]
تخبطات العلماء في موقع فاران .. مهزلة!
ولكن عذرهم معهم .. فقد سبقهم إلى هذاالتخبط مؤلفو العهد القديم! فكاتب سفر العدد جعل فاران ف يشبه جزيرة سيناء بعد حضيروت: "وارتحل الشعب من حضيروت ونزلوا في برية فاران" (عد 12: 16)، أماكاتب سفر التثنية فجعلها بقدرة قادر في شرق الأردن:
"هذا هو الكلام الذي كلّم به موسى جميع بني إسرائيل في عبر الأردن في البرية، في العربة قبالة سوف، بين فاران وتوفل ولابان وحضيروت وذي ذهب" (تث 1: 1)! هذا التخبط الفاحش بين العددوالتثنية دفع آدم كلارك المفسّرالمسيحي إلى الصراخ:
This could not have been the Paran which was contiguous to the Red Sea, and not far from Mount Horeb; for the place here mentioned lay on the very borders of the promised land, at a vast distance from the former (*)
هذهلا يمكن أن تكون فاران المتاخمة للبحر الأحمر، والتي لا تبعد شيئاً عن جبل حوريب. ذلك أن الموضع المذكور هنا يقع على حدود أرض الميعاد، على بعد شاسع من الموضع سابق الذكر. اھ
تخبُط كُـتـّاب التوراة مع بعضهم البعض كوم، وبراءة الاختراع التي صكّها كاتب سفر صموئيل كوم آخرفقد جعل فاران في أقصى شمال فلسطين: "وقام داود ونزل إلى برية فاران. وكان رجل في معون وأملاكه في الكرمل .. واسم الرجل نابال، واسم امرأته أبيجايل .. فسمع داود في البرية .. ولما رأت أبيجايل داود .. وأرسل داود وتكلّم مع أبيجايل ليتخذها له امرأة .. ثم أخذ داود أخينوعم من يزرعيل، فكانتا له كلتاهما امرأتين" (1صم 25).
فجميع هذه الأماكن في شمال فلسطين! فما الذي أتى بفاران هنا؟!
فما كان من بعض النقاد - هروباً من هذا المأزق - إلا القول بأن كلمة(فاران)هنا محرّفة عن(معون)الواردة في نفس النص:Encyclopaedia Biblica, (Paran), 3583
فماأشبه فاران لديهم بمدينة إرم في الأساطير العربية، فهي مدينة تدور في جميع أرجاء المعمورة! من أجل كل هذه التضاربات لم تجد دائرة المعارف الكتابية بداً من رفع الراية البيضاء والتصريح بكل أسى:
Encyclopaedia Biblica, (Paran), 3583
ليس من السهل فهم جميع فقرات العهد القديم المتعلقة بفاران. اھ
النتيجة: كاتب سفر العدد، وكاتب سفر التثنية، وكاتب سفر صموئيل يجهلون موقع فاران الحقيقي!! فعلى أي شيء يستند أهل الكتاب في الرد على قول المسلمين الصحيح أن فاران هي الحجاز التي سكنها إسماعيل، مع أن هذا هوالأصل كما في سفر التكوين وأقوال الربانيين!!..
أين ورَد أن الربّ سبق وتلألأ من جبل فاران!!
من الخدع السحرية التي يموّه بهاعلماء الكتاب المقدس على أتباعهم هو أن موسى لم يكن يتنبأ بالمستقبل، بل كان يتحدث عن الماضي! فيقولون إن التجلّي الإلهي على جبل سيناء، انعكس على جبل سعير، ثم انعكس على جبل فاران! وكأنه لا يوجد في هذه المنطقة إلا هذه الجبال فقط!! وما الحكمة من الاقتصار على هذه الجبال دون التطرق إلى جبل صهيون مثلاً أو جبل الزيتون لو كان ذلك كذلك!
ونكتفي في الإشارة إلى هذا التفسير بإيراد ماذكره أنطونيوس فكري في تفسيره :
" (جاءالرب من سيناء) يقصد بمجيئه تجلى مجده وظهوره الإلهي في سيناء عند إعطاءالشريعةالمقدسة لشعبه. (وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران)إن مجد الرب الذي تجلى على جبل سيناء بنار ورعود وبروق وأضواء لامعة باهرة، لم يقتصر ظهوره على جبل سيناء، بل انعكست أضواؤه البهية على الجبال القريبة والبعيدة:
ـ جبل سعير: على الجانب الشرقي للعربة شمال شرق سيناء ومن رؤوس جبال سعير جبل هور. وقد احتل الأدوميون (بنو عيسو) أرض سعير الجبلية (تك3:32).
ـ وجبل فاران: هذا يقع في جنوب فلسطين، وكان يسكنها الإسماعيلين.
وتلألؤ مجد الرب على سيناءفي إعطاء شريعته على الجبال الأخرى كان علامة على أن شريعة الرب فيها الضياء والهداية ليس لليهود وحدهم بل لجميع الشعوب التي ستقبل كلمة الرب يوماً ما ولاحظ التسلسل:
سيناء ... حيث إسرائيل (أي نسل يعقوب).
سعير .... حيث أدوم (أخويعقوب).
ثم فاران ... حيث إسماعيل (عم يعقوب).
ومن القصص المسلية في التفاسير اليهودية لهذه الآية: أن الله ذهب بشريعته إلى جبل سعير أولاً، فرفضوها لأنهم وجدوا فيها وصية لا تقتل. فذهب الله بشريعته إلى جبل فاران، فرفضوها لأنهم وجدوا فيها وصية لا تسرق. فذهب بها إلى اليهود في جبل سيناء فقبلوها.
ولكن المعنى هوانتشار كلمة الله تدريجياً كما قال المسيح لتلاميذه أن يبدأ بأورشليم أولاً ثم اليهودية ثم السامرة ثم إلى كل الأرض. ولاحظ أن كلمة الله وشريعة الله هي نار ونور يتلألأ ويمتد نوره. والمنظر الرائع هنا أن النور يبدأ بظهوره على قمة أحد الجبال، ثم يسقط على قمة أخرى، فقمة ثالثة. والقمم هى الكنائس(!)التى تقبل المسيح". اھ (*).
وبعيداً عن هذا التصوّرالعجيب، ينبغي أن تسأل كلّ مَن يقول هذا: أين ورد في الأسفار الخمسة أن نور الله انعكس على جبل فاران؟ ولا تنتظر إجابة،فإنها معدومة لسبب بسيط جداً .. وهو أن بني إسرائيل في ارتحالاتهم لم يصادفوا أيشيء اسمه(جبل فاران)! كيف هذا؟ نعم .. إنها مفاجـــأة
فالموضع الذي نزل فيه بنوإسرائيل وسمّاه كاتب سفر العدد(فاران)، كان أرضاً جرداءلاجبال فيها! ولستُ أنا مَن يقول ذلك، بل كاتب سفر العدد نفسه: فبعد أن رجع الجواسيس إلى موسى في فاران المزعومة وتكاسل بنو إسرائيل عن دخول الأرض، قال الله لموسى:
"في هذاالقفرتسقط جثثكم .. فجثثكم أنتم تسقط في هذاالقفر" (عد 14: 29، 32).
ولكن .. هل القفر ليس به جبال؟ حسناً، أنا أدعوكم إلى مطالعة سفر العدد ابتداءً من الإصحاح 13 وحتى الإصحاح 19 وأتوسّل إلى القارئ الكريم أن يخبرني أين(جبل فاران)الذي تجلّى الله عليه! فإن لم يجد - ولن يجد - فليستعدّ معي إلى الإبحار في بشارة حبقوق التي تتحدث عن(جبلفاران)وموقعه الحقيقي والشريعة المستقبلية التي ستُعطى عليه، وغيرها من المفاجآت.














رد مع اقتباس




المفضلات