اقتباس
قوله تعالى (فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم) مع ان الكتابة لاتكون الا باليد فلماذا ذكر الايد؟؟؟
صحيح أن الكتابة باليد (فى الغالب الأعم)
لكن معنى الآية كما يفهم من أغلب التفاسير ... هو الوعيد والتحذير لمن يحرفون كلام الله من أى طريق كان (وأشهره الكتابة)
وكلمة (بِأَيْدِيهِمْ) هى توكيد ....
وقد خص لفظ اليد ليتصور لنا المعنى؛ إذ اليد هى أشهر الجوارح التي يتم بها فعل الكتابة .... وهذا يفيد الإصرار والتعمد والقصد واستحضار نية السوء من قبل الأحبار والرهبان قبل تحريفهم كلمات الله !!!
1- فعندما أقول (كتبت الدرس) فهى تختلف عن (كتبت الدرس بيدى)
فالعبارة الثانية .... تعطى انطباعا بأننى كتبت الدرس بهمة وتيقظ وتركيز واهتمام وتنظيم افكار !!!
2- وقد أقول : كتبت إلى فلان ... قد أكتب بيدى ... أو قد أملى (سكرتيرى) مثلا ليكتب نيابة عنى (والسكرتير فى بعض الأحيان قد يزيد أو ينقص فيما أمليه عليه خطئا أو عمدا)!!!
لكن عندما أقول : (كتبت إلى فلان بيدى) ... فهذا توكيد اننى من كتبت بنفسى وأننى واع ومدرك لكل كلمة أكتبها
هل لاحظت الفرق بين اللفظين ؟؟؟؟
فقوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) [البقرة/79]، ونسبته الكتابة إلى أيديهم تنبيه وتوكيد على أنهم حرفوا كلام الله واختلقوه وابتدعوه
وذلك كنسبة القول إلى أفواههم في قوله عز وجل : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ) [التوبة/30]
ولفظة (اليد) تستعار لبيان معان أخرى فقد :
* تستعار اليد لبيان الفضل والنعمة، فيقال : فلان له علي أياد بيضاء
* تستعار اليد لبيان الحوزة والملك يقال: هذا في يد فلان أي : في حوزته وملكه كما قال تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ۚ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة/237]
* تستعار اليد لبيان الهمة والشروع فى الأمر (أو إهماله) يقال : وضع يده في كذا : إذا شرع فيه كما يقال : نفضت يدي عن كذا. أي : تركته
* تستعار اليد لبيان القوة والسلطان كما فى قوله عز وجل : (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) [المائدة/110]، أي : قويت يدك،
وقوله تعالى : (اصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ص/17]، وقوله تعالى : (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ) [ص/45]، أي : أولى القوة والعزم
وقوله تعالى : (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) [الذاريات/47]، أي : بقوة
* تستعار اليد لبيان النصرة والمؤازرة والمعية فيقال : فلان يد فلان أي : وليه وناصره، ويقال : فلان اليد اليمنى لفلان أى معينه وعاضده فى الأمر، ويقال لأولياء الله : هم أيدي الله، وعلى هذا الوجه قال عز وجل : (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [الفتح/10]، فإذا يده عليه الصلاة والسلام يد الله، وإذا كان يده فوق أيديهم فيد الله فوق أيديهم،
ويؤيد ذلك ما روي فى الحديث القدسى : (لا يزال عبدى المؤمن يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه وأرضاه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التى يمشى عليها)
* تستعار اليد لبيان الحسرة والندم كقوله تعالى : (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف/149]، أي : ندموا،
ويقال : سقط في يده وأسقط فى يده : عبارة عن المتحسر، أي كمن يقلب كفيه ندما وتعجبا من سوء المصير
وعليه فعندما يقول الله تعالى :
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) ...
فيستفاد من ذلك التالى :
1- أنهم حرفوا كلمات الله عن طريق الكتابة باليد
2- أنهم حرفوا كلمات الله عمدا وإصرارا لا عن جهل أو خطأ أو سهو
3- أنهم حرفوا كلمات الله عن طريق قوتهم وسلطانهم على الناس
4- أنهم حرفوا كلمات الله بحكم استحفاظهم على الكتب السماوية (التوراة والإنجيل) التى تحت أيديهم
5- أنهم حرفوا كلمات الله جاحدين بفضل الله عليهم أن جعل لهم الأيدى وهى نعمة من نعمه التى لا تحصى فاستخدموها فى الصد عن سبيله
أرأيت كيف اتسع تفسير الآية .... وكثرت الفوائد منها .... بعد توكيد كلمة (يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ) بكلمة (بِأَيْدِيهِمْ) ؟؟؟؟
وهذا هو نفس الرد على سؤالك :
اقتباس
قال تعالى ( يقولون بافواههم ما ليس فى قلوبهم) لماذا ذكر افواههم مع ان القول من الافواة وهذا معلوم فلماذ ذكر الافواة ؟؟؟
يتبع إن شاء الله ....
Doctor X
المفضلات