اقتباس
قال الزمخشري: لا ترى باباً في البيان أدق ولا ألطف من التورية، ولا أنفع ولا أعون على تعاطي تأويل المتشابهات في كلام الله ورسوله. قال: ومن أمثلتها الرحمن على العرش استوى
تأمل كيف جعل الزمخشرىُ الآيةَ الكريمة من المتشابهات . وقد نبه العلماء على هذا المسلك الشائع من أهل البدع . لا يجعلون إمامهم الكتاب والسنة ، وإنما إمامهم بدعتهم التى اعتنقوها ، ثم يعرضون عليها نصوص الكتاب والسنة ، فما وافق بدعتهم من النصوص - حسب فهمهم - عدوه محكمـًا ، وما خالف بدعتهم من النصوص عدوه متشابهاً . ثم يردون هذا المتشابه بزعمهم إلى بدعتهم بالتأويل أو الإنكار . فصاروا يردون المحكم إلى بدعتهم والمتشابه إلى بدعتهم . فبدعتهم عندهم هى الأصل ، وكلام الله ورسوله تابع لها ، وهى حاكمة عليه .

وليس ذلك طريق السلف . وإنما طريقهم ما نص عليه القرآن العظيم . فكانوا يجعلون كلام الله ورسوله هو الأصل والإمام المتبع . فما كان محكمًا أجروه على ظاهره ، وما كان متشابهًا ردوه إلى المحكم ، عملاً بقوله تعالى : ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب ) .