ينتسب الشيخ الحسيني إلي عائلة الريس من ناحية الأب والأم .
من ناحية الأب فقد كان والده الشيخ "مصطفى داود الريس" ( العالم والمحامي الشرعي ) الذي تعلم منه الكثير في صغره . وقد شاهد جده الحاج "داود الريس" الذي كان تاجرا كبيرا قبل أن يتوفى كان عنده خزينة ممتلئة بالكمبيالات و إيصالات أمانه على الصيادين حرقها ورفض أن يورث هذه الديون لأولاده وسمع من جده وهو يقول أخاف الله أن أظلم صياد واحد ويكون خصمي يوم القيامة. وقد أوقف 10 فدادين لمن يتعلم في الأزهر من أبناء العائلة.من ناحية الأم فوالدته عائشة نعمة الله الريس فقد كان والدها أيضا "نعمة الله الريس "تاجر و يشتهر بالأخلاق العالية والصلاح والتقوى، وقد أخذ الأبناء صفات أبيهم من الطيبة و الأخلاق الكريمة.عندما أتم والده الشيخ "مصطفى " حفظ القرآن خطب أبوه له أجمل بنت في البلد فاطمة وعندما أتم التعليم الثانوي الأزهري تزوج منها .. كانت جميلة و في نفس الوقت فعندما تجلس في مجلس النساء تضع في أذنها قطن مبلل بماء حتى لا تسمع ماذا يقولون. وكانت ذكية فقد علمها في أول الأسبوع القراءة والكتابة.. وفي نهاية الأسبوع جلست تقرأ القرآن الكريم.. أحبها حباً شديداً وكانت ناصحة وموجهه ومشجعه له فزاد احترامه وحبه لها..
حملت منه وكانت فرحه بأنها حامل و بعد ولادتها للمولود " محمد" فأصابتها حُمى النفاس فتوفاها الله و تركت المولود " محمد " .
تعلق الشيخ " مصطفى" بها وأحبها حبا شديداً حتى أنه يحكى أنه بعد دفنها كانوا كل يوم يبحثون عنه في البلدة فلا يجدونه و يذهبون إلى المقابر فيجدوه جالس أمام المقبرة يبكي أمام مقبرتها.عندما ماتت "فاطمة " تركت " محمد " وعلى الفور أخذته أختها " عائشة " وتعلقت به فهو ابن أختها "فاطمة " ويتيم فأصبح"محمد" ابن لها ترعاه .
وعندما علمت العائلة بذلك زوجوه من " عائشة " التي تتشابه مع أختها في الصلاح والتقوى لعله يجد تشابه ما فيها من أختها فاطمة.مرت الأيام والليالي بعد زواج " عائشة" من الشيخ مصطفى حملت أول حمل لها وقد ندرت إذا جاء ولد فتسميه "الحسيني "وإذا كان المولود بنت فسوف تسميها نفيسة " وقد اختارت الاسم تيمناً بالحسين ابن عليّ و ما سمعته عنه من جرأة في الحق وأنها سمعت من الأسرة أن العائلة تنتسب للإمام عليّ كرم الله وجهه. اشتهرت " عائشة " بحضورها مجالس الوعظ وحفظها دروس مسجد عائلة الريس، فكانت تطوف البيوت تلقي ما حفظته من مواعظ ودروس وكانت تقية صالحة صوامة قوامة لليل.في يوم الخميس الموافق 25 ربيع الثاني 1344 هـ الموافق بالافرنجي 12/11/1925 م رزقها الله ما تتمنى وفرحت فرحاً شديداً وقالت إن شاء الله يكون من علماء الأزهر الشريف . مثل أخاها الشيخ "عبد السلام الريس " الذي كان يدرس في معاهد الأزهري و هو من جيل الشيخ الشعراوي وكان الشيخ "عبد السلام " نابغة في النحو والصرف.. وقد درس في معاهد " دمياط " ومن أول من ذهب إلي مكة يعلم أهلها في بعثة الأزهر مع الشيخ الشعراوي لمدة ثلاث سنوات .في هذا الجو المليء بالحب والوفاء والترابط والخوف من الله نشأ وترعرع الشيخ في وسط العائلة.في أيامه الأولي.كانت تأخذه إلى المسجد العائلة وهي تسمع الدروس فتحفظ الدروس وتعيد مره أخرى الحديث على النساء وفي كل منزل تذهب إليه تنصح النساء وأيضا توفق وتسعى لزواج بنات العائلة..وتجمع المال لمن لا تستطيع الزواج وتقدم المساعدة لهن حتى تتزوج.وكانت عائلة الريس في هذا الوقت يوجد فيها أشياء منها: وقف 150 مركب صيد للصرف على فقراء العائلة... ووقف 10 فدادين للصرف على من يتعلم في الأزهر.. كان يوجد في العائلة ما يقارب من 17 عالم يحملون العالمية وإجازة التدريس في جميع التخصصات من الأزهر في ذلك الوقت .و الآن لقد انقرض واختفى كل شيء فلا مراكب صيد للفقراء ولا فدادين لمن يتعلم في الأزهر وكأننا في حلم هاجس ولكن كل ذلك علله الشيخ الحسيني "رحمه الله " بالمخالفات الشرعية والبعد عن سنة الله في الكون.بعد مولد الشيخ " الحسيني" بعامين رزقت أمه عائشة ببنت سمتها" نفيسة" انشغلت الأم بالأولاد في " المطرية دقهلية " مقر إقامة العائلة بينما الأب انشغل الأب بالسفر ما بين بورسعيد و" المنزلة دقهلية " حيث كان له مكتب محاماة شرعيه كان الأب يتنقل ما بين المكتبين سفر هنا وهناك وقد اشتهر في مرافعته وكيف أنه كسب كثير من القضايا حتى انه جاءته امرأة بقضية لها و انتهت بالزواج منها في بورسعيد كانت زوجة أبوه تريد له أن يدخل مدارس حكومية في بورسعيد وعندما عاد الأب إلى زوجته في " المطرية دقهلية" كان من طلب أمه أن يحفظ القرآن وقد كان قبل ذلك في مدارس عادية يتعلم القراءة والكتابة ولكن وهو في سن عشرة سنوات طلبت الأم أن يحفظ القرآن فلما عاد إلى المطرية دقهلية كان إصرار الوالدة على أن يحفظ القرآن ذهب والده إلى من حفظه القرآن كان رجل متمكن و هذا فن لا يتقنه إلا القليل.فلما ذهب إليه وهو "الشيخ عبد السلام الحريري ".استقبل الشيخ الحريري الشيخ الحسيني بروح طيبة و طلب منه أن يقرأ الحصة من القرآن عليه تصحيح النطق ثم يكتبها "الحسيني" بيده في كراسة . ثم يعرضها على الشيخ المحفظ إن كان المكتوب صحيح أم خطأ فلما ينتهي من ذلك يقول له اذهب إلى البيت . و احفظ كل ما هو مكتوب الذي كتبته حتى لا تنساه فكان كل ربع الجزء يحفظه على مرتين لما يتمتع به من ذاكرة قوية و استعداد للحفظ . فكانت والدته توقظه في الفجر وبعد الفجر يحفظ حصة القرآن .ابتدأ معه من سورة الجاثية وكلما حفظ ربع ينتقل إلى ربع آخر وكان يمنعه أن يقرأ في المصحف مباشرة ولكن فيما كتبه بخط يده . وعندما استفسر من الشيخ لماذا هذه الطريقة في الحفظ للقرآن الكريم فيقول حتى لا تنساه مدى حياتك وبالفعل كان يترحم عليه ويدعوا له وكان يتمنى أن يكون على قيد الحياة لكي يغسله . وما لا ينساه للشيخ " الحريري " أنه عمره ما سبه فأكثر كلمة استخدمها " أنت لئيم " وكان الشيخ " الحريري" طويل البال . رغم أن "الحسيني" لم يكن مطيع له في بعض الأحيان ولكنه الشيخ الحريري كان صبورا عليه وعندما يغيب عن الشيخ الحريري يبحث عنه في كل مكان في البلد .وكان والده يعطي الشيخ الحريري عشرة قروش في الشهر . ومع ذلك إن غاب " الحسيني " يوما بعث إلى البيت يسأل عنه إنه الإخلاص والوفاء الذي ليس له نظير اليوم. وعندما كان والدي يأخذني إلى بورسعيد أذهب إلى محفظ الشيخ عثمان وكان الشيخ عثمان رجل صالح وعندما يسمع الأذان يأخذ الطلبة للصلاة في المسجد ويستخدم نفس الأسلوب في الكتابة على اللوح . و لكن لم أحب الشيخ عثمان ورجعت إلى الشيخ عبد السلام الحريري الذي تعلق قلبي به كثيرا . لقد كان عفيف اللسان والنفس لا يطلب الشهرية أبدا . استمر في حفظ القرآن 4 سنوات وأتم حفظه وكان من نوادره أن الشيخ " الحريري " كان يغسل الموتى وفي يوم من الأيام لم يكتب على اللوح الذي كان يكتب فيه القرآن ويقرأه على الشيخ ففتح الكراسة ووضع المصحف بداخله لكي يقرأ فلاحظ الشيخ الحريري ذلك وأخذ الكراسة فوجد الورد اليومي من القرآن لم يكن مكتوبا. فقال إذا ما جاء خبر موتك وقيل لي تعالى يا عبد السلام لتِغُسل " الحُسيني " سأقول لهم أنه عامل اللؤم في الموت.
أول خطبة خطبتها في حياتي وكانت مُكافئه على إتمامه القرآن هو صعود المنبر لكي يخطب الجمعة في مسجد العائلة وكان عنوانها (الأخلاق ) في سن الرابعة عشر وكانت بحضور والده " الشيخ مصطفى " والشيخ مصطفى الريس الكبير الذي اشتهر بأنه أحد المعمرين من العائلة فقد كان إمام وخطيب و مأذون شرعي و اشتهر بإحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلما شاهد مخالفة شرعية كان يقف بحزم لكي يبطلها سواء قول أو فعل . أول خطبة كسرت الخوف من الخطابة بالنسبة لي و كانت عن الخلق الحسن . فرح الأب والشيخ مصطفى الكبير لسماعهم أول خطبة لي وأحسست أنني خرجت من بوتقة الخوف.
لم يكن في المطرية معهد أزهري وكان أقرب شيء لنا معهد دمياط حيث يُدرِس خالي الشيخ " عبد السلام الريس " وكنا نسافر بمركب إلى دُمياط . فكان في المعهد معارف كثيرة حتى أنني أتذكر ممن كانوا يد رسوا لي أصدقاء ومعارف للوالد. وكان خالي " عبد السلام " يدرس في المعهد الأزهري واذهب إليه في " غيط النصارى " لكي يدرس لي مواد الدراسة من للغة عربيه ومواد أخرى يعرفها فكنت أستفيد كنا نذهب إلى " جامع البحر " أيضا المُطل على النيل لكي نتعلم على يد مشايخنا وعلماء لنا .
هذه المرحلة جلست في المعهد ما يقارب خمسة السنوات وقد كنت " حنفيّ " المذهب مع أن والدي "شافعي" المذهب وكان هذا سبب أنه لم يشرح لي المذهب الحنفي.كان متمكن من المذهب الشافعي وهذا الذي جعلني أبحث فيما بعد وأتعلم المذاهب كلها .
كان معي الأستاذ محمد الأزهري و الشيخ صالح عبده صالح والشيخ محسن عبد الرازق الأستاذ محمد فتحي الريس كان يدرس لنا الشيخ " المنير " الفقه وفي الرياضة كان يدرس " عبد المحسن بناوان " لنا على ما أذكر.
في هذه الفترة بدأ الشعر وكتابة الشعر تظهر مع مدرس الخط حيث قام الطلبة بتشميع " السبورة " حتى لا يعرف الكتابة عليها وقد قمت بتنظيم أبيات من الشعر لكي أصالح الأستاذ. بعد رفضه إتمام حصة الخط .
أنه الأستاذ" محمد عمر" مدرس الخط رحمه الله.أخذ الخط عن أبيه وعن جده. عندما غضب ورفض شرح الدرس وكان شاعرا.. و قال لا تستحقوا العلم وأول مرة ألقي الشعر وأنا في الصف الثالث الابتدائي :
لَخطـَكَ زَيّن التَرسُ فنرجو تَشْرَحَ الدَرْسُ
وَخَــطيّ ساءَ مَنْظَرُهُ لأنَّ الفَـنْ قد يُنــْـــسى
قام وقال بشرط ألا تكرروها مره أخرى وبالفعل قام وشرح الدرس
يتبع