عمل المرأة .. وإرضاء الله ثم النفس فالأهل والناس

يقول الله الرزاق الكريم ذو القوة المتين سبحانه وتعالى : { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60) }( القرآن المجيد - الذاريات ) .

أختي العاملة .. إختي النقابية الإنسانية .. في كل مكان وزمان ..

إجتهدي في إرضاء ربك أولا ، فهو الله الخلاق العليم ، والرزاق ذو القوة المتين ، وهو الحنان المنان ذو الجلال والإكرام ، وهو صاحب الجنان ، والعمل الطيب الصالح يدخل الجنان ، ثم سارعي لإرضاء نفسك ثانيا ، فإرضاء الأهل ثالثا ، ثم إرضاء الناس الآخرين الطيبين المستقيمين رابعا وأخيرا ، ولا تحاولي إرضاء غرور المخنثين من الرجال في العمل مهما كانت الظروف الاجتماعية والاقتصادية ، وفق منظومة دينية إسلامية فلسفية راجحة ، تزيد من الإنتاج الخدمي والتصنيعي ، وتعطيك حقوقك الإنسانية في الدنيا والآخرة ، والآخرة خير وأبقى .
وحاولي أختي المؤمنة إن رغبت في العمل أو إضطررت له لتوفير القوت الفردي والأسري العائلي ، أن تعملي في مؤسسة نسوية ، أو قطاع نسوي عام أو خاص ، وإذا تعذر ذلك فحاولي العمل بالقطاع الحكومي العام دون أن يكون عليك مشرف مباشر من الرجال . ويفضل عمل النساء في القطاعات النسوية الجماعية كالتعليم العام والجامعي والتمريض النهاري لا الليلي ، أو الأعمال المنزلية التصنيعية لقطاعات مثل الخياطة والتطريز وابتعدي عن الشبهات والمشبوهين وذوي النفوس المريضة من الرجال والمخنثين من الشباب لتكوني من ذوات السمعة الطيبة الطاهرة .
وللجميع ، من أصحاب عمل ورأسماليين نقول ، لا يكفي أن يتم تكريم المرأة العاملة في يوم واحد فقط ، يتمثل بيوم الثامن من آذار سنويا ، المقر غربيا ، بإتاحة المجال أمامها بالراحة والاستراحة والجلوس في البيت أو المشاركة في تنظيم الاحتفال بهذا اليوم المأساوي الأمريكي السابق الذي يخلد هموم وغموم المرأة العاملة في العالم فقط . بل لا بد من ممارسة الاحترام العام والتكريم الفعلي للمرأة طيلة حياتها ، فماذا عسى أن يصنع يوما تكريما واحدا من أصل 365 يوما بالسنة الشمسية أو يوما تكريميا واحدا من أصل 354 يوما بالسنة القمرية ؟ فلتصنعوا الاحترام الدائم للمراة العاملة التي تساهم في بناء لبنات المجتمع الأسري والمجتمع المحلي والمجتمع الإنساني العام طيلة أيام السنة بانتظام وعلى الدوام . ولتقدم الهدايا غير المشروطة للنساء العاملات ، ومكافأتهن عن تأدية عملهن بأحسن ما يكون ، وليس بالورد الأحمر أو الأصفر او الأبيض ، يحيا الإنسان .
وكلمة نوجهها لأولي الألباب والنهى والأبصار من المسلمين الأخيار الأبرار .. ساعدوا في توفير فرص عمل شريفة عفيفة للنساء المحتاجات والأرامل والثكالى والمنكوبات وزوجات الأسرى والشهداء ، والخريجات الجامعيات ، لمن ترغب منهن ، وفق المبادئ والأسس الإسلامية العظيمة ، بعيدا عن الاحتيال وسرقة جهودهن في العيش الكريم في ربوع البلاد . وساهموا في جعل حياة الناس الآخرين شتاء هاطل المطر والرزق الغزير ، أو أجعلوها حياة ربيعية وارفة الظلال ، ولا تتسببوا في قلب حياة الآخرين خريفا مظلما متساقط الأوراق .
ونؤكد المرة تلو الألف ، أن المرأة العاملة ليست تلك العاملة في المصنع أو الشركة أو المؤسسة بالقطاع العام أو الخاص أو الأهلي أو التعاوني ، بل هي المرأة العاملة في البيت أولا ، والمصنع والمؤسسة والشركة والمنشأة ثانيا . فالمرأة العاملة بالمصطلح المتعارف عليه ، بالعمل خارج البيت أو لقاء أجر يومي أو شهري ، هي عاملة مضاعفة أو ثنائية العمل ، حيث تعمل لأسرتها في البيت أولا ، في ساعات الصباح الباكر والمساء المتأخر ، وتعمل ما بين الفترة المسائية والإبكارية بنوبات عمل ثلاثية الأبعاد . ولتعلم المرأة العاملة أن العمل اليدوي أو العقلي أو كليهما ليس بديلا عن الحياة العائلية الطيبة مهما كانت الظروف والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية .

كلمة طبية خضراء أخيرة .. فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ

يقول الله العزيز الكريم جل جلاله : { وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)}( القرآن الحكيم - القصص ) .

نستشف من هذه الآيات القرآنية المجيدة ، شرعية عمل المرأة المسلمة في الأعمال البعيدة عن الاختلاط مع الرجال ، حيث كانت ابنتا نبي الله شعيب عليه السلام تعملان برعي الأغنام ، فشق عليهن أمر سقاية الماشية ، فجاء نبي الله موسى عليه السلام وساعدهما ، فكانت مكافأته تزويجه إمرأة مستقيمة عاملة حييه لطيفة ، ابنة نبي من أنبياء الله في أرضه الواسعة .
وكلمة حق حقيقة ، لا بد من قولها ونشرها ، إنه لا بد من تطبيق تعاليم الرسالة الإسلامية الغراء ، بصورة جذرية عادلة ومعتدلة بعيدة عن التعصب والإنطوائية والعزلة والتنطع والفوقية وقهر المرأة واستغلالها في ميادين الحياة المختلفة ، في البيت والمدرسة والعمل ، فعمل المرأة الطيب الشريف النظيف البعيد عن الابتزاز والاستغلال ، هو الأمر العفيف الذي لا غبار عليه ، فهو نوع من أنواع المكسب الأسري والمجتمعي والإنساني الشرعي المشروع ، لأن العدالة الاجتماعية والاقتصادية الإسلامية السوية ، هي أسس الحكم الرشيد العادل القائم على الوسطية البعيد عن الخنوع والخضوع للأهواء البشرية ، الظالمة التي تهبط بمستويات المرأة العاملة ومستويات العمل عامة إلى الدرك الأسفل من الحياة البشرية .
وتذكر أخي المسلم .. أختي المسلمة في جميع أنحاء العالم ، أن تكريم النساء العاملات في البيوت والمصانع والمنشآت هو سمة جميلة ، وأخلاق حميدة ، وقيم ومثل عليا ، ترتقي إلى عنان السماء ، وأن الإسلام العظيم هو أول وخير من ينصف المرأة العاملة في جميع المجالات والميادين الحياتية العامة والخاصة .
وختاماً ، وبمناسبة الثامن من آذار – مارس ( 8 / 3 / 2011 ) يوم المرأة العالمي ، نقول للمرأة العاملة في كل مكان وزمان ، كل عام وانت بخير ، والى الامام ، في تحقيق البناء الوطني والإنساني الشامل والمتكامل جنباً الى جنب مع الرجل . ولا بد من المشاركة النسوية بفعاليات الحركة النقابية المستقلة أو المنفصلة ، لتعزيز وتعظيم دور المرأة العاملة أسريا ومجتمعيا وإنسانيا لتأخذ الدور اللائق منها وفق الحياة الإسلامية الإنسانية العادلة .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .