{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة : 256]
و هل تريدنا أن نقبل عقيدة وثنية قد ثبت بالدليل أنكم أخذتموها ممن سلف من الناس ! فيا آكل ربه رويدك إنك تقول هجرا ! يقول وول ديورانت في قصة الحضارة :
إن المسيحية لم تقضِ على الوثنية، بل تبنتها، ذلك أن العقل اليوناني المحتضر عاد إلى الحياة في صورة جديدة في لاهوت الكنيسة وطقوسها، وأصبحت اللغة اليونانية التي ظلت قروناً عدة صاحبة السلطان على السياسة أداة الآداب، والطقوس المسيحية، وانتقلت الطقوس اليونانية الخفية إلى طقوس القداس الخفية الرهيبة، وساعدت عدة مظاهر أخرى من الثقافة اليونانية على إحداث هذه النتيجة المتناقضة الأطراف. فجاءت من مصر آراء الثالوث المقدس، ويوم الحساب، وأبدية الثواب والعقاب، وخلود الإنسان في هذا أو ذاك، ومنها جاءت عبادة أم الطفل، والاتصال الصوفي بالله، ذلك الاتصال الذي أوجد الأفلاطونية الحديثة واللاأدرية، وطمس معالم العقيدة المسيحية. ومن مصر أيضاً استمدت الأديرة نشأتها والصورة التي نسجت على منوالها. ومن فريجيا جاءت عبادة الأم العظمى، ومن سوريا أخذت تمثيلية بعث اوتيس. ربما كانت تراقيا هي التي بعثت للمسيحية بطقوس ديونيشس، وموت الإله ونجاته. ومن بلاد الفرس جاءت عقيدة رجوع المسيح وحكمه الأرض ألف عام، وعصور الأرض، واللهب الأخير الذي سيحرقها، وثنائية الشيطان والله والظلمة والنور. فمن عهد الإنجيل الرابع يصبح المسيح نوراً "يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه". ولقد بلغ التشابه بين الطقوس المثراسية والقربان المقدس في القداس حداً جعل الآباء المسيحيين يتهمون إبليس بأنه هو الذي ابتدعه ليضل به ضعاف العقول.
وقصارى القول أن المسيحية كانت آخر شيء عظيم ابتدعه العالم الوثني القديم.
المفضلات