فصل منه
ومما يدل على قلة رحمتهم، وفساد قلوبهم أنهم أصحاب الخصاء من بين جميع الأمم، والخصاء أشد المثلة، وأعظم ما ركب به إنسان ثم يفعلون ذلك بأطفال لا ذنب لهم، ولا دفع عندهم.
ولا نعرف قوماً يعرفون بخصاء الناس حيث ما كانوا إلا ببلاد الروم والحبشة، وهم في غيرهما قليل، وأقل قليل.
على أنهم لم يتعلموا إلا منهم، ولا كان السبب في ذلك غيرهم، ثم خصوا أبناءهم وأسلموهم في بيعهم. وليس الخصاء إلا في دين الصابئين، فإن العابد ربما خصى نفسه، ولا يستحل خصاء ابنه. فلو تمت إرادتهم في خصاء أولادهم في ترك النكاح وطلب النسل كما حكيت لك قبل هذا لانقطع النسل، وذهب الدين، وفتن الخلق.
والنصراني وإن كان أنظف ثوباً، وأحسن صناعة، وأقل مساخة، فإن باطنه ألأم وأقذر وأسمج، لأنه أقلف، ولا يغتسل من الجنابة، ويأكل لحم الخنزير، وامرأته جنب لا تطهر من الحيض، ولا من النفاس، ويغشاها في الطمث، وهي مع ذلك غير مختونة.
وهم مع شرارة طبائعهم، وغلبة شهواتهم ليس في دينهم مزاجر كنار الأبد في الآخرة، وكالحدود والقود والقصاص في الدنيا، فكيف يجانب ما يفسده، ويؤثر ما يصلحه من كانت حاله كذلك. وهل يصلح الدنيا من هو كما قلنا؟ وهل يهيج على الفساد إلا من وصفنا؟ ولو جهدت بكل جهدك، وجمعت كل عقلك أن تفهم قولهم في المسيح، لما قدرت عليه، حتى تعرف به حد النصرانية، وخاصة قولهم في الإلهية.
وكيف تقدر على ذلك وأنت لو خلوت ونصراني نسطوري فسألته عن قولهم في المسيح لقال قولاً، ثم إن خلوت بأخيه لأمه وأبيه وهو نسطوري مثله فسألته عن قولهم في المسيح لأتاك بخلاف أخيه وصنوه. وكذلك جميع الملكانية واليعقوبية. ولذلك صرنا لا نعقل حقيقة النصرانية، كما نعرف جميع الأديان.
على أنهم يزعمون أن الدين لا يخرج في القياس، ولا يقوم على المسائل، ولا يثبت في الامتحان، وإنما هو بالتسليم لما في الكتب، والتقليد للأسلاف. ولعمري، إن من كان دينه دينهم ليجب عليه أن يعتذر بمثل عذرهم.
وزعموا أن كل من اعتقد خلاف النصرانية من المجوس والصابئين والزنادقة فهو معذور، ما لم يتعمد الباطل، ويعاند الحق. فإذا صاروا إلى اليهود قضوا عليهم بالمعاندة، وأخرجوهم من طريق الغلط والشبهة.
المفضلات