ثانياً: صهيونية الخارج:
وتشمل:
صهيونية الدياسبورا: أي الشتات وظهرت كرد فعل على صهيونية هرتزل في سنة انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول 1897، ترى هذه الصهيونية أن وجود صهاينة الدياسبورا خارج " أرض الميعاد " لا يستوجب عودتهم إليها بل أن وجودهم في المنفى ضرورة لا تقل أهمية عن وجودهم داخل فلسطين نفسها، ومن أشهر مفكري وزعماء هذه الصهيونية الحاخام أبا هليل سلفر الأمريكي الجنسية.



الصهيونية المسيحية: يمكن تحديد بداية هذه الصهيونية منذ عهد نابليون في فرنسا وإصداره عام 1808 " التنظيمات العضوية للديانة الموسوية " ، مما جعل من اليهود كياناً رسمياً داخل الدولة الفرنسية أما في بريطانيا فقد بدأت مع عهد كرومويل 1599 / 1658 وكان كرومويل له نظرة بأن: (بحلول العام الألفي سيعود اليهود إلى فلسطين).



الصهيونية الشرقية: وهو مصطلح تبلور لدعم الحرب الصهيونية و( إسرائيل) بتعاطف سياسي وإعلامي واعي في الأقطار والدول الشرقية في آسيا وأفريقيا خصوصاً في المنطقة العربية والإسلامية بعد العام 1973.



تصور هيرتزل لخارطة إسرائيل الكبرى والتي على كافةيهود العالم السعي للوصول إليها

وتلك خرائطهم كما تدرس في مدارسهم ومعاهدهم

خريطة اسرائيل الكبرى كما تدرس في مدارسهم






انظروا إلى الشيكل عملة إسرائيل ما الذي مطبوع عليه






وقد ناقش الصهاينة ما طرحههرتزلوأصدرت المنظمة الصهيونية العالمية الخريطة التالية بأرض إسرائيل الواجب العمل على تحقيقها وحاولت الجمعيات الصهيونية في أنحاء العالم الحصول على مساحات اكبر من ارض فلسطين بكل الوسائل المتاحة.




وتظهر الخريطة التالية الأراضي التي نجح الصهاينة في السيطرة عليها حتى عام 1920


مع ملاحظة أنه في ذلك الوقت كانت فلسطين خاضعة للخلافة العثمانية .
" إذا توجب علينا أن نخلي أرضا من الحيوانات المفترسة " يقصد العرب هنا " فلنقوم بمهمة على نفس الطريقة التي اتبعها الأوروبيون في القرن الخامس عشر فلا يصح أن نأخذ رمحا وحربة، ونخرج أفرادا وراء الدببة، بل ينبغي أن ننظم مجموعة قوية من
الصيادين فنسوق الحيوانات لنجمعهم في مكان واحد، ثم نقذف وسطهم بقنبلة مدمرة " .

ثيودور هيرتزل


ليون بنسكر





Leon (Yehuda Leib) Pinsker ليونبينسكر (1821-1891)

ليون بنسكر
ولد بنسكر في بولونيا (الروسية) سنة 1821، ودرس في مدرسة لوالده في أوديسا، وقدكان ينتمي إلى أسرة متعلمة، ومن القلائل الذين دخلوا الجامعة في محيطه، فقد درس الحقوق أولاً، ثم الطب في جامعة موسكو، وعاد إلى أوديسا ليعمل طبيباً فيها منذ 1849.
آمن بنسكر في حياته الأولى بحتمية الاندماج في المجتمع الروسي، فكان من مؤسسي مجلة شجعت اليهود على التكلم بالروسية وتذوق الأدب الروسي.
خدم بنسكر فيحرب القرم طبيباً، وتبلورت بعدها رؤيته للمستقبل اليهودي بالتعبير الثقافي عن الذات اليهودية ضمن روسيا الكبرى المتعددة القوميات والثقافات، إلا أن الاضطرابات ضداليهود في أوديسا سنة 1871، أدت إلى إقفال المجلة اليهودية الداعية إلى الاندماج،مما دفع بنسكر إلى الانصراف إلى الطب وحده، وإن تكن هذه الاضطرابات قد حررته جزئياًمن الأمل بنجاح الاندماج، فإن المذابح التي جرت إثر مقتل القيصر سنة 1881 قد جعلتهيتحرر نهائياً، كما أنها كانت السبب في جولة طويلة له في العواصم الأوروبية، هدفهامقابلة الشخصيات اليهودية، وإقناعها بضرورة هجرة اليهود إلى بلد ما، أي بلد تتفقعليه، إلا أن الأكثرية رفضت اقتراحه.
لم يثن هذا الرفض بنسكر عن تصوره أن الحركةاليهودية يجب أن تنشأ في وسط أوروبا وغربها، فهو لم يؤمن بقدرة يهود روسيا علىالتنظيم، ولذلك أصدر الكتيب الذي اشتهر به "التحرر الذاتي" من ألمانيا وبالألمانية. اعتبر الصهاينة (فيما بعد) كتاب بنسكر حجر الأساس في الفكر الصهيوني الحديث


موشيه هيس





Moses Hess موشيه هيسמשה הס(1812- 1875)

موشى هيس" هو أحد مبشري الصهيونية ... ولد في ألمانيا، وتعلم في مدرسة دينية يهودية، ولكنه بعد فترة انتقل ليدرس في مدرسة علمانية.
آمن "هيس" مثل كثيرين من اليهود أن التحرر والمساواة سيؤديان إلى حل للقضية اليهودية، و"هس" هو اشتراكي العقيدة، بحيث أنه اعتقد أن الثورة الاشتراكية ستؤدي إلى تقليص فجوة الفوارق بين اليهود والشعوب الأخرى في العالم. اشترك في ثورة "ربيع الشعوب" في ألمانيا فى عام 1848. إلا أن السلطات الألمانية ألقت القبض عليه وحكمت عليه بالموت فهرب إلى فرنسا ثم سويسرا فبلجيكا، وأخيراً عاد إلى ألمانيا بعد أن أصدرت الحكومة فيها عفواً عاماً عن المحكومين العام 1862.
والواقع أن تحولاً جذرياً حدث عند "هس" في مطلع النصف الثاني من القرن التاسع عشر، إذ أخذ ينظر إلى اليهود كمجموعة ذات صفات قومية، وصرح أن الحلّ الوحيد لقضية اليهود هو في إقامة مجتمع يهودي في فلسطين يكون مؤسساً على قواعد القيم والمبادئ الاشتراكية التي تتلاءم مع روح التوراة. وقام "هس" بنشر هذه الأفكار في كتابه "רומי וירושלים- روما وأورشليم" في عام 1862 إثر عودته إلى ألمانيا. طرح فكرة أنه كما أن "روما" كانت مفخرة العواصم في العالم القديم، وأصبحت مركزاً للحركة القومية الايطالية، هكذا يرى أن "أورشليم" ستصبح مركزاً للحركة القومية اليهودية.
ويمكننا تلخيص آرائه بما يلي:
1) أن اليهودية ليست ديناً فحسب، إنّما حركة قومية.
2) نجحت التوراة في الحفاظ على الشعب الإسرائيلي عبر التاريخ.
3) الاندماج ليس حلاً، فاليهودي يبقى يهودياً.
4) المهاجرون الأوائل يكونون من يهود شرقي أوروبا ويدعمون مادياً بواسطة رأس المال اليهودي الغربي، خاصة الفرنسي.
وواقـع الأمر أن هذا الكتاب والآراء لم تثر ضجة كبيرة في أوساط المجتمعات اليهودية، لأن اليهود في تلك الفترة فضلوا الاندماج كحل ملائم لمشاكلهم، إلا أن الكتاب أخذ يحتل مكانة بعد عدة عقود لكونه طرح حلاً قومياً تبنته الحركة الصهيونية كجزء من فكرها ونهجها.


آشيرجنسبرج





Achad Ha'am (Asher Ginsberg آشيرجنسبرج (1856 -1927)


أحاد هاعام Ahad Ha-Am كلمة عبرية معناها "واحد من الشعب" واسمه الحقيقي آشر زفي جنسبرج AsherZvl Ginsberg وكان يوقع على مقالاته باسم آحاد هاعام. ...
هو أشير تسفي جنسبرج ، والمعروف بـ (آحاد هاعام) (واحد من الشعب).
ولد العام 1856 في سكفيرا في أوكرانيا..من عائله غنية... يعمل والده في التجارة. التحق بكُتاب البلدة فدرس فيه المواضيع الدينية، واطلع على كتب تفاسير للتوراة والتلمود.. ولما بلغ السابعة عشرة من عمره زوجه والده لفتاة من عائلة متدينة، ورغم هذا الزواج المبكر إلا أنه واصل دراساته للكتب الدينية، وفي الوقت نفسه بدأ يقرأ كتباً لأدباء يهود غير متدينين أمثال شولمان.
ولما زار أوديسا اطلع على مؤلفات الكاتب الروسي الثوري بسارييف التي تركت أثرها على تفكيره. تقدم لامتحانات نهاية الدراسة الثانوية ثم تعمق في اللغة اللاتينية والرياضيات والتاريخ والجغرافيا. وحاول جاهداً الانضمام إلى إحدى الجامعات في ألمانيا أو النمسا أو حتى في بلده، ولكن على ما يبدو أن الأجواء الجامعية لم ترق له. ورغم هذا الوضع انكب على المطالعة المتواصلة لكتب الفلسفة.
شكل ربيع العام 1884 منعطفاً في حياته إذ انه سكن في اوديسا، وبدأ نشاطاً جديداً عندما تعرف على جمعية (محبي صهيون)، وطالب من خلال عضويته في هذه الجمعية أن يُشير بنسكر- أحد مؤسسي (محبي صهيون) - إلى الجانب القومي للجمعية في خطابه أمام مؤتمر كاتوفيتش.
وشرع آحاد هاعام بعد ذلك في كتابة المقالات التي نُشرت في جريدة (همليتس) وأبرز مقالاته (ليس هذا الطريق) ووقعه باسم (آحاد هاعام) ومن هنا عرف بهذا الاسم... ولقد أثار هذا المقال جدلاً كبيراً لأنه قد يؤثر على مستقبل العمل في فلسطين... وأخذ يُطور كتاباته حتى أصبح أحد البارزين في الأدب العبري الحديث.
لقد دفعه المقال (ليس هذا الطريق) إلى تأسيس جمعية (أبناء موسى) (بني موشي) والتي عاشت ثماني سنوات (1889-1897)، وكان هو رئيسها ومنظّر خطوط عملها ونشاطها.
وكتب العام 1891 مقالاً تحت عنوان (حقيقة من أرض إسرائيل) إثر زيارته لفلسطين، كتب واصفاً أوضاع الاستيطان المبني على التطوع وصرح أن الحركة الاستيطانية لا تبنى هكذا... وواصل زياراته لفلسطين وكتب من بعدها مقالات أثارت ضجة حول ما كان يجري من أمور وأحوال في المستوطنات محللاً وشارحاً مواقفه.
وإثر فشل شركة تصفية الزيوت التي أسسها عيّن مديراً لشركة احيآصاف في وارسو والتي تُعنى بالنشر والإصدارات. وفي برلين أسس مجلة (هشيلاح) والتي صدر منها عشرة مجلدات بتحريره بين 1896 و1902... ولما انخفض عدد المشتركين في المجلة المذكورة تركها وعمل مراقباً في شركة فيزوتسكي للشاي.
ورغم حضوره المؤتمر الصهيوني الأول إلا انه لم يُرشح نفسه للجنة التنفيذية للمؤتمر، لأنه أراد الحفاظ على حرية التعبير عن آرائه وعن أفكاره لمواجهة هيرتزل ونورداو. وشن أحاد هاعام هجوماً عنيفاً على كتاب هيرتزل (التنويلاند) (الأرض القديمة- الجديدة)، مما دفع نورداو إلى الرد الشديد عليه، وهكذا تطور النقد بين الطرفين حتى بلغ الأمر بآحاد هاعام إلى توجيه النقد للصهيونية السياسية التي نادى بها كل من هيرتزل ونورداو.
انتقل إلى لندن ليعمل في شركة فيزوتسكي للشاي بين 1907 و 1921... وتقرب من الدكتور حاييم وايزمان حيث عملا معاً في لندن من اجل إصدار تصريح بلفور،وهاجر إلى فلسطين العام 1922 حيث استقر في تل أبيب وعمل أولاً على إصدار ستة مجلدات تحمل عنوان (رسائل أحاد هاعام) ثم أصدر العام 1926 (فصول ذكريات ورسائل).
لقد تأثر آحاد هاعام من الكتابات الدينية اليهودية القديمة، ومن تلك التي انتشرت في العصور الوسطى بين أوساط المتعلمين والمثقفين اليهود. واطلع على معظم المؤلفات الفلسفية التي صدرت في أوروبا للفلاسفة والمفكرين أمثال لوك وهيوم وميل وداروين وسبنسر وكانط وهيجل وشوبنهاور وغيرهم.
لقد دعا آحاد هاعام في كتاباته إلى الصهيونية الروحية، والتي لا تشمل فقط الصهيونية بل كل المسائل والقضايا اليهودية حتى تلك الفترة... وهذا التيار الصهيوني مؤسس على القومية وعلى الإنسانية التي لا يتعارض معها على الإطلاق، (فكما انه في الواقع لا توجد شجرة هكذا، فإن الشجرة ممكن أن تكون شجرة تفاح أو رمان، وكما انه لا يوجد إنسان هكذا إنما كل إنسان هو رؤوبين أو شمعون، هكذا لا يوجد في الواقع مجرد (إنسانية)... فالإنسانية بمفهومها الاجتماعي لا يمكن الوصول إليها إلا بتبسيطها، بينما القومية هي شكل محسوس، تتجلى من خلالها الإنسانية في كل شعب بما يتلاءم وأسس حياته واحتياجاته وتاريخه وتراثه).
ولهذا دعا آحاد هاعام إلى إحياء الإنسان اليهودي، والى تحسين قيمه التي لحق بها خلل لوجوده في الشتات وفق تعبيراته... وبرأيه لا يمكن تحقيق يقظة قومية إلا بوجود مركز روحي للشعب اليهودي على (أرضه التاريخية) المشتركة لكل اليهود، وبواسطة العمل المشترك لإقامة هذا المركز، بعد أن فشلت الديانة اليهودية من الناحية العملية في تحقيق إقامة مثل هذا المركز.
المركز يُثير المشاعر القومية لدى أبناء الشعب اليهودي ويُقوي الوحدة بينه، ويُصبح المرجع الأول لمنع وقوع الاندماج الذي أصاب هذا الشعب بسبب تشتته عبر العصور وفي بلاد كثيرة جداً... وبدون وجود قاعدة قومية ثابتة للأمة وحياة حرة لن يكون هناك تطور لحياة الأمة.. و(أرض إسرائيل) تصبح مركزاً روحياً فقط عندما يُصبح الشعب اليهودي هو الأغلبية في هذه الأرض، ويمتلكون معظم أراضيها. وبعد أن يُسيطر الشعب اليهودي على كل مصادر الرزق عندها يُخلق شيء جديد لهوية اليهود القومية.
ومن أفكاره أيضاً أن دولة اليهود هي عبارة عن عملية متواصلة من البناء، ويصل اليوم الذي تتحقق فيه فكرة إنشاء الدولة والإعلان عنها.. وان الدولة اليهودية هي ليست بداية الشعب اليهودي بل نهاية كل شيء بمعنى تحقيق الحلم على أرض الواقع.
ولتأسيس الدولة يجب تحضير الشعب وتربيته القومية والأدبية لمعرفة فكره وتراثه.
توفي العام 1927 في تل أبيب وحُول بيته إلى مركز عام مع مكتبته.
http://ainshams.alafdal.net/t293-topic



آرثر روبين





Arthur Ruppin آرثر روبين (1876-1943)


آرثر روبين(1876-1943) عالم اقتصاد واجتماع، وقائد صهيوني ومنظم المستوطنات الزراعية في فلسطين.


التحق آرثر روبين بالمنظمة الصهيونية العالمية عام 1905 وطُلِب منه أن يذهب إلى فلسطين ليبحث حالة المستوطنات اليهودية، وكانت تلك الرحلة نقطة تحول في حياته حيث كرس كل جهوده بعد ذلك لتطوير المستوطنات اليهودية.


بعد الثورة العربية عام 1929 حارب بشدة من أجل زيادة الهجرة إلى فلسطين وزاد نشاطه في حركة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بكل الطرق.


ملحوظة (الثورة العربية عام 1929 يطلق عليها(ثورة البراق ) يشار إليها بـ "أحداث 1929" أو "أحداث تارباط" (מאורעותתרפ"ט) نسبة إلى تاريخ اندلاع الاشتباكات حسب التقويم اليهودي .


ففي 15 أغسطس 1929 ، الذي وافق يوم الحداد على خراب الهيكل حسب التقويم اليهودي، والمتزامن مع احتفالات المسلمين بالمولد النبوي الشريف نظمت حركة بيتار الصهيونية اليمينية والتي يتزعمها آرثر روبين مسيرة تظاهرية احتشدت فيها أعداد كبيرة من اليهود في القدس ، يصيحون "الحائط لنا" وينشدون نشيد الحركة الصهيونية.


علمت الشرطة البريطانية عن المظاهرة سلفا وأرسلت قوات كبيرة لمرافقة المتظاهرين اليهود...


وفي اليوم التالي رد القادة العرب بتنظيم بمظاهرة مضادة من المسجد الأقصى واتجهوا إلى حائط البراق، وهناك استمعوا إلى خطبة من الشيخ حسن أبو السعود، تبين الأخطار التي تتهدد المقدسات الإسلامية.


ازداد التوتر في القدس حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجانبين.


في الأيام التالية تفشت الاشتباكات إلى مدن أخرى حيث قتل عرب في مدينة الخليل 67 يهوديا من سكان المدينة.


تمتع عدد من اليهود بحماية بعض السكان العرب الذين عارضوا العنف ولكنهم اضطروا إلى هجر الخليل خشية من استمرار الاشتباكات. )


نيشمان سيركين





Nachman Syrkin نيشمان سيركين (1868-1924 )



أحد مفكري الصهيونية العمالية. وُلد في روسيا لعائلة من الطبقة الوسطى عُرفت بالتدين، وتلقَّى تعليماً تقليدياً ثم دخل مدرسة روسية ودرس بعد ذلك الاقتصاد في ألمانيا. انضم في شبابه لجماعة أحباء صهيون، وحضر المؤتمر الصهيوني الأول (1897) ولكنه ظل من دعاة الصهيونية الإقليمية حتى عام 1909.


رجع إلى أحضان المنظمة الصهيونية ممثلاً عن حزب عمال صهيون. وقد هاجر إلى الولايات المتحدة حيث استقر وكتب العديد من المقالات، كما أصدر مجلات باللغتين اليديشية والعبرية للدعوة للأفكار الصهيونية، ونشر رسالته للدكتوراه عام 1898 في كراس بعنوان المسألة اليهودية ودولة اليهود الاشتراكية. وقد ساهم سيركين خلال الحرب العالمية الأولى في تأسيس المؤتمر اليهودي الأمريكي وفي الدعوة له، وأيد فكرة الفيلق اليهودي وسافر كعضو في لجنة الوفود اليهودية إلى مؤتمر السلام في فرنسا عام 1917.


تبنَّى سيركين الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة وأدخل عليها ديباجة اشتراكية، فطرح رؤية للتاريخ اليهودي تستند إلى افتراض أن اليهود كانوا يكوِّنون دولة مستقلة ذات تاريخ مستقل. ويبدأ التاريخ اليهـودي سيرته الحـزينة من المنفى حين وجـد اليهــود أنفسهم في الجيتو، ولكنهم مع هذا حافظوا على هويتهم القومية المستقلة داخله وهو ما أدَّى إلى ازدواج الشخصية اليهودية. فهناك شخصية للخارج يتعامل اليهودي من خلالها مع الأغيار، وأخرى للداخل يتعامل من خلالها مع اليهود (وازدواجية المعايير هي إحدى أهم سمات الجماعات الوظيفية).


ثم فُرض الانعتاق فجأة على اليهود، الأمر الذي أدَّى إلى اندماجهم وتنازلهم عن هويتهم القومية، وأصبح اليهود جزءاً من الحركة الليبرالية التي تدافع عن حقوقهم. ولكن البورجوازية خانت الُمُثل الليبرالية بعد ذلك وتراجعت عنها، وزادت حدة الصراع الطبقي، الأمر الذي أدَّى إلى زيادة حدة كُره اليهود، وخصوصاً بين الفلاحين والطبقات الوسطى. فالفلاحون مهددون بالاختفاء من المجتمع الإقطاعي ويرون اليهودي طليعة المجتمع الجديد الذي يتهددهم. أما الطبقات الوسطى، فهي مهددة بالهبوط في السلم الاجتماعي، كما أنها تنتمي إلى طبقات الملاك ولكنها لا تملك شيئاً ولا حتى عملها، وهي طبقة لا شخصية لها. ولذا، فإنها برغم عدائها للرأسمالية تناضل نضالاً ثورياً يأخذ شكل كُره عنصري لليهود. والطبقة الحاكمة والكنيسة ورأس المال على استعداد لاسـتخدام هـذا الاتجـاه بين الفلاحين وأعضاء الطبقة الوسطى ولصالحهم، ومن هنا فإن معاداة اليهود كانت موجهة على الدوام من قبَل معظم طبقات المجتمع ضد الفئات اليهـودية كافة وبدرجة واحدة.


وقد كان الحل الاشتراكي المنطقي يتمثل في أن ينضم اليهود للبروليتاريا التي ستُنهي الصراع الطبقي فتنتهي بالتالي ظاهرة معاداة اليهود. وهنا يطرح سيركين عدة أسباب صهيونية ذات ديباجة اشتراكية ليبيِّن استحالة هذا الحل:


1 ـ لاحَظ سيركين أن الأحزاب الاشتراكية لا تأخذ الظروف الخاصة بالمسألة اليهودية بعين الاعتبار ولذلك فهي عاجزة عن أن تطرح حلولاً لها. بل إن بعض الأحزاب الاشتراكية تتبنى مواقف معادية لليهود.


2 ـ يُورد سيركين أسبابه الأخرى لطرح الصهيونية (أو «الاشتراكية اليهودية» كما يسميها) كحل وحيد للمسألة اليهودية وكلها تدور حول فكرة الخصوصية أو التفرُّد اليهودي.


3 ـ ينتقد سيركين الاشتراكيين اليهود الذين تبنوا المُثُل الاندماجية أو الأممية كما ينتقد طرحهم لهويتهم القومية. ولكنه، حين يحاول تحديد هذه الهوية القومية اليهودية، يلاحظ أن اليهود سُلبَت منهم الخصائص القومية الظاهرية، فهم مشتتون يتحدثون جميع اللغات واللهجات ويعيشون بدون ملكية وطنية، ثم يضيف أنهم مع هذا كانوا (في الماضي) أمة مميَّزة "كان مجرد وجودها سبباً كافياً لأن تكون".


4 ـ يذهب سيركين إلى أن الوجود اليهودي هو رمز الضمير الإنساني، وبذا تصبح القومية اليهودية قيمة في ذاتها.


5 ـ يرى سيركين أن اليهودي هو البروليتاري الأزلي. ومن هنا، فإن الاشتراكية اليهودية ليست معادلة للاشتراكية المسيحية وإنما هي معادلة للاشتراكية البروليتارية، والخصوصية اليهودية هي في جوهرها اشتراكية. ولذا، فإن الصهيونية بطبيعتها هي حركة احتجاج يهودية ثوريـة كبرى يقـوم بها كل اليهود، ولذا فهي ملك للجميع. ومن وجهة نظره، يؤكد سيركين أن الصهيونية لا تتعارض مع الصراع الطبقي وإنما تتجاوزه وحسب. فهي ستفيد الطبقة العاملة أساساً ولكنها تتبنَّى الطبقات الأخرى كافة، وخصوصاً أن التاريخ اليهودي يجسد كثيراً من القيم الثورية.


ثم يتوجَّه سيركين إلى طبيعة المجتمع الصهيوني الاستيطاني ليبين أن ثمة ظروفاً خاصة تجعل من الضروري أن يتخذ هذا المجتمع شكلاً اشتراكياً:


1 ـ يُشير سيركين إلى وضع المهاجرين اليهود الطبقي فهم بقالون وباعة متجولون وحرفيون غير قادرين على التكيف مع الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الجديدة في روسيا، ولذا فإن هذه الجماهير تفكر في الهجرة بحثاً عن عمل وعن بناء اقتصادي اجتماعي جديد. ولجذب هذه الجماهير، لا يمكن أن يُطرَح عليها مجتمع مَبني على التفاوت لأن هذا سيعني عقداً اجتماعياً للعبودية الاجتماعية الجديدة. وبالتالي، لابد أن يكون المجتمع الجديد الذي يطمحون إليه مبنياً على المساواة، وخصوصاً أن هذه الجماهير كانت متجهة إلى الولايات المتحدة حيث توجد الفرص الاقتصادية النادرة ونوع من الحراك الاجتماعي الأكيد.


2 ـ ستسود دولة اليهود الاشتراكية ثقافة لا دينية تنبع من الإثنية اليهودية، ولذا فستكون بمنزلة الحصن الذي يحمي القومية اليهودية المهـددة بالتآكل في المجتـمع الاشــتراكي والغــربي باتجاهاته الاندماجية. إن الثقافة البروليتارية اليهودية ستُمثِّـل تحدياً لليهودية الإصلاحــية (ومع هذا، لم يذكر سـيركين شــيئاً عن بعث اللغة العبرية). وهذه الثقافة العمالية ستربط بين الطموح العالمي لدى العمال ورؤى الأنبياء اليهود في العهد القديم.


3 ـ يضيف سيركين إلى كل هذه الأسباب المؤدية إلى «حتمية» الصهيونية العمالية سبباً أخيراً هو أن اليهود المتأثرين برؤية الأنبياء لم يُصلُّوا طيلة حياتهم من أجل العودة ليؤسِّسوا دولة مثل كل الدول، أي أن حتمية الاشتراكية الصهيونية تضرب بجذورها في أحلام اليهـود عبر التاريـخ وتصبـح مثل العهـد مع الرب علامة تميُّز وانفصال.


4 ـ يبين سيركين أن طبيعة المشروع الاستيطاني الصهيوني تتطلب أن يتم هذا المشروع بالطريقة الاشتراكية الجماعية لأن مشروعاً ضخماً لتغيير اقتصاد فلسطين وتركيبها السكاني يتطلب وَضْع خطط بعيدة المدى، والمشروع الحر بطبيعته لا يمكنه أن يقوم بذلك.


5 ـ ويتطلَّب هذا المشروع الضخم تمويلاً كبيراً لا يستطيع رأس المال اليهودي الصغير أن يقوم به. ولذا نادى سيركين بما سماه «التراكم الاشتراكي»، أي أن تقوم المنظمة الصهيونية بتمويل المشروع الاستيطاني عن طريق تجميع رأسمال قومي، وتظل ملكية الأراضي ملكية عامة وتُوظَّف الأموال لا للربح وإنما للاستثمار الاجتماعي وعلى أساس التعادل.


6 ـ ثم يقدم سيركين ديباجة اشتراكية أيضاً للطبيعة الإحلالية للمشروع الصهيوني باعتباره مشروعاً استيطانياً غربياً أبيض، فدولة يهودية رأسمالية تعني أن آليات السوق والعرض والطلب ستتحكم فيها، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض الأجور " إلى درجة تجعل قبول أي يهودي أوربي لها مستحيلاً "، ولذلك سيقوم العمال من المواطنين الأصليين (أي العرب) بملء الفراغ، وسيقضي هذا على الجانب الإحلالي من المشروع الصهيوني.


7 ـ يربط سيركين بين حركة التحرر القومي والاشتراكية، وبالتالي بين الصهيونية والاشتراكية، ويرى أن الصهاينة سيشكلون حركة هجرة ذات طابع تقدُّمي وسيتصلون بالحركات القومية المماثلة بين الشعوب غير الإسلامية في الدولة العثمانية التي يجب تقسيمها على أسس قومية بحيث تكون فلسطين من نصيب اليهود. كما يرى أن "إرتس يسرائيل" قليلة السكان ويمكن تفريغها من سكانها حتى يتسنى توطين اليهود الذين تود الدول الغربية التخلص منهم. وإذا قاوم العرب عملية التفريغ فسيكون هذا أكبر علامات تخلُّفهم ورفضهم الوعي البروليتاري ورفضهم أيديولوجيا تقدمية اشتراكية، الأمر الذي يعني أحقية نقلهم.


وبرنامج سيركين هو نفسه الصيغة الصهيونية الأساسية مع إضافة الديباجة الاشتراكية، ذلك أن قبول ظاهرة معاداة اليهود وحل المشكلة اليهودية عن طريق الاستعمار، وتفريغ أوربا من يهودها، وتفريغ فلسطين من عربها، والاعتماد على الأثرياء اليهود، والتحالف مع القوى الإمبريالية وضرورة اللجوء للعنف، وغير ذلك من الثوابت، موجود بعد إضافة ديباجات اشتراكية وإثنية.


وقد قام سيركين بزيارة فلسطين في العشرينيات، وكانت المقاومة العربية للغزوة الصهيونية قد بدأت، وقبل موته في نيويورك سمع عن الإضرابات العنيفة التي وقعت عام 1924. وقد أثَّر فكر سيركين في كثير من الصهاينة الاشتراكيين والأحزاب الصهيونية العمالية.