بدأت مرحلة من اهم المراحل فى تاريخ الانسانيه .. مرحلة صراعات ومواجهات بين فرعون وملئة وقومه وجيوشه وحضارته وطريقته المثلى فى الحكم من جهة .. وبين موسى رسول الله واتباعه الفقراء الاذلاء المستعبدين ممن آمنوا بالله .. قلة من بنى اسرائيل (( فما امن لموسى الا ذريه من قومه على خوف من فرعون وملئهم ان يفتنهم وان فرعون لعال في الارض وانه لمن المسرفين )) ..
مواجهات تدرج بها موسى من اللين فى القول الى الحوار العاقل الى الاصرار على الحق ثم بيان ايات الله الكبرى ومعجزاته ... وجمبعها لم تفلح لاثناء فرعون وقومه عن استكبارهم فى الارض بغير الحق
((فَلَمَّا جَاءهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ))
(( وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاء بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ))
.. فترة هامة مهدت لمرحلة اخرى من الفصل بين المؤمنين وبين اعداء الله والكافرين به .. بعد هذا اليوم الذى اظهر الله موسى على فرعون دون حرب او قتال وسجد فيه السحرة لله رب العالمين ستكون هناك شريعة تحكم عباد الله ولن يخضعوا بعد ذلك اليوم لاى منهج عقائدى او دنيوى او فكرى غير ما امرهم به الله .. فترة سبقت نزول التوراة اول شريعة سماوية يحكم بها المؤمنين .. قبلها ومن عهد ادم كانت الدعوة للتوحيد والاسلام لله الواحد القهار وحده لا شريك له ونبذ مادونه من آلهه .. وبنزول شريعة سماوية لن يكون لنظام مهما تعاظمت قوته وسلطانه وحضارته واسباب رفاهيته اى ولاء ولا سلطة ولا امر على المؤمنين الى يوم الدين .. الى ان يرث الله الارض ومن عليها .. بعد هذا الحدث وزوال ملك الفراعنة ونزول اول الشرائع السماوية لن يقف المؤمنين مكتوفى اليد ينتظرون نصر الله ..لن يحكم المؤمنين الا بشريعة الله التى فرضها الله واوجب على المؤمنين الاخذ بها والدفاع عنها والجهاد فى سبيلها وتثبيتها فى الارض .. بدأت بالتوراه ثم الانجيل ثم ختمها الله و اكملها وحفظها من اى تحريف وثبتها بالقرآن .. شريعة يسلم فيها المؤمنون لله قولا وعملا وفعلا وبيانا لكل الاحكام فى شتى مجالات الحياه للحكم بما انزل الله وازاحة وازالة ماعداها من نظم دنيوية شيطانية فاسدة ومضللة ..
الامر غاية فى الخطورة بالنسبة الى فرعون المسرف المتعال المستكبر على الله هو وقومه وبدأت المواجهات .. كل بما استطاع من قوة .. فرعون بكل اسلحته الدنيوية وقومه وجيوشه وما اوتى من قوة .. وبين موسى واتباعه بدعائهم وصلاتهم وتوكلهم واحتمائهم بالله.. وانضم كل فرد بقناعاته مع من يحب ان يكون معهم .. وكل يساند ويؤازر من تولاه بكل ما استطاع ان يبذله من جهد .. ووقف قارون من قوم موسى فى جانب احبائه الفراعنة ولجأ الى سلاح الفتنة لرد بنى اسرائيل عن دينهم وافتتانهم بالمال وحظوظ الدنيا وصرفهم عن عقيدة اجدادهم التى جلبت اليهم الفقر من رؤيته .. وبحيلة ماكرة استعرض فيها قوته وامواله خرج عليهم بكامل زينته وجمعه لابهارهم وسحر اعينهم وليصرفهم عن موسى .. لم يكن بنى اسرائيل بحاجة الى المزيد من الفتن .. معاشرتهم للفراعنة اهل الشرك وتمردهم على حظوظهم فى الدنيا انتزعت ماتبقى من الايمان فى قلوبهم ..تمنوا لو تقربوا من الفراعنة ونالوا من صحبتهم مثل حظ قارون فى الدنيا ((فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ )) .. وهنا يظهر دور اولياء الله واهل العلم فى تثبيت عباد الله وقت الفتن والشدائد .. ردوهم الى دينهم ردا جميلا (( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ )) .. استنصروا بالله من الفتن فنصرهم وثبت اقدامهم وثبت بهم بنى اسرائيل وخسف بقارون الارض
(( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ .. وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ
تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ))
مشهد شديد الاثر احدث هزة عنيفة فى نفوس الناجيين وكل من شاهد تلك الواقعة .. هزة اجبرت بنى اسرائيل على الالتزام باوامر موسى رسول الله . . واحدثت تصدعات وانشقاقات فى كيان المصريين وافقدتهم صوابهم ..