نقلا عن
كتاب " شبهات حول المسلمات ( حقوق النساء في شريعة السماء ) " للأستاذ حمدي شفيق
أنقله لك كما هو:
_________________________________
أولاً:
الله سبحانه وتعالى حكم عدل لا يظلم أحدًا بسبب جنسه أو لونه أو أية مقاييس أخرى من هذا القبيل.. ﴿ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ﴾[ق: 29]. وعلى ذلك فإن أية امرأة سوف تدخل الجنة أو النار جزاء ما قدمت في الحياة الدنيا من خير أو شر، وهو ذات المعيار الذي يحاسب الله به الرجال أيضًا. ويقينًا فإن من يدخل النار سوف يكون مستحقًّا لذلك بسوء عمله - ذكرًا كان أم أنثى - إلا أن يشمله الله برحمته وكرمه وإحسانه.
ثانيًا:
سياق الحديث الشريف في الرواية الأخرى الصحيحة أيضًا يدل بوضوح على أنه جاء على سبيل التحذير للنساء من أخطاء شائعة بينهن مثل إنكار معروف الزوج وحسن عشرته بمجرد أن تغضب منه لأي سبب ولو كان تافهًا.
كما أن أمره الشريف لهن في ذات الحديث بالصدقة يثبت بوضوح أنهن يستطعن الإفلات من النار بالإكثار من الأعمال الصالحة وخاصة الصدقة، فالأمر ليس قدرًا محتومًا عليهن، وإلا لما كان للأمر بالصدقة هنا أية فائدة. وصدقة السرِّ تطفئ غضب الرب كما ورد في حديث آخر صحّحه الشيخ الألباني - رحمه الله - بمجموع طرقه وشواهده، وهناك حديث ثالث: "اتقوا النار ولو بشق تمرة" رواه البخاري وغيره. إذًا يمكن للنساء تجنب النار بالإكثار من الصدقة.
وهكذا يتَّضح بجلاءٍ أن الأمر لا يعدو كونه تحذيرًا لهن من المعاصي .. بل إن هذا الحديث الشريف ذاته يعتبر دليلاً على حرص الإسلام الشديد واهتمامه بالنساء، فإنك لا تُحَذِّر أحدًا من خطر يُهَدِّدُه إلا إذا كنت تُحبُّه وتحرص عليه وتهتم بأمره، وهكذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحذيره للنساء من النار في هذا الحديث. وقد فهمت صحابيات جليلات هذا المعنى فقلن في حديث البيعة: "الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا".
ثالثًا:
إن اللفظ الذي استخدمه النبي - عليه السلام - هنا هو "أكثر"، والأكثرية قد تتحقق بالنصف +1. فيحتمل أن يكون النساء 51% من عدد أهل النار، بينما يكون الرجال 49% وبذلك فإن الفارق بينهما يكون ضئيلاً رغم أن الأكثرية من النساء.
ولو كان المقصود غير ذلك لاستخدم الرسول - وهو الذي أوتى جوامع الكلم - لفظًا آخر مثل: كل أهل النار أو الأغلبية الساحقة من أهل النار أو غير ذلك. إذًا فاستخدام لفظ: "أكثر أهل النار" يشير إلى أن الفارق لن يكون هائلاً بين أعداد الرجال والنساء؛ لأن الأكثرية كما أشرنا قد تتحقق لهن بفارق ضئيل.
رابعًا:
نُجدِّد هنا الإشارة إلى ضرورة فهم النصوص مجتمعة، فهي كلها مع بعضها البعض تشكل نظامًا تشريعيًا متكاملاً. ومن الخطأ الفادح اقتطاع نص واحد أو جزء من آية أو حديث ثم إثارة الشكوك والغبار حوله مع تجاهل باقي النص أو النصوص التي توضح المقصود وتلقى الضوء على المعاني الحقيقية للنص.
والمثال واضح هنا أيضًا، فهناك حديث صحيح آخر عند البخاري ومسلم وغيرهما يثبت أن أعداد الرجال في تناقص مستمر، وأعداد النساء في تزايد مطَّرد، وسوف يكون من العلامات الصغرى للساعة أن يتسع الفارق الهائل بين أعداد الرجال وأعداد النساء - بسبب الحروب وغيرها - حتى تكون النسبة العددية هي 1 إلى 50، أي رجل واحد مقابل خمسين امرأة. وعلى هذا الأساس فمن الطبيعي أن تكون أعداد النساء في النار أكثر من أعداد الرجال، وكذلك أعدادهن في الجنَّة أيضًا. وهكذا فإن حديث علامات الساعة الصغرى كاف تمامًا لتفسير سبب زيادة أعداد النساء في النار على أعداد الرجال؛ لأن هذا هو الحال في الحياة الدنيا، فلا غرابة أن يكون الأمر على ذات المنوال في الآخرة.
وقد تنبه إلى هذا بعض علماء السلف - رضي الله عنهم - رغم عدم وجود وسائل حديثة للإحصاء في زمانهم، ومنهم القاضي عياض - رضي الله عنه - الذي قال: "النساء هم أكثر ولد آدم". وقال كثير من علماء السلف أيضًا أن أكثر أهل الجنة من النساء، فلماذا لا يذكرون هذه كما ذكروا الأخرى؟!!
خامسًا:
ولماذا يُصر الحاقدون والجهلة على النظر دائمًا إلى نصف الكوب الفارغ؟! ولماذا يتجاهلون العديد من النصوص الأخرى التي تنص صراحة على وجوب الجنة للنساء الصالحات.. ألم يضرب الله مثلاً للذين آمنوا باثنتين من النساء هما السيدة مريم والسيدة آسيا وهما امرأتان في الجنة، بينما فرعون وهامان وقارون رجال لكنهم في النار؟!! ألم يُبشِّر الله السيدة خديجة بنت خويلد ببيت في الجنة وهى امرأة؟! أَوَلَيْسَ الجزاء واحدًا للجنسين ثوابًا أو عقابًا؟!
ولدينا الكثير من الأحاديث التي نصت صراحة على أن المرأة تدخل الجنَّة مثل الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد وابن حبان الذي أوجب الجنَّة للمرأة التي تصلى فرضها وتصوم شهرها وتطيع زوجها وتحصن فرجها، فهي تدخل الجنة من أي الأبواب شاءت. وكذلك حديث آخر أوجب الجنَّة للمرأة التي يموت عدد من أولادها فتصبر وتحتسب، رواه البخاري وغيره. والمرأة التي تموت في أثناء الولادة تكون من الشهداء طبقًا لما رواه أحمد والنسائي وأبو داود، والشهداء كما هو معلوم في مرتبة عليا في الجنة. وهناك حديث رابع أوجب الجنة للأرملة التي تصبر على محنة موت زوجها وتجاهد لتربية أطفالها الأيتام وتأديبهم حتى يكبروا والحديث رواه أبو داود. وهناك الحديث الشريف الذي أكد أن كل زوجة تموت أو يموت زوجها وهو راضٍ عنها تدخل الجنَّة، وهو حديث رواه الترمذي وحسّنه ونصه: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنَّة".
ولو شئنا لأوردنا الكثير من النصوص ولكن يكفى هذا القدر لمن أراد الحقيقة بإخلاص وتجرد عن الحقد والهوى..
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
المفضلات