آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


-
بولس الطرسوسي - الجزء 2 - نقد رسائل بولس
نقد رسائل بولس - الرسائل الرعائية
الرسائل الرعائية الثلاثة هي رسالة تيموثاوس الأولى والثانية والرسالة الى تيطس والتي يعود سبب تسميتها الى توجيهها الى روؤساء كنائس كانوا من رفاق بولس في رحلاته التبشيرية وقاموا بتولي مسؤوليات في كنائس أنشئها بولس, حيث حدد بولس في تلك الرسائل ملامح العلاقة بين الكنيسة والرعية بالإضافة الى بعض التعاليم الروحية.
إختلف العلماء في نقد تلك الرسائل ونسبتها الى بولس وكل له أسبابه, فمنهم من يعتبر أنها مليئة بعبارات وأساليب بولسية وشهادات بعض آباء الكنيسة وقوائم كنسية تحوي الكتب التي إعتبرتها الكنيسة قانونية.
المعارضون يذكرون عن وجود إختلافات بين تلك الرسائل ورسائل بولس الأخرى في العبارات والألفاظ والأساليب كوجود عبارات طويلة تتخللها جمل إعتراضية وحشو زائد مما لا يعد من أساليب بولس.
العالم البريطاني أ.ن. هاريسون قام سنة 1921 بعمل بحث إحصائي عن الألفاظ المستخدمة في رسائل بولس ليخرج بنتيجة مفادها أنه هناك 848 كلمة مستخدمة في الرسائل الرعائية. ثلث هذا العدد من الكلمات تقريبا والذي يبلغ 306 كلمة لا يوجد في أي من الرسائل البوليسية الأخرى وأن ثلثي تلك تلك الكلمات(306) يستخدمه مؤلفون مسيحيون من بداية القرن الثاني الميلادي, مصطلحات لغوية من زمن بعد وفاة بولس.
تشترك الرسائل الرعائية الثلاثة في التحذير من الهرطقات والتعاليم الكاذبة التي يعود تطور فكرها في زمن لاحق للعصر الذي عاش فيه بولس, أفكار متعلقة بالجماعات الغنوصية. تعاليم مثل الإمتناع عن الزواج وأنواع معينة من الأطعمة كما ورد في 1تيمو4:3(مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَارِفِي الْحَقِّ) و2تيمو4: 3-4 وتيطس1: 10-11.
هناك أيضا تطور البنية الكنسية في الرسائل الرعائية والتي تعود الى فترة زمنية هي بالتأكيد ليست معاصرة لبولس حيث نقرأ عن أساقفة وشمامسة وتوجيها أخلاقية وروحية متقدمة متعلقة بطريقة بناء الترتيب الكنسي مما لا نجده مثلا في سفر أعمال الرسل, والذي نجد أن أقصى مافيه أن برنابا وبولس كان يعينان أساقفة في كل كنيسة, وليس أسقف رأس للكنيسة ويتبعه شمامسة (أعمال 14:23) وَانْتَخَبَا لَهُمْ قُسُوساً فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ ثُمَّ صَلَّيَا بِأَصْوَامٍ وَاسْتَوْدَعَاهُمْ لِلرَّبِّ الَّذِي كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِ.
من إحدى الأسباب التي دفعت العلماء المختصين التشديد على أن الرسائل الرعائية منحولة بإسم بولس هو إحتوائها على تعاليم لبولس مخالفة لما عرف عنه في رسائله الأخرى. تعاليم متعلقة بالمرأة وأنها يجب أن تسلك مسلك الخضوع والسكوت وتخلص فقط بولادة الأطفال كما في 1تيمو2: 11-15(11)لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ, بينما سمح لها في 1كور11:5 أن تتنبأ بشرط تغطية رأسها وهذا متعلق بالقيام بالفعل داخل مكان العبادة وليس في المنزل حيث لا يلزم المرأة تغطية الراس.
(12) وَلَكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ، (13)لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلاً ثُمَّ حَوَّاءُ، (14)وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، (15)وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.
عندي تعليق متعلق بتلك الإصحاحات قبل أن أنتقل الى النقطة التالية. أنه من المعروف بالنسبة الى بولس أن الخلاص لا يكون إلا بالإيمان بموت وقيامة يسوع من بين الأموات ولكن هنا على الأقل المرأة تخلص بولادة أولاد وهذا تناقض يستحق النظر فيه.
نقطة أخرى, أنه في رسالة بولس يحث الأساقفة على الزواج وأن الأسقف يجب أن يكون زوج لإمرأة واحدة كما في 1تيمو3: 1-6 وكذالك الشمامسة كما في 1تيمو 3:12, بينما نجد على النقيض تماما التعاليم في الرسالة الأولى الى كورنثوس والتي يفضل فيها الإمتناع عن الزواج.
بولس لم يقم بتحديد بنية كنسية أو تسلسل هرمي لتراتيب المناصب الكنسية كما ذكرت سابقا لأنه كان يظن أنه يعيش بداية النهاية وأن المسيح سوف يعود قريبا, وهذا هو أحد أسباب نصيحته بتفضيل الإمتناع عن الزواج والتفرغ لنشر البشارة. في 1كور 15:20 يقول بولس(وَلَكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ) وأنه هو نفسه, أي بولس سوف يشهد عودة المسيح كما يفهم في 1تسالو4: 14-18, وهذا يتناقض مع ما ورد في 2تيمو2: 17-18 حيث ينكر بولس مزاعم من يقول بأن القيامة قد قامت.
سبب أخير أحب أن أذكره لرفض بعض علماء النصرانيات المتخصصين لنسبة تلك الرسائل الى بولس متعلق بفروقات لفظية ولغوية لإستخدام بعض الكلمات بين الرسائل الرعائية ورسائل أخرى لبولس. إحدى تلك الفروقات هو إستخدام كلمة(إيمان) كما في رومية وغلاطية ومعناه العلاقة مع يسوع والثقة بأنه هو المخلص مما يتناقض مع إستخدام تلك الكلمة في الرسالة الى طيتس 1:13, حيث أن معنى كلمة إيمان كما تفهم من كاتب الرسالة هو مجموعة من التعاليم التي تشكل الديانة المسيحية, وهناك أمثلة أخرى كثيرة ذكرت واحدا منها إختصارا.
نقد رسائل بولس – رسالة تسالونيكي الثانية
الذي يدفع بالشك من ناحية نسبة تلك الرسالة الى بولس هو وجود تحذير لأهالي تسالونيكي من تعاليم باطلة في رسالة أن عودة يسوع قد إقتربت وهذا ما يتناقض مع تعاليم بولس في رسالته الأولى الى كورنثوس ورسالته الأولى نفسها الى تسالونيكي.
كاتب الرسالة يوضح لقرائها أنه هناك أمور أخرى يجب أن تحصل منها إضطرابات وتمردات ذات طابع ديني أو سياسي ظهور المسيح الدجال وجلوسه على كرسي المعبد في أورشليم, عندها فقط سوف يأتي يسوع ليدمر قوى الشر كما يذكر في الرسالة 2: 3-8.
نقد رسائل بولس – الرسالة الى إفسس
هناك مجموعة أسباب دفعت أغلب العلماء المتخصصين في نقد الكتاب المقدس الى إنكار نسبة الرسالة الى إفسس الى بولس, أسباب لغوية ولاهوتية. إحدى تلك الأسباب هو وجود جمل طويلة, بالغة الطول مقارنة برسائل بولس الأخرى التي يجزم العلماء بصحة نسبتها إليه. هناك مثلا الإفتتاحية المتعلقة بعيد الشكر (1: 3-14) وهي كلها عبارة عن جملة واحدة متصلة بالإضافة الى أن الرسالة الى إفسس تحوي تقريبا مائة(100) جملة بينها تسعة(9) تزيد عن خمسين كلمة مقارنة بالرسالة الى فيليبي التي تحوي تقريبا مائة وإثنان(102) جملة بينها جملة(1) واحدة تزيد عن خمسين كلمة, والرسالة الى غلاطية التي تحوي حوالي 181 جملة بينها جملة(1) واحدة تزيد عن خمسين كلمة. بالإضافة الى ألى إحتواء الرسالة إلى إفسس على كلمات لا تتكرر في رسائل بولس الأخرى حيث يبلغ عددها تقريبا 116 كلمة وهو ما يزيد بنسبة 50% عن متوسط عدد الكلمات التي لا توجد في رسائل بولس الأخرى كالرسالة الى فيليبي التي تقارب رسالة إفسس في الطول.
الأسباب اللاهوتية متعددة رغم مايظهر على السطح من أن بولس هو كاتب هذه الرسالة ولكن التعمق في دراسة الرسالة يظهر عكس ذالك. فمثلا, هناك إفسس2: 1-10 تتعارض مع فيليبي3:4 وإختلاف موقف بولس في الحصول على الخلاص حيث أنه يفصل في رسائله بين الخلاص والعمل بقانون موسى ولكنه في الرسالة الى إفسس يفصل بين الخلاص والأعمال الجيدة ولم يأت على ذكر لقانون موسى كما في إفسس 2:9.
سبب لاهوتي آخر للإختلاف بين رسائل بولس المنسوبة له والرسائل الأخرى المنحولة بإسمه مثلا مقارنة بين 1كور12:28 وإفسس4:11 حيث ينسب بولس إختيار الأنبياء الى الله بينما ينسبه كاتب رسالة إفسس الى يسوع نفسه.
الرسالة نفسها تعكس فكر لاهوتي متأخر عن مرحلة بولس مثل إتحاد المسيحيين واليهود في يسوع وأن الأمميين هم شركاء اليهود في الميراث وهذا ما يضع الرسالة في مرحلة خروج الكنيسة للوجود ككنيسة عالمية(كاثوليكية), وهذا ماتم لاحقا بعد تبني الإمبراطورية الرومانية المسيحية كديانة رسمية وليس في زمن بولس.
المؤيدون لنسب الرسالة لبولس يستشهدون بقوائم وترجمات وشهادات آباء الكنيسة وهذه فيها عدة نقاط ضعف, منها أن روايات آباء الكنيسة لا تحمل سندا متصلا موثوقا وفيها إنقطاع حيث لا يرد أي ذكر لرسائل بولس الى منتصف القرن الثاني وتحديدا على يد ماكروين المتهم بالهرطقة, بالإضافة الى إستشهادهم بوثيقة موراتوري التي تعاني من عدة عيوب منها أن كاتبها مجهول وأصلها مجهول بالإضافة الى عدم دقة تحديد عمرها الزمني. أما بالنسبة لشهادة نسخ وترجمات الكتاب المقدس فهي مما لا يعلق عليه لمعاناتها من نفس المشاكل والعيوب.
دائرة المعارف البريطانية وصفت الرسالة الى أفسس بأن كاتبها جعلها بوليسية أكثر من بولس نفسه, وأنا أرى أن محاولته المتكلفة قد جائت بعكس النتائج المرجوة منها بنسب الرسالة الى بولس وذالك بطريقة عكسية ووجود تأريخ للرسالة في إفسس 3:5 متكلما عن (أجيال أخر) مما لا يضع الرسالة بالتأكيد حتى في جيل بولس أو الجيل الذي عايشه بولس بل بعده بمجموعة أجيال.
وأخيرا وليس آخرا هو عدم ذكر العنوان (الرسالة إلى إفسس) في المخطوطة الفاتيكانية والسينائية وغيرها والجو العام للرسالة الذي لا يحوي بمعرفة بولس المباشرة لأهل إفسس وهذا من المستغرب حيث أنه قضى هناك ثلاثة سنين تقريبا.
نقد رسائل بولس – الرسالة الى كولوسي
تنازع علماء النصرانيات صحة نسبة هذه الرسالة الى بولس من عدمه حيث يستند العلماء المؤيدون بنسبتها الى بولس الى التشابه بينها وبين الرسالة الى إفسس وهي التي أوضحت في نقدها رأي علماء النصرانيات في أنها منحولة.
تشترك الرسالة مع الرسائل الرعائية في حث النساء على طاعة أزواجهم و في التحذير من المعلمين الكذبة, الذين في كولوسي, يقومون بنشر تعاليم مخالفة وذالك بإتباع قانون موسى بالنسبة للأطعمة والأشربة والإحتفالات اليهودية. طبعا لم يحدد من هم هؤلاء المعلمين الكذبة غير نشرهم لتعاليم فلسفية كاذبة متعلقة بإتباع قانون موسى.
هناك إختلافات نصية متعلقة بإستخدام جمل بالغة الطول وأسلوب الكتابة المختلف عن أسلوب بولس في الرسائل غير المتنازع عليها بالإضافة الى الإختلاف مع بولس في موضوع القيامة والتي يقول مؤلف كولوسي 2: 12-13 أن المسيحيين قد أقيموا مع يسوع من الأموات.
في كولوسي 1:18, وصف مؤلفها المسيح بأنه رأس الجسد أو الكنيسة وذالك عكس السائد في رسائل بولس الأخرى الغير متنازع عليها التي تفرق بين الرأس والجسد في الوظائف والمهمات كما في رومية12: 4-8 و1كور12:4.
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة حسين أحمد عطاالله في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 14-02-2013, 11:05 PM
-
بواسطة bassan_1 في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 19-06-2012, 07:43 PM
-
بواسطة elqurssan في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 19-05-2009, 03:31 AM
-
بواسطة Sharm في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 27-10-2006, 08:29 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات