قالوا :رسولُ الإسلام جاء بآيةٍ تقول أضربوا نساءكم ... الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) (النساء) .
الرد على الشبهة
أولاً:إن هذا حكم الله ،وليس لمحمد r نصيب في هذا الامر إلا البلاغ والبيان،فمن العيب والجرم أن نجعل من البريء متهمًا....
ثانيًا: إن الإسلام أمر بمعاملة المرأة معاملة حسنة ،والإحسان إليها....تدلل على ذلك عدة أدلة منها:
1- قوله: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) (الروم )
2- قوله : وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) (النساء)
3 - سنن أبي داود برقم 1834 عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :"لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ ". فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ :ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ r نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ فَقَالَ r :"لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ ".
4- سنن أبي داود برقم 1628 قال r: "اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ،وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ ،وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ ، وَكِسْوَتُهُنَّ "
5- سنن ابن ماجة برقم 1967 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ rقَالَ : " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي".
ثالثًا : إن الآية الكريم تتحدث عن صنفين من النساء هما:
الصنف الأول: مؤمنات صَّالِحَات قَانِتَات حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ.
الصنف الثاني:صنفن من النساء ناشز لا تطيع زوجها....
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو :لماذا تجاهل المعترضون الصنف الأول ،وركزوا على الصنف الثاني وأوهموا المسلمين أن كل النساء يضربن ،ولا فرق بين امرأة صالحة وامرأة ناشز ...
إن كل ما هنالك أن الله يعلم طبيعة خلقه فليس الطباع والأخلاق واحدة عند كل البشر... قال: اَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) (الملك).
فهنا يعلمنا ربنا كيف يتعامل الرجل مع المرأة الناشز الغير صالحة ...وذلك من خلال عدة مراحل:
المرحلة الأولى: "فَعِظُوهُنَّ" أي: خَوِّفُوهُنَّ اللَّه.
المرحلة الثانية: "وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع" اعْتَزِلُوا إلَى فِرَاش آخَر إنْ أَظْهَرْنَ النُّشُوز.
المرحلة الثالثة: "وَاضْرِبُوهُنَّ" ضَرْبًا غَيْر مُبْرِّح إنْ لَمْ يَرْجِعْنَ بِالْهِجْرَانِ.
فإن تابت المرأة الناشز بالموعظة ،أو الهجر في المضاجع فلا يجوز ضربها....لقوله : فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) (النساء).
جاء في تفسير الجلالين: "فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ" فِيمَا يُرَاد مِنْهُنَّ "فَلَا تَبْغُوا" تَطْلُبُوا "عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا" طَرِيقًا إلَى ضَرْبهنَّ ظُلْمًا "إنَّ اللَّه كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا" فَاحْذَرُوهُ أَنْ يُعَاقِبكُمْ إنْ ظَلَمْتُمُوهُنَّ
إذن من خلال ما سبق يتبين لنا أنه لا يجوز ضرب المرأة إلا الناشز،ويكون الضرب غير مبرح بعد التذكير بالله ،وحق الزوج على زوجته، ثم هجرها....
ثم إن المقصود التأديب لا الإيذاء... لما جاء في الآتي:
1-تفسير الجلالين: "فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ" فِيمَا يُرَاد مِنْهُنَّ "فَلَا تَبْغُوا" تَطْلُبُوا "عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا" طَرِيقًا إلَى ضَرْبهنَّ ظُلْمًا "إنَّ اللَّه كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا" فَاحْذَرُوهُ أَنْ يُعَاقِبكُمْ إنْ ظَلَمْتُمُوهُنَّ
2- سنن ابن ماجة برقم 1967 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ:" خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ". تحقيق الألباني : صحيح ، الصحيحة ( 285 ) ، التعليق الرغيب ( 3 / 72 ).
ثالثًا: إن قيل :إن ابن جرير الطبري قال في تفسيره لقوله: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع أي:" شدوهن وثاقا في بيوتهن"
قلتُ :إن هذا قول عالم لا دليل صحيح عليه،ولكل عام هفوة كما أن لكل جواد كبوة ،وقد استدرك العلماء هذه الهفوة عليه كما ذكر القرطبي في تفسيره (ج 5/ ص172 )قائلاً: وقيل: أي شدوهن وثاقا في بيوتهن، من قولهم: هجر البعير أي: ربطه بالهجار، وهو حبل يشد به البعير، وهو اختيار الطبري وقدح في سائر الأقوال.
وفي كلامه في هذا الموضع نظر.
وقد رد عليه القاضي أبو بكر بن العربي في أحكامه فقال: يا لها من هفوة من عالم بالقرآن والسنة !.أهـ
رابعًا :إنني سمعت أحدهم يقول: إن القرآن أمر الرجلَ بِعضِّ زوجته قبل هجرها ، ضربها.... فقلت: أين الدليل :قال الآية تقول: فعضوهن وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) (النساء) .
قلت له : فعضوهن ؛أي :بأسنانه؟! قال: نعم ،ألا تحسن القراءة...
وهنا تذكرتُ قولَه : وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) (الفرقان ).
كتبه الشيخ /أكرم حسن مرسي
نقلا عن كتابه رد السهام عن خير الأنام محمد - عليه السلام-
المفضلات