الجماراه
الجماراه كلمة آرامية تعني :
1. اسم عام للتلمود .
2. الجزء الذى يشتمل على أقوال " – الأمورائيم" "المفسرين" فقط في الفترة من 220 – 500 م في صورة أسئلة وأجوبة.
3. "القبالاه" : وهى الأمور التي تلقاها اليهود من الحاخامات.
وتُعَدُّ الجماراه جزءاً من الشريعة الشفوية. لكن تسميتها بالجماراه، أي "المكملة"، هي من قبيل المجاز؛ فالشراح لم يكتفوا بالتفسير والتوضيح فحسب،
بل قاموا بالتعديل حتى تطابق المشناه ظروف الزمان والمكان، أي أنهم فعلوا بالمشنا ما فعله رواة المشنا بالعهد القديم.
وكما أن المشنا أطول من العهد القديم، فإن الجمارا أطول من المشنا. وهناك جماراتان: إحداهما فلسطينية، والأخرى بابلية.
ويبلغ عدد كلمات الأولى نحو ثلث عدد كلمات الثانية.
وفي القرن الرابع، نسقت مدارس فلسطين التلمودية شروحها في الصورة المعروفة بالجمارا الفلسطينية. أما الجمارا البابلية،
وهي أطول من المشنا عشر مرات، فقد جُمعت في مائة عام كاملة، وظل الحاخامات المفسرون " صبورائيم"
نحو مائة وخمسين سنة أخرى يراجعون هذه الشروح الضخمة ويصقلونها حتى أخذت صورتها التي لدينا.
ووجه الاختلاف بين التلمود البابلي والتلمود الفلسطيني متمثل في الجمارا وليس في المشنا، فالمشنا مشتركة بينهما.
ولما كانت الجمارا البابلية أكمل وأشمل من الجمارا الفلسطينية، ويزيد حجمها على حجم الجمارا الفلسطينية، فإن التلمود البابلي هو
التلمود المتداول الآن بين اليهـود، وهو الكتاب القيـاسي عندهم. والواقع أن كلمة "التلمود"، في الأوساط العلمية، تشير إلى الجماراه وحسب.
ولغة الجماراتين هي الآرامية "الآرامية الشرقية في حالة التلمود البابلي والآرامية الغربية في حالة التلمود الفلسطيني"،
وقد كُتبتا بأسلوب إيضاحي بسيط. وإذا كان معظم المشناه تشريعياً قانونياً هالاخياً، فإن الجماراه تجمع بين القانون والمواعظ والقصص " أجاداه".
المشنا
"المشنا " كلمة عبرية مشتقة من الفعل العبري ومعناه "كرر"، ولكن بتأثير اللغة الآرامية صار معناها "درس"،
ثم أصبحت الكلمة تشير بشكلٍّ محدد إلى دراسة الشريعة الشفوية، وخصوصاً حفظها وتكرارها وتلخيصها. و"المشنا" عبارة عن مجموعة كبيرة
من الشروح والتفاسير تتناول أسفار التناخ "المقرا"، وتتضمن مجموعة من الشرائع اليهودية التي وضعها معلمو "المشنا" " التنائيم" على مدى ستة أجيال.
وتُعَتبر "المشنا" مصدراً من المصادر الأساسية للشريعة اليهودية، وتأتي في المقام الثاني بعد التناخ
"المقرا" باعتباره هو الشريعة المكتوبة التي تُقرأ. أما "المشنا"، فهي الشريعة الشفوية، أو التثنية الشفوية، التي تتناقلها الألسن،
فهي إذن تكرار شفوي لشريعة موسى، مع توضيح وتفسير ما التبس منها. وقد دوِّنت "المشنا" نتيجة تراكم فتاوى الحاخامات اليهود
وتفسيراتهم وتضاعفها كمياً، بحيث أصبح من المستحيل استظهارها، فبدأ تصنيفها على يد الحاخام "هليل" "القرن الأول الميلادي"،
وبعده الحاخام "عقيبا" ثم "مائير". أما الذي قيدها في وضعها الحالي كتابةً، فهو الحاخام "يهودا هاناسي" "عام 189م" الذي دونها
بعد أن زاد عليها إضافات من عنده "ولكن هناك من يقول إنه لم يدونها رغم اقترانها باسمه، وقد ظلت الأجيال تناقلها حتى القرن الثامن الميلادي".
ولغة "المشنا" هي تلك اللغة العبرية التي أصبحت تحتوي على كلمات يونانية ولاتينية وعلى صيغ لغوية يظهر
فيها تأثر عميق بقواعد الآرامية ومفرداتها، وتُسمَّى "عبرية المشنا".
تنقسم المشناه إلى ستة أقسام (سداريم):
1 ـ "سيدر زراعيم" أي "قسم البذور": ويُعنى بالقوانين الدينية الخاصة بالزراعة والحاصلات الزراعية، وبنصيب الحاخام من الثمار والمحصول.
2 ـ "سيدر موعيد" أي "قسم العيد": ويُعنى بالأعياد "والسبت"، والأحكام الخاصة بها.
3 ـ " سيدر ناشيم" أي "قسم النساء": وفيه النظم، والأحكام الخاصة بالزواج والطلاق.
4 ـ "سيدر نزيقين" أي "قسم الأضرار": ويتناول الأحكام المتعلقة بالأشياء المفقودة، والبيع والمبادلة، والربا والغش والاحتيال،
كما يُعنى بالحديث عن عصر المسيح، ومحاكمته وصلبه. وهذا الكتاب موضع اهتمام الذين حاولوا إرجاع ما يُسمَّى "الأخلاق اليهودية"» إلى تعاليم التلمود.
5 ـ " سيدر قُدَاشيم" أي "قسم المقدَّسات" : ويحوي الشرائع الخاصة بالذبح الشرعي، والطقس القرباني وخدمة الهيكل.
ويُقال إن واضعي "المشنا" قد أدركوا أنه "بعد القضاء على ثورة بركوخبا" لم يَعُد هناك احتمال في المستقبل القريب لإعادة بناء الهيكل،
ولذا فقد وضعوا القوانين الخاصة بالهيكل على مستوى آخر، حيث أصبحت دراسة قوانين الهيكل بديلاً دينياً للطقوس المقدَّسة التي يقوم بها الكهنة في المعبد.
6 ـ " سيدر طهاروت" أو (كتاب الطهارة) : ويعالج أحكام الطهارة والنجاسة.
وهذه الكتب الستة أو السداريم، أصبحت تُسمَّى " شيشا سداريم"، وهي تنقسم بدورها إلى أحكام فرعية، أو مباحث تُسمَّى " ماسيخوت"،
ومفردها مسيخت، ويتناول كل كتاب موضوعاً بعينه في عدة فصول . ويتألف كل فصل بدوره من فقرات عــديدة تُعرف باسم أ "الأحكام الشرعية".
ويرى واضعو "المشنا" أنها جزء لا يتجزأ من الوحي الذي تلقاه موسى، فهي "التوراة الشفوية" لا بمعنى أن بعض أجزائها تلقاه موسى شفاهة في سيناء،
ثم تم تناقلها شفاهة عبر الأجيال من حاخام إلى آخر، وإنما بمعنى أن تقاليد التوراة الشفوية لا تزال مستمرة حتى وقتنا هذا.
وقد ظلت "المشنا" أهم كتب اليهود المقدَّسة والمصدر الحقيقي للتشريع والأحكام والفتاوى، رغم كل الهالة الشعائرية التي تحيط "بالمقرا".
ومع هذا، فإن "المشنا" بدأت تفقد منذ القرن السادس عشر، مثلها مثل باقي أقسام الشريعة الشفوية ككل، شيئاً من أهميتها ومركزيتها،
وذلك مع شيوع "القبَّالا" وازدياد نفوذ أتباعها الذين أخذوا يهاجمون الحاخامات، ويُصدرون الفتاوى استناداً إلى "الزوهار" وغيره من كتب التصوف.
المفضلات