الأكثر من ذلك هو أن إله النصارى يكون بين يدي الكاهن حيث يكون ذبيحة وموضوعا على المذبح أثناء الصلاة:

ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم: “إن الكاهن الواقف ليقـدِّس القرابين يجب أن يكون طاهرًا كما لو كان واقِفــًا فى السموات عينها فى وسط تلك القوات السمائية. حينما ترى الرب ذبيحــًا وموضوعــًا على المذبح، والكاهن واقفـًا يصلى على الذبيحة، والشعب يشترك فى الصلاة، هل تستطيع أن تقول أنك لازلت بين الناس على الأرض، أم أنك انتقلت إلى السماء، وطرحت عنك الأفكار الجسدية؟ ألـَـسْـتَ تتأمـَّـل الأشياء التى فى السماء بفكر نقِى وبروح متحررة من الجسد؟ ياللعجب من حب الله للإنسان، إذ أن الساكن فى الأعالى يكون فى هذه الساعة بين يـَـدَىّ الكاهن يعطى ذاته لمن يريد.

هل بعد هذا كفر بالله عز وجل؟

ثم نجد أن الكاهن هو الوسيط بين إله النصارى وشعب الكنيسة في طلباتهم:

حينما نتصور إيلــِـيَّا يرفع الصلاة فتنزل النار من السماء على الذبيحة؛ إنها بلا شك تمت فى رعب. أما الآن فى العهد الجديد، فلا تنزل نار من السماء، بل الروح القدس نفسه يستمع إلى الطلبات التى يطلبها الكاهن عن شعبه فتضئ النعمة النازلة على الذبيحة فى نفوس الجميع، فيتــَألــَّـقون أكثر من الفِضـَّـة المصفــَّـاة بالنار.

ثم نكتشف أن الكاهن في النصرانية أفضل من الأنبياء والرسل عليهم السلام: فالكاهن يحمل الإله على يده بينما موسى ـ عليه السلام ـ لم يستطع أن يرى الله!!!

يالعظمة هذا السر الرهيب، ولولا مساندة نعمة الله العظيمة للحميع، لفـَـنِىَ الكل فى هذه اللحظات. مَن هذا الذى يقوم أمام المجد الإلـَـهى؟ موسَى لم يستطع أن ينظر الله لأنه لا يستطيع أحد أن يراه ويعيش.والكاهن يحمل الإلـَـه على يده، فأى سلطان وكرامة عظيمة ورهيبة جدًا.”

فما الفرق إذن بين النصرانية وأي ديانة وثنية تصور إلهها في صورة وثن أو صنم تحمله الأيدي؟!

فإذا كان الوثنيون يصورون إلههم في صورة وثن أو صنم ويعبدونه، فإن النصارى يصورون إلههم في صورة خبز وخمر ويأكلونه!!! (البروتستانت لا يؤمنون بالتناول ويعتبرونه وثنية ويطلقون على النصارى الذين يؤمنون به “أكلة لحوم الآلهة”).

ويتضح تفضيل النصارى للكهنة على الأنبياء والرسل في إيمانهم بأن الأنبياء والرسل زناة وقتلة وكفرة وسكارى وعراة كما ورد في الكتاب المقدس، بينما لا يقبلون ذلك على رجال الدين عندهم. ولذلك نجدهم يقبلون أي تطاول على الأنبياء والرسل أو حتى على إلههم يسوع، بينما لا يقبلون أي شيء قد يسيء للباباوات أو القساوسة!!!

ولم يتوقف الأمر على أن الكهنة أفضل من الأنبياء والرسل، بل نجد أنهم أفضل من الملائكة ورؤساء الملائكة:

لقد أعطى الله للكاهن سلطان وكرامة لم يعطِهما للملائكة ولا لرؤساء الملائكة، لأنه لم يخاطبهم قائلا: “كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطـًا فى السماء، وكل ما تحـِـــلــُّونه على الأرض يكون محلولا فى السماء.” (مت 19:16، مت 18:18) وهذا يعنى أن ما يفعله الكاهن على الأرض يصدِّق الله عليه فى السماء، وما ينطق به العبد يؤيده سيده. هذا سلطان سمائى وكرامة سمائية.

وهنا يتجلى الشرك بالله بجعل الكهنة هم مصدر التشريع وذلك في ظل غياب الشريعة في النصرانية. والأكثر من ذلك هو أن إله النصارى يوافق على كل شيء يتفتق عنه تفكير الكهنة وكأنه أعطاهم الحق في أن يكونوا آلهة أو ممثليه على الأرض.

وبهذا النص (متى 18:18) نكون أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن الكهنة معصومون وكاملون وبالتالي فإن أي شيء ينطقونه يكون صحيحا ويوافق مراد الله. أو أن الكهنة غير معصومين وبالتالي يخطئون ويوافقهم الله على أخطائهم.

الخيار الأول ينفيه الواقع الذي يؤكد وجود إنحرافات أخلاقية وسلوكية وكذلك ينفيه الكتاب المقدس نفسه عن البشر وحتى الأنبياء منهم بل ويجعل الكاهن بشر كامل مثله مثل يسوع. أما الخيار الثاني فيجعل إله النصارى يرضى عن الخطأ وهي صفة نقص لا تليق بإله. في الحالتين نجد أننا أمام عقيدة فاسدة وأمام نص تم وضعه لإعطاء سلطة مطلقة لرجال الدين.

وكون الكهنة هم مصدر التشريع في النصرانية يجعل التشريع يختلف بحسب مفاهيمهم وأهوائهم. ولعل مأساة الطلاق في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أوضح مثال على ذلك حيث خالف البابا شنودة من سبقوه من البابوات في تحديد أسباب الطلاق وجعلها لعلة الزنا فقط بعد أن كانت هناك أسباب أخرى. وقد يأتي البابا القادم ويغير أسباب الطلاق حسب رأيه هو. وفي جميع الحالات نجد أن شعب الكنيسة راضخ لرأي من يملك السلطة بلا نقاش أو سؤال عن أسباب التغيير وذلك لأنهم تربوا على الطاعة العمياء للكهنوت. فيا لها من سلطة مطلقة منحها الكهنة لأنفسهم بتحريفهم للإنجيل!!!

ونتيجة لهذه السلطة، فإن النصارى مجبورون على التعامل مع الكهنة بطريقة خاصة

يجب إحترام الكاهن حتى لو أتى منه سلوك شخصى غير لائق!!!




====================>> يتبع