مطلب خامس : الحجج القائلة بجواز هلاك المؤمنين الحقيقيين
1- أن المؤمنين الحقيقيين لا يمكن أن يهلكوا على الإطلاق، ولكن هناك آيات يقول بعض المسيحيين أنها تدل على جواز هلاك هؤلاء المؤمنين، الأمر الذي يدل في نظرهم على أن الخلاص يكون بالإيمان والأعمال
2- لذلك رأينا من الواجب أن نفحص هذه الآيات أيضاً لكي يتضح لنا الغرض الحقيقي منها.
3- قال المسيح مرة للآب عن تلاميذه "الذين أعطيتني حفظتهم، ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب" (يوحنا 17: 22)
4- معنى الآية التي نحن بصددها أن الذين أعطاهم الآب للمسيح لم يهلك منهم أحد، أما ابن الهلاك (أو بالحري ابن الشيطان الذي لم يعطه الآب للمسيح) فقد هلك، الأمر الذي لا مفر منه على الإطلاق. فهلاك يهوذا إذاً ليس دليلاً على جواز هلاك المؤمن الحقيقي، بل على وجوب هلاك المؤمن المزيف
5- قال المسيح لتلاميذه في مثل الزارع إن هناك فريقاً من الناس يسمعون كلمة الله، وبعد ذلك يخطفها إبليس من قلوبهم. وإن فريقاً آخر يسمعون هذه الكلمة بفرح، ولكن عندما تصادفهم التجربة يرتدون. وإن فرقاً ثالثاً يسمعون كلمة الله، ولكن هموم الحياة وغناها ولذاتها تؤثر عليهم، فلا يأتون بثمر (لوقا 8: 9 – 14) وهذا دليل على جواز ارتداد بعض المؤمنين بالمسيح وهلاكهم إلى الأبد تبعاً لذلك.
6- أن الأشخاص المذكورين لا يمثلون المؤمنين الحقيقيين بل يمثلون المؤمنين بالاسم، لأنهم قبلوا كلمة الله قبولاً سطحياً فحسب.
7- إن كان أحد لا يثبت في يطرح خارجاً كالغصن، فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحرق" (يوحنا 15: 2 – 6)
8- لا يراد بالأغصان المؤمنون الحقيقيون وحدهم، بل كل المنتمين إلى المسيح. وهؤلاء ينقسمون (كما نعلم) إلى فريقين: مؤمنين حقيقيين ومؤمنين بالاسم: فالمؤمنون الحقيقيون هم الذين تسري فيهم حياة المسيح، فيأتون بثمر لأجل مجد الله، ومن ثم يقوم الله بتنقيتهم من وقت إلى آخر لكي يأتوا بثمر كثير. أما المؤمنون بالاسم فلا نرى فيهم حياة المسيح، لأنهم غير ثابتين فيه أو مولودين منه، بل هم ينتسبون إليه انتساباً إليه انتساباً ظاهرياً فحسب، ومن ثم لا يأتون بثمر ولا يكون لهم نصيب إلا الهلاك الأبدي.
9- قال المسيح لبطرس الرسول "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة، ولكني طلبت من أجلك لكيلا يفنى إيمانك ... وأنت متى رجعت ثبت إخوتك" (لوقا 22: 31 – 32).
10- المؤمنون لا يعتمدون في أمر خلاصهم الأبدي على أنفسهم بعد إيمانهم بالمسيح، بل يعتمدون على المسيح نفسه الذي مات مرة لأجل التكفير عن خطاياهم، ويحيا الآن ليشفع فيهم ويعضدهم، ولذلك فإن إيمانهم لا يفنى على الإطلاق.
11- إن حنانيا وسفيرة الذين كذبا على بطرس قد ماتا وهلكا (أعمال 5: 1 – 11)، مع أنهما كانا مؤمنين حقيقيين.
12- إن الوحي لا يقول إنهما هلكا للسببين الآتين (الأول) إن الخطية التي سقطا فيها لم تكن خطية التجديف على الروح القدس أو الارتداد عن المسيح وإنكار كفارته اللتين لا مجال لغفرانهما، بل كانت خطية الكذب فحسب. وهذه الخطية مثل غيرها من الخطايا التي يتعرض لها المؤمن الحقيقي يمكن غفرانها بفضل كفارة المسيح (1 يوحنا 1: 9)..
13- وقال بولس الرسول للعبرانيين أيضاً "فإنه إن أخطأنا باختيارنا بعد ما أخذنا معرفة الحق، لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا، بل قبول دينونة مخيف وغيرة نار عتيدة أن تأكل المضادين" (عبرانيين 10: 26).
14- بالرجوع إلى الكتاب المقدس يتضح لنا أن الخطايا التي لا تغفر، هي خطية التجديف على الروح القدس وخطية إنكار المسيح، أما باقي الخطايا فتغفر عند الاعتراف بها والإقلاع عنها، فمكتوب "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1 يوحنا 1: 9)
تعليق المطلب
اولا : سنعيد فحص الايات التي فحصها الاستاذ سمعان
أ- إن كان أحد لا يثبت في يطرح خارجاً كالغصن، فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحرق" (يوحنا 15: 2 – 6)
تفسير بارنز
though it may be applied to anyone who has made a profession of Christ, and denies the truths of the Gospel, neglects the ordinances of it
يطبق هذا علي اي شخص يعترف بالمسيح وينكر حقائق الانجيل ويهمل وصاياه
تفسير بنكرتين
1- جميع الذين يعترفون باسمهِ هم أغصان فيهِ ... ويمكن أن نتظاهر بأننا أغصان في الكرمة ونحن لسنا سوى مرائين ... مثل يهوذا الإسخريوطي. فإن كنا هكذا ولا نتوب فلا بد أن ينزعنا الآب يومًا ما بالدينونة لأنهُ لا يزال يحكم بغير محاباة في بيتهِ الآن (انظر عبرانيين 4:12-11؛ بطرس الأولى 17:1).
2- لا شك بأن المرائين يهلكون إلى الأبد غير أن ذلك ليس الموضوع هنا بل معاملة الآب على الأرض مع الذين اعترفوا بالمسيح. فالثبوت فيهِ هو الاستمرار على الاعتراف بهِ والطاعة لهِ
3- الذين يتظاهرون إلى حين بأنهم قد تعلَّقوا بالمسيح بالإيمان فلا بد أنهم يرتدون يومًا ما ولا يصلحون إلاَّ للحريق فقط. انظر مثل الزارع حيث يتضح أن كثيرين يتأثرون من سماع كلام الله ولكن في وقت الامتحان يسقطون ولا يأتون بشيء من الثمر.
4- أن الرب حين تكلَّم عن إمكانية حريق بعض الأغصان لم يخاطب التلاميذ رأسًا قائلاً: إن كنتم أنتم تثبتون بل رتَّب كلامهُ على صيغة الغائب قائلاً: إن كان أحد لا يثبت فيَّ الخ. لأنهُ لا يفرض هلاك أحد تلاميذهِ الحقيقيين.
5- وثبت كلامي فيكم. يعني انغراسهُ في قلوبهم كالزارع الجيد ثم محافظتهم على طاعتهِ فحينئذٍ تكون لهم الشركة مع الآب والابن
موسوعة الكنيسة القبطية
"إن ثبتم فىَّ": من خلال جسدى ودمى، وثبتت كل وصاياى فى قلوبكم وظهرت فى أعمالكم،فالعطية الخاصة لكم هى استجابتى الفورية لكل ما تُصَلُّونَ من أجله.
يتضح مما نقلناه اتفاق المسيحين علي جواز هلاك الذين يؤمنون بالمسيح لانهم لم يعملوا بما قاله لهم المسيح ، وهذا دليل علي ان العمل يكمل الايمان ، وهذا خلاف مايقوله الاستاذ سمعان