

-
تلقِّي الصحابة للحديث النبوي
حرص الرسول g على تبليغ المسلمين سنته الشريفة وحبب إلى أصحابه رضوان الله عليهم حفظ الحديث وتبليغه، فوضع منهج التلقي والتحديث، وأرسى بينهم قاعدة التثبت العلمي التي ساروا عليها، واتخذوها منهجاً في الرواية بعد ذلك وسار الصحابة في حرصهم على حضور مجالس الرسول g إلى جانب ما يقومون به من أمور المعاش. وإذا تعذر على بعضهم الحضور يتناوب مع غيره كما كان يفعل عمر رضي الله عنه، قال: "كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النـزول على رسول الله g ينـزل يوماً وأنزل يوماً، فإذا نـزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نـزل فعل مثل ذلك"([1]).
ولم يكن يتسنى للجميع سماع الحديث من الرسول g لما كانوا يقومون به من أعمال فكانوا يطلبون ما يفوتهم سماعه من أقرانهم وكانوا يشددون على مَنْ يسمعون منه، كما كانت القبائل البعيدة تبعث إلى النبي g من يتعلم أحكام الدين منه ثم يعود إليهم ليرشدهم ويعلمهم، وهكذا عاش
الصحابة مع رسولهم g يشاهدون تصرفاته في عباداته ومعاملاته وإذا عنَّ لهم أمر من الأمور يحتاجون للبيان فيه رجعوا إليه يسألونه فيجيبهم، ويفتيهم.
كما كان g يعلم النساء أمور الدين ويخصص وقتاً يجلس لهن فيه وكانت أمهات المؤمنين على درجة سامية من العلم؛ لذا وجد النساء عندهن الإجابة عن أمورهن وأحوالهن التي يمنعهن الحياء من التصريح بها أمام الرسول g كالأمور الخاصة بهن وإلى جانب هذه العوامل السابقة كانت هناك طرق كثيرة ساعدت على انتشار السنة، وقوّى نشاطَها اجتهادُ الرسول g في التبليغ وأثر أمهات المؤمنين الذي لا ينكر، ومن ذلك بعوثه g إلى القبائل لتعليمهم وإرشادهم، وكتبه إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، كما كان لغزوة الفتح أثر كبير في نشر كثير من السنن حيث قام النبي g خطيباً بين ألوف المسلمين وغيرهم، معلناً العفو عن أعدائه ومبيناً كثيراً من الأحكام التي تناقلها الناس وحملوا توجيهه وإرشاده إلى أهلهم.
وبعد أن استتب الأمر يمم النبي g وجهه شطر المسجد الحرام حاجاً ومعه ألوف من المسلمين ألقى فيهم خطبته الجامعة([1])، التي تعد منهاجاً عاماً للدعوة الإسلامية تضمنت كثيراً من الأحكام والسنن وفيها بيَّن الرسول g مناسك الحج ووضع من آثار الجاهلية ما أبطله الإسلام، فكانت من أعظم عوامل انتشار السنة بين كثير من القبائل والعشائر.
ومعلوم أن الصحابة -رضي الله عنهم-لم يكونوا في مستوى واحد من العلم بل كانت تتفاوت درجاتهم العلمية ما بين مكثر ومقل ومتوسط تبعاً لظروف كل واحد منهم، إذ كان من بينهم البدوي والحضري، والمنقطع للعبادة، والمشتغل بأمر المعاش فكان أكثرهم علماً أسبقهم إسلاماً كالخلفاء الأربعة وعبدالله بن مسعود، أو أكثرهم ملازمة لنبيه g كأبي هريرة، أو أكثرهم كتابةً كعبدالله بن عمرو بن العاص.
ولكن السمات العامة للمسلمين آنئذٍ تبرز لنا الدوافع القوية التي حفزتهم على تلقي السنة النبوية حتى أودعوها حوافظهم القوية وصدورهم الأمينة مما جعل السنة الشريفة محفوظة جنباً إلى جنب مع القرآن، وتلك الدوافع هي اقتداؤهم بنبيهم واستعدادهم الفطري واستجابتهم للقرآن والسنة.
تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة فداء الرسول في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
مشاركات: 11
آخر مشاركة: 27-08-2014, 12:38 PM
-
بواسطة فداء الرسول في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 04-10-2012, 12:16 PM
-
بواسطة نضال 3 في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 16-02-2010, 09:56 PM
-
بواسطة الحاجه في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 06-11-2009, 02:00 AM
-
بواسطة قابضة على الجمر في المنتدى منتدى الكتب
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 15-05-2008, 09:56 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات