إن الإنسان ليستعجب أشد الاستعجاب ويتساءل: ترى أين الجموع الذين كانوا يحيطون بالمسيح ويتبعونه فى كل مكان يذهب إليه، ويعُدّهم مؤلفو الأناجيل بالآلاف، وكان عليه السلام يطعمهم، ويشفى أصحاب الأمراض المستعصية منهم، بل ويعيد بعضهم إلى الحياة مرة أخرى بعد أن ماتوا؟ بل أين حواريوه المقرَّبون؟ لقد تبخروا كلهم، وكأنهم فَصّ ملح وذاب؟ واليمين التى أقسمها بطرس بأنه لن ينكره ولن يتخلى عنه، ترى كيف نسيها وهان سيده عليه إلى هذا الحد؟ ولدينا أيضا ذلك التلميذ الآخر الذى أمسكه الجند من ملابسه فخلعها عن جسمه وتركها لهم وانطلق هاربا وهو عريان كيوم ولدته أمه. الحق أنها محنة! وأى محنة! أهذه ثمرة كل تلك التربية التى تَلَقَّوْها على يديه صلى الله عليه وسلم؟ أهذه حصيلة كل تلك الصحبة التى صحبوه إياها؟ فأين ذهبت كل تلك الخطب والأمثال التى كان يَسُحّ بها فى آذانهم سحًّا؟ أتراهم لم يكونوا يهتمون بما يقول، بل بما كانوا ينتظرونه على يديه من شفاء فقط؟ ولا ننس فوق ذلك أن عيسى، فى نظر النصارى، هو إله، وليس بشرا. أفهذه غاية جهد الإله؟ إن محمدا إذن، كما سوف نرى حالا، لأبرك أثرا وأقدر فى التربية والتوجيه، وهو البشر الذى لم يزعم هو ولا زعم له أحد من أتباعه أنه إله أو ينحدر من صلب الآلهة! أليس كذلك؟ ولا يقل أحد إن المسيح قد نهى تلاميذه عن الدفاع دونه، وأمر بطرس أن يغمد سيفه مرة أخرى. ذلك أن رواية الأحداث على هذا النحو لا تقنع أحدا، إذ من أين أتى بطرس بالسيف؟ وكيف لم يتنبه المسيح إلى ذلك السيف قبل أن يشهره حواريّه؟ بل لماذا كان بطرس يحمل سيفا أصلا، ولم تكن هناك معارك تسوّغ ذلك؟ ولماذا هو بالذات دون سائر زملائه الذى كان يحمل سيفا؟ كما أن الحواريين لم يكونوا رجال حرب. ثم إن محاولات السيد المسيح الابتعاد مع تلاميذه عن أنظار أعدائه دليل على أنه لم يكن يريد الموت. ويعضد هذا صلاته قبل القبض عليه وابتهاله إلى الله أن يجيز عنه تلك الكأس المرة، وكذلك صرخاته على الصليب، وتحقيره قبل القبض عليه من شأن تلميذه الخائن الذى تنبأ بأنه سوف يسلمه إلى الأعداء طبقا لما يرويه مؤلفو الأناجيل. فإذا أضفنا إلى هذا أن السيد المسيح عليه السلام قد أعلنها صريحة مدوية أنه إنما جاء بالسيف، كان من الصعب علينا جدا الاطمئنان إلى ما يُنْسَب له من أن ما أُخِذ بالسيف فبالسيف يؤخذ، وإلا كان كمن يكذّب نفسه بنفسه.
هؤلاء إذن أصحاب المسيح عليه الصلاة والسلام، وأما أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فنورد لهم تصرفاتهم فى موقفين من أخطر المواقف التى مرت به صلى الله عليه وسلم. ولسوف نراهم وهم يضحون بحياتهم وراحتهم من أجله ويفدونه بكل غال لديهم، وكلهم حُبٌّ له وحِرْصٌ على ألا يخلص إليه سوء أويناله أذى. يستوى فى ذلك الرجال والنساء. إنها ملحمة، وأى ملحمة! ملحمة البطولة والإيمان والإخلاص والنبل والتطلع لنيل الشهادة والفوز برضا الله. وها هما ذان الموقفان: فأما الأول فمن قلب المعمعة أثناء معركة أحد بعد أن تحولت كِفّة الميزان لصالح المشركين وتطورت الأحداث بسرعة وأحدق الكفار بالنبى يريدون قتله. وإلى القارئ ما جاء فى سيرة ابن هشام بشىء من التصرف: "وانكشف المسلمون فأصاب فيهم العدو، وكان يوم بلاء وتمحيص أكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة حتى خلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدُثَّ بالحجارة حتى وقع لشِقِّه فأصيبت رباعيته وشُجَّ في وجهه وكُلِمَتْ شفته ودخلت حلقتان من حلق المغفر وجنته. ووقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون، فأخذ علي بن أبي طالب بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفعه طلحة بن عُبَيْد الله حتى استوى قائما، ومَصَّ مالك بن سنان الدم عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ازدرده. وعن عائشة عن أبي بكر الصديق أن أبا عبيدة بن الجراح نزع إحدى الحلقتين من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت ثَنِيّته، ثم نزع الأخرى فسقطت ثنيته الأخرى، فكان ساقط الثنيتين. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غَشِيَه القوم: مَنْ رجلٌ يشري لنا نفسه؟ فقام زياد بن السكن في نفر خمسة من الأنصار فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا ثم رجلا، يُقْتَلون دونه حتى كان آخرَهم زيادٌ أو عمارة، فقاتل حتى أثبتته الجراحة. ثم فاءت فئة من المسلمين فأجهضوهم عنه. وقاتلت أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية يوم أحد. قالت: خرجتُ أول النهار وأنا أنظر ما يصنع الناس، ومعي سِقَاءٌ فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه، والدولة والريح للمسلمين. فلما انهزم المسلمون انحزْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت أباشر القتال وأذبّ عنه بالسيف وأرمي عن القوس حتى خَلَصَت الجراح إليّ. وكان على عاتقها جرح أجوف له غَوْرٌ، قالت: إن ابن قمئة، لما ولّى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقبل يقول: دُلّوني على محمد، فلا نجوتُ إن نجا. فاعترضتُ له أنا ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربني هذه الضربة، ولكن فلقد ضربته على ذلك ضربات، ولكن عدو الله كان عليه درعان. وتَرَّس دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو دجانة بنفسه يقع النَّبْل في ظهره، وهو منحنٍ عليه حتى كثر فيه النبل. ورمى سعد بن أبي وقاص دون رسول الله. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمى عن قوسه حتى اندقت سِيَتُها. وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان حتى وقعت على وجنته فردها (أى الرسول) بيده، فكانت أحسن عينيه وأحدَّهما. وانتهى أنس بن النضر إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار، وقد ألقوا بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: قُتِل رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم استقبَلَ القومَ فقاتل حتى قُتِل. وقد وجدوا به يومئذ سبعين ضربة، فما عرفه إلا أخته. عرفتْه ببنانه. أما عبد الرحمن بن عوف فأصيب فُوه يومئذ فهَتِمَ وجُرِح عشرين جراحة أو أكثر، أصابه بعضها في رجله فعَرِجَ".
وأما الموقف الثانى فكان فى غزوة الحديبية حين لـَجّ الخلاف بين قريش والمسلمين وأضحى الأمر على شفير الانفجار فى أية لحظة، وبدأت المفاوضات الشاقة. جاء فى صحيح البخارى: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين. فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقَتَرَة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش. وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنيّة التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال الناس : حل حل. فألـحَّتْ، فقالوا: خلأتِ القصواء! خلأتِ القصواء! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما خلأتِ القصواء، وما ذاك لها بخُلُق، ولكنْ حَبَسها حابسُ الفيل. ثم قال: والذي نفسي بيده لا يسألونني خُطّةً يعظّمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها. ثم زجرها فوثبتْ. قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحُدَيْبِيَة على ثَمَدٍ قليل الماء يتبرّضه الناس تبرُّضًا، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه. وشُكِيَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهما من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه. فوالله مازال يجيش لهم بالرّيّ حتى صدروا عنه. فبينما هم كذلك إذ جاء بُدَيْل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة، وكانوا عَيْبَةَ نُصْحِ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم العُوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادّوك عن البيت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين. وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم. فإن شاؤوا مادَدْتُهم مدة ويُخَلّوا بيني وبين الناس. فإن أَظْهَرْ، فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جمّوا. وإن هم أَبَوْا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنّهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي. وليُنْفِذَنَّ الله أمره. فقال بُدَيْل: سأبلغهم ما تقول. قال: فانطلق حتى أتى قريشا، قال: إنا قد جئناكم من هذا الرجل، وسمعناه يقول قولا. فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا. فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء. وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعتَه يقول. قال: سمعته يقول كذا وكذا. فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عروة بن مسعود فقال: أَيْ قوم، ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى. قال: أو لستُ بالولد؟ قالوا: بلى. قال: فهل تتهمونني؟ قالوا: لا. قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلما بلّحوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا قد عرض لكم خُطّة رُشْد. اقبلوها ودعوني آتيه. قالوا: ائته. فأتاه، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبُدَيْل. فقال عروة عند ذلك: أي محمد، أرأيتَ إن استأصلتَ أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى فإني والله لأرى وجوها، وإني لأرى أشوابا من الناس خليقًا أن يفرّوا ويَدَعوك. فقال له أبو بكر: امصص ببظر اللات! أنحن نفرّ عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر. قال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك. قال: وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فكلما تكلم أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف، وقال له: أَخِّرْ يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فرفع عروة رأسه، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة. فقال: أيْ غُدَر، ألستُ أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما الإسلام فأَقْبَل، وأما المال فلستُ منه في شيء. ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينه، قال: فوالله ما تنخّم رسول الله صلى الله عليه وسلم نُخَامَةً إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده. وإذا أمرهم ابتدروا أمره. وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضُوئه. وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدّون إليه النظر تعظيما له. فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أَيْ قوم، والله لقد وفدتُ على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إنْ رأيتُ مَلِكًا قَطُّ يعظّمه أصحابه ما يعظِّم أصحابُ محمد صلى الله عليه وسلم محمدا. والله إنْ تنخَّم نخامة إلا وقعتْ في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده. وإذا أمرهم ابتدروا أمره. وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه. وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدّون إليه النظر تعظيما له. وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه. فقالوا: ائته. فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا فلان، وهو من قوم يعظّمون البُدْن (أى الأضاحى)، فابعثوها له. فبُعِثَتْ له، واستقبله الناس يُلَبّون. فلما رأى ذلك قال: سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاء أن يُصَدّوا عن البيت. فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البُدْن قد قُلِّدَتْ وأُشْعِرَتْ، فما أرى أن يُصَدّوا عن البيت. فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص، فقال: دعوني آتيه. فقالوا: ائته. فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا مكرز، وهو رجل فاجر. فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم. فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو. قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد سهل لكم من أمركم. قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابا. فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم. قال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب: "باسمك اللهم" كما كنت تكتب. فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا "بسم الله الرحمن الرحيم". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب: "باسمك اللهم". ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والله إني لرسول الله، وإنْ كذبتموني. اكتب: محمد بن عبد الله. قال الزهري: وذلك لقوله: لا يسألونني خُطّةً يعظّمون بها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: على أن تخلّوا بيننا وبين البيت فنطوف به. فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أُخِذْنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل. فكتب، فقال سهيل: وعَلَى أنه لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك، إلا رددتَه إلينا. قال المسلمون: سبحان الله! كيف يُرَدّ إلى المشركين، وقد جاء مُسْلِما؟ فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن تردّه إليّ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا لم نقض الكتاب بعد. قال: فوالله إذًا لم أصالحك على شيء أبدا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأَجِزْه لي. قال: ما أنا بمجيزه لك. قال: بلى، فافعل. قال: ما أنا بفاعل. قال مكرز: بل قد أجزناه لك. قال أبو جندل: أَيْ معشر المسلمين، أُرَدّ إلى المشركين، وقد جئتُ مُسْلِما؟ ألا تَرَوْن ما قد لَقِيت؟ وكان قد عُذِّب عذابا شديدا في الله. قال: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقا؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق، وعدوّنا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلِمَ نعطي الدنية في ديننا إذن؟ قال: إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري. قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرتك أنا نأتيه العام؟ قال: قلت: لا. قال :فإنك آتيه ومُطَوِّفٌ به. قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر، أليس هذا نبي الله حقا؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق، وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلِمَ نعطي الدنية في ديننا إذن؟ قال: أيها الرجل، إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يعصي ربه، وهو ناصره. فاستمسِكْ بغرزه، فوالله إنه على الحق. قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت :لا. قال: فإنك آتيه ومطوِّفٌ به. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا. قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا. قال: فوالله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات. فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يانبي الله، أتحب ذلك؟ اخرج لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بُدْنك وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك: نحر بُدْنَه ودعا حالقه فحلقه. فلما رَأَوْا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل غما. ثم جاءه نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى : "يا أيها الذين آمنوا، إذا جاءكم المؤمنات مهاجراتٍ فامتحنوهنّ. الله أعلم بإيمانهن. فإن علمتموهن مؤمناتٍ فلا تَرْجِعوهن إلى الكفار، لا هُنّ حِلٌّ لهم ولا هُمْ يَحِلّون لهن، وآتوهم ما أنفقوا. ولا جناح عليكم أن تَنْكِحوهن إذا آتيتموهن أجورهن، ولا تُمْسِكوا بعِصَم الكَوَافِر". فطلّق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشِّرْك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية. ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير، رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا. فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا. فاستلّه الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت. فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه. فأمكنه منه، فضربه حتى بَرَد (أى مات)، وفرّ الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه: لقد رأى هذا ذعرا. فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قُتِل والله صاحبي، وإني لمقتول. فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله، قد والله أوفى الله ذمتك. قد رددتني إليهم ثم نجاني الله منهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ويل أمه مِسْعَر حرب، لو كان له أحد. فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سِيفَ البحر. قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة. فوالله ما يسمعون بِعِيرٍ خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم. فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده بالله والرحم لـَمـّا أرسل: فمن أتاه فهو آمن. فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فأنزل الله تعالى: "وهو الذي كَفَّ أيديَهم عنكم وأيديَكم عنهم ببطن مكةَ من بعد أن أظفركم عليهم، وكان الله بما تعملون بصيرا* هم الذين كفروا وصَدّوكم عن المسجد الحرام، والهَدْىَ معكوفا أن يبلغ مَحِلّه. ولولا رجالٌ مؤمنون ونساءٌ مؤمناتٌ لم تَعْلَموهم أن تطؤوهم فتُصِيبَكم منهم مَعَرّةٌ بغير علم لو تَزَيَّلوا لعذّبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما* إذ جَعَل الذين كفروا فى قلوبهم الحـَمِيّةَ حَمِيّةَ الجاهلية". وكانت حميّتهم أنهم لم يُقِرّوا أنه نبي الله، ولم يُقِرّوا بـــ"بسم الله الرحمن الرحيم"، وحالوا بينهم وبين البيت".
ثم لْنقرأْ هذه الباقة البديعة من أحاديثه صلى الله عليه وسلم ونسأل أنفسنا: أويمكن مثل هذا النبى أن يكون نبيا كذابا مدلسا كما يدعى عليه الأفاقون الأفاكون؟ لنقرأ: "إن الله كتب الحسنات والسيئات: فمَنْ هَمَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة. فإن هَمَّ بعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. ومَنْ هَمَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة. فإن هو هَمَّ بعملها كتبها الله له سيئة واحدة"، "إن عبدا أصاب ذنبا... فقال: ربِّ، أذنبتُ... فاغفر لي. فقال ربه: أَعَلِمَ عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرتُ لعبدي. ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا... فقال: ربِّ، أذنبتُ... آخَرَ، فاغفره؟ فقال: أَعَلِم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرتُ لعبدي. ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبا...، قال: رب، أصبتُ... آخَرَ، فاغفره لي. فقال: أَعَلِمَ عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثلاثا، فليعمل ما شاء"، وفى الحديث "أن الناس قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تضارون في القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: فإنكم ترَوْنَه كذلك. يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه. فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها شافعوها، أو منافقوها، شك إبراهيم، فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم. فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاءنا ربنا عرفناه. فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا. فيتبعونه، ويُضْرَب الصراط بين ظهري جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلِّم سلِّم. وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان! هل رأيتم السعدان؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: فإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم ما قَدْر عِظَمها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم: فمنهم المؤمن يبقى بعمله، أو الموبَق بعمله، أو الموثَق بعمله، ومنهم المخردل، أو المجازى، أو نحوه، ثم يتجلى. حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يُخْرِج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يُخْرِجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله أن يرحمه ممن يشهد أن لا إله إلا الله، فيعرفونهم في النار بأثر السجود، تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود، حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتُحِشوا، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون تحته كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار هو آخر أهل النار دخولا الجنة، فيقول: أي رب، اصرف وجهي عن النار، فإنه قد قشبني ريحها، وأحرقني ذُكَاؤها. فيدعو الله بما شاء أن يدعوه، ثم يقول الله: هل عسيت إن أُعْطِيت ذلك أن تسألني غيره؟ فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره. ويعطي ربه من عهودٍ ومواثيقَ ما شاء، فيصرف الله وجهه عن النار. فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب، قَدِّمْني إلى باب الجنة. فيقول الله له: ألستَ قد أَعْطَيْتَ عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غير الذي أُعْطِيت أبدا؟ ويلك يا ابن آدم! ما أغدرك! فيقول: أي رب. ويدعو الله حتى يقول: هل عسيتَ إن أُعْطِيتَ ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره. ويعطي ما شاء من عهود ومواثيق، فيقدّمه إلى باب الجنة، فإذا قام إلى باب الجنة انفهقت له الجنة فرأى ما فيها من الحبرة والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب، أدخلْني الجنة. فيقول الله: ألستَ قد أعطيتَ عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أُعْطِيت؟ فيقول: ويلك يا ابن آدم! ما أغدرك! فيقول: أي رب، لا أكونن أشقى خلقك! فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه، فإذا ضحك منه قال له: ادخل الجنة. فإذا دخلها قال الله له: تَمَنَّهْ. فسأل ربه وتمنى، حتى إن الله ليذكّره، يقول: كذا وكذا، حتى انقطعت به الأماني. قال الله: ذلك لك، ومثله معه"، "يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه، فيقول: أعملتَ كذا وكذا؟ فيقول: نعم. ويقول: أعملتَ كذا وكذا؟ فيقول: نعم. فيقرره ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم"، "قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله: إذا مات فحرِّقوه، ثم اذروا نصفه في البر، ونصفه في البحر. فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنّه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين. فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم. فأمر الله البَرّ فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، ثم قال: لم فعلت هذا؟ قال: من خشيتك يا رب، وأنت أعلم. فغفر الله له".
ونعود، بعد هذ الرحلة الطويلة، إلى يوحنا الدمشقى فنقول إن كذبه وتدليسه لا يقف هنا، بل يتعداه إلى القول بأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد ذكر فى كتاب "ناقة الله" (يقصد سورة "الشمس") أن الناقة المذكورة هى من عند الله وأنها شربت النهر كله فلم تستطع أن تنفذ من بين جبلين، وأن ناسا فى ذلك المكان كانوا يشربون الماء يوما، والناقة يوما، وأنها بشربها الماء كانت تمدهم باللبن، وأن أولئك الأشرار قاموا بقتل الناقة، التى كان لها رغم هذا فَصِيلٌ أخذ يبتهل إلى الله أن يأخذ أمه الميتة إليه... وغير ذلك من التفاصيل المضحكة الكثيرة كما يقول. وطبعا كل هذا كذب فى كذب، وتضليل فى تضليل، إذ ليس فى سورة "الشمس" أكثر من أن قوم صالح قد عقروا الناقة فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسوّاها. وأتحداه وأتحدى كل من يردد وراءه هذا الكلام أن يرينى فى تلك السورة شيئا غير الذى قلتُه. وهذه هى الآيات التى تعرضت لقصة الناقة من تلك لاسورة: "كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا* إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا* فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا* فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا* وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا".
ومن كذبه الوقح أيضا ما ينسبه إلى أنبياء بنى إسرائيل من أنهم جميعا بدءا من موسى فنازلاً قد تنبأوا بمجىء "الرب يسوع ابن الإله المتجسد وموته على الصليب ثم قيامه بعد هذا من القبر، وأنه سيكون القاضى على جميع البشر: الأحياء منهم والأموات على السواء"، وهو ما يعنى أن أنبياء بنى إسرائيل كانوا يدعون بدعوة الوثنية والشرك. وهذا كله غير صحيح البتة. وكنا نحب لو أنه أورد تلك النبوءات لنرى ماذا قال أولئك الأنبياء بالضبط طبقا لكلامه، لكنه لم يكلف خاطره شيئا من ذلك، وهو ما دفعنى آنفا إلى أن أورد بعض تلك النبوءات حسبما قرأت عند غيره من رجال الدين النصارى ورددت عليها وبينت أنها لا تمت لعيسى عليه السلام بأية صلة من قربب أو بعيد كما مر شرحه فى هذه الدراسة، فضلا عن أنه لا صلة بينها وبين الوثنية والشرك بالله سبحانه وتعالى.
ثم يستمر فيقول إن المسلمين يرموننا بالشرك لأننا نشرك مع الله عيسى المسيح إلها وابنا للإله، فكان جوابنا عليهم أن ذلك هو ما قاله لنا الأنبياء فى كتبهم، وأنتم تؤمنون بهؤلاء الأنبياء وما أَتَوْا به من الكتب. فإذا كان لكم أى اعتراض فلتوجهوه إليهم لا إلينا، إذ هم الذين قالوا ذلك وعلّمونا إياه. لكن بعضهم يرد بأن الأنبياء لم يقولوا هذا، بل نحن الذين أخطأنا تفسير أقوالهم، على حين يقول بعض آخر إن اليهود هم الذين صنعوا هذا لتضليلنا. هذا ما قاله ذلك الدمشقى الذى يتنفس الكذب والتدليس تنفسا. والحق أن الأمر لا يقتصر على إساءة تفسير النصوص الكتابية، بل يمتد إلى تحريف الوحى السماوى نفسه: خذ على سبيل المثال تقسيم سفر "التكوين" للبشر إلى ذكورٍ هم أبناء الله، وإناثٍ هن بنات الناس. فمن أين أتى هذا التقسير إلا من تحريف النصوص الإلهية بإضافة هذا الشرك إليها والزعم بأنه جزء منها؟ وخذ ما قاله سفر "التكوين" أيضا عن بنتى لوط، اللتين أتتا أمرا لا يمكن أن يخطر إلا فى بال العاهرات الشاذات العريقات فى العهر والشذوذ، إذ اتفقتا على سُقْيَا أبيهما الخمر حتى ينسطل، ثم تنام كل منهما معه ليلة كى تحبل منه لأنه لم يكن هناك رجال يمكن أن يقوموا بهذه المهمة الإنسانية الملحة، فخافتا أن ينقرض النسل البشرى من الأرض. يا سلام على الإنسانية! وتم الأمر كما رسمتاه بالضبط، وقام الأب بالمطلوب وهو سكران. أستغفر الله. ثم يقول لنا الكذاب الجامد الوجه الغليظ الجلد إن الأنبياء هم الذين قالوا ذلك، وإنه هو وقومه ليسوا سوى مرددين لما قالوه. ورغم ذلك كله يأنس هذا الوغد فى نفسه الجرأة على التطاول على رسول الله محمد سيد ولد آدم لا الخنازير من أمثال هذا الوغد الحقير! ولنأخذ أيضا ما قاله كاتب سفر "أخبار الأيام الثانى" (فى الإصحاحين 21- 22) من أن الملك يهورام كان عُمْره لدى موته أربعين عاما، وعُمْر ابنه أخزيا، الذى خَلَفه فى الحكم، اثنين وأربعين، بما يعنى أن الابن كان أكبر من أبيه بعامين. الله أكبر! هل الأنبياء، يا بكاش يا نتاش، هم الذين قالوا هذا، وما أنتم إلا مرددون لما قالوه؟ وهل الأنبياء هم الذين سطروا العهر الموجود فى سفر "نشيد الأناشيد" عن الأفخاذ الملفوفة والأثداء المفعمة والتأوهات الشبقة التى تصدرها فتاة تفحّ شهوة وجوعا مُسْتَعِرًا لمضاجعة الرجال؟ وهل الأنبياء هم الذين قالوا لكم إن داود قتل قائده أوريا الحثى ليخلو له وجه امرأته، التى كان قد شاهدها من فوق سطح قصره وهى تستحم متجردة تماما كما ولدتها أمها (بالله ماذا كان يصنع ملك مثله فوق سطح قصره، وزوجة قائده وجاره تستحم فى فناء القصر المجاور عارية كما ولدتها أمها، وكأنه لم يكن فى قصرها حمّام تستتر بداخله، وكأن الملك كان يصعد كل يوم لتطيير طائرته الورقية مثل الأطفال؟ ما علينا. فلنعد إلى ما كنا فيه)، ففى الحال أنعظ الملك (بارك الله فى فحولته!) وبعث إليها من فوره (فالأمر عاجل لا يحتمل تأجيلا ولا تسويفا، فهو من أمور الدولة الملحة. أليس روقان مزاج الملك على رأس أولويات الدولة؟) نعم، بعث إليها قوادا متمرسا أتاه بها فى غرفة نومه، فكان ما كان مما لست أذكره، فظُنَّ شَرًّا ولا تسأل عن الخبر. فهو، كما لا يخفى عن ذكائكم وذكاء السامعين، معروف لا يحتاج إلى إيضاح. وإلا أفكانا يترنمان بالمزامير مثلا؟ وهى بالمناسبة أم سليمان صاحب "نشيد الأناشيد"، ومن شابه أمه وأباه فما ظلم. ثم أرسل داود قائده أوريا زوج المحروسة إلى خط النار آمرا الجنود أن ينكشفوا عنه فى أول فرصة ويتركوه وحيدا عند بدء المعركة حتى يقتله الأعداء، وبذلك يكون قد تخلص منه بصنعة لطافة. يا للإجرام! ثم يقولون إن الأنبياء هم الذين قالوا هذا! وعلى هذا فإشارته إلى إيمان المسلمين بأنبياء بنى إسرائيل وبالكتب التى أَتَوْا بها لا موضع لها هنا، إذ ليست هذه هى الكتب التى نزلت على أولئك الأنبياء، وهم لا يمكن أن يقولوا هذا، وإلا فليسوا بأنبياء! ونحن المسلمين لا نؤمن بشىء مما هو منسوب للأنبياء الكرام من تلك الأقوال الكفرية أو الأفعال الإجرامية، ومن ثم فحجة هذا الكذاب داحضة ولا تلزمنا على أى وجه، وكل ما قاله هو سخف فى سخف، وتنطع فى تنطع!
كذلك يدخل فى الكذب السافل زَعْمُه أنه كان يقول للمسلمين الذين يَصِمُون النصارى بالشرك لعبادتهم مع الله المسيح عيسى بن مريم: إنكم تؤمنون بأنه كلمة من الله وروح منه، ومعروف أن الكلمة والروح لا يمكن أن تنفصلا عمن توجدان فيه، فعليكم إذن أن تؤمنوا بربوبيته. وهذه أيضا حجة متهافتة، إذ إن القرآن، الذى قال عن عيسى: كلمة من الله وروح منه، ووضّح ذلك بقوله عن مريم عليها السلام: "فنفخنا فيها من روحنا" (الأنبياء/ 91)، هو نفسه الذى قال عن آدم: "ثم سوّاه ونفخ فيه من روحه" (السجدة/ 9)، وكذلك هو نفسه الذى يقول عن أبى البشر: "إن مَثَل عيسى عند الله كمَثَل آدم: خَلَقَه من ترابٍ ثم قال له: "كن" فيكون" (آل عمران/ 59)، وهو ما قاله فى نفس السورة لمريم ردا على استغرابها أن يكون لها ولد من دون أن يمسَّها رجل: "قال: كذلكِ الله يخلق ما يشاء. إذا قضى أمرا فإنما يقول له: "كن" فيكون" (آل عمران/ 47). أى أن آدم هو أيضا مثل المسيح كلمةٌ من الله هى "كن"، التى بها تكون الأشياء بعد أن لم تكن. فهل يُعَدّ آدم هو أيضا إلها مثلما يعدون عيسى إلها؟
وكذبة أخرى من أكاذيبه التى لا تعرف حمرة الخجل، إذ يقول إن المسلمين يتهموننا بممارسة الوثنية لتمجيدنا الصليب، فنرد عليهم بأنه مثل تقبيلكم ولمسكم للحجر الأسود. ثم يضيف أن بعض المسلمين كانوا يعللون لنا ما يصنعونه بذلك الحجر بأن إبراهيم قد ضاجع هاجر فوقه. وهذه كذبة ضخمة يصعب تماما بلعها. وهى تدل، كما أقول وأنبّه دائما، على أن القوم لا يتورعون عن مقارفة أى شىء فى سبيل نصرة باطلهم والتشويش على حقنا. ذلك أنه ما من أحد من المسلمين يمكن أن يقول هذا الكلام. ولا ريب فى أن هذا التاعس البائس قد ألفه وقد شعشعت الخمر فى رأسه بعدما عب من كؤوسها المترعة ما أذهل لبه وبرجل عقله، فأخذ يهذى متأثرا بما يقوله كتابهم عن أنبياء الله ورسله، ومنهم إبراهيم الخليل، الذى صوروه على أنه ديّوثٌ تَرَك أبيمالك يأخذ منه زوجته دون أن ينبس بحرف، إذ شغله السرور بقطيع البهائم الذى أعطاه إياه ذلك الملك عن الاهتمام بامرأته. أى أن القطيع عنده كان أغلى من العِرْض والشرف. مع أنه "أحسن من الشرف ما فيش" على رأى عمنا فؤاد الدقن! أما إعزاز المسلمين للحجر الأسود فهو يختلف اختلافا جذريا عن تمجيد النصارى للصليب، فالحجر الأسود لا يرتبط بأى معنى من معانى الوثنية ولا أية شعيرة من شعائر الشرك، بعكس الصليب، الذى تتمحور حوله عقيدة الشرك عندهم، إذ تقول هذه العقيدة إن المسيح هو الله أو ابن الله وإنه نزل من السماء إلى الأرض ومات على الصليب تكفيرا عن خطيئة البشرية الأولى التى ارتكبتها حواء وأغرت بارتكابها آدم. وكل هذا لدى المسلمين شرك غليظ لا يمكنهم التسامح فيه. أما الحجر الأسود فيلخص موقفَ المسلمين منه قَوْلُ عمر بن الخطاب لذلك الحجر، وعمر أحد أقرب الصحابة إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام: "إني لأعلم أنك حجر لا يضر ولا ينفع. ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّلك ما قَبَّلْتُك". ثم إن تقبيل الحجر الأسود أو لمسه ليس من شروط العمرة ولا الحج، بل مَنِ شاء واستطاع أن يقبّله أو يلمسه فليفعل، ومن لم يشأ أو لم يستطع فلا حرج عليه. ولا يتوقف هذا الكذاب المختلق عند هذه النقطة، بل يضيف إليها أن الحجر السود هو فى الواقع رأس أفروديت، التى كانوا يعبدونها قبلا، واسمها: "كَبَار". فتأمل هذه الوقاحة، إذ المعروف أن أول شىء أتاه الرسول لدن فتح مكة هو تحطيم الأوثان جميعها، فكيف يمكن أن يبقى صلى الله عليه وسلم على رأس وثن من هذه الأوثان، ثم لا يكتفى بهذا، بل يقبّله ويلمسه أيضا، وهو الذى لم يكن يزعجه شىء قدر ما ترعجه الوثنية والشِّرْك بالله تعالى؟
ولقد كان كاتب مادة "Pierre noire" فى النسخة الفرنسية من ":Wikipédia الويكبيديا- الموسوعة المشباكية الحرة" حريصا فى الفقرة الأولى من تلك المادة على أن ينفى عن الحجر الأسود أن يكون موضوعا لعبادة أو تفاؤل أو مرتبطا بأى اعتقاد خرافى مهما كان: "Elle n est ni un objet d adoration, ni un fétiche quelconque, ni un porte bonheur, mais reste simplement une pierre ". ثم لقد رأينا أنه لم يكن يوجد وثن اسمه "كَبَار"، اللهم إلا فى خيال هذا الخَرِف الضال. وبالمناسبة فإن أقصى ما قاله المستشرقون فى أصل الحجر الأسود، على كثرة ما يلوون حقائق الأمور إلى الجهة التى يَرَوْنَها جديرة بالإساءة إلى الإسلام، أنه نيزك هبط قديما من السماء. ويجد القارئ شيئا من هذا الرأى فى مادة "Black Stone" فى النسخة الإنجليزية من موسوعة الــ"Wikipedia: ويكيبديا".
أما آخر كذبات ذلك اليوحنا وأحطّها وأشدها وَغَادَةً فهى ادعاؤه بأنه كان يقول هذا الكلام كله للمسلمين فى وجههم أيام الدولة الأموية، التى كان يشتغل فيها جابيا. تصوروا كيف يكذب هذا الوغد فيزعم، من غير أن يطرف له جفن، أنه كان يجبه المسلمين بقلة أدبه فى حق الرسول الكريم وبتطاوله عليه دون أن يخشى شيئا رغم أنه أذل وأقل من أن يجرؤ على شىء من هذا. لقد كان يعيش فى ظل خلفاء بنى أمية، فهل كان حكام بنى أمية يشبهون فى الذلة والصَّغَار والتفاهة وقلة القيمة حكام المسلمين والعرب اليوم؟ أم هل كان مسلمو تلك الأيام كمسلمى العصر الحاضر لا قَدْر لهم ولا قيمة؟ لا أظن إلا أنهم كانوا سيضربونه بالجِزَم على وجهه حتى يصرخ من حَرّ الصفع قائلا: حقى برقبتى!
أوَتظن، أيها الوغد النذل، أنك كنت تجرؤ على تقايؤ شركك والاستعلان بإجرامك النذل على هذا النحو فى حضور أى مسلم ثم تنجو بجلدك النجس فى تلك الأزمان العزيزة التى كان العالم كله يقف تعظيم سلام لأية قطة "تُنَوْنِوُ" باللغة العربية؟ أوتظن أننا يمكن أن نأكل من مزاعمك هذه فنصدّق أنك قد ناقشت المسلمين وجَبَهْتَهم فى وجوههم بقلة أدبك ونزقك وتطاولك؟ ثم كيف تريدنا على أن نصدق مزاعمك العريضة هذه، وليس لك أى ذكر فى كتب المسلمين فى ذلك الحين؟ وكل ما هنالك إشارات ضئيلة إلى أبيك، الذى يقول عنه أبو بكر الصولى مثلا فى كتابه: "أدب الكُتّاب": "وكان ديوان الشام إلى سرجون بن منصور، وكان روميا نصرانيا، كتب لمعاوية ولمن بعده إلى عبد الملك بن مروان، ثم رأى عبد الملك منه توانيًا، فقال عبد الملك لسليمان بن سعد مولى لحسين، وكان على مكاتبات عبد الملك والرسائل: ما أحتمل سحب سرجون، أفما عندك حيلة في أمره؟ فقال: بلى أنقل الحساب إلى العربية من الرومية. فقال: افعل. فحَوَّله، فولاه عبد الملك جميع دواوين الشام وصرف سرجون". وهو ما يقوله أيضا ابن عبد ربه فى "العِقْد الفريد" تحت عنوان "من نَبُل بالكتابة، وكان قَبْلُ خاملا": "سَرْجون بن منصور الرومي: كاتبٌ لمعاوية ويزيدَ ابنه ومَرْوان بن الحَكم وعبد الملك بن مَرْوان، إلى أن أمره عبدُ الملك بأمرٍ فتوانىَ فيه، ورأى منه عبدُ الملك بعضَ التفريط، فقال لسُليمان بن سَعْد كاتِبه على الرًّسائل: إنَّ سرَجون يُدِلّ علينا بصناعته، وأظن أنه رأى ضَرورتنا إليه في حِسابه، فما عندك فيه حِيلة؟ فقال: بلى، لو شئتُ لحوَّلتُ الحِساب من الرُّومية إلى العربية. قال: أفعل. قال: أَنُظِرْني أُعَانِ ذلك. قال: لكَ نَظِرَة ما شِئْتَ. فحَوَّل الديوانَ، فولاه عبدُ الملك جميعَ ذلك".
يا يوحنا، إنك نكرة لا قيمة لك، ولهذا لم يلتفت إليك أحد. لقد كنت تعيش فى عصر عمالقة بنى أمية، وآخر من عملت لهم هو عبد الملك بن مروان. أو يُتَصَوَّر أن يسكت على وقاحتك وتجديفك ابن مروان فلا يقتطف بسيفه رقبتك النجسة؟ خَسِئْتَ ولُعِنْتَ أيها الكذاب! وقد مر آنفا قول بعض النصارى الشوام عن كتابك: "جدل بين مسيحي ومسلم"، إنك كنت تكتب لأهل دينك باليونانية مفسّرًا العقيدة، ولم تكن تتوقّع أن يقرأ العرب الفاتحون أى شىء مما تكتبه. وهذا هو غاية العقل والمنطق، أما التشدق والتنطع فما أيسرهما على كل كذاب جبان. وقد جاء فى "مجمع الأمثال" للميدانى: "الذِّيخ في خلوته مثل الأسد"، والذيخ: ذَكَر الضبع. وهذا مثل قولهم: "كل مُجْرٍ في الخلاء يُسَرّ". ولم لا يُسَرُّ، وليس هناك من ينافسه، إذ هو يُجْرِى حصانه فى الخلاء وحده؟
وبعد، فإن أمثال يوحنا الدمشقى ما زالوا يلجأون إلى الكذب وسيلة لنشر دينهم. وليس ما يفعله زكريا بطرس فى التلفاز شيئا آخر سوى انتهاج طريقة يوحنا الدمشقى، طريقة الكذب والتدليس. وقد شاء الله أن يكشف إحدى ألاعيب هذا القمص الليلة (ليلة السبت 12 يونيه 2010م) بعدما راجعتُ دراستى هذه، فإذا بى أجد مفاجأة من العيار الثقيل فى مقال الأستاذ فراج إسماعيل بجريدة "المصريون" الضوئية، وهى عبارة عن خطاب أرسله إليه من أمريكا نصرانىٌّ من نصارى المهجر المصريين استيقظ ضميره فبعث يفضح مسرحية أحمد أباظة (أو بالأحرى: أحمد المتأبِّظ)، ذلك الولد المتنصر الذى يزعم أنه من أسرة أباظة الشهيرة. فماذا قال الأستاذ جوزيف بطرس فى خطابه؟
تعالوا نقرأه معا: "جاءتني هذه الرسالة من السيد جوزيف بطرس، وهو أحد أقباط المهجر المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية، أنشرها بدون تدخل فيما عدا التصحيح النحوي: أستاذنا الكريم فراج إسماعيل، ذهلت من الشفافية والانفتاح الذي كتبت بهما مقالك الأخير: "هذا شأنهم"، ولم أتوقع إطلاقا أنك ذاتك الذي انتقدت من قبل بعنفٍ بعض سلوكيات أقباط المهجر وحتى بعض سلوكيات الكنيسة المصرية في الداخل وهجومك العنيف على زكريا بطرس برغم أنك أجريت حوارا معه أعاد هو نشره على موقعه الألكتروني. لقد أظهرت من هذا المقال قيمتك كمسلم مؤمنًا بدينه وبتعاليمه قويًا به منفتحا على الآخرين مستوعبا تاريخ مجتمعنا المصري الحبيب المتقبل للتنوع الحضاري والثقافي والديني والذي عاينته بنفسي عندما كنت واحدًا ممن يعيشون على أرض وطني الحبيب قبل أن تجبرني الظروف المعيشية على الهجرة. دعني أقول لك: لقد جعلتني أحتقر نفسي، ليس فقط بل آخرين معي من الأقباط المصريين المهاجرين الذين يكتبون في مواقع الانترنت. فقد وصفناك، وأعذرني للوصف القبيح بأنك "حمار آخر من حمير الأمة"، فقد كان وصفًا يغلي بالتطرف البغيض الذي لا يناسب الشخصية المصرية مسلمة كانت أم مسيحية. ولأنه أصبح لك حق في رقبتي سأفشي لك هذا السر الذي يتعبني كمسيحي، فأنا أحد أصدقاء المدعو أحمد أباظة والمقربين منه. لعلك سمعت به أو قرأت عنه، فهو شخص يطل من نفس القناة الفضائية التي كان يطل منها زكريا بطرس، ويزعم أنه اهتدى إلى النور بعد رحلة عذاب استمرت 17 شهرا في سجون مصر، وأن عائلته الأباظية قد تخلت عنه واضطهدته، ووصل به الافتراء والكذب أن كرر ذلك في تلفزيون البي بي سي منذ فترة، وهي الإطلالة التي جعلت أمه تتعرف عليه بعد أن اختفى فجأة من قريته منذ سنوات طويلة دون أي أثر، ورغم أنه كان يظهر بانتظام في برنامج يقدمه من قناة "الحياة" التي عرفها الكثير في العالم العربي بأنها قناة زكريا بطرس (يقصد قناة "الحياة" التي تبث من قبرص). عندما سمعته أمه ورأته قالت على الفور إنه "إبني عبدالمحسن علي عبدالمحسن" وأرسلت إليه كيف يحنو قلبه ويرحم دموعها ويتصل بها وهو الذي يقول في برنامجه وعلى موقعه بالانترنت أنه من عائلة أباظة، وأن عمه هو ماهر أباظة وزير الكهرباء السابق والكاتب الراحل فكري أباظة والكاتب الراحل ثروت أباظة ورجل الأعمال الراحل وجيه أباظة وأن أبيه هو مصطفى أباظة من وجهاء العائلة الأباظية. وكان في البداية قد قال إنه ابن ماهر أباظة نفسه وأنه حاول هدايته إلى المسيحية مع شقيقه وأمه. وعندما فضحه البعض على الانترنت بأن ماهر ليس له إلا ابنًا واحدًا طلبنا منه أن يقول إنه عمه. لقد بلغته دموع أمه فلم يتأثر مع أنه يقول لنا دائما إن دموعه لا تنقطع بسبب مقاطعة عائلة أباظة له والسجون والتعذيب الذي لقيه في مصر بعد أن أحضروا له الشيخ الشعراوي وقال أمورا قبيحة على الشيخ، ويتلفظ على الرسول محمد بأفظع مما يتلفظ به زكريا بطرس.
وحتى لا أضيع وقتك ووقت من سيقرأ هذه الرسالة إن تفضلت بعرضها في مقالك سأقول لك الحقيقة كاملة وعليك أن تتأكد منها بنفسك أو ترسل جريدة "المصريون" من يتأكد منها أو أن يتطوع أحد قرائك بذلك، فأنا هنا أذكر لك أسماء واضحة. المدعو أحمد أباظة ليس هذا اسمه، فهو شاب فشل في حياته الدراسية، وكان يشرب الخمور ويزني، واسمه الحقيقي هو عبد المحسن علي عبد المحسن من قرية "دويده" التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية. وهو توأم لمدرس في الأزهر، وله أخت متزوجة من عمدة القرية، واسمه صالح العوضي. لقد كان لصًّا وزانيا وفاشلا، وهذا هو كل تاريخه. ولم يدخل السجن، وإنما سافر إلى الأردن بحثًا عن عمل، فلما لم يجد دخل لبنان وهناك عاش فترة وتعرف على راعي كنيسة دله على زكريا بطرس في قبرص. ومن هناك بدأت رحلته الوهمية التي يدعي فيها أنه ضحى من أجل المسيح. عبدالمحسن هذا أصبح من الأغنياء جدا، ويرفل في النعيم، ومعروف بعلاقاته النسائية. ونحن كأقباط مهجر لا نعتقد أن ذلك ثمن لاعتناقه المسيحية، فهو لا يعني شيئًا مهمًّا رغم البطولات التي يزعمها ونسبه الذي يكذب به على الناس. والذي نستغربه أن عائلة أباظة لم تخرج لتنفي هذه الأكاذيب. هناك سر وراءه يجعله حريصا على توجيه الطعنات لمصر وتحريضنا نحن المسيحيين من الجذور لكي نحرض على الطائفية البغيضة. وفي النهاية أشكرك كثيرا على مقالتك: "هذا شأنهم"، فهي تدل على الشخصية المصرية الأصيلة المحبة لوطنها ووحدة نسيجها المسلم والقبطي. فأنا أحب ديني المسيحي، وأنت تحب دينك الإسلامي. فما العيب في ذلك؟ وما الذي يجعلنا نعادي بعضنا؟".
تعليق بسيط( مِنْ العبد للهِ)فقط على الرسالة:-
ليس عندنا شيىءٌ إسمه وحدة النسيج المصرى
(والهلال مع الصليب وماإلى ذلك من شعارات زآئفة) لا تروج إلا على الصغار
ومع ذلك ديننا يأمرنا بالإحسان إليكم والعدل معكم
وهديتكم وأكل ذبآئِحكم ووووووو
لكن لا محبة ولا ود ولا إخآء إلى فى الدين فقط
وآخرُ دعوانا أن الحمدُ للهِ رب العالمين
المفضلات