النقطة الثالثة عشر: حديث ( كنا نعبد عزير ابن الله )
جاء فى الحديث الصحيح فى البخارى و مسلم :
" إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن: تتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى من كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر أو فاجر أو غبرات أهل الكتاب، فيدعى اليهود فيقال لهم: من تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيراً ابن الله فقال لهم: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فما تعبدون؟ فقالوا: عطشنا ربنا فاسقنا فيشار ألا تردون ؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً، فيتسا قطون فى النار.ثم يدعى النصارى فيقال لهم: من كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله فيقال لهم كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فيقال لهم: ما ذا تبغون ؟ فكذلك مثل الأول " رواه البخاري ومسلم.
و الشبهة هى أن ظاهر الحديث يوحى بأن كل اليهود يعبدون النبي عزير عليه السلام و يقولون أنه ابن الله
الرد :
أولا:
القرآن الكريم أثبت وجود مؤمنين موحدين من اليهود قبل الإسلام و أخبر أنهم من أهل الجنة
قال الله تعالى :
المائدة (آية:69):ان الذين امنوا والذين هادوا والصابؤون والنصارى من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون
ثانيا :
حمل أهل العلم الحديث أن المقصود به طائفة من اليهود فحسب
يقول الإمام ابن حجر العسقلانى :
(قوله: "كنا نعبد عزيرا ابن الله" هذا فيه إشكال لأن المتصف بذلك بعض اليهود وأكثرهم ينكرون ذلك، ويمكن أن يجاب بأن خصوص هذا الخطاب لمن كان متصفا بذلك ومن عداهم يكون جوابهم ذكر من كفروا به كما وقع في النصارى فإن منهم من أجاب بالمسيح ابن الله مع أن فيهم من كان بزعمه يعبد الله وحده وهم الاتحادية الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم. ) انتهى قوله
فكما أنه ليس كل النصارى قالوا المسيح ابن الله
فمنهم الإيبيونيون و قد اعتقدوا أن المسيح عبد الله و رسوله و أنه إنسان عادى
نفس الشئ بالنسبة لليهود
ليس كلهم قالوا أن عزير ابن الله و لكن طائفة منهم
ثالثا :
و إن كان من قالوا ( عزير ابن الله ) طائفة منهم لكن الكثير من طوائفهم وقعت فى الغلو فى الأنبياء و الصالحين
فهم فى بعض تقاليدهم يتصورون أن ملكى صادق كائن إلهى
و فى بعض تقاليدهم يعتبرون ميتاترون يهوه الأصغر أو الإله الأصغر
و فى بعض تقاليدهم يطلقون على الملائكة أبناء الله كما يتبين من سفر أخنوخ و قالوا عن نوح عليه السلام أنه من نسل الملائكة و أحد أبناء الله
و بالتالى ففكرة نسبة الابن لله فكرة موجودة فى اليهودية و إن لم تكن هى الفكر الرسمى للديانة اليهودية إلا أنها فكر منتشر بينهم
فضلا عن أن اليهود فى كثير من فتراتهم عبدوا العجل و عبدوا الأصنام فى فترات من تاريخهم
لقد جاء في سفر إرميا في الإصحاح السابع قال الله تعالى مخاطباً بني إسرائيل على لسان النبيّ إرميا :
"ها إنّكم متَّكِلون على كلام الكذب الّذي لا ينفع ، أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلفون كذباً وتبخِّرون للبعل وتسيرون وراء آلِهَةٍ أخرى لم تعرفوها ، ثمّ تأتون وتقفون أمامي في هذا البيت الّذي دُعِيَ باسمي عليه وتقولون أنقذْنا ، حتّى متى تعملون كلّ هذه الرجاسات ، هل صار هذا البيت الّذي دُعي باسمي عليه مغارةَ لصوصٍ في أعينكم . أما ترى يا إرميا ماذا يعملون في مدن يهوذا وفي شوارع أورشليم ، الأبناء يلتقطون حطباً والآباء يوقدون النّار والنساء يعجنّ العجين لِيصنعنَ كعكاً لِملكةِ السماوات [ يريد بذلك الشعرى اليمانيّة ، هكذا كانوا يلقِّبونَها] ، ولسكب سكائب لآلهةٍ أخرى لكي يغيظوني ، أفإيّاي يغيظون يقول الربّ ، أليس أنفسهم لأجل خزي وجوهِهم ، لذلك هكذا قال السيّد الربّ ، ها غضبي وغيظي ينسكبان على هذا الموضع على الناس وعلى البهائم وعلى شجر الحقل وعلى ثمر الأرض فيتّقدان ولا ينطفيان ."
و بالتالى فإن كان قلة من اليهود هم من قالوا أن النبي عزير ابن الله إلا أن كثيرا منهم وقعوا فى شرك مشابه و عبدوا الأوثان و غالوا فى الأنبياء و الملائكة و الصالحين فاستحقوا نفس عقاب من قالوا عزير ابن الله
رابعا:
أن العبادة لا يشترط أن يكون معناها أنهم اعتقدوا أن النبي عزير هو الله الخالق بل ربما يكونوا قد لقبوه بابن الله كما اعتادوا تلقيب أنبيائهم فحسب و لكن كانوا يتوجهون إليه بالدعاء كما يفعل بعض جهال المسلمين مع الأولياء و الصالحين خصوصا فى المساجد التى توجد بها أضرحة فتكون تلك هى عبادتهم للنبي عزير عليه السلام
التعديل الأخير تم بواسطة 3abd Arahman ; 11-02-2012 الساعة 05:43 PM
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
المفضلات