
-
نحن المسلمون نؤمن أنه ما من فعل حسن أو قبيح يجري في هذه الدنيا إلا وهو واقع بمشيئة الله وإرادته
فالمسلمون يؤمنون أن الله هو المهيمن على هذا الكون، فلا رب فيه سواه، وكل ما يجري في الكون من خير أو شر فإنما يقع وفق مشيئته الإلهية
فلن يعصى الله أو يطاع إلا بإرادته وعلمه
وهو تعالى وحده دون سواه خالق الخير والشر
فالمسلمون لا يقولون بقول المجوس الذين زعموا أنهم ينزهون الله عن النقائص فجعلوا للكون خالقين : خالقاً للخير ...... وآخر للشر
وهذا عين الكفر والشرك بالله تعالى !!!!!
وعليه فإن الله هو الذي :
يحيى .... ويميت
ويرزق ..... ويمنع
ويغنى ..... ويفقر
ويعز ..... ويذل
وينفع ..... ويضر
ويشفي ..... ويمرض
وينصر ..... ويخذل
ويهدي ..... ويضل
فنسبة هذه الأفعال لله تعالى إنما هو لتعلقها بطلاقة قدرته وهيمنته جل وعز
-------------------------------------------
وهناك مبدأ هام جدا : (الإضلال هو نتيجة للضلال)
قال تعالى : (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا)
وتعذيب الله لمن أضله وقول القائلين بأنه مناف لعدل الله، فإنما يصدق لو كان إضلال الله للناس ابتداء، وهذا محال على عدل الله تبارك وتعالى :
﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ فقد خلق الناس جميعاً على الفطرة موحدين :
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ)
لذا خطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس فقال : (ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا) وقال فيما يرويه عن ما علمه ربه جل وعلا : (وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشـركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً)
وهكذا فالله عز وجل خلق البشر مؤمنين موحدين شاهدين على أنفسهم أنه : (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) ..... وإنما ضل من ضل منهم باتباع الشياطين بإرادتهم واختيارهم
ولكى تقوم حجة الله على عباده .... فإنه قد وهبهم العقل ليميزوا به بين سبيل الخير وسبيل الشر بدون أى ضغط أو إكراه .... قال تعالى:
(وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)
(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)
(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ)
(إِنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ ۖ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا)
(إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ۗ أَفَمَنْ يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
ولأجل ذلك (إقامة الحجة على الناس يوم القيامة) أرسل إليهم الرسل وأنزل الكتب السماوية .... فلو كانت الهداية والإضلال جبرية حتمية لما كان من ضرورة إرسال النبيين ولا إنزال الكتب ولا إجراء المعجزات على أيديهم :
(رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً)
(مَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا)
(بَلَىٰ قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ)
(تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ)
(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ * ذَٰلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ)
(وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ)
-------------------------------------------
والمتأمل في آيات القرآن يرى جلياً أن إضلال الله لهؤلاء الذين أضلهم كان بمقتضى أفعالهم السيئة .... فقد أضلهم لاختيارهم العماية ورفضهم الهداية وتنكبهم طرقها
فالله يضل من اختار الضلال
وفي المقابل هو يهدي من اختار الهدى والرشاد :
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ * وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ )
وقد نبه القرآن على هذا المعنى في آيات كثيرة
منها قوله : (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (
أى أن إضلال الله لهم ومنعه الهداية عنهم كان بسبب زيغانهم
ومنها قوله: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)
أى أن زيادة إضلال الله لهم ومنعه الهداية عنهم كان بسبب ضلالهم أصلا باختيارهم
ومثله حال أولئك الذين صرف الله قلوبهم عن النور والهدى بسبب استكبارهم عن قبول الحق :
(سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ)
ووفق هذه القاعدة أيضاً أضل الله من نقض عهده وميثاقه وأفسد في الأرض بالمعاصي:
(وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (
فهذا الفاسق يستحق الضلالة بسبب إفساده في الأرض وعمله السىء الشرير
ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى:
(وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)
وقوله تعالى:
(فَإِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ(
فكل هؤلاء الذين أضلهم الله لا يستحقون هداية الله بسبب فعالهم القبيحة:
(كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (
-------------------------------------------
وكما أن الإضلال نتيجة للضلال .... فكذلك هداية الله إنما هي توفيق وجزاء لمن اختار طريق الطاعة :
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً)
(فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسّـِرُهُ لِلْعُسْرَى (
-------------------------------------------
وأخيرا وجب التنويه إلى أن مثل هذا المعني الذي يستنكره النصارى على القرآن الكريم .... قد ورد في كتابهم المقدس :
1- ومنه قول بولس: فى تسالونيكى الثانية : (لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا، ولأجل هذا سيرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب لكي يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سروا بالإثم)
2- ومنه قوله فى رسالة رومية : (هو يرحم من يشاء، ويقسـي من يشاء)
3- ومنه ما جاء فى سفر حزقيال : (النبي إذا ضل وتكلم بكلام فأنا الرب أضللت ذلك النبي)
-------------------------------------------
Doctor X
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة nohataha في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
مشاركات: 4
آخر مشاركة: 18-06-2014, 11:51 AM
-
بواسطة د/احمدالالفي في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 15
آخر مشاركة: 18-09-2011, 08:20 PM
-
بواسطة جورج داوود في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 06-03-2011, 08:04 PM
-
بواسطة سلام من فلسطين في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
مشاركات: 5
آخر مشاركة: 19-11-2009, 07:48 PM
-
بواسطة fares_273 في المنتدى منتدى غرف البال توك
مشاركات: 11
آخر مشاركة: 23-04-2008, 04:36 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات