آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


-
أيها الأحبة
ليس بين الله وبين أحد من خلقه نسب إلا بالتقوى والعمل الصالح
قال تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّه أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّه عَلِيم خَبِير" .
عاب ربنا جل وعلا على أولئك الذين زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه فقال سبحانه : " وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ" .
وقال جل وعلا : "وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ".
بل وأنكر جل وعلا ورد على أولئك الذين زعموا أن التكريم حتى في الآخرة حكرًُ عليهم وخاص بهم ، فقال سبحانه وتعالى : "وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ".
بل خاطب ربنا أمة النبي الأمين صلى الله عليه بقوله : "لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا* وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ".
هذا عدل الإسلام وهذا عدل الله جل وعلا.
لا مجاملة على حساب السنن والمنهج
فسنن الله في الكون ثابتة لا تتبدل ولا تتغير ولا تجامل أحد من الخلق بحال من الأحوال مهما ادعى لنفسِهِ من مقومات المجاملة أو المحاباة " لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا"
لقد تخلى بعض الرماه في معركة أحد عن أمر واحد لسيدنا رسول الله فكانت الهزيمة
بل وتعرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه للقتل وشج وجهه وكُسرت رباعيته ودخلت حلقة المغبر في وجنتيه الشريفتين
وانتشر خبر موته في الميدان حتى مر أنس بن النضر على الصحابة
وقد ألقوا السلاح واستسلموا للموت ، فقال لهم أنس : لما ألقيتم السلاح ؟ . قالوا : قُتل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فصرخ فيهم أنس بن النضر وقال : قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالله لا يُجامل أحد من الخلق.
يقول نبينا وحبيبنا لبضعته الطاهرة للزهراء لفاطمة أم الحسنين رضي الله عنهم جميعاً يقول لها : "يا فاطمة اعملي فأني لا أغني عنك من الله شيئاً".
ويعلنها صريحة مدوية :" من بطأ به عمله لم يُسرع به نسبه ".
لقد أعز الإسلام سلمان فارس ووضع الكفر الشريف أبا لهب
لا يجامل الله جل وعلا أحداً من خلقه مهما ادعى لنفسه من مقومات المجاملة أو المحاباة.
نعم هذا هو عدل الإسلام وتسامحه الذي لا يُعامل الخلق على اللون أو على العنصرية البغيضة أو على العصبية المقيتة وإنما على تقوى الله والعمل الصالح
بل
تذكروا هذا الأصل الذي سأؤصله لكم الآن وهو من الأصول الكبيرة التي قَلْ أن يُنتبه إليها
هل تعلمون أن عظمة هذا الدين وعدل هذا الدين أنه سبحانه وتعالى
لا يحرم أجر من آمن به جل وعلا وبالرسل والأنبياء الذين بعثهم قبل النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
بل كل من آمن من أبناء شريعة من الشرائع السماوية المنزلة على كل رسل الله وأنبياءه من آمن من هؤلاء بالله وآمن بهذا الرسول الذي أرسله الله وآمن باليوم الآخر فله أجره عند الله ولا خوف عليه ولا حزن عليه.
تدبروا معي قول الله جل وعلا : " إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".
أنتم قرأتم الآية مراراً لكن هل تدبرتم معناها؟
" إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا " وهم الموحدون المؤمنون من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم .
" إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا " فهم الذين يستحقون اسم الإيمان المطلق.
"وَالَّذِينَ هَادُوا " أي واليهود.
يا إلهي
أيوة اليهود الذين آمنوا بالتوراة التي نزلت من الله على موسى قبل أن تحرف وقبل أن تزور بشهادة القرآن قال تعالى :" وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ * فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ".
فمن آمن من اليهود " وَالَّذِينَ هَادُوا " أي واليهود
وهذا الاسم (هادو) مشتق من الكلمة العبرانية (يهوذا)
ويهوذا هو أحد أسباط اليهود الإثني عشر
هو أحد أسباط بني إسرائيل الإثني عشر
(يهوذا) اشتق من هذا الاسم (هادو)
اليهود "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى" أي من آمن من اليهود بالله جل وعلا وبموسى صلى الله عليه وسلم وبالتوراة التي نزلها الله على قلب موسى فهذا مؤمن له أجره الكامل عند الله ولا خوف عليه ولا حزن يوم القيامة.
"وَالنَّصَارَى" وهم أتباع عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام الذين آمنوا بالإنجيل الذي نزله الله على عيسى بلا تزوير أو تحريف أو تبديل.
هؤلاء سموا نصارى نسبة إلى بلد ناصرة التي نزلها عيسى ابن مريم على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
وقيل بل سموا نصارى لأنهم نصروا عيسى كما في قوله تعالى : "فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ".
وكما في قوله تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ".
"إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى "
وَالصَّابِئِينَ جمع صابئ
والعرب تُسمى كل من ترك دينه ودخل ديناً آخر تُسميه العرب صابئة.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية : (والصابئون نوعان : موحدون حنفاء ومشركون ، أما الموحدون الحنفاء الذين كانوا يعبدون الله على ملة إمام الحنيفية السمحة إبراهيم عليه السلام هؤلاء هم الذين أثنى الله عليهم في آية سورة البقرة التي أذكرها الآن ، وأما القسم الثاني فهم الذين قرنهم الله بالمجوس والذين أشركوا في آية سورة الحج)
هذا كلام شيخ الإسلام طيب الله ثراه فمن آمن بالله جل وعلا وآمن بالكتاب الذي نزله الله على الرسول الذي بعثه الله في زمنه هذا موحد بالله له أجره ولا خوف عليه ولا حزن عليه
هذه المنن الأربع
ولا تعارض بين هذه الآية وبين آية سورة آل عمران "ومن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وهُوَ فِيالآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ ".
فالآية الأولى في سورة البقرة يُبين فيها ربنا حكم السابقين الأولين على الإسلام وعلى رسالة محمد عليه أفضل الصلاة وأذكى السلام .
آلا وقد بعث محمد صلى الله عليه وسلم فوجب على أهل الأرض جميعاً أن يؤمنوا به بعد السماع به وبعد البلاغ والدعوة والبيان وهذه وظيفة أمة النبي عليه الصلاة والسلام وإلا فورب الكعبة ستأثم الأمة كل بحسبه إن لم تتحرك الأمة لدعوة أهل الأرض بالحكمة البالغة والموعظة الحسنة والكلمة الرقيقة الرقراقة لأنه لا عذاب إلا بعد الحُجة والبيان والبلاغ . قال جل وعلا : "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" . وقال جل وعلا : "رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لئلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌبَعْدَ الرُّسُلِ" . وقال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبى هريرة : (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي) تدبروا لفظة (لا يسمع بي) فلابد أن نُسمع الخلق عن الله ورسوله (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار).
وهذا يُبين حجم الأمانة والمسؤولية التي تتحملها أمة سيد البشرية التي أُمِرتْ من سيد الدعاة وإمام التقاه بقوله : (بلغوا عني ولو آية) (بلغوا) تكليف . و (عني) تشريف . (ولو آية) تخفيف.
لكن كثير من أفراد الأمة لم يعملوا التكليف ولم يقبلوا التشريف ولم يشكروا الله على التخفيف.
(بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).
أذكر بالآية مرة ثانية :" إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".
أي عدل هذا؟
أي تسامُح هذا؟
أخاطب العقلاء في كل ملة أن يسمعوا إلى عدل الإسلام
وإلى تسامح الإسلام
وإلى معاملة الإسلام للآخر بل وإلى قبوله للآخر وإلى التعامل معه في غاية التقدير والاحترام
" وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْلَمُونَ".
وقال سبحانه : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ".
ولا أريد أن أطيل النفس في هذا المحور الأول لكني أؤصل وأؤكد أن تاريخ التسامح سطر ببداية تاريخ الإسلام
دين العدل ، دين المسامحة ، دين الرحمة ، دين البر ، دين الخلق ، دين الأدب ، دين العدل دين الوفاء
ولم لا وهو دين رب الأرض والسماء
ودين إمام الأنبياء وسيد الأتقياء
محمد صلى الله عليه وسلم
"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ".
اللهم اجعلنا ممن وعظتهم فتذكروا يا أرحم الراحمين
" يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"
يتبع بإذن الله
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 01-02-2011, 12:16 AM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 29-12-2010, 01:03 AM
-
بواسطة Ahmed_Negm في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
مشاركات: 15
آخر مشاركة: 01-07-2010, 01:55 PM
-
بواسطة ابو حنيفة المصرى في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 10-12-2007, 08:45 PM
-
بواسطة المحبه لله في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 10-09-2006, 03:23 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات