ومما قاله أيضا ذلك اليوحنا أن الله سبحانه وتعالى، حين صعد عيسى إلى السماء بعد نجاته من الصلب، سأله: أأنت قلت للناس: أنا الله وابن الله؟ وأن عيسى قد أجاب قائلا: ارحمنى يا إلهى. أنت تعلم أننى لم أقل هذا وأننى لم أستنكف أن أكون عبدا لك. إلا أن الخطاة من الناس قد اقترفوا الخطيئة فكذبوا علىَّ وكتبوا أننى
قلت هذا الكلام، فقال له الله: أنا أعلم بأنك لم تنطق بهذا الكلام.
هذا ما كتبه يوحنا الدمشقى، أما ما جاء فى القرآن عن ذلك
الأمر فموجود فى سورة "المائدة"،
وها هو ذا نصه بالحرف:-
تنبيه : "وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116)
مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا
مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)".
ومن هذه الآيات المباركات يتضح أن الحوار المذكور لم يجر بين الله
وعبده المسيحعقب صعوده إلى السماء، بل سيجرى يوم
القيامة بدليل ما جاء فى آخر الآيات من الإشارة إلى أن ذلك اليوم هو
اليوم الذى ينفع فيه الصادقين صدقُهم. وهذا هو يوم القيامة. كما أن
السؤال الإلهى لم يكن عما إذا كان عيسى قد قال للناس إنه الله وابن
الله، بل عما إذا كان قد قال لهم: اتخذونى وأمى إلهين من دون الله.
كذلك ليس فى رد المسيح عليه الصلاة والسلام أية إشارة إلى أن الناس
قد كتبوا هذا الكفر أو لم يكتبوه، بل ليس فيه أنهم قالوا هذا أو ذاك عن المسيح،
إذ كل ما نقرؤه فى الآيات أن الله سبحانه وتعالى أعلم بما وقع فيه النصارى
من تثليث بعدما تَوَفَّى المسيحَ ورفعه إليه.
ولا يقف جهل الجاهل عند هذا الحد بل يتعداه إلى الأوليات:-
فمثلا نراه يكتب أن
محمدا قد ألف كثيرا من الكتب المضحكة
معطيا كل كتاب اسما خاصا.
وطبعا لم يكتب محمدشيئا على الإطلاق، بل كان يتلقى الوحى
فيبلغه للناس شفاها: مسلميهم وكافريهم ويهودهم ونصاراهم على السواء.
كما أنه لم يكن هناك كتب كثيرة، بل كتاب واحد هو القرآن الكريم.
أما السور فهى أجزاء من القرآن وليست كتبا، وإلا فهل يوجد فى
الدنيا كتاب يتكون من سطر واحد كما هو الحال فى
سورة "الصمد" و"الكوثر"، أو سطرين كما فى
سورتى "العصر" و"قريش"، أو عدة أسطر
أو نصف صفحة أو صفحة مثلا
ككثير من السور القرآنية؟
المفضلات