وتوجه خليل الله ابراهيم الى مصر داعيا الى عبادة الله الخالق الواحد .. دخل ابراهيم مصر وهو يعلم بمكانتها وعظمتها وقوة ملوكها وسطوتهم .. ولكنه وهو نبى الله ورسوله لم يكن ليدخر جهدا ولا سعة للهجرة والدعوة الى صراط الله المستقيم .. لم تخيفه ملوك الارض وهو الذى تولى ملك الملوك الله العلى القدير .. لم يكن ليترك خلافة الارض لاهل الشرك والكفر يحكمونها باباطيلهم وشركهم مفتتنين الناس بالمال والعلم والرفاهية .. دخل مصر ليس طامعا فى جاه ولا مال ولا سلطان .. ولكن مبشرا بحلاوة الايمان و اخلاص العبودية لله وحده ونبذ ماعداه من شرك واوثان .. ونذيرا من مخالفة الخالق والكفر به .. لم يكن ملك مصر اول الملوك الذى دعاهم ابراهيم للايمان بالله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له بل سبقه ملوك وامراء بارض العراق والشام .. ولكن الفراعنة كانوا اشد تجبرا وبطشا .. كانت مصر الفراعنة التى بهرت زمانها وكل الازمنة الى يومنا هذا .. دخل ابراهيم مصر آملا ان تلقى دعوته استجابة وتزداد مكانة مصر رفعة وقوة باخلاص عبوديتها وتوحيدها لله .. مثل أمام ملكها وكهنتها داعيا اياهم الى دين التوحيد بعبادة الله الواحد القهار .. استمع له الملك باستخفاف ولم يعيره اهتمام .. وبتعالى شديد وكبر استخف بدعوته ولم يجيبه .. من منظوره دعوة ابراهيم لا تستحق اى تعليق او اجابة .. وكعادة الملحدين واهل الشرك عندما يتظاهرون بابتساماتهم الصفراء الحاقدة المزيفة بالتعالى والكبر على المؤمنين .. ناظرين له مستهزئين ولسان حالهم يقول له انه راعى غنم من البدو جدير بمكانته وفقره ان يكون رسولا لاله .. وامعانا فى الاستكبار والظلم رد ملك مصر على دعوته باعطائة بعض الغنم والانعام وجارية قبطية ( حيث كان يطلق على المصريين القدماء اقباط ) مصرية تسمى هاجر وامر جنوده باخراجه وزوجته وجاريته وغنمه من ارض مصر وحرمانه من دخولها .. اراد ملك مصر ان يجيب ابراهيم عمليا ويوصل له نظرته له على انه بدوى راعى غنم بسيط لا يرتقى فكره ولا دعوته عن الحال التى هو عليها .. لذا فهو من منظوره لا يستحق اكثر من بعض الغنم والانعام وجارية تلاطفه .. هو بمنظوره لا يرتقى بدعوته الى فهم طريق الفراعنة المثلى ونظمهم فى ادارة البلاد .. هو فقير معدم بدوى متخلف عن علوم الفراعنة وتقدمهم لذا ابراهيم من رؤية الملك لا يستحق اجابة على دعوته بل غنم وامرأة وبعض الانعام التى عجز الهه الواحد ان يوفرها له .. هى ذاتها نظرة الملحدين والمشركين والمستكبرين بكل زمان ومكان تشابهت قلوبهم واقوالهم وافعالهم الى يومنا هذا .. وكان ان اشار بعض الكهنة على ملكهم ان يقتل ابراهيم ويبيد دعوة التوحيد من بدايتها .. وكاد ان يفعل لولا الرؤيا التى افزعته حين احتجازه لسارة زوجة ابراهيم .. والتى على اثرها اطلق سراحهما وامر جنوده بابعادهما عن ارض مصر وحرمانهم من دخولها .. وخرج ابراهيم بزوجته وهدايا الملك حزينا وقلبه يعتصر ألما لاستخفاف الفراعنة بدعوته .. ولكن الله اوحى له ان هلاك فراعنة مصر لم يأتى بعد .. وكل شىء عنده بقدر وميعاد .. والله عزيز مقتدر ذو انتقام ولم يكن ليأخذ فراعنة مصر الا وهم فى اشد واقوى عصورهم غنى وعلما وبطشا وقوة ليجعلهم عبرة وعظة على مر تاريخ الانسانية .. وخرج ابراهيم من مصر و تمضى الاحداث
المفضلات