القرآن الكريم والإعجاز القضائي
كنت ذات مرّة في نقاش مع أحد أقاربي المحامين الكبار في دمشق حول معجزات القرآن الكريم العلمية وبعد أن ذكرنا بعض من هذه المعجزات قال لي سأذكر لك إعجازاً عظيماً للقرآن الكريم نعرفه نحن المحامون في القضاء والمحاكم , حيث أنه عادة في الدعاوى القضائية ينتظر من الخصم أن يخطئ أي خطأ أثناء جلسات المحاكمة ليستفيد منه الخصم الآخر في كسب الدعوى وإنهائها لتسقط تلك الدعوى ثم قال لي : سأذكر لك سورة في القرآن الكريم تكفي لوحدها لتثبت بأن القرآن العظيم من عند الله عزّ وجل فقلت له متشوقاً وما هي . قال لي سورة المسد ( تبت يدا أبي لهب وتب ) ثم تابع فقال ألم يكن في وسع أبي لهب وكفّار قريش أن يحاربو الإسلام بهذه السورة ؟ ألم يكن باستطاعتهم إستخدام هذه السورة كسلاح ضد القرآن ؟ لقد أخبر القرآن الكريم أن أبا لهب سيموت كافراً وسيعذب في النار هو وامرأته , ألم يخطر بباله أو ببال امرأته حيث من المعروف عن النساء الكيد العظيم كما قال الله تعالى

" إن كيدكن عظيم " يوسف 28
وكذلك ألم يخطر ببال كفار قريش الذين كانوا ينتظرون من النبي أن يصدر عنه شيء يحاربونه به .
" وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون" التوبة 127
ألم يخطر ببال هؤلاء جميعاً أن يتفقوا على مكيدة يحاربون بها القرآن الكريم وبذلك يحققون إنتصاراً كبيراً على الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى دعوته , ولكن حتى مثل هذا لم يكن يجرؤ عقل أبو لهب ولا عقول جميع الكفار على الوصول إليه لأن قائل هذا القول هو رب العالمين الذي وحده يعلم الغيب ويعلم أن أبا لهب سيموت كافراً مشركاً ولن يسلم صدقاً أو نفاقاً . وهذه معجزة من معجزات القرآن الكريم حيث أخبر بنهاية عدو مشرك وتحدّاه في أمر اختياري مستقبلي ومع ذلك لم يخطر على عقله أو عقول الكفار استغلال هذه السورة وتكذيب القرآن الكريم لأن الله عزّ وجل قد ختم على عقولهم
" ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم " البقرة 7

من كتاب "خواطر علمية من كتاب الله تعالى "
لمؤلفه محمد صفوح الموصللي
دمشق