حِملٌ ثقيل !
عندما ينتحر الحماس ؛ لا يذوقُ طعمَ الطاعةِ ، ولا حلاوةَ العبادةِ ، فهو يشعرُ بِثقَلِها عليه ، فيؤديها ولم يذقْ أجملَ ما فيها ، لِيُسْقِطَ عنه تبعاتها ، وكأنما هي حِمْلٌ ثقيلٌ أُزيح عن كاهله ..
فلا يزال يتأخر ، ويتقهقر ، حتى يُكبّ على وجهه في النار ، كالشجرة الوارفة الظلال ، تُسقط أوراقها يوماً بعد يوم ، حتى تيبس وتصير عوداً يابساً لا ماء فيه ولا رواء لا يصلُح إلاَّ لشيء واحد .. أن يصبح وقوداً للنار !
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" لا يزالُ قومٌ يتأخَّرونَ عن الصَّفِّ الأول حتى يُؤخِّرَهُمُ اللهُ في النار "
وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" لا يزالُ قومٌ يتأخرونَ حتى يُؤخِّرَهُمُ اللهُ "
وقال سعيد بن المسيِّبِ : ما فاتتني الصلاةُ في جماعةٍ منذُ أربعينَ سنةٍ ، وما نظرتُ في قفا رجلٍ في الصلاة منذ خمسين سنةٍ ، وما أذَّنَ المؤذِّنُ منذ ثلاثينَ سنةٍ إلاَّ وأنا في المسجدِ !
قال وكيع : كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى ، واختلفتُ إليه أكثر من ستين سنة ، فما رأيته يقضي ركعة .
وقال أسيد بن جعفر : ما رأيت عمي بشرِ بن منصور فاتته التكبيرة الأولى قط .
وروي عن أبي عبد الله محمد بن خفيف أنه كان به وجعُ الخاصِرة ، فكان إذا أصابه أقعَدَهُ عن الحركة ، فكان إذا نُودي بالصَّلاة يُحملُ على ظهر رجل ، فقيل له : لو خفَّفتَ على نفسِكَ ؟! قال : إذا سمعتُم حَيَّ على الصَّلاة ولَم تَروني في الصف فاطلبوني في المقبرة .
وقال سليمان بن حمزة المقدسي ـ وقد قارب التسعين سنة : لم أصلِّ الفريضة قط منفرداً إلا مرتين ، وكأني لم أصلهما قط .
أخي تذكر معي : كم مرة صليت هذا الأسبوع صلاة فريضة منفرداً ؟!