النداءات الاثنى عشر من الله عز وجل لاهل الكتاب فى القران

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

النداءات الاثنى عشر من الله عز وجل لاهل الكتاب فى القران

النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: النداءات الاثنى عشر من الله عز وجل لاهل الكتاب فى القران

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    المشاركات
    42
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-12-2014
    على الساعة
    03:01 PM

    افتراضي النداءات الاثنى عشر من الله عز وجل لاهل الكتاب فى القران

    بسم الله الرحمن الرحيم

    والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
    فلقد اهتم القرآن الكريم وعنى عناية كبرى بدعوة أهل الكتاب إلى الإيمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم واتباعه لإنه موافق ومصدق لما فى كتبهم فوجه لهم عدة نداءات نذكرها تباعا حسب ورودها على ترتيب سورالقرآن .

    النداء الاول : الدعوة لكلمة سواء

    قال تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّـهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴿٦٤﴾ال عمران


    ان هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، ومن جرى مجراهم
    والكلمةهنا تطلق على الجملة المفيدة كما قال هاهنا . ثم وصفها بقوله : سواء بيننا وبينكم ) أي : عدل وانصاف ، نستوي نحن وأنتم فيها . ثم فسرها بقولهألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا )
    ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله المراد بهذا تقرير وحدانية الألوهية ووحدانية الربوبية ، وكلاهما متفق عليه بين الأنبياء ، فقد كان إبراهيم موحدا صرفا ، وقد كان الأساس الأول لشريعة موسى قول الله له : " إن الرب إلهك لا يكن لك آلهة أخرى . أمامي لا تصنع لك تمثالا منحوتا ولا صورة ما مما في السماء من فوق ، ومما في الأرض من تحت ، ومما في الماء من تحت الأرض ، لا تسجد لهن ولا تعبدهن " وعلى هذا درج جميع أنبياء بني إسرائيل حتى المسيح - عليه وعليهم الصلاة والسلام - ، وهم لا يزالون ينقلون عنه في إنجيل يوحنا قوله : ير 17 : 3 " وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته " وغير ذاك من عبارات التوحيد.

    وأما وحدانية الربوبية فهي قوله : ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فالرب : هو السيد المربي الذي يطاع فيما يأمر وينهى ، والمراد هنا من له حق التشريع والتحليل والتحريم كما ورد في حديث عدي بن حاتم قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وفي عنقي صليب من ذهب ، فقال : يا عدي اطرح عنك هذا الوثن وسمعته يقرأ في سورة براءة اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله فقلت له : يا رسول الله لم يكونوا يعبدونهم ، فقال : أليس يحرمون ما أحل الله فيحرمون ، ويحلون ما حرم الله فيحلون ؟ فقلت : بلى .

    قال تعالى: فإن تولوا وأعرضوا عن هذه الدعوة وأبوا إلا أن يعبدوا غير الله باتخاذ الشركاء الذين يسمونهم وسطاء وشفعاء واتخاذ الأرباب الذين يحلون لهم ويحرمون فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون نعبد الله وحده مخلصين له الدين لا ندعو سواه ولا نتوجه إلى غيره في طلب نفع ولا دفع ضر ، ولا نحل إلا ما أحله ولا نحرم إلا ما حرمه .



    النداء الثانى :الدعوة لاتباع ملة ابراهيم عليه السلام

    قال تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِن بَعْدِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقلونَ ﴿٦٥﴾ ال عمران

    روى ابن إسحاق بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال : " اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت الأحبار : ما كان إبراهيم إلا يهوديا ، وقالت النصارى : ما كان إبراهيم إلا نصرانيا ، فأنزل الله : يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم الآية.
    وأقول : جاءت هذه الآية والآيتان بعدها في سياق دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام ، وبيان أنه دين جميع أنبيائهم الذين يدينون بإجلالهم ، وكان إبراهيم - عليه الصلاة السلام وعلى آله - موضع إجلال الفريقين منهم لما في كتبهم من الثناء عليه في العهد القديم والعهد الجديد ، كما كانت قريش تجله وتدعي أنها على دينه ، فأراد - تعالى - أن يبين لهم جميعا أن هذا النبي الكريم الذي كانوا يجلونه لم يكن على شيء من تقاليدهم ، وإنما كان على الإسلام الذي يدعوهم هو إليه على لسان نبيه محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، فبدأ بالاحتجاج على أهل الكتاب بقوله : وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أي فإذا كان الدين الحق لا يعدو التوراة كما تقولون أيها اليهود ، أو لا يتجاوز الإنجيل كما تقولون أيها النصارى ، فكيف كان إبراهيم على الحق واستوجب ثناءكم وثناء من قبلكم ، أفلا تعقلون أن المتقدم على الشيء لا يمكن أن يكون تابعا له !
    وفى هذا يقول الله عز وجل
    مَا كَانَ إِبْرَ‌اهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَ‌انِيًّا وَلَـٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِ‌كِينَ ﴿٦٧﴾ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَ‌اهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ۗ وَاللَّـهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٦٨ال عمران


    النداء الثالث والرابع: النهى عن تعمد الكفروكتم الحق

    قال تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ﴿٧٠﴾يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٧١﴾ال عمران


    يقول ربنا عز وجل : لم تجحدون حجج الله التي آتاها محمدا في كتبكم وغيرها ، التي قد ثبتت عليكم بصدقه ونبوته وحجته . وأنتم تعلمون صدقه ؟ فأخبر جل ثناؤه عنهم أنهم متعمدون الكفر بالله وبرسوله مع علمهم أنه الحق.


    يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٧١

    والظاهر من الايه أنه سبحانه وتعالى أنكر عليهم لبس الحق بالباطل ، وكتم الحق ، وكأن الحق منقسم إلى قسمين : قسم خلطوا فيه الباطل حتى لا يتميز ، وقسم كتموه بالكلية حتى لا يظهر .

    المصدر تفسير المنار لمحمد رشيد رضا

    يتبع ان شاء الله

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    المشاركات
    42
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-12-2014
    على الساعة
    03:01 PM

    افتراضي

    النداءالخامس والسادس: النهى عن الصد عن سبيل الله

    قال تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ وَاللَّـهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَاتَعْمَلُونَ ﴿98﴾قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاءُ ۗ وَمَا اللَّـهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿99ال عمران


    لما أقام - سبحانه - الحجة على أهل الكتاب ، وبين بطلان شبهاتهم على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وكونه على ملة إبراهيم - عليه الصلاة والسلام – أمرنبيه صلى الله عليه وسلم أن يبكتهم على كفرهم وصدهم عن سبيل الإيمان ، وابتغائه عوجا ، وضلالهم بذلك على علم . فقال : قل ياأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله الدالة على صحة نبوة محمد وإحيائه لملة إبراهيم الذي تعترفون بنبوته وفضله والله شهيد على ما تعملون أي والحال أن الله - تعالى - مطلع على عملكم هذا وسائر أعمالكم محيط به ، أفلا تخافون أن يأخذكم به ويجازيكم عليه أشد الجزاء ؟

    قل ياأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن أي لأي شيء تصرفون من آمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم - واتبعه عن الإيمان به ، وهو سبيل الله الموصلة إلى رضوانه ورحمته ، تصدون عنها بالتكذيب كبرا وحسدا ، وإلقاء الشبهات الباطلة مكابرة وبغيا والكيد للنبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بغيا وعدوانا تبغونها عوجا أي لم تصدون عنها قاصدين بصدكم أن تكون معوجة في نظر من يؤمن لكم ويغتر بكيدكم وأنتم شهداء بأنها سبيل الله المستقيمة ، لا ترون فيها عوجا ولا أمتا ، عارفون بما ورد فيها من البشارات عن الأنبياء ويلزم من ذلك أن من صد عنها ضال مضل وما الله بغافل عما تعملونمن هذا الصد وغيره فهو يجازيكم عليه.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    المشاركات
    42
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-12-2014
    على الساعة
    03:01 PM

    افتراضي

    النداءالسابع:النهى عن الغلوفى الدين

    قال تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّـهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّـهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿171النساء


    يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم فتتجاوزوا الحدود التي حدها الله لكم ، فإن الزيادة في الدين كالنقص منه ، كلاهما مخرج له عن وضعه ولا تقولوا على الله إلا الحق أي الثابت المتحقق في نفسه ، إما بنص ديني متواتر ، وإما ببرهان عقلي قاطع ، وليس لكم على مزاعمكم في المسيح شيء منهما
    إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله إلى بني إسرائيل أمرهم بأن يعبدوا الله وحده ولا يشركوا به شيئا ، وأن يرجعوا عن الإيمان بالجبت والطاغوت ، وعن اتباع الهوى وعبادة المال ، وإيثار شهوات الأرض على ملكوت السماء ، وزهدهم في الحياة الدنيا ، وحثهم على التقوى ، وبشرهم بالنبي الخاتم الذي يبين لهم كل شيء ، ويقيمهم على صراط الاعتدال ، ويهديهم إلى الجمع بين حقوق الأرواح وحقوق الأجساد

    وكلمته ألقاها إلى مريم أي وهو تحقيق كلمته التي ألقاها إلى أمه مريم ومصداقها ، والمراد : كلمة التكوين أو البشارة ، فإنه لما أرسل إليها الروح الأمين جبريل عليه السلام ، بشرها بأنه مأمور بأن يهب لها غلاما زكيا ، فاستنكرت أن يكون لها ولد وهي عذراء لم تتزوج ، فقال لها : كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون فكلمة ( كن ) هي الكلمة الدالة على التكوين بمحض قدرة الله - تعالى - عند إرادته خلق الشيء وإيجاده ، وقد خلق المسيح بهذه الكلمة
    وكلمته ألقاها إلى مريم أي أوصلها إليها وبلغها إياها

    وأما قوله : وروح منه ففيه وجهان ( أحدهما ) : أن معناه أنه مؤيد بروح منه تعالى ، ويوضحه قوله فيه وأيدناه بروح القدس

    وثانيهما : أن معناه أنه خلق بنفخ من روح الله ، وهو جبريل عليه السلام ، ويوضحه قوله - تعالى - في أمه : والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وقال - تعالى - فيها : فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا كما قال في خلق الإنسان بعد ذكر بدئه من طين : ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون
    ويجوز أن يراد بقوله تعالى : وروح منه الأمران معا


    وآية الله - تعالى - في خلق عيسى بكلمته ، وجعله بشرا سويا بما نفخ فيه من روحه ، كآيته في خلق آدم بكلمته وما نفخ فيه من روحه ; إذ كان خلق كل منهما بغير السنة العامة في خلق الناس من ذكر وأنثى إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون .

    وزعم بعض النصارى أن " من " للتبعيض ، وأن عيسى جزء من الله ، بمعنى أنه ابنه ، ونقل المفسرون أن طبيبا نصرانيا للرشيد ناظر علي بن حسين الواقدي المروزي ذات يوم فقال له : إن في كتابكم ما يدل على أن عيسى ، عليه السلام ، جزء منه تعالى ، وتلا هذه الآية ، فقرأ له الواقدي قوله ، تعالى : وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه وقال : يلزم إذا أن تكون جميع هذه الأشياء أجزاء منه تبارك وتعالى ، فانقطع النصراني وأسلم ، ففرح الرشيد بإسلامه ، ووصل الواقدي بصلة فاخرة .

    أما أناجيل النصارى وكتبهم فقد استعملت لفظ الروح في معان مختلفة فيما يتعلق بالمسيح وفي غير ما يتعلق به ، فمن ذلك قول متى : ( 1 : 18 أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا ، لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف ، قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس ) والقدس : الطهر ، ويذكر في مقابله في الأناجيل الروح النجس ، أي : الشيطان ، فجعلوه إلها كما فعل الوثنيون من قبل .

    وجملة القول أن هذه الأناجيل تدل على ما ذكرناه آنفا من كون عيسى خلق بواسطة روح القدس ، وأن يحيى خلق كذلك وكان خلقه آية من وجه آخر ، إذ كان أبوه شيخا كبيرا وأمه عاقرا ، ولكن الواسطة والسبب واحد ، وهو الملك المسمى بروح القدس ، أيدهم الله به نساء ورجالا عليهم السلام ، فمن الحماقة أن يقول قائل مع هذا : إن قوله تعالى وروح منه يفيد أنه جزء من الله - تعالى - جل شأنه عن التركيب والتجزؤ والحلول والاتحاد بخلقه ، بل يقولون : إن تلاميذ المسيح أنفسهم كانوا مؤيدين بروح القدس حتى من طرده المسيح ولعنه منهم وسماه شيطانا ، وقد أيد به من كان دونهم أيضا .

    فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة أي آمنوا بالله إيمانا يليق به ، وهو أنه واحد أحد ، فرد صمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد

    ولا تقولوا : الآلهة ثلاثة : الآب والابن وروح القدس ، أو : الله ثلاثة أقانيم كل منها عين الآخر ، فكل منها إله كامل ، ومجموعها إله واحد ، فتسفهوا أنفسكم بترك التوحيد الخالص الذي هو ملة إبراهيم وسائر الأنبياء عليهم السلام ، والقول بالتثليث الذي هو عقيدة الوثنيين الطغام ، ثم تدعوا الجمع بين التثليث الحقيقي والتوحيد الحقيقي ، وهو تناقض تحيله العقول ولا تقبله الأفهام انتهوا خيرا لكم أي انتهوا عن هذا القول الذي ابتدعتموه في دين الأنبياء تقليدا لآبائكم الوثنيين الأغبياء ، يكن هذا الانتهاء خيرا لكم ، أو انتهوا عنه وانتحلوا قولا آخر خيرا لكم منه ، وهو قول جميع النبيين والمرسلين بتوحيده وتنزيهه حتى المسيح الذي سميتموه إلها فإن مما لا تزالون تحفظون عنه قوله في إنجيل يوحنا) وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته)
    إنما الله إله واحد ليس له أجزاء ولا أقانيم ، ولا هو مركب ولا متحد بشيء من المخلوقات سبحانه أن يكون له ولد أي تنزه وتقدس عن أن يكون له ولد كما تقولون في المسيح إنه ابنه وإنه هو عينه ، فإنه تبارك وتعالى ليس له جنس فيكون له منه زوج يقترن بها فتلد له ابنا ، والنكتة في اختيار لفظ الولد في الرد عليهم ، على لفظ الابن الذي يعبرون به ، هي بيان أنهم إذا كانوا يريدون الابن الحقيقي الذي يفهم من هذا اللفظ ، فلا بد أن يكون ولدا ، أي مولودا من تلقيح أبيه لأمه ، وهذا محال على الله تعالى ، وإن أرادوا أنه ابن مجازا لا حقيقة كما أطلق في كتب العهد العتيق والعهد الجديد على إسرائيل وداود وعلى صانعي السلام وغيرهم من الأخيار ، فلا يكون له دخل في الألوهية ، ولا يعد من باب الخصوصية .

    له ما في السماوات وما في الأرض أي ليس له ولد خاص مولود منه يصح أن يسمى ابنه حقيقة ، بل له كل ما في السماوات والأرض والمسيح من جملتها خلق كل ذلك خلقا ، وكل ذي عقل منها وإدراك يفتخر بأن يكون له عبدا إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لا فرق في هذا بين الملائكة المقربين ، والنبيين الصالحين ، كما صرحت به الآية التالية لهذه ، ولا بين من خلقه ابتداء من غير أب ولا أم كالملائكة وآدم ، ومن خلق من أصل واحد كحواء وعيسى ، ومن خلق من الزوجين الذكر والأنثى ، كلهم بالنسبة إليه - تعالى - سواء ، عبيد له من خلقه محتاجون دائما إلى فضله ، وهو يتصرف فيهم كما يشاء وكفى بالله وكيلا أي به الكفاية لمن عرفه وعرف سننه في خلقه إذا وكلوا إليه أمورهم ، ولم يحاولوا الخروج عن سننه وشرائعه بسوء اختيارهم .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    11,737
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    17-05-2024
    على الساعة
    12:48 AM

    افتراضي

    جزاكم الله خير

    متابعة ..........
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
    اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    المشاركات
    42
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-12-2014
    على الساعة
    03:01 PM

    افتراضي

    النداءالثامن: اخفاء الحقيقة

    يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّـهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ﴿15﴾ المائدة

    كان رسول الله وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم قد بين لأهل الكتاب كثيرا من الأحكام والمسائل ، التي كانوا يخفونها مما أنزل الله عليهم ، منها حكم رجم الزاني ، وهو مما حفظوه من أحكام التوراة ( كما تراه في 22 : 20 - 24 من سفر التثنية ) ولم يلتزموا العمل به وكذلك أخفوا صفات النبي صلى الله عليه وسلم والبشارات به ، وحرفوها بالحمل على معان أخرى ، اليهود والنصارى في هذا سواء ، وهذا النوع غير ما أضاعوه من كتبهم ونسوه البتة ; كنسيان اليهود ما جاء في التوراة من خبر الحساب والجزاء في الآخرة ، وما أظهره لهم الرسول مما كانوا يخفونه عنه وعن المسلمين - كانت الحجة عليهم فيه أقوى ; لأنهم كانوا يعلمون أنه أمي لم يطلع على شيء من كتبهم ; ولهذا آمن من آمن من علماء اليهود المنصفين ، واعترفوا بعد إيمانهم بما بقي عندهم من البشارات وصفات النبي صلى الله عليه وسلم .

    ويعفو عن كثير مما كنتم تخفونه ، فلا يفضحكم ببيانه ، وهذا النص حجة عليهم أيضا ; لأنهم يعلمون أنهم يخفون عن المسلمين وعن عامتهم كثيرا من المسائل ; لئلا يكون حجة عليهم إذ هم لا يعملون به ، كدأب علماء السوء في كل أمة ؛ يكتمون من العلم ما يكون حجة عليهم ، كاشفا عن سوء حالهم ، أو يحرفونه تحريفا معنويا بحمله على غير معناه المراد .
    .

    النداءالتاسع :الدعوة للإيمان بمابشرت به كتبهم

    يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ ۖ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ۗ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿19﴾المائدة

    ياأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل ) أي قد جاءكم رسولنا المبشر به في كتبكم ، المنتظر في اعتقادكم ، فإن الله أخبركم على لسان موسى أنه سيقيم نبيا من بني إسماعيل إخوتكم ، وعلى لسان عيسى ابن مريم بأن سيجيء بعده البارقليط روح الحق ، الذي يعلمكم كل شيء ، ولا تزال هذه البشارات في كتبكم ، وإن حرفتموها بسوء فهم أو بسوء قصد منكم ، وهو النبي الكامل المعهود الذي سأل أجدادكم عنه يحيى ( يوحنا ) عليه السلام . ففي أوائل الإنجيل الرابع أن اليهود أرسلوا كهنة ولاويين فسألوا يوحنا : أأنت المسيح ؟ قال : لا . أأنت إيليا؟ قال : لا . أأنت النبي ؟ قال : لا ، وهذا هو الرسول محمد النبي العربي الأمي الذي لم يتعلم شيئا - وهو يبين لكم على فترة - أي انقطاع - من الرسل ، وطول عهد على الوحي - جميع ما تحتاجون إليه من أمر دينكم ، وما يصلح به أمر دنياكم من العقائد الحق التي أفسدتها عليكم نزغات الوثنية ، والأخلاق والآداب الصحيحة التي أفسدها عليكم الإفراط والتفريط في الأمور المادية والروحية ، والعبادات والأحكام ، التي تصلح بها أموركم الشخصية والاجتماعية )
    يبين لكم ) لإفادة العموم ، ويدخل فيه ما بينه لكم مما كنتم تخفون من الكتاب ; لإقامة الحجة عليكم ، ولو لم يكن رسولا من عند الله تعالى لما عرف هذا ولا ذاك ، مما تقاصرت عنه علوم أحباركم ورهبانكم وحكمائكم وساستكم ، جاء رسولنامحمد يبين لكم كل هذا ; ليقطع معذرتكم ، ويمنعكم يوم القيامة ( أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير ) يبشرنا بحسن عاقبة المؤمنين الصالحين المتقين ، وينذرنا ويخوفنا سوء عاقبة المفسدين الضالين المغرورين .

    ( فقد جاءكم بشير ونذير ) يبين لكم أن أمر النجاة والخلاص والسعادة الأبدية في دار القرار ليس منوطا بأمانيكم التى تتمنونها ، وأوهامكم التى تغترون بها ، بل هو منوط بالإيمان والأعمال ، وأن الله تعالى لا يحابي أحدا من الناس . قال تعالى : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ) ( 4 : 123 124 ) ( والله على كل شيء قدير ) فلا يعجزه أن يريكم صدق نبيه بنصر دعوته ، وإعلاء كلمته عليكم في الدنيا ; لتقيسوا على ذلك - إن عقلتم - ما يكون من الأمر في الدار الأخرى .

    روى أبناء إسحاق وجرير والمنذر وأبي حاتم ، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود إلى الإسلام ، فرغبهم فيه وحذرهم ; فأبوا عليه ، فقال لهم معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب : يا معشر يهود ، اتقوا الله ، فوالله لتعلمون أنه رسول الله ، لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، وتصفونه لنا بصفته ، فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهوذا : إنا ما قلنا لكم هذا ، وما أنزل الله من كتاب من بعدموسى ، ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا بعده . فأنزل الله الآية ; أي أنزلها في هذا السياق ، متضمنة للرد عليهم

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    المشاركات
    42
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-12-2014
    على الساعة
    03:01 PM

    افتراضي

    النداء العاشر:النقمه على المسلمون
    قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ﴿59المائدة
    قل ياأهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون الاستفهام للإنكار والتبكيت ; أي قل ياأيها الرسول مخاطبا ومحتجا على أهل الكتاب دون المشركين : هل تنقمون منا شيئا ; أي هل عندنا شيء تنكرونه وتعيبونه علينا ، وتكرهوننا لأجله لمضادتكم إيانا فيه ، إلا إيماننا الصادق بالله ، وتوحيده وتنزيهه ، وإثبات صفات الكمال له ، وإيماننا بما أنزله ، وبما أنزله من قبل على رسله ؟ أي ما عندنا سوى ذلك ، وهو لا يعاب ولا ينقم ، بل يمدح صاحبه ويكرم ، وإلا أن أكثركم فاسقون ; أي خارجون من حظيرة هذا الإيمان الصحيح الكامل ، وليس لكم من الدين إلا العصبية الجنسية ، والتقاليد الباطلة ؟ فلذلك تعيبون الحسن من غيركم ، وترضون القبيح من أنفسكم .
    وفي قوله تعالى : وأن أكثركم فاسقون ما نبهنا على مثله من دقة القرآن في الحكم على الأمم والشعوب ; إذ يحكم على الكثير أو الأكثر ، وما عم إلا واستثنى ، وقد كان ولا يزال في أهل الكتاب أناس لا يزالون معتصمين بأصول الدين وجوهره من التوحيد وحب الحق والعدل والخير ، وهؤلاء هم الذين كانوا يسارعون إلى الإسلام إذا عرفوه بقدر نصيب كل من جوهر الدين ونور البصيرة . وهذا لا ينافي ما كان من طروء التحريف على دينهم ، ونسيان حظ ونصيب مما نزل إليهم

    النداءالحادى عشر:اتباع الهوى
    قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۖ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿68المائدة
    قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم أي قل لأهل الكتاب ، من اليهود والنصارى ، فيما تبلغهم عن الله تعالى لستم على شيء يعتد به من أمر الدين ، ولا ينفعكم الانتساب إلى موسى وعيسى والنبيين حتى تقيموا التوراة والإنجيل فيما دعيا إليه من التوحيد الخالص ، والعمل الصالح ، وفيما بشرا به من بعثة النبي الذي يجيء من ولد إسماعيل ، الذي عبر عنه المسيح بروح الحق ، وبالبارقليط وما أنزل إليكم من ربكم على لسانه ، وهو القرآن المجيد ، فإنه هو الذي أكمل به دين الأنبياء والمرسلين ، على حسب سنته في النشوء والارتقاء بالتدريج .
    وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا هذه جملة مستأنفة مؤكدة بالقسم ، الذي تدل عليه اللام في أولها ، تثبت أن الكثير من أهل الكتاب لا يزيدهم القرآن ، الذي أكمل الله به الدين المنزل على محمد خاتم النبيين ، إلا طغيانا في فسادهم وكفرا على كفرهم ; ذلك بأنهم ما كانوا على إيمان صحيح بالله ولا بالرسل ، ولا على عمل صالح مما تهدي إليه تلك الكتب ، وإنما كان أكثرهم على تقاليد وثنية ، وعصبية جنسية ، وعادات وأعمال ردية ، فهم لهذا لم ينظروا في القرآن نظر إنصاف ، وليس لهم من حقيقة دينهم الحق ما يقربهم من فهم حقيقة الإسلام ; ليعلموا أن دين الله واحد ; فما سبق بدء وهذا إتمام ، بل ينظرون إليه بعين العصبية والعدوان ، وهذا سبب زيادة الكفر والطغيان . والطغيان : مجاوزة الحد المعتاد .

    وأما غير الكثيرمنهم ، وهم الذين حافظوا على التوحيد ، ولم تحجبهم عن نور الحق تلك التقاليد ، فهم الذين يرون القرآن بعين البصيرة ; فيعلمون أنه الحق من ربهم ، وأن من أنزل عليه هو النبي الأخير ، المبشر به في كتبهم ، فيسارعون إلى الإيمان ، على حسب حظهم من العلم ، وسلامة الوجدان .
    فلا تأس على القوم الكافرين أي فلا تحزن عليهم ; لأنهم قوم تمكن الكفر منهم ، وصار وصفا لازما لهم

    النداءالثانى عشر:وقوعهم فى ضلالين
    قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴿77 المائدة
    ولما كان قول النصارى في المسيح من أشد الغلو في الدين بتعظيم الأنبياء فوق ما يجب ، وكان إيذاء اليهود له وسعيهم لقتله من الغلو في الجمود على تقاليد الدين الصورية ، واتباع الهوى فيه ، وكان هذا الغلو هو الحامل لهم على قتل زكريا ويحيى وشعيا قال تعالى : قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل . الغلو : الإفراط وتجاوز الحد في الأمر - فإذا كان في الدين ، فهو تجاوز حد الوحي المنزل إلى ما تهوى الأنفس ; كجعل الأنبياء والصالحين أربابا ينفعون ويضرون بسلطة غيبية لهم ، فوق سنن الله في الأسباب والمسببات الكسبية ، واتخاذهم لأجل ذلك آلهة يعبدون ، فيدعون من دون الله تعالى أو مع الله تعالى . سواء أطلق عليهم لقب الرب والإله ، كما فعلت النصارى ، أم لا ، وكشرع عبادات لم يأذن بها الله ، وتحريم ما لم يحرم الله ; كالطيبات التي حرمها القسوس والرهبان على أنفسهم وعلى من اتبعهم ; مبالغة في التنسك ، سواء كان ذلك لوجه الله ، أم كان رياء وسمعة - نهى الله تعالى أهل الكتاب الذين كانوا في عصر نزول القرآن عن هذا الغلو ، الذي كان عليه من قبلهم من أهل ملتهم ، وعن التقليد الذي كان سبب ضلالتهم . فذكرهم بأن الذين كانوا قبلهم قد ضلوا باتباع أهوائهم في الدين وعدم اتباعهم فيه سنة الرسل والنبيين والصالحين من الحواريين ، فكل أولئك كانوا موحدين ، ولم يكونوا مفرطين ولا مفرطين ، وإنما كانوا للشرك والغلو في الدين منكرين ، فهذا التثليث ، وهذه الطقوس الكنسية الشديدة المستحدثة من بعدهم ، ابتدعها قوم اتبعوا أهواءهم ، فضلوا بها ، وأضلوا كثيرا ممن اتبعهم في بدعهم وضلالهم .

    وأما الضلال الثاني ، الذي ختمت به الآية ، فقد فسر بإعراضهم عن الإسلام ، كما فسر الضلال الأول بما كان قبل الإسلام ، فالإسلام هو سواء السبيل ; أي وسطه الذي لا غلو فيه ، ولا تفريط ; لتحتيمه الاتباع ، وتحريمه الابتداع والتقليد .


    تم بحمد الله ونسأل الله أن ينفع بها كاتبها وناقلهاوقارئها
    التعديل الأخير تم بواسطة عبد الله يوسف ; 11-09-2013 الساعة 11:14 PM

النداءات الاثنى عشر من الله عز وجل لاهل الكتاب فى القران

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الدجال الاكبر يدعى انه" ابن الله"هكذا وردفى "ديداش- اوتعاليم الحواريين الاثنى عشر؟؟؟؟
    بواسطة سيف الاسلام م في المنتدى حقائق حول عيسى عليه السلام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 02-12-2009, 10:48 PM
  2. هام وعاجل لاهل غزة
    بواسطة نوران في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 24-03-2009, 02:06 AM
  3. *الحلقة الاولى* عن اضطهاد الاسلام لاهل الكتاب وسبهم
    بواسطة islam62005 في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-11-2006, 11:09 PM
  4. *الحلقة الاولى* عن اضطهاد الاسلام لاهل الكتاب وسبهم
    بواسطة islam62005 في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-11-2006, 03:39 PM
  5. القرآن ومغايرته للعقائد الفاسده لاهل الكتاب
    بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 13-11-2005, 02:26 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

النداءات الاثنى عشر من الله عز وجل لاهل الكتاب فى القران

النداءات الاثنى عشر من الله عز وجل لاهل الكتاب فى القران