

-
الغوص داخل الكهوف
هادئ، مظلم و مخيف جداً، لا مجال للخطأ في رياضة الغوص في الكهوف فالخطأ يعني الموت و لكن وس سكيلز لا يبالي.
في نظام الكهوف الموجودة في مياه بحر المكسيك يخاطر وس سكيلز (43 عاما) لاستكشاف أعماق الكهوف. غاص سكيلز 3000 مرة في البحار المليئة بالكهوف و لكنه لازال يطمع في المزيد من المغامرة. يستعد سكيلز للغوص فيبدو كأنه يستعد لرحلة في الفضاء الخارجي، يضع وس اسطوانتان من الأكسجين على جانبيه متصلان بأنابيب و منظّم و مصباح. يغوص سكيلز 20 متراً في شبكة من الكهوف تحت مياه البحر و يسبح 300 متراً كي يمسح هذه الكهوف و يرسم لها خرائط. يتردد سكيلز عند منطقة ضيقة قطرها مماثل لإطار سيارة مخافة أن ينحشر بداخلها. يفك سكيلز اسطوانات الهواء و يسحب واحدة بين ساقيه و يدفع الأخرى أمامه. يتشبث بأصابعه في حوائط النفق من الحجر الجيري. يدفع نفسه للأمام بضع سنتيمترات كل مرة. في النهاية ينحشر في حفرة مغلقة النهاية. وجهه مضغوط إلى حائط من الصخور، قدماه ملفوفتان فوقه. يفكر سكيلز يبدو أنني سأموت هنا . يحاول سكيلز أن يبقى هادئاً . أدرك أن أمله الوحيد هو أن يصّغر نفسه، يتخلص من معداته حتى يستطيع أن يلف و يتراجع. يحرّر نفسه من زعانفه و بمهارة تشبه الساحر يلتوي حتى يلف، يضغط نفسه ويخرج. إحدى الإسطوانتين فارغة و الثانية فرغ نصفها، لابد أن يصل إلى فتحة الكهف قبل أن تفرغ الإسطوانة من الهواء.
يكافح سكيلز كي يخرج من هذا النفق. أصابه الفزع. انزلقت اسطوانة الأكسجين التي بها هواء و وقعت في النفق ثانية. يعود ثانية إلى الممر لإحضارها، يتلمس طريقه في الظلام و يجده. عندما وصل إلى سطح الماء كانت قد بقيت له دقائق من الهواء.
******************
تعد رياضة الغوص في الكهوف من أخطر الرياضات. لا يوجد نسبة إصابات، بل نسبة وفيات. في فلوريدا غرق 350 شخصاً. و لكن المزيد من الناس يتحدّون هذه الكهوف.
عندما بدأ سكيلز الغوص كان في الخامسة عشر من عمره. و بسبب خبرته الواسعة ساهم في وضع إجراءات السلامة لهذه الرياضة. لدى سكيلز و شريكه بيتر بت شركة استشارات مختصة بشؤون البيئة.
يقول سكيلز عن هذه الرياضة :" لو فقدت اتجاهك عند الغوص في مياه مفتوحة فإنك تجد اتجاه الصعود بتتبع اتجاه الفقاعات الناتجة عن تنفسك. أما داخل الكهف المغلق، فإن فقاعات الهواء تبتلعها الظلمة.منذ أن كان سكيلز في السادسة عشر من عمره و هو يغوص لاسترداد جثث الغواصين الذين ماتوا بداخل الكهوف حين ضلوا طريقهم لذلك فإن لديه الكثير من القصص المحزنة. غواص أخطأ في اختيار النفق المناسب عند مفترق للأنفاق و حين أدرك أن مخزونه من الهواء قارب على النفاد، كتب رسالة وداع لعائلته على لوح من الحجر الجيري. قصة أخرى عن خطيبين غاصا في أحد الكهوف و حين انفصلت المرأة عن خطيبها فزعت و أخذت تغوص بدون هدف حتى ماتت . و لازالت هناك علامات حفرتها بأصابعها على جدران الكهف.استعاد سكيلز جثث 30 غواصاً في 12 عاماً منها جثث لثلاث إخوة كانوا يمسكون أيدي بعضهم. بعد أن مات غواص مخضرم اسمه باركر ترنر و انهار عليه جزء من الكهف، لم يعد بإمكان سكيلز أن يستعيد المزيد من جثث الغواصين إذ أن طوفاناً من العواطف بدأ يغمره و لا يسمح له بذلك. و لكن لازال سكيلز يغوص، لماذا؟ ما الذي يستحق هذه المجازفة؟
سكيلز لا يتردد، تلك الكهوف هي من أقل المناطق استكشافاً في العالم ، بها جمال نادر و عجائب لم يطّلع عليه إلا عدد محدود من الناس. يريد سكيلز أن يكون الأول في استكشاف هذه الكهوف لعله يجد عظام حيوانات مدفونة من آلاف السنين.
أحياناً يتجاوز سكيلز حدود الخبرة البشرية، في إحدى تلك المرات غاص إلى عمق 100 متر مع مجموعة من الغواصين و عندها وجد حجرة متسعة ارتفاعها 50 متر و وجد وسطها قطعة من الحجر المستطيل ارتفاعها 2 متر و لونها أبيض خالص.
لابد لكل غواص أن يأخذ اثنين من كل جهاز، اسطوانتى هواء و مصباحين و اثنين من المنظّمات و جهازي كمبيوتر. و لكن أهم المعدات في الغوص هو مخ الغواص و ذلك الجهاز يجب أن لا يخذله أبداً لأن الضغط العصبي الذي يتحمله الغواص بداخل كهف مغلق يؤدي إلى خلل في إدراكه كما أنه لا يعرف ما ينتظره و المجهول يؤثر في إدراك الغواص كثيراً.
لدى سكيلز نظرية يسميّها نظرية الكيكة تساعده على تقييم المخاطر. الكيكة هي تشبيه لقدرة الغواص على حل المشكلات حين يكون بداخل كهف. كلما نزل الغواص إلى عمق أكبر فقد جزءاً من الكيكة ، و عند كل مشكلة يخسر جزءاً آخر. مثلاً قد يضغط بالإسطوانة على المصباح فيكسره و يخسر الإضاءة. لو ضيّع الغواص الكثير من شرائح الكيك فإن عليه أن يصعد و لا يستمر. و إذا لم يصعد فلن تكون لديه القدرة العقلية على مواجهة المواقف الصعبة.
حين كان سكيلز في التاسعة عشر كان يغوص مع غواص خبير يدعى شك. بدأ منظم الهواء يسرّب الهواء, كان لايزال بوسعه التنفس لكن بصعوبة، أريت شك المنظّم فنظر إلي و قال كل منظّماتي تسرّب الهواء. كان محرجاً لي أن أترك شك و لكنني خسرت جزء كبير من الكيكة و لذلك حان وقت الخروج من الماء. ذلك الموقف كان نقطة تحول بالنسبة لسكيلز فقد قرر بعد ذلك أن يقود بدلاً من أن ينقاد للآخرين.
عندما يغوص سكيلز يصاحبه صوتان صوت الطموح الذي يدفعه للمزيد من الإستكشافات و صوت الحذر الذي يمنعه من الإنزلاق في الهاوية. في إحدى المرات استمع سكيلز للصوت الخطأ. كان يغوص في أحد الكهوف و دخل نفقاً ارتفاعه نصف متر ضغط على صدره، صوت الطموح قال استمر و كان متأكداً أن النفق سينفتح على نفق أوسع و لكنه لم يعرف أبداً . إذ وجد نفسه مدفوناً على بعد 17 متراً من بداية النفق عندما بدأ الهواء يندفع من المنظّم على هيئة فقاعات كثيرة. ثم إنه أثار الكثير من الطين لذلك لم يعد يرى شيئاً. أخذ يتحسس في الظلام حتى وجد المنظّم الإحتياطي فوضعه في فمه و لكن هذا أيضاً كان يسّرب الهواء و يدخل الماء إلى فمه. كان أول ما خطر بباله هو أن يسبح في عشوائية و حين تغلّب على فزعه، أخذ يجّرب المنظّم الأول فوجده متصلاً باسطوانة فارغة، الآن هو مرغم على استخدام المنظّم الثاني الذي يدفع في فمه مزيج من الماء المعكرو الرغوة و الهواء. رفع لسانه كي يمنع الماء من دخول حلقه ليمتص الهواء فقط.لكي يحافظ على كمية الهواء المحدودة التي لديه، كان سكيلز يفتح المنظّم ثم يغلقه و بهذا النظام بدأ الخروج . يفتح المنظّم، يرفع لسانه ثم يمتص الهواء، يغلق المنظّم ثم يسبح خطوات ، يتوقف ثم يعيد المحاولة. كانت هذه أكثر اللحظات خطراً بالنسبة لي، فإنني لو سمحت لأي شئ أن يشتت تركيزي عن التحكم في تنفسي لكنت مت. بعد كل هذه الخبرة، تعلم سكيلز أن يتعامل مع كل أنواع الطوارئ، الخطر جزء من هذه الرياضة و لكننا استطعنا إدارته و التحكم فيه. إنني أعيش في فقاعة مرتاحاً و لكن معظم الناس يخافون شيئاً كهذا و بشدة . هكذا يختم سكيلز لقاءه و يتجه نحو البحر مستعداً لمغامرة جديدة.
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة مصرى إبن مصرى في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 30-06-2011, 01:04 PM
-
بواسطة ronya في المنتدى منتدى الأسرة والمجتمع
مشاركات: 17
آخر مشاركة: 08-08-2010, 01:32 PM
-
بواسطة علي الصالح في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 05-03-2009, 02:29 AM
-
بواسطة المشتاقة للجنة في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 10-10-2008, 04:53 PM
-
بواسطة محبة الله ورسوله في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 03-09-2008, 05:38 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات