لما شدا البلبل وترَنم ..



وشقشق الفجرُ وتبسْم ..




أصغى الكونُ وتأهبْ ..




لصوتٌ من مكةِ يتردد ..




رددهُ خيرُ الأكوانِ مُحَمَدَهُ ..




فأرتاعَ الرومُ ومالِكُهُمْ ..




واِهتزَ الكِسْرى كَبيرُ الفُرسِ وسَيدُهْمْ ..




فصوتُ الحقِ جاءَ ..




وأسمعَ الصُمَ الدُعاء ..




وبَلّغَ رسالاتَ ربهِ ولبى النِداء ..




فأيقظَ النائمينَ في ضلالِ الغابرين ..




وتخرصات السالفين ..




وعبادةُ الأصنامِ دينُ المشركينْ ..




وبقيةٍ مِنْ مجوسِ وصابئين ..




فأتمَ اللهُ بهِ رسالات المُرسلين ..
ودين النبيين ..





وأتمَ بهِ أخلاقَ الأكرمين ..




ومحقَ اللهُ بهِ الشركَ والمشركين ..
وجهالات الضالين..
فآمِنَ الناسُ بعدَ روعِ السنين ..
وأرتدعَ المفسدين ..
و آستقامت أمةُ المُسلمين ..
أمةٌ أسلمت وجهها للهِ لما تبينت اليقين ..
على دين الخليلِ إبراهيم ..
و هُدى الصادقِ الآمين ..





{ قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}
[أل عمران 84]





فكانت النبوة الخاتمة المتممة لما قبلها من شرائع ..
وعباداتٍ ومُصلحة للطبائع ..
ومخرجةً للإنسان من عبادةِ الطاغوت والأوثان ..
لعبادةِ الواحد الديان ..





على منهاجِ حُسنْ الخُلق ..




قال حبيبنا عليه الصلاة والسلام " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"




(صححه الألباني في الصحيحة)




وقال قدوتنا عليه الصلاة والسلام :" إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم"
[رواه أحمد].





وقال عليه الصلاة والسلام :" أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى اللّه وحسن الخلق "
[رواه الترمذي والحاكم].





وقال عليه الصلاة والسلام :" إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً "
[رواه أحمد والترمذي وابن حبان]





.




الخُلق الأول الصدق ..




{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}




[التوبة: 119]




كان رسولنا في الجاهلية ..




ملقبٌ بالصادقِ الأمين ..




وكان حاملٌ لأماناتِ المشركين ..




صادقُ الكلمة والعهدُ والدين ..




ولما بعثهُ اللهُ بالنبوة ..




عاداهُ قومهُ وأنكروا عليهِ قوله ..




ولم يتخلى عن خُلُقهُ ذلكَ معهم رغم ظاهر العداوة وشديد البغضاء منهم له ..




وعند هجرتهِ ردَّّّّّّّ أمانتُهم إليهم -1-




ولما جاء لهُ أمرٌ من اللهِ بإنذار عشيرتهُ المُقَرَبين ..




{ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ }
الشُعراء 214





فصعدَ على جبل الصفا وجمعهم فأجتمعوا له ..




وقال صلى اللهُ عليهِ وسلم :




"أَرَأَيْتكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟"




قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا...[2].





وشَهِدَ لهُ بالصدق أعدى منْ عاداهُ منِهُمْ ..




فكان أبو جهل يقول :
"ما نكذِّبك يا محمد وإنك عندنا لمُصدَّق وإنما نكذب ما جئتنا به -3-





يُتْبَعْ



********

المراجع




[1] البيهقي: السنن الكبرى (12477)، وابن كثير: البداية والنهاية 3/218، 219، والطبري: تاريخ الأمم والملوك 1/569




[2] البخاري عن عبد الله بن عباس: كتاب التفسير (4492)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ" (208).
[3]
محمد علي الصابوني .صفوة التفاسير .- القاهرة :دار الصابوني ، د.ت. ، ج 1، ص 386عن البحر المحيط 4/ 112