
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Ich Bin Muslem
يا أخت هاجر ذكرت هذا في الرد الأول والمُلخص أنهم اتكئوا على قول مجاهد وقد وضحنا أن قول مجاهد لا يصح أصلاً ، ولا يوجد دليل عقلي أو دليل شرعي على إماكنية الزواج أو التوالد بين جنية وإنسي أو جني وإنسية..
وقد أشار العلامة الآلوسي إلى رده بقوله : (( ثم إن دعوى أن الجن تجامع نساء البشر جماعاً حقيقياً مع أزواجهن إذا لم يذكروا اسم الله تعالى غير مسلّمة عند جميع العلماء ، وقوله تعالى : { وشاركهم في الأموال والأولاد } غير نصٍّ في المراد كما لا يخفى )) .
وما قاله من التعميم مخالف لما تقدم ، ووقع في وهم آخر ، وهو أنه نسب أثر مجاهد للحسن أيضاً - وهو البصري - ؛ قرنهما معاً !
وهذا خطأ ؛ فإن أثر الحسن ذكره الحافظ قبيل أثر مجاهد بلفظ آخر نحو حديث ابن عباس المشار اليه آنفاً ؛ إلا أنه قال في آخره :
(( فكان يرجى إن حملت أن يكون ولداً صالحاً )) .
وعزاه الحافظ لعبد الرزاق ، وهو في (( مصنفه )) ( 6 / 194 / 10467 ) بسند صحيح عنه .
ثم إن الآلوسي - رحمه الله - جاء بغريبة أخرى ؛ فقال :
(( ولا شك في إمكان جماع الجني إنسية بدون أن يكون مع زوجها الغير الذاكر اسم الله تعالى ، ويدل على ذلك ما رواه أبو عثمان سعيد بن داود الزبيدي قال :
كتب قوم من أهل اليمن إلى مالك يسألونه عن نكاح الجن ، وقالوا إن هاهنا رجلاً من الجن يزعم أنه يريد الحلال ؟ ( ! ) فقال : ما أرى بذلك بأساً في الدين ؛
ولكن أكره إذا وجدت امرأةُ حامل قيل : من زوجكِ ؟ قالت : من الجن ! فيكثر الفساد في الإسلام )) .
ووجه الغرابة استدلاله على الإمكان المذكور بهذا الأثر عن مالك ! وهو باطل - في نقدي - سنداً ومتناً .
أما السند ؛ فإن سعيد بن داود الزبيدي ضعفه ابن المديني ، وكذبه عبد الله ابن نافع الصائغ في قصةٍ مذكورة في ترجمته في (( تاريخ بغداد )) و (( التهذيب )) . وقال الحاكم :
(( روى عن مالك أحاديث موضوعة )) . وقال الخطيب وغيره :
(( حدث عن مالك ، وفي أحاديثه نكرة )) . وقال ابن حبان في (( الضعفاء )) ( 1 / 325 ) :
(( لا تحل كتابة حديثه إلا على جهة الاعتبار )) .
وأما المتن ؛ فإني أستبعد جداً - على فقه الإمام مالك - أن يقول في تزويج الإنسية بالجني : (( ما أرى بذلك بأساً في الدين )) ! ذلك لأن من شروط النكاح - كما هو معلوم - الكفاءة في الدين على الأقل . فلا يجوز تزويج مسلمة بكافر ، بل ولا بفاسق ، فمن أين لوليها وللشهود أيضاً أن يعلموا أن هذا الجني كفؤ لها ، وهم لا يعرفونه ؟ ! فإنه قد ظهر لهم بصورة رجل خاطب وجمبل ! ولا يمكن رؤيته على حقيقته بنص القرآن .
وقد يتمثل بصورة أخرى إنسانية أو حيوانية ، وحينئذٍ كيف يمكن تطبيق الأحكام المعروفة في الزوجين - كالطلاق والظهار والنفقة وغيرها - مع اختلاف طبيعة خلقهما ؟ ! تالله ! إنها من أغرب الغرائب أن يخفى مثل هذا البُطل - بل السُّخف - على العلامة الآلوسي - غفر الله لنا وله - .
وأغرب من ذلك كله قول ابن تيمية في رسالة (( إيضاح الدلالة في عموم الرسالة )) ( ص 125 - مجموعة الرسائل المنيرية ) :
(( وقد يتناكح الإنس والجن ، ويولد بينهما ولد ، وهذا كثير معروف )) ! !
وأقول : نعم ؛ هو معروف بين بعض النسوة الضعيفات الأحلام والعقول ، ولكن أن الدليل الشرعي والعقلي على التوالد أولاً ، وعلى التزواج الشرعي ثانياً ؟ ! هيهات هيهات !
وقد علمت مما ذكرته تحت الحديث السابق قبل هذا إنكار العز بن عبد السلام والذهبي على ابن عربي الصوفي ادعاءه أنه تزوج جنية ! ! وأنه رزق منها ثلاثة أولاد ! ! وأنه لم يعد يراها فيما بعد ! ! ! وانظر كلام المازري المبطل لدعوى ابن عربي فيما يأتي تحت الحديث التالي ، وهو من الأحاديث التي تساعد على تصديق خرافة التزاوج بين الإنس والجن ؛ كمثل أثر مجاهد هذا والحديث الذي قبله .
أما ما يحدث هو نوع من المس أو اللمس من الجن للإنسان كنوع من أذى الجن للإنسان.. هذا والله أعلم
المفضلات