كن فطناً

يقال أن فلاحا رأى ثعبانا يرقد تحت شجرة ظليلة ، فرفع فأسه عاليا هاويا بها على رأس الثعبان ،
لكن الثعبان كان أسرع منه حركة ففزع من رقدته واستدار بقوة وعلى فحيحه وهم بعض الفلاح الخائف .

فما كان من الفلاح إلا أن قال بضعف : مهلا أيها الثعبان ، إن قتلتني لم يفدك قتلي شيئا ،
ولكن ما رأيك أن نعقد صلحا فلا تؤذيني ولا أؤذيك ، والله يشهد على اتفاقنا .

فقال الثعبان بعد برهة من التفكير : لا بأس أوافق على السلام وألا يؤذي أحدنا الآخر .

ويمر بعض يوم ويأتي الفلاح للثعبان الغافي ويحاول ثانية قطع رأسه غدرا وغيلة ،
فيلتف الثعبان الحذر ،والشرر يتطاير من عينيه وقد هم بعض قاتله ،

الذي بادر قائلا في هوان : سامحني ونتعاهد على ألا يؤذي أحدنا الآخر .
فيقول له الثعبان : قل لي كيف أأمن لك وهذا أثر فأسك محتلا موضع رأسي !؟ .

ثم يعضه عضة يموت على إثرها .

يقول رسولنا الكريم :

( المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ) ،

وتقول حكمة الأجداد :

إن خدعك أحدهم مرة فأنت طيب ، وإذا كرر خداعه فأنت أحمق .


المؤمن كيسٌ فطن ، قد يُخدع مرة لحسن ظنه ، أو كرم طبعه ، لكنه أبدا ليس بالغر الساذج .


تعلمت ألا أترك حقا لي ،أو أقبل إهانة ولو كانت بسيطة ، خشية أن تلتصق قلة الحيلة والضعف
و( الدروشة) بالمنتسبين إلى الحركة الإسلامية .


تعلمت بأن أكون المؤمن القوي المتماسك ، الشجاع الصلب ،
وأن أحذر من أن يخدعني غر ساذج ، أو يتلاعب بي مرتزقة الحياة .


وما بين حكمة الثعبان ، وتجارب الحياة ، نتعلم فائدة :

أن نتمتع بالذكاء الحاضر ، والإدراك ، والنضج الاجتماعي ،
والذي يعطينا القدرة على استيعاب التجارب السابقة والتعلم منها ،
واستدعاء الحذر والانتباه تجاه كل ما يتعرض لذواتنا .


نعم نقبل الاعتذار ، ونعفو عمن أخطأ وأساء ،
لكنه عفو المقتدر الكريم ، وسماحة القوي العزيز ،
والمؤمن القوي أحب عند الله من المؤمن الرخو الضعيف .

الأحمق لا يسامح ولا ينسى، الساذج يسامح وينسى، أما الحكيم فيسامح ولا ينسى

منقول