بسم الله الرحمن الرحيم

كنت أقرأ في كتاب الجواب الصحيح لابن تيمية ولفت نظري أنه كان يتكلم عن دخول عيسى إلى جهنم ثلاثة أيام وذلك لفكاك من ماتوا قبله من النار وكان يرد على هذا الهراء، وأن عملية التجسد كانت خدعة للشيطان لكي يموت ليقوم الشيطان بإدخاله إلى جهنم مع من مات، ولكن هذه المرة الرب يسوع جاء مندسا ليحطم متاريس جهنم ولينقذ من قد دخل فيها قبله

للمعلومية: متاريس جمع متراس وهي خشبة ونحوها توضع خلف الباب لدعمه، فالشيطان كان محكم الإغلاق لباب جهنم بمتراس لم يستطع الإله فتحه إلا بعد دخوله هو لجهنم!

لكنني لا أجد أحدا اليوم وفي هذا العصر بالتحديد يتكلم عن عقيدة الصلب والفداء يورد هذا الأمر في وسائل الإعلام أو أمام المسلمين، فاستنتجت أنهم شعروا أنهم بهذه المقولة ينسبون إلى الشيطان قوة إلهية وإلى إلههم العجز وكأنهم بهذا (بالإضافة إلى اعتقادهم بالتثليث واتخاذهم مريم إلها) يعتقدون بعقيدة المجوس التي تقول بإلهين: إله خير وإله شر

يقول الأنبا بولس البوشي صاحب (ميامر الأعياد السيدية) والذي كُتب عنه في موقع تكلا (يعتبر من أبرز المفكرين الأقباط في القرن الثالث عشر) وقد كاد أن يصل إلى كرسي البابا:
اقتباس
وكما أمر الله موسى أن يضرب بحر سوف بالعصاة التي بيده طولاً وعرضاً مثال الصليب المقدس، فانشق البحر وعَبَرَ فيه موسى وبنو إسرائيل، وغرق فيه فرعون وجنوده، (وكان) هو كمال خلاص الشعب من عبودية فرعون؛ كذلك الرب مضى إلى الجحيم بالنفس وهي متحدة باللاهوت وعلامة الصليب أمامه، فحطَّم الأبواب النحاس، وكسَّر المتاريس الحديد، وأخرج النفوس التي (كانت) محبوسة هناك منذ آدم، وعبَّرهم في بحر العمق ولجج الهاوية والظلمة القصوى، وداس الموت بقوة لاهوته، ولم تُمسك نفسه في الجحيم كما هو مكتوب، ولم يُعاين جسده غياراً (فساداً) لأنه متحد باللاهوت المُحيي، ولم يفترق من الناسوت، وأَدخل النفوس إلى أرض الميعاد الحقيقي، الموضع المقدس الذي ورثته يمينه، حيث الراحة الدائمة ومسكن فردوس النعيم. ثم غرق فرعون الذي هو الشيطان في عمق بحر النار - وهو كمال الخلاص للشعب المؤمن - وأعدَّه لجند الشيطان بعده إلى الأبد.
وفي هذا العصر 'الأنبا' بيشوي سكرتير المجمع المقدس يقول بنفس العقيدة في كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي (مع حياة وخدمة يسوع)

اقتباس
وهذا ما حدث فعلًا: فقد هيّج الشيطان اليهود وكثير من الأشرار. ووضع في قلب يهوذا الإسخريوطى أن يسلِّم سيده وتمم المؤامرة وتم الصلب، حيث تم الفداء. فعلى الصليب سحق السيد المسيح كل مملكة الشيطان، وهزمه في عقر داره. وهناك في الجحيم حطّم المتاريس وأطلق المسبيين وأصعدهم إلى السماء الثالثة أو الفردوس. ثم عاد من الفردوس ليقوم من الأموات في اليوم الثالث وظهر لتلاميذه مؤكدًا أن قوة الحياة التي فيه هى أقوى من الموت الذي لنا. وقال لتلاميذه إنه سوف يمضى لكي يعد لهم ملكوتًا أبديًا سوف يستعلن في مجيئه الثاني، حينما يأتي ليدين العالم كله.
رحلة مكوكية عجيبة !

وشاهد آخر في كتاب الدرة الأرثوذكسية في تماجيد و مدائح أعياد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

تمجيد الأحد الثالث من الخماسين المقدسة: مديح المجد يليق والإكرام بمن في اليوم الثالث قد قام

اقتباس
المجد يليق والأكرام
وظهر لتلاميذه الكرام
بتدبيره أخذ جسدًا كاملًا
وصار لخطايانا حاملا
تألم لأجلنا على الصليب
وهو القدير ابن الله الحبيب
جعلوا على قبره الحراس
اما هو فقام في الأغلاس
حطم متاريس الجحيم
وترك أبليس في غيظ اليم
خزق كتاب خطايانا
وجسده ودمه اعطانا
تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا

جاء في كتاب قصص قصيرة (مع مجموعة من القصص الطويلة) - القمص تادرس يعقوب ملطي وبالتحديد في قصة: الطفلة راعوث وعصابة اللصوص

اقتباس
سار اللصوص نحو هذه الجماعة الغريبة، وتبعهم باراباس الذي جذبته أغاني الجماعة وبشاشة وجوههم العجيبة. اقتربوا نحوهم، وإذا بطفلة صغيرة تدعى راعوث تتقدم الجماعة لتلتقي بباراباس وتحييه:

- سلام يا باراباس!

- أتعرفينني؟

- نعم أعرفك تمامًا. أنت باراباس الذي احتل مخلصي يسوع مكانك، وصُلب لأجلي ولأجلك!

- العلكِ كنتِ أثناء المحاكمة بين الجماهير التي صرخت: ليطلق باراباس وليُصلب يسوع!

- لم أكن بينهم.

- إذن من أخبرك؟ أصدقاؤكِ أم والديكِ؟

- لا، بل ربي يسوع المسيح نفسه!

- أين التقيتِ به؟

- جاء إلينا في الجحيم، فإنني رحلت منذ قرابة آلف عامٍ من هذا العالم!. جاءت نفسه متهللة تحمل ديماس اللص، وحطم متاريس الهاوية وأطلقنا. خرجنا جميعًا معه إلى الفردوس!

لقد سمح لنا نحن أيضًا ليس فقط أن تخرج نفوسنا إلى الفردوس بل وأن ترجع إلى الأجساد لنقوم ونكرز بقيامته... وها نحن عائدون إلى القبور.

لقد تممنا رسالتنا... لنعد إلى الفردوس.

يسوعنا قد قام! بالحقيقة قام!

هذا هي لحننا الذي نترنم به منذ قيامتنا!

استعد يا باراباس ليكون لك نصيب معنا، فترى يسوعنا القائم من الأموات!
ما ذنبك يا راعوث أن تدخلي الجحيم لأن مخلصك تأخر عليك مئات السنين :(

وقد جاء في تفسير الإنجيل متى الأصحاح الرابع عشر للقمص تادرس يعقوب ملطي

اقتباس
أيّامنا محدودة وزائلة إن ارتبطت بالأمور الزائلة من محبّة العالم وشهوات الجسد؛ وخالدة إن اختفت في ربّنا يسوع المسيح الذي لم يقدر الموت أن يُمسك به، ولا القبر أن يغلق عليه، ولا متاريس الجحيم أن تقف أمامه!
وفي تفسير القمص لإنجيل يوحنا الأصحاح الثاني يقول:

اقتباس
الآية التي قدمها السيد المسيح هي حضوره الإلهي القادر أن يكسر متاريس الهاوية، ويحطم سلطان آخر عدو وهو الموت، ليهب مؤمنيه قوة القيامة. قدم لهم آخر آية يصنعها يسوع المسيح نفسه قبل صعوده إلى السماء وهي قيامته. يجب أن يموت، لكن لا يستطيع الفساد أن يحل به (مز 16: 10).
أنا مخي ترّس !!

بل ويذهب القمص إلى ما هو أبعد ففي أعمال الرسل الأصحاح الرابع يقول في تفسيره

اقتباس
قدم لهم الرسول جوهر الإيمان، وهو أن الخلاص لا يتحقق بحرفية الناموس، وإنما بالإيمان باسم يسوع المسيح، أي بالقادر وحده أن يخلص: يمحو الخطايا، ويهب البرّ، يحول آلام الضيق إلى بهجة قيامة، يرفع القلب إلى السماء، ليتذوق المؤمن عربون الأبدية. يحطم متاريس الهاوية، ويفتح أمامنا أحضان الآب السماوي، لنتمتع بالاتحاد معه.
وفي تفسيره للرسالة إلى فيلبي ينقل لنا تراتيل تقال عن صخرة صلبه!

اقتباس
خورس كنسي عند الجلجثة!

* تُرى هل انطلق الرسول الأسير مع الشعب،

كخورسٍ كنسيٍ متهللٍ ليستقر عند الجلجثة،

أم تحولت زنزانته إلى الجلجثة بعينها؟

* أراه يقود خورس كنسيًا فريدًا.

يتمتع بكلمة الوعظ، جوهرها تعزيات في المسيح لا تنقطع!

يمارس الكل روح الحب فتذوب الآلام!

وتنفتح أمام الكل جراحات المصلوب،

فيدخل الجميع إلى أحشاء حبه وتحننه!

* يتغنى الرسول مع الشعب بأغنية الحب،

ويمارس الكل الوحدة،

فقد انسجمت أوتار القيثارة المتنوعة،

لتخرج سيمفونية سماوية يهتز لها السمائيون.

* يقف الكل معًا في انسجام ينشد أغنية جديدة.

وقف الكل أمام المصلوب، وقد طارت الكلمات من أفواههم.

أي حب أنزلك إلينا يا من لا تسعك السماء؟

كيف قبلت أن تصير ابنًا للإنسان يا وحيد الأب؟

كثيرًا ما تئن نفوسنا في داخلنا:

لماذا لنا هذا الجسد الضعيف؟

هوذا خالق الكل صار جسدًا.

شاركتنا في كل شيء ماخلا الخطية!

رفعت من شأننا يا خالق السمائيين والأرضيين!

* صرت إنسانًا، وأخذت آخر صفوف البشرية!

حبك دفعك لتصير عبدًا،

لتقيم منا نحن العبيد أبناءً لأبيك!

* قدمت دمك ثمنًا لتقتنينا عروسًا لك!

دخلت إلى دائرة لعنتنا بالصليب،

لكي تحطم متاريس اللعنة،

وتدمر أبوابها،

وتطلقنا وتحملنا إلى فردوسك السماوي!

* صرت قائد موكبنا يا واهب الغلبة!

اجتزت بنا وسط جيلٍ ملتوٍ،

فلم تقدر الظلمة أن تخفي نورك فينا.

أقمت منا كواكب بهية وسط ظلمة العالم!

* لك المجد يا أيها الراعي الصالح العجيب!

أقمت منا جسدك المتهلل العجيب في حبه!

ماذا نرد لك من أجل حبك وتواضعك وقدرتك؟
وأيضا في تفسيره للراسلة إلى أهل كولوسي الأصحاح الثاني

اقتباس
هذا ما حدث حين صُلب السيد المسيح، فنزلت نفسه إلى الجحيم، وحملت الغنائم التي كانت تترجاه، وحطم متاريس الهاوية، وأعلن هزيمة إبليس ونزع كل سلطان له على المؤمنين الحقيقيين
ونقلا عن موقع تكلا يقال البرلكس (العزاء أو الموعظة ) الآتي قبل الدورة، من ليلة العيد إلى الأحد الخامس من الخمسين، ثم في باكر عيد العنصرة.

اقتباس
" يا كل الصفوف السمائيين. رتلوا لإلهنا بنغمات التسبيح وابتهجوا معنا اليوم فرحين. بقيامة السيد المسيح. اليوم قد كملت النبوات. وتمت اقوال الأباء الأولين بقيامة الرب من بين الأموات وهو بدء المتضجعين. قد قام الرب مثل النائم. وكالثمل من الخمرة، ووهبنا النعيم الدائم، وعتقنا من العبودية المرة. وسبي الجحيم سبيًا. وحطم ابوابه النحاس. وكسر متاريسه الحديد كسرًا. وأبدل لنا العقوبة بالخلاص. وأعاد آدم إلى الفردوس. بفرح وبهجة ومسرة. وهو وبنيه الذين كانوا في الحبوس لمحل النعيم دفعة أخري. اليوم انتشرت أعلام الخلاص وتجددت الأجسام والأرواح. وفاز المؤمنون برفع القصاص. ومجدوا الله بالتسابيح والأفراح. اليوم ابتهجت إبنة داود. واستضاءت قلوب الرسل الأبرار. حينما بشرتهم النسوة بتمام الموعود. وما سمعوه من الملائكة الأطهار. أن يسوع المسيح قد قام. ليس هو ههنا كما ترين. فذهبت النسوة وبشرن تلاميذه الكرام بقيامة خالق البرايا أجمعين. وظهر لتلاميذه وابهجهم. ببهاء نظره متجليًا بمجد لاهوته. وأفرحهم لما شاهدوه حيًا. نسبحه ونزيد رفعته. ونعترف بمجد قيامته. ونشكره على عظيم نعمته. لأن إلى الأبد رحمته.
نلاحظ كيف أن آدم وبنيه كانوا في جهنم قبل الصلب!

ونلاحظ أن المتاريس من حديد وهذا يذكرني بنص

سفر القضاة 1: 19
وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يَهُوذَا فَمَلَكَ الْجَبَلَ، وَلكِنْ لَمْ يُطْرَدْ سُكَّانُ الْوَادِي لأَنَّ لَهُمْ مَرْكَبَاتِ حَدِيدٍ.


وجاء في كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير - القمص أثناسيوس فهمي جورج ما نصه:

اقتباس
إنها الحياة الجديدة التي أشرقت وبزغت لنا من القبر منذ حوالى ألفي عام، قد أعطيت لنا نحن، ووهبت لكل الذين يؤمنون بالمسيح. (سحق الابواب النحاس وكسر المتاريس الحديد وأخرج مختاريه بفرح وتهليل) هذا ما نترنم به في ذكصولوجية مديح عيد القيامة المجيد والخماسين.
وجاء أيضا في كتاب تعليم عن البتولية أو عن النسك للبابا أثناسيوس الرسولي - أ. بولين تودري

اقتباس
وأنت، يا عبد الله، سواء في القيام أو الجلوس، بل سواء في عمل أي شيء، في الأكل، سواء وأنت ذاهب إلى فراشك وقبل النوم، أو عند قيامك، لا تتنازل عن تسبيح الله بشفتيك. الآذان المباركة توافق على هذا الكلام. وعندما تدخل إلى صلاة الساعة الثانية عشر أكملها، والأعظم كثيرًا أن تشترك فيها مع الرهبان الذين لهم نفس روحك. وإن لم تكن مع آخرين، فأكملها وحدك، فإن الله يكون حاضرًا ويسمعك. ومن الخير والصالح أن تسكب الدموع في حضور الله. وتذكر عند الساعة الثانية عشر، إننا فيها نتبع ربنا إلى الجحيم، ونتذكر أن الجحيم ارتعد منه، وانطق بالكلمات اللائقة: منْ هو الذي له السلطان والعظمة والقوة حتى يهبط إلى الجحيم؟ منْ هو الذي سحق أبواب الجحيم وكسر المتاريس الصلبة النحاسية (مز 107: 16)؟ ومنْ هو الذي نزل بنفسه وقهر الموت وجعله بلا سلطان؟ ومنْ هو الذي فك القيود بسلطانه؟ ومنْ هو الذي نقض الموت عنى بموت نفسه؟
الحمدلله على نعمة الإسلام

الآن عرفت لماذا المتاريس كانت (هاي كواليتي) لأنه قد أفرغ عليها قطرا (نحاس)

ثم يقولون إن الناسوت هو الذي مات!

وهذا بيشوي مرة أخرى يقول في كتاب المسيح في سفر إشعياء:

اقتباس
من كان يستطيع أن ينزل إلى الجحيم، ويحطم متاريسه، ويفك المأسورين سوى الله نفسه. وذلك من خلال تجسده وموته على الصليب وانطلاق روحه المتحد باللاهوت ليكرز للأرواح في السجن كقول نبوة إشعياء: "لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ" (إش42: 7).
الله نفسه مات !! والله إن هذا الكلام كاف لمن يبصر بقلبه أن يترك هذا الدين ويكسر متاريس الكفر التي حوطت قلبه

((وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده ))

والله يهدي من يشاء لى صراط مستقيم

تحياتي