الفصل الثاني : الرد علي الملحدين
شرحنا في الفصل الاول من هذا الكتاب
المحاور الخمسة لهذا الكتاب في الرد علي الالحاد ولماذا يجب علي الانسان ان يرفض الالحاد وذلك
( لان الله موجود ، وان الالحاد غير علمي لانه يتبني نظريات علمية مبتسرة وليس مفهوما شاملا ، وغير اخلاقي لانه ليس لديه منظومة اخلاقية مكتملة ، وغير عقلاني لانه يؤمن باشياء غير عقلانية ليتجنب الايمان بالله ، وضار بالصحة لانه يؤدي لانعدام الشعور بقيمة الحياة والي الانتحار )
وهنا نناقش مفهوم الالحاد ومعناه عند الملحدين
المبحث الاول : معني الالحاد
1- الالحاد هو انكار وجود اله ، والمقصود بالاله هنا هو اله الديانات التوحيدية الثلاثة ( الاسلام والمسيحية واليهودية)
2- والالحاد هو مذهب قديم واشهر الملاحدة القدامي هو ابيقورس وفي العصر الحديث اعترض دافيد هيوم وايمانويل كانت علي ادلة وجود الله
3- وبعد ظهور نظرية داروين والعلوم الطبيعية في القرن العشرين اتخذ الالحاد من تلك العلوم ذريعة لتقوية ادعائه بعدم وجود اله ثم تطور الامر علي ايدي ( نيتشه وفويرباخ وماركس وفرويد والبير كامي ) وظهر الالحاد الحديث
4- ولقد كتب انطوني فلو(قبل ان يؤمن بوجود اله) ان هناك الحاد ايجابي يقدم ادلة علي عدم وجود اله ، والحاد سلبي ينكر فقط وجود اله
5- هناك ايضا مذهب (اللاادرية) الذي لايؤمن بوجود اله وايضا لاينكر وجود اله (مثل برتراند راسل)
6- والالحاد له نوعان من حيث الشمول ، الالحاد العريض (الذي ينكر وجود قوي فوق طبيعية ) والحاد ضيق يؤمن بقوي الطبيعة او المادة ولذلك يجب التفرقة بين الملحدين من جهة وبين (الطبيعيين والماديين ) من جهة اخري
7- وفائدة هذه التقسيمات هي انه عند مواجهة الملحدين فان ماينفع في الرد علي الطبيعين مثلا قد لايفيد في الرد علي بقية الملحدين
8- ولقد كان دليل سبينوزا علي وجود الله انه لايستحيل وجوده ، بمعني ( يستحيل وجود رجل متزوج واعزب في نفس الوقت ، يستحيل وجود شخص اكبر عمرا من ابيه .....)
فهل يستحيل وجود كينونة بصفات الاله ؟ اذا استحال ذلك دل علي عدم وجود الاله ولكن ماهو المستحيل ؟
9- هل يعني ما سبق ان الانسان يعرف صفات الاله حقيقة وليس بشكل قاصر ؟ وهل قصور معرفة الانسان يدل علي عدم وجود الاله ؟ وهل انه اذا تم تعديل صفات الاله ليكون ناقصا وليس مطلق الكمال يمكن للملحدين الايمان بوجوده؟
10- بمعني ، هل الملحدون يعترضون علي صفات الله ام علي وجوده نفسه ؟ فاذا كان الاعتراض علي الصفات فما هي صفات الاله المقبول عندهم ؟ واذا كان الاعتراض علي مجرد وجود الاله حتي لو كان بدون صفات فعلي اي اساس تم بناء هذا الاعتراض ؟ وفيما الجدل في صفات اله لايؤمنون بوجوده اصلا؟
11- ان قضية وجود الاله قضية مستقلة عن صفاته ومقدمة لمناقشة تلك الصفات والاعتراض علي وجود الاله لعدم فهم صفاته هو نوع من التحايل
12- يعترض الملحدون علي بعض الصفات ويقولون انها متناقضة وغير ممكنة ، مثلا يعترض بعض الفلاسفة علي صفة القدرة فيقولون ان الاله لايمكن ان يكون مطلق القدرة لانه لايمكن للاله خلق المستحيلات في العقل ، فهل يمكن مثلا ان يخلق الاله صخرة لايستطيع ان يحملها ؟
13- فاذا خلقها يكون تام القدرة علي الخلق واذا لم يستطع حملها فانه لايكون تام القدرة علي حمل الاشياء وفي كلا الحالتين هو غير مطلق القدرة وكذلك في بقية الصفات
14- وكذلك المقابلة بين الصفات فهل يمكن مثلا ان يخلق الله اشياء لايعلمها ؟ او يعلم اشياء لم يخلقها ؟
15- والاجابة ببساطة علي تلك الاسئلة البلهاء هو الاتي :
أ- هل يمكن للانسان ان يعرف مدي قدرة الله ومدي علمه ومدي صفاته كلها ؟ هل تؤمن انت كملحد ان لله صفة الخلق ؟ اذن ماهو حجم اكبر صخرة يمكن ان يخلقها الله ؟ وما هو حجم اكبر صخرة يمكن ان يحملها الله؟
ب- بمعني هل من المنطقي ان الانسان يمكنه ان يعرف تفاصيل علم الله وقدرته وصفاته ويستوعبها في عقله ؟
ت- فاذا كانت الاجابة (نعم) فان ذلك يؤدي الي تساوي علم الانسان وقدرته علي التصور مع علم الله وبذلك يكون اما ان علم الاله في مستوي علم الانسان ، او ان علم الانسان في مستوي علم الاله وكلاهما مستحيل
ث- واذا كانت الاجابة (بالنفي ) فانه لايمكن للانسان ان يعرف مدي قدرة وعلم الله الحقيقيين ولذلك لايمكنه الاجابة عن سؤال من الاسئلة السابقة (هل يمكن للاله خلق صخرة لايستطيع حملها او خلق شيء لايعلمه او علم شيء لم يخلقه ...)
ج – بمعني ، ان الانسان المؤمن لايصف الله وصفا حقيقيا وانما بقدر مايستوعبه عقل الانسان ، في اطار ان الله مطلق الكمال ، وانه لايمكننا معرفة ذلك الكمال الالهي او تخيله حقيقة لقصور عقولنا فاعتبار ان الله لايفعل المستحيل هو امر يتعلق بقصور علم البشر لان المستحيلات في عقل الانسان ليست هي المستحيلات في قدرة الله وعلمه واعتبار المستحيل لدي الانسان مستحيل لدي الله غير منطقي لان قدرة الله وعلمه لايمكن ان يتخيلها الانسان لانها تفوق قدرته وعلمه البشري المحدود
ح- والخلاصة ان الاسئلة السابقة لاتوضح تناقض صفات الاله وانما توضح عجز الانسان عن وصف الاله بدقة لقصور عقله
عن استيعاب صفات الاله علي وجه الحقيقة
16 – وكما يقال ( ان عدم وجود الدليل ليس دليل علي عدم الوجود)
ونضرب لذلك مثال : ان عدم فهم الانسان للتركيب الكامل للذرة لايمنع من الاقرار بوجودها ، ذلك لان ادلة وجود الذرة تختلف عن ادلة تفاصيل تركيبها ، ونفس الشيء في قضية الوجود الالهي والصفات
17- الملحدون الجدد هم مجموعة من الكتاب الذين ظهو نهاية القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين وكتاباتهم تؤيد الالحاد واهمهم ( سام هاريس – ريتشارد داوكينز – دانيال دينيت – كرستوفر هيتشنز) ويدور الحاد هؤلاء علي ثلاثة عناصر
أ- لايوجد قوي فوق طبيعية او الهية من اي نوع
ب- الديانات كلها غير عقلانية
ت- يمكن بناء الاخلاق بغير دين
18- ولقد رددنا علي بعض كتابات داوكينز في الفصل الاول وسنرد علي بقية كتابات داوكينز وعصابة الاربعة هذه في الفصل القادم
19- وهم يستخدمون العلوم الطبيعية وخاصة نظرية التطور ضد الدين ، وان لم يكن لديهم كما فصلنا في الفصل الاول صورة شاملة عن بداية الخلق
20 – ويدعون ان العلم التجريبي هو افضل وسائل المعرفة وان فشلوا كما شرحنا في الفصل الاول في اثبات نظرية التطور تجريبيا واعترفوا ان العلم التجريبي لا دور له في تحديد الاخلاق
المفضلات