القرطبي

اتفق فتح القدير والقرطبي في نفس التفسير ، وأضاف القرطبي أن أبو عبيد زعم أنه كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم السورة فترفع فلا تتلى ولا تكتب .،،، وكأن الوحي كان ينزل على أبو عبيد والرسول في آن واحد ،، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ولا خلاف بين العقلاء أن شرائع الأنبياء قصد بها مصالح الخلق الدينية والدنيوية ، وإنما كان يلزم البداء لو لم يكن عالماً بمال الأمور ، وأما العالم بذلك فإنما تتبدل خطاباته بحسب تبدل المصالح ، كالطبيب المراعي أحوال العليل ، فراعى ذلك في خليفته بمشيئته وإرادته ، لا إله إلا هو ، فخطابه يتبدل ، وعلمه وإرادته لا تتغير ، فإن ذلك محال في جهة الله تعالى .

وجعلت اليهود النسخ والبداء شيئاً واحداً ، ولذلك لم يجوزه فضلوا .

قال النحاس : والفرق بين النسخ والبداء أن النسخ تحويل العبادة من شيء إلى شيء قد كان حلالاً فيحرم ، أو كان حراماً فيحلل .

وأما البداء فهو ترك ما عزم عليه ، كقولك : امض إلى فلان اليوم ، ثم تقول لا تمض إليه ، فيبدو لك العدول عن القول الأول، وهذا يلحق البشر لنقصانهم . وكذلك إن قلت : ازرع كذا في هذه السنة ، ثم قلت :لا تفعل ، فهو البداء .

والمعلوم أن الناسخ على الحقيقة هو الله تعالى : ويسمى الخطاب الشرعي ناسخاً تجوزاً ، إذ به يقع النسخ ، كما قد يتجوز فيسمى المحوم فيه ناسخاً ، فيقال : صوم رمضان ناسخ لصوم عاشوراء ، فالمنسوخ هو المزال ، والمنسوخ عنه هو المتعبد بالعبادة المزالة ، وهو المكلف .

إن النسخ إنما هو مختص بالأوامر والنواهي ، والخبر لا يدخله النسخ إلا إذا تضمنه حكماً شرعياً لاستحالة الكذب على الله تعالى وكذا العقيدة فلا يجوز النسخ فيها ، لأن الله خالق السماوات والأرض هو مرسل الأنبياء والرسل لعبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحداً ؛؛ فلا يجوز قول أن الله الواحد الأحد هو ثابت بكل الديانات والرسالات ، ثم تأتي لنا ديانة وتنسخ العقيدة بقول أن الله منقسم إلى ثلاث أقانيم ، ثم تبدأ بتفصيلهم وإعطاء كل أقنوم صفة ذاتية منفصلة عن الأخرى مع إضافة واو العطف التي تفيد الجمع ولا تفيد الترتيب ، ثم يدعوا أن الجمع لا يفيد الجمع بل الجمع مفرد بأقوال باطلة ليس لها قواعد لغوية أو اثباتات شرعية إلا عن طريق التخمين والاشارات بالباطل كما هو الحال بالمسيحية .

http://quran.al-islam.com/Tafseer/Di...OBY&tashkeel=0

يتبع....