حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 28

يقولون: حديث عائشة (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه ) ضعيف جدا.

الجواب:

الألباني له بحث في تصحيح الحديث في كتاب "الرد المفحم" , وهذا بعض ما جاء فيه:

قال: لقد تهافت القوم على نقد هذا الحديث وتضعيفه، مخالفين في ذلك من قوّاه من حفاظ الحديث ونقاده : كالبيهقي في "سننه"، والمنذري في " ترغيبه"، والذهبي في " تهذيبه"، وغيرهم، وقد اختلفت أساليبهم في ذلك فمنهم من قنع بذكر طريق واحدة وتضعيفها، ومنهم من زاد على ذلك كما سنرى، ولكنهم جميعاً اتَّفقوا على نقل ما قيل في الراوي من الجرح دون التوثيق، بل إن بعضهم دلَّس وأوهم أنه ليس هناك موثّق، بل وأنه في منتهى درجة الضعف بحيث أنه لا يُستَشهَد به، وهذا كذب محض كما اتفقوا جميعاً على مخالفته قاعدة العلماء في تقوية الحديث بالطرق والآثار السلفية، الأمر الذي أكد لي أنهم في هذا العلم، ولئن كان فيهم من هو على شيء من المعرفة به، فقد جار على السنَّة، وحاد عن الحق اتباعاً للآباء والمذاهب.
قال أبو داود عقبه: (( هذا مرسل, خالد بن دريك لم يدرك عائشة)).
قلت: وسعيد بن بشير ضعيف كما في التقريب للحافظ ابن حجر.لكن الحديث قد جاء من طرق أخري يتقوي بها:

1. أنه روي عن قتادة بسنده عن عائشة:

أخرج أبو داود في(( مراسيله)) بسند صحيح عن قتادة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يري منها إلا وجهها ويداها إلي المفصل)
قلت: وهو مرسل صحيح يتقوي بما بعده وليس فيه ابن دريك ولا ابن بشير.

2 . أنه جاء من طريق أخري عن أسماء بنت عميس:

أخرج الطبراني في (( الكبير)) والبيهقي من طريق ابن لهيعة عن عياض بن عبد الله أنه سمع إبراهيم بن عبيد بن رفاعة الأنصاري يخبر عن أبيه أظنه عن أسماء بنت عميس أنها قالت : ( دخل رسول الله على عائشة بنت أبي بكر و عندها أختها أسماء بنت أبي بكر ، وعليها ثياب شامية واسعة الأكمام ، فلما نظر إليها رسول الله قام فخرج ، فقالت لها عائشة رضي الله عنها : تنحي فقد رأى رسول الله أمراً كرهه ، فتنحت ، فدخل رسول الله فسألته عائشة رضي الله عنها لما قام،قال : أولم تري إلي هيئتها ، إنه ليس للمرأة المسلمة أن يبدو منها إلا هذا و هذا ، و أخذ بكفيه فغطى بهما ظهر كفيه، حتى لم يبد من كفه إلا أصابعه ، ثم نصب كفيه على صدغيه حتى لم يبد إلا وجهه). وقال البيهقي: إسناده ضعيف . قلت: وعلته ابن لهيعه هذا , واسمه عبد الله الحضرمي أبو عبد الرحمن المصري القاضي وهو ثقة فاضل لكنه كان يحدث من كتبه فاحترقت فحدث من حفظه فخلط وبعض المتأخرين يحسن حديثه وبعضهم يصححه وقد أورد حديثه هذا الهيثمي ((مجمع الزوائد)) برواية الطبراني في الكبير والأوسط ثم قال : وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح. والذي لاشك فيه أن حديثه في المتابعات والشواهد لاينزل عن رتبة الحسن, وهذا منها.

3 . أنه عمل به هؤلاء الرواة الثلاثة:

وأما قتادة، فقد قال في تفسير آية {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ}:
"أخذ الله عليهن أن يُقَنِّعنَ على الحواجب".والمعنى: يشددن جلابيبهن على جباههنَّ ، وليس
على وجوههن.كما فسره الإمام ابن جرير.

وأما عائشة فقالت في المحرمة:

" تسدل الثوب علي وجهها إن شاءت" رواه البيهقي بسند صحيح.
فتخيير عائشة المحرمة في السدل دليل واضح علي أن الوجه عندها ليس بعورة , وهذا الأثر
الصحيح عنها مما يقوي حديثها المرفوع.

وأما أسماء بنت عميس فقد صح أن قيس بن أبي حازم رآها امرأة بيضاء موشومة اليدين.

4 . أثر ابن عباس المتقدم " تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به". وتفسيره لآية ( الزينة ) بالوجه والكفين.