منوهاً بأخلاق الشيخ العالية وتواضعه الجم
الراجح: فقدنا إمام الدعاة في هذا العصر..
ورجلا من رجال العلم والمعرفة
نعى الدكتور راشد الراجح عضو مجلس الشورى ورئيس نادي مكة الثقافي الأدبي سماحة المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
وقال الراجح:
الحمد لله الحي الذي لا يموت، القائل: )إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ(، والقائل: )وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ( الآية.. والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.. القائل: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً، ولكن يقبضه بقبض العلماء)) الحديث. أو كما قال وبعد:
فلا شك أنَّ وفاة الوالد سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس مجلس الرابطة، عالم الأمة، وإمام الدعاة في هذا العصر يرحمه الله، أقول إنها خسارة عظيمة على العالم الإسلامي كله فقدْ فقدَ المسلمون شيخاً جليلاً وعلامة فهامة، له باع طويل في علم العقائد، وفي علم الحديث، والفقه
والتفسير، وغير ذلك من فروع المعرفة الواسعة بجانب ما أعطاه الله من سعة الصدر وكرم الأخلاق، والسخاء ونبل المشاعر وعفة النفس والزهد في مباهج الحياة، وبذل الشفاعة الحسنة لكل ممن قرع باب جوده وحبه لفعل الخير والنصح لكل مسلم، وإن القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وأضاف الراجح وهو أحد تلاميذ الشيخ ابن باز إن من عرف سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن قرب يعرف فيه الأخلاق العالية، والتواضع الجم، والحدب على ذوي الحاجات، ومساعدة الفقراء والمساكين، يحب للناس جميعاً ما يحبه لنفسه، يقدم النصح لكل كبير وصغير امتداد لقول المصطفى e : ((الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم)) ولقد شرفنا -يرحمه الله- أكثر من مرة في الجامعة بمكة عندما كنت مديراً لها وفي نادي مكة الثقافي وكان آخرها عام 1419هـ، والتقى بالشباب لقاءً أبوياً اتسم بالصدق والحب والإخلاص كعادته يغفر الله له. وأوصاهم بتقوى الله والاستقامة على أمر الله والجد في طلب العلم النافع وكأنما كان -يرحمه الله- يودعهم.
وقال: ما دخلت داره في أي وقت إلا وجدتها عامرة بالعلماء وطلبة العلم. لا يفارقه الكتاب حتى في التنقل من مكان إلى مكان.
مجالسه معطرة بالذكر وقراءة القرآن الكريم والسنة المطهرة. والموعظة الحسنة. بعيداً عن الغيبة والنميمة كأنك تعطيه الذي أنت سائله جاءه مرة رجل وأنا في مجلسه، وطلب منه المساعدة فأعطاه الشيخ مبلغاً طيباً ولكن الرجل قال للشيخ: إنَّ هذا لا يكفي حاجتي فقال له الشيخ برفق وحنان: خذه وستكون فيه البركة بإذن. ولعل السائل أدرك ما يعني الشيخ فأخذه وانصرف شاكراً.
وكان يرحمه الله يجيب دعوة محبيه من أصدقائه وطلابه على ما في ذلك أحيانا من المشقة عليه جبراً لخاطرهم وتكريما لهم، وكانوا يفرحون بذلك أشد الفرح. وإدخال السرور على المسلم فيه أجر عظيم.
كان -يرحمه الله- قوي الحافظة، حاضر الذاكرة، حتى وفاته مع أنه -حسب علمي- قد قارب التسعين عمراً مديداً قضاه في خدمة العلم وطلابه، وقضاء حوائج المساكين والغرباء، لا يبخل على أحد بعلم أو مال أو شفاعة.
بهذا كله وبغيره من الخصال الحميدة، أحبه الناس جميعاً، وترحموا عليه ودعوا الله من قلوبهم أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجزل له الأجر والثواب نسأل الله بأسمائه الحسنى وبصفاته العلا أن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وأن يجعل الخير والبركة في أبنائه وذريته، وأن يلهمهم الصبر والاحتساب. ومع أن المصاب جلل.. ولكن ما عند الله خير وأعظم. ومن حق كل طالب علم أن يعزي فيه
فهو بمثابة والد الجميع وإمامهم في هذا الزمن، اللهم اغفر له، وارحمه، وتجاوز عنه، وأخلفنا فيه خيراً.
إنا الله وإنا راجعون، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرا
المفضلات