ أَيْ أَنَامَ عَيْنَهُ ، وَأَذْهَبَ سَهَرَهُ . وَعَيْنًا نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ ؛ كَقَوْلِكَ : طِبْ نَفْسًا . وَالْفِعْلُ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ لِلْعَيْنِ فَنُقِلَ ذَلِكَ إِلَى ذِي الْعَيْنِ ؛ وَيُنْصَبُ الَّذِي كَانَ فَاعِلًا فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى التَّفْسِيرِ . وَمِثْلُهُ طِبْتُ نَفْسًا ، وَتَفَقَّأْتُ شَحْمًا ، وَتَصَبَّبْتُ عَرَقًا ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ .
أيضا هناك بعض الأحاديث التي ذكرها ابن حجر في فتح الباري, في باب الرطب و التمر تعليقا علي قول الله تعالي " وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ ", فقال ابن حجر (روى عبد بن حميد من طريق شقيق بن سلمة قال " لو علم الله أن شيئا للنفساء خير من الرطب لأمر مريم به " ومن طريق عمرو بن ميمون قال " ليس للنفساء خير من الرطب أو التمر " ومن طريق الربيع بن خثيم قال " ليس للنفساء مثل الرطب ، ولا للمريض مثل العسل " ) ثم قال أسانيدها صحيحة.
ففائدته بعد الولادة كبيرة فهو يعمل على إنقباض الرحم مما يساعد الى رجوعه كما كان وله فوائد إخرى كاتعويض الجسم بكل إحتياجاته بعد الولادة فهو يعتبرغذاء كامل لما يحتويه من معادن وسكريات و بروتينيات و دهون و فيتامينات كما يعمل على زيادة إفراز الهرمونات التي تحفز إفراز اللبن للمرضعة (مثل هرمون برو لاكتين) وذلك لما يحتويه من جليسي و ثريونين
المفضلات