لم يبالى فرعون بما حدث لقارون واخذته العزة بالاثم .. فهو وقومة من القاسية قلوبهم .. اعماهم الكبر والاستعلاء على الله لمجرد تصور خضوعهم لعبودية الخالق .. المبدأ بالنسبة لهم مرفوض .. هم يؤمنون بعلومهم وحضارتهم واموالهم وطريقتهم المثلى فى الاستمتاع بالحياة الدنيا ويطمئنون لما هم عليه من اسباب القوى والغنى .. لذا لم يكن فرعون بحاجة الى بذل الكثير من الجهد للتأثير عليهم واعادة تجميع صفوفهم واستعادة قناعاتهم الملحدة والمشركة بعد حدوث كل اية كبرى ربانية هزت كيانهم .. وخاطبهم بمنطقهم ومنهجهم فى الاخذ بكل المظاهر المادية الدنيوية ونبذ ماعداها من غيبيات (( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ))
مستهزئا بموسى رسول الله بمقارنات مظهرية زائفة زائلة .. ساخرا من لعثمته وفقره ومن جنود الله .. منهج الملاحدة والكفرة والمشركين المكذبين بكل زمان ومكان والى يومنا هذا
(( أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ))
(( فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ))
استخف قومه بمظاهر دنيوية باطلة مضللة فاطاعوه وانصرفوا عن ايات الله ورسوله موسى (( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ))
واستمر على منهج الاستهزاء والاستخفاف مخاطبا قومه بما يسمى الان بالاسباب المنطقية للنيل من موسى بدهاء ومكر المجادلين واهما اياهم انه يخاطب عقولهم .. ومتوعدا بنى اسرائيل بمزيد من الاستعباد والاذلال مثلما فعل اجداده الفراعنة بتسخيرهم فى بناء الصروح العملاقة العظيمة والاهرامات
(( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ))
استطاع فرعون وكهنته وهامان بكل اساليب الخداع والمكر ان يسيطروا على عقول وقناعات المصريين فالتفوا حولهم بقوة فى مواجهة موسى وقومه من بنى اسرائيل واذاقوهم كل صنوف السخرية والعذاب .. اشتد الكرب والاهوال بعباد الله الذين لم يكن لهم طاقة ولا جهد ولا سلاح الا التضرع والدعاء والتوسل الى الله .. كانوا فقراء ضعفاء فى مواجهة فرعون وهامان وجنودهما .. كانوا لا حول لهم ولا قوة الا بالله العلى العظيم لنجدتهم من فرعون وملئه وجاء الرد على الفراعنة (( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ )) .. وما زلنا مع تاريخ الفراعنة المجرمين الذين يهلل لهم المنتسبين اليهم من احبائهم واوليائهم الحاليين