جزاك الله خيرا استفساري عن صحة الحديث فيما معناه (لا تجعلوا قبري وثنا يعبد)
هذا الحديث يروى من حديث أبي سعيد الخدري وعمر بن الخطاب وأبي هريرة رضوان الله عليهم جميعا ، ومن معضل سعيد بن أبي سعيد ، مولى المهري رحمه الله .
حديث أبي سعيد الخدري :
أخرجه البزار في "مسنده" كما في زوائده الموسوم ب"كشف الأستار" (440) للهيثمي ، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (5/42-43) : حدثنا سليمان بن سيف الحراني ، قال : حدثنا محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني ، قال : أخبرنا عمر بن صهبان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
قال البزار : " لا نحفظه عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد " .
قلت : وهناك وهم وقع لابن عبد البر سنوضحه الآن :
فقد سبقنا أن ذكرنا أنه قد روى هذا الحديث من طريق البزار ، ولكنه قد رواه بهذا المعرف (عمر بن محمد)
وهذا المعرف يشترك فيه راويان في الاسم ، واسم الوالد ، والرواية عن زيد بن أسلم ، والبلد (المدينة) .
وهذين الراويان هم :
الأول : عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب : وهو ثقة ، وهو ما رجحه ابن عبد البر فقال في "التمهيد" (5/42) : " وقد أسند حديثه هذا عمر بن محمد وهو من ثقات أشراف أهل المدينة روى عنه مالك بن أنس والثوري وسليمان بن بلال (وغيرهم) وهو عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهذا الحديث صحيح عند من قال بمراسيل الثقات وعند من قال بالمسند لإسناد عمر بن محمد له وهو ممن تقبل زيادته وبالله التوفيق " .
الثاني : عمر بن محمد بن صهبان الأسلمي : وهو متروك الحديث [انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (21/398) للمزي] ، وهو ما كشفت عنه رواية البزار (الأصل الذي روى عنه ابن عبد البر) ، فرواه بهذا المعرف (عمر بن صهبان) .
قال محققو طبعة الرسالة لمسند أحمد بن حنبل (12/315) : " وفي سنده عمر بن صهبان، ويقال: عمر بن محمد بن صهبان المدني، وهو ضعيف باتفاقهم، والتبس أمره على أبي عمر ابن عبد البر فظنّه عمر بن محمد -وهو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخظاب- الثقة! " .
قلت : فهذا اسناد منكر لا يصح ، وقد خولف عمر بن محمد بن صهبان في روايته عن زيد بن أسلم :
1- خالفه مالك بن أنس ، فأخرجه مالك في "الموطأ" (414- رواية الليثي) و (570- رواية الزهري) ، ومن طريقه ابن سعد في "طبقاته" (2/185-186) ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "
2- وخالفه كلا من : محمد بن عجلان ، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/150) ، ومعمر بن راشد ، أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (1/406) ، كلاهما عن زيد بن أسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه ، فإنه اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
حديث عمر بن الخطاب :
قال الدارقطني في "العلل" (2/221/ رقم 233) : " وسئل عن حديث المعرور بن سويد ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا ، وكان بنو إسرائيل اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
فقال: يرويه أصحاب الأعمش عنه، عن المعرور، عن عمر موقوفا.
وأسنده عبد الجبار بن العلاء، عن ابن عيينة، عن الأعمش، عن المعرور، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يتابع عليه ، والمحفوظ هو الموقوف " .
قلت : فأما المرفوع فلم نجده ، وأما الموقوف فقد وقفنا عليه :
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2/118) ، عن معمر بن راشد .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (2/151) ، وسعيد بن منصور في "سننه" كما في "الاقتضاء" (2/273) لابن تيمية ، عن أبي معاوية .
كلاهما (معمر وأبي معاوية) ، عن الأعمش ، عن المعرور بن سويد قال : كنت مع عمر بين مكة والمدينة ، فصلى بنا الفجر، فقرأ: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ) [الفيل: 1] و (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) [قريش: 1]، ثم رأى أقواما ينزلون فيصلون في مسجد ، فسأل عنهم فقالوا: مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " إنما هلك من كان قبلكم أنهم اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا ، من مر بشيء من المساجد فحضرت الصلاة فليصل وإلا فليمض " .
قلت : وهذا اسناد صحيح موقوفا .
حديث أبي هريرة :
أخرجه الحميدي في "مسنده" (1055) – ومن طريقه أبي طاهر السلفي في "الثامن عشر من المشيخة البغدادية" (رقم 3- مخطوط) ، وابن سعد في "طبقاته" (2/186) ، وأحمد بن حنبل في "مسنده" (2/246) ، والبزار في "مسنده- البحر الزخار" (9087) – ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (5/43) ، والجندي في "فضائل المدينة" (51) ، وأبو جعفر العقيلي في "التاريخ الكبير" – ابن عبد البر في "التمهيد" (5/44) ، ومن طريقه والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (5/357) .
وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (3/47) في ترجمة حمزة بن المغيرة .
كلهم من طريق سفيان بن عيينة ، عن حمزة بن المغيرة الكوفي ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم لا تجعل قبري وثنا ، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
قال أبو بكر البزار : " وحديث سهيل هذا إنما يجيء من هذا الطريق لم يحدث به إلا ابن عيينة عن حمزة بن المغيرة عن سهيل " [التمهيد]
قلت : وهذا اسناد حسن لذاته ، لأجل حمزة بن المغيرة الكوفي وهو صدوق لا بأس به ، قال الدارمي في "تاريخ ابن معين" (1/98) رقم (271) : " وسألته عن حمزة بن المغيرة الكوفي الذي يروي عنه ابن عيينة : "لا تجعلوا قبري وثنا " ما حاله ؟ فقال : ليس به بأس " .
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات (8/209) .
معضل سعيد بن أبي سعيد مولى المهري :
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (8/464) : عن إبراهيم بن أبي يحيى ، وابن جريج ، عن صفوان بن سليم ، عن سعيد بن أبي سعيد ، مولى المهري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " اللهم إني أعوذ بك أن يتخذ قبري وثنا ، ومنبري عيدا " .
قلت : وهذا اسناد ساقط لما يأتي :
الأول : تدليس ابن جريج : وهو هنا كأنه متابع لإبراهيم بن أبي يحيى ، والصواب أنه رواه عن ابن أبي يحيى ودلسه ، وقد دلس عنه غير شيء [انظر أمثلة لذلك في : "العلل" (4/65) لابن أبي حاتم ، و"السنن الكبرى" (7/157) للبيهقي ، و"الأحكام الوسطى" (3/156) لعبد الحق الاشبيلي] ، فرجع الحديث الى رواية ابن أبي يحيى [بدون متابع] .
الثاني : ابراهيم بن أبي يحيى : وهو متروك متهم بالكذب .
الثالث : الاعضال : فأن سعيد بن أبي سعيد مولى المهري ، من أتباع التابعين ، قال ابن حبان في كتاب الثقات (6/363) : " سعيد بن أبي سعيد مولى المهري كنيته أبو السميط يروي عن أبيه وإسحاق مولى زائدة روى عنه أسامة بن زيد وحرملة بن عمران ، وليس هذا بسعيد بن أبي سعيد المقبري ذاك أدخلناه في التابعين ، وهذا في أتباع التابعين " .
فائدة : قال ابن عبد البر في "التمهيد" (5/45) : " الوثن : الصنم وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة أو غير ذلك من التمثال ، وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن صنما كان أو غير صنم ، وكانت العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها ، فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم ، كانوا إذا مات لهم نبي عكفوا حول قبره كما يصنع بالصنم ، فقال صلى الله عليه وسلم : "اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه ويسجد نحوه ويعبد فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم واتخذوها قبلة ومسجدا ، كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها وذلك الشرك الأكبر ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه ، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم ، وكان صلى الله عليه وسلم يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار ، وكان يخاف على أمته اتباعهم ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم على جهة التعبير والتوبيخ : "لتتبعن سنن الذين كانوا قبلكم حذو النعل بالنعل حتى إن أحدهم لو دخل جحر ضب لدخلتموه" .
الخلاصة : أن الحديث ثابت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه باسناد حسن لذاته ، وللحديث رواية أخرى بلفظ :" لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم " واسناده حسن أيضا ، وسنقوم بتخريجه باذن الله تعالى .
هذا الحديث يروى من حديث أبي سعيد الخدري وعمر بن الخطاب وأبي هريرة رضوان الله عليهم جميعا ، ومن معضل سعيد بن أبي سعيد ، مولى المهري رحمه الله .
حديث أبي سعيد الخدري :
أخرجه البزار في "مسنده" كما في زوائده الموسوم ب"كشف الأستار" (440) للهيثمي ، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (5/42-43) : حدثنا سليمان بن سيف الحراني ، قال : حدثنا محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني ، قال : أخبرنا عمر بن صهبان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
قال البزار : " لا نحفظه عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد " .
قلت : وهناك وهم وقع لابن عبد البر سنوضحه الآن :
فقد سبقنا أن ذكرنا أنه قد روى هذا الحديث من طريق البزار ، ولكنه قد رواه بهذا المعرف (عمر بن محمد)
وهذا المعرف يشترك فيه راويان في الاسم ، واسم الوالد ، والرواية عن زيد بن أسلم ، والبلد (المدينة) .
وهذين الراويان هم :
الأول : عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب : ، وهو ثقة ، وهو ما رجحه ابن عبد البر فقال في "التمهيد" (5/42) : " وقد أسند حديثه هذا عمر بن محمد وهو من ثقات أشراف أهل المدينة روى عنه مالك بن أنس والثوري وسليمان بن بلال (وغيرهم) وهو عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهذا الحديث صحيح عند من قال بمراسيل الثقات وعند من قال بالمسند لإسناد عمر بن محمد له وهو ممن تقبل زيادته وبالله التوفيق " .
الثاني : عمر بن محمد بن صهبان الأسلمي : وهو متروك الحديث [انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (21/398) للمزي] ، وهو ما كشفت عنه رواية البزار (الأصل الذي روى عنه ابن عبد البر) ، فرواه بهذا المعرف (عمر بن صهبان) .
قال محققو طبعة الرسالة لمسند أحمد بن حنبل (12/315) : " وفي سنده عمر بن صهبان، ويقال: عمر بن محمد بن صهبان المدني، وهو ضعيف باتفاقهم، والتبس أمره على أبي عمر ابن عبد البر فظنّه عمر بن محمد -وهو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخظاب- الثقة! " .
قلت : فهذا اسناد منكر لا يصح ، وقد خولف عمر بن محمد بن صهبان في روايته عن زيد بن أسلم :
1- خالفه مالك بن أنس ، فأخرجه مالك في "الموطأ" (414- رواية الليثي) و (570- رواية الزهري) ، ومن طريقه ابن سعد في "طبقاته" (2/185-186) ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "
2- وخالفه كلا من : محمد بن عجلان ، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/150) ، ومعمر بن راشد ، أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (1/406) ، كلاهما عن زيد بن أسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه ، فإنه اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
حديث عمر بن الخطاب :
قال الدارقطني في "العلل" (2/221/ رقم 233) : " وسئل عن حديث المعرور بن سويد ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا ، وكان بنو إسرائيل اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
فقال: يرويه أصحاب الأعمش عنه، عن المعرور، عن عمر موقوفا.
وأسنده عبد الجبار بن العلاء، عن ابن عيينة، عن الأعمش، عن المعرور، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يتابع عليه ، والمحفوظ هو الموقوف " .
قلت : فأما المرفوع فلم نجده ، وأما الموقوف فقد وقفنا عليه :
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2/118) ، عن معمر بن راشد .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (2/151) ، وسعيد بن منصور في "سننه" كما في "الاقتضاء" (2/273) لابن تيمية ، عن أبي معاوية .
كلاهما عن الأعمش ، عن المعرور بن سويد قال : كنت مع عمر بين مكة والمدينة ، فصلى بنا الفجر، فقرأ: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ) [الفيل: 1] و (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) [قريش: 1]، ثم رأى أقواما ينزلون فيصلون في مسجد ، فسأل عنهم فقالوا: مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: " إنما هلك من كان قبلكم أنهم اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا ، من مر بشيء من المساجد فحضرت الصلاة فليصل وإلا فليمض " .
قلت : وهذا اسناد صحيح موقوفا .
حديث أبي هريرة :
أخرجه الحميدي في "مسنده" (1055) – ومن طريقه أبي طاهر السلفي في "الثامن عشر من المشيخة البغدادية" (رقم 3- مخطوط) ، وابن سعد في "طبقاته" (2/186) ، وأحمد بن حنبل في "مسنده" (2/246) ، والبزار في "مسنده- البحر الزخار" (9087) – ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (5/43) ، والجندي في "فضائل المدينة" (51) ، وأبو جعفر العقيلي في "التاريخ الكبير" – ابن عبد البر في "التمهيد" (5/44) ، ومن طريقه والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (5/357) .
وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (3/47) في ترجمة حمزة بن المغيرة .
كلهم من طريق سفيان بن عيينة ، عن حمزة بن المغيرة الكوفي ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم لا تجعل قبري وثنا ، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
قال أبو بكر البزار : " وحديث سهيل هذا إنما يجيء من هذا الطريق لم يحدث به إلا ابن عيينة عن حمزة بن المغيرة عن سهيل " [التمهيد]
قلت : وهذا اسناد حسن لذاته ، لأجل حمزة بن المغيرة الكوفي وهو صدوق لا بأس به ، قال الدارمي في "تاريخ ابن معين" (1/98) رقم (271) : " وسألته عن حمزة بن المغيرة الكوفي الذي يروي عنه ابن عيينة : "لا تجعلوا قبري وثنا " ما حاله ؟ فقال : ليس به بأس " .
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات (8/209) .
معضل سعيد بن أبي سعيد مولى المهري :
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (8/464) : عن إبراهيم بن أبي يحيى ، وابن جريج ، عن صفوان بن سليم ، عن سعيد بن أبي سعيد ، مولى المهري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " اللهم إني أعوذ بك أن يتخذ قبري وثنا ، ومنبري عيدا " .
قلت : وهذا اسناد ساقط لما يأتي :
الأول : تدليس ابن جريج : وهو هنا كأنه متابع لإبراهيم بن أبي يحيى ، والصواب أنه رواه عن ابن أبي يحيى ودلسه ، وقد دلس عنه غير شيء [انظر أمثلة لذلك في : "العلل" (4/65) لابن أبي حاتم ، و"السنن الكبرى" (7/157) للبيهقي ، و"الأحكام الوسطى" (3/156) لعبد الحق الاشبيلي] ، فرجع الحديث الى رواية ابن أبي يحيى [بدون متابع] .
الثاني : ابراهيم بن أبي يحيى : وهو متروك متهم بالكذب .
الثالث : الاعضال : فأن سعيد بن أبي سعيد مولى المهري ، من أتباع التابعين ، قال ابن حبان في كتاب الثقات (6/363) : " سعيد بن أبي سعيد مولى المهري كنيته أبو السميط يروي عن أبيه وإسحاق مولى زائدة روى عنه أسامة بن زيد وحرملة بن عمران ، وليس هذا بسعيد بن أبي سعيد المقبري ذاك أدخلناه في التابعين ، وهذا في أتباع التابعين " .
فائدة : قال ابن عبد البر في "التمهيد" (5/45) : " الوثن : الصنم وهو الصورة من ذهب كان أو من فضة أو غير ذلك من التمثال ، وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن صنما كان أو غير صنم ، وكانت العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها ، فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم ، كانوا إذا مات لهم نبي عكفوا حول قبره كما يصنع بالصنم ، فقال صلى الله عليه وسلم : "اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه ويسجد نحوه ويعبد فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم واتخذوها قبلة ومسجدا ، كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها وذلك الشرك الأكبر ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه ، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم ، وكان صلى الله عليه وسلم يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار ، وكان يخاف على أمته اتباعهم ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم على جهة التعبير والتوبيخ : "لتتبعن سنن الذين كانوا قبلكم حذو النعل بالنعل حتى إن أحدهم لو دخل جحر ضب لدخلتموه" .
الخلاصة : أن الحديث ثابت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه باسناد حسن لذاته ، وللحديث رواية أخرى بلفظ :" لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم " واسناده حسن أيضا ، وسنقوم بتخريجه باذن الله تعالى .
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات