تحرير المذهب الشافعي

1. تتفق كلمة علماء المذهب على أن للمرأة كشف وجهها في الصلاة وأنه ليس بعورة فيها.

2. أما خارج الصلاة:

أ- فجمهور المتقدمين وبعض المتأخرين على أن وجهها ليس بعورة في النظر أي يجوز أن ينظر لها الأجنبي إن أمن الفتنة وهذا كباقي المذاهب السابقة.

ب- وجمهور المتأخرين على قسمين:

1. لا يجوز النظر إليها حتى وإن أمنت الفتنة وهذا هو الذي رجحه محققو المذهب.

2. زاد بعضهم على الرأي السابق أنه قد اتفق المسلمون على تغطية وجوه النساء لذلك كالإمام الجويني وغيره كالغزالي وابن حجر وابن رسلان والبغوي القليوبي والجمل وغيرهم.

نقول:

أولا: تحريمهم النظر لا يدل على وجوب التغطية فهذا شئ آخر تماما يشبه قول القاضي عياض أنه يجوز للنساء كشف وجوههن وعلى الرجال غض البصر.

فتحريم النظر يدل أصلا على أنهن كاشفات لوجوههن , فلا معني للنهي عن النظر إلي وجوه النساء إذا كانت مستورة.

ثانيا: بعض ممن منع النظر لوجه الأجنبية أجاز النظر له "وبغير إذنها" حال إرادة الخطبة فهذا يدل أصلا أنه مكشوف وقد قدمنا نماذج من ذلك وانظر كلام النووي في شرح مسلم المتقدم فهذا كالشرح لقوله.

ثالثا: حتى قول من قال باتفاق المسلمين على تغطية وجوه النساء كالإمام الجويني لا يدل كلامه أصلا أنه يوجب أصل تغطية الوجه فقد شرح الشراح هذا القول بأن من يمنع هو ولي الأمر (انظر أسنى المطالب للأنصاري ونهاية المحتاج للرملي وغيرهما) ثم إن منعه لا لأن الستر واجب في ذاته بل لأنه سنة ولأجل المصلحة العامة (انظر أسنى المطالب للأنصاري وتحفة المحتاج وفتح الجواد للهيتمي وبهذا جمعا بين مقولتي إمام الحرمين والقاضي عياض) وقد ذهب الخطيب الشربيني والرملي إلى ترجيح أن ظاهر كلام الأئمة أن الستر واجب لذاته وهذا مذهب ضعيف يخالف ما ذهب إليه أهل المذهب للأدلة السابقة واللاحقة.

يقول الإمام الهيتمي في التحفة:

((ووجهه "يقصد قول الإمام النووي" أن الآية كما دلت على جواز كشفهن لوجوههن دلت على وجوب غض الرجال أبصارهم عنهن ويلزم من وجوب الغض حرمة النظر ولا يلزم من حل الكشف جوازه "يقصد جواز النظر إليه" كما لا يخفى فاتضح ما أشار إليه بتعبيره بالصحيح))
فكلامه صريح في جواز الكشف لذاته.

رابعا: ذهب بعض الشافعية المتأخرين إلى جعل كل الرجل عورة بالنسبة لنظر المرأة حتى وجهه كما قال البيجيرمي في حاشيته على الخطيب حيث يقول:

"وعورة النظر وهو جميع بدنه بالنسبة للأجنبية" ثم أوجب على الرجل منع المرأة من النظر إليه حتى أنه يجب عليه أن يغطي وجهه منها!!

ولا أحد يقول بهذا أبدا ولا يوافق عليه أحد ولكن هذا يفسر لنا قولهم أن الوجه عورة من ناحية النظر فلا يجوز النظر له.