لقد عجز الحاخام اليهودي الإصلاحي أبراهام گيگر في إيجاد السبب الذي دعا نبي الإسلام إلى اعتبار امرأة نوح كافرة, فلم تشر التوراة إلى هذا، ويبدو أنه لم يجد سببا في الكتابات الربينية التي كانت بين يديه, لذلك فقد قال في كتابه "اليهودية والإسلام", وأقثتبس:
"إن نبي الإسلام قد جعل أيضا زوج نوح من عداد الكافرين, بالرغم من صمته عن تقديم المصدر الذي جاء منه معتقده هذا, وأنا لا أستطيع أن أجد سببا لهذا التصريح, الذي لم يذكر لا في الكتاب المقدس (اليهودي) ولا في الكتابات الربينية"
ويبدوا أن أحدهم لم يجد سببا لاعتبار نبي الإسلام زوج نوح كافرة لحد الآن, إذ أن ابن الوراق قد ذكر في كتابه "لماذا لست مسلما" أن أحدا لا يعرف لماذا اعتبرت زوج نوح كافرة.
إلا أنني اكتشفت السبب وسأقدمه هنا:
في البداية , بحثت في كتاب لويس جنزبرك, "أساطير اليهود," المتضمن مجمل الأساطير اليهودية, لعلي أجد أساسا لاعتبار امرأة نوح كافرة, إلا أنني وجدت صاحب الكتاب يعتبرها امرأة بارة صالحة, فيقول:-
"هو وزوجته الورعة "نعمة", ابنة آنوش, نجيا من الخطر, بالإضافة إلى أبناءه الثلاثة, وزوجات أبناءه الثلاثة."
لقد اعتبرت القصة الهاجادية نعمة , زوجة نوح, ابنة ورعة بارة لآنوش الرجل البار. هذا يؤي بنا إلى طريق مسدود, نريد منها أن تكون غير بارة, لكي نصل إلى مصدر ما يقوله القرآن عن امرأة نوح
خلال بحث لي في كتاب يضم ما جاء من حكايات في مدراش "التكوين ربّا" 0وهو أقدم مدراش يهودي, ربما يعود إلى القرن الرابع أو الخامس, لا اذكر, وجدت العبارة التالية
كانت نعمة, ابن لامك وأخت توبال قايين, زوجة نوح.....التكوين ربّا: 23.
كان من الممكن أن أهمل العبارة , إلا أنني كنت قد قرأت قبل هذا أن نعمة هذه كانت منغمسة في الوثنية, باعتبارها من سلالة قايين (قابيل), فرجعت إلى كتاب لويس جنزبرك, ووجدت التالي
لقد ولد لكل من زوجتي لامك( حفيد قايين/قابيل) الاثنتين, عادة وصلة, ولدين اثنين. لعادة ابنان, هما يابل ويوبل, ولصلة ابن, هو توبال قايين, وابنة هي نعمة. كان توبال قايين أحد أوائل البشر الذين بنوا المعابد للأوثان, واخترع يوبال الموسيقى التي تغنى وتعزف هناك. لقد كان توبال-قايين اسما على مسمى , لأنه قد أكمل عمل سلفه قايين. لقد ارتكب قايين جريمة القتل, وكان توبال قايين أول من عرف كيف يصقل الحديد والنحاس, ليجهز المعدات المستخدمة في الحروب والمواجهات. لقد أخذت نعمة "المحبوبة" اسمها من الأصوات الجميلة التي كانت تصدرها من الصنج النحاسي عندما كانت تدعو المتعبدين لكي ما يقدموا فروض العبادة للأوثان.
ووجدت هذا النص في الكتاب أيضا والذي كان يتحدث عن نعمة بنت لامك بن متوشائيل بن محيائيل بن أخنوخ بن قايين/قابيل المذكورة أعلاه:-
"على العكس من إستهَر (امرأة رفضت الوصال مع الملائكة), قادت نعمة أخت توبال قايين المحبوبة الملائكة إلى سبل الظلال, فمن اتصالها بشمدون (أحد الملائكة) نشأ الشيطان أَشْمِدْيا. لقد كانت قليلة الحياء مثل كل ذرية قايين (قابيل), ومثلهم كانت ميالة للانحرافات الحيوانية."
إذن ربما اختلط على نبي الإسلام شخصية نعمة بنت آنوش زوجة نوح، مع نعمة بنت لامك الموصوفة كفاجرة ومنحرفة ووثنية، وربما اختلط على بعض قليلي العلم في الهاجادة الشخصيتين مما وصل المعلومة الخطأ لنبي الإسلام، مما أدى إلى اعتباره امرأة نوح كافرة خائنة, وضمها إلى امرأة لوط.
قارن:
{وضرب الله للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين} سورة التحريم: 10
المفضلات