خُلِقَ الإنسان في أحسن تقويم , بحث في الخلق والنشوء

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

خُلِقَ الإنسان في أحسن تقويم , بحث في الخلق والنشوء

النتائج 1 إلى 10 من 40

الموضوع: خُلِقَ الإنسان في أحسن تقويم , بحث في الخلق والنشوء

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي

    عملية الحمل وأطواره -2-


    وفي موضع آخر من محكم التنزيل يقص علينا الله تعالى قصة المراحل التي بدأت بخلق آدم عليه السّلام من خلاصة الطين، ثم يعرج إلى خلق نسله بطريق الزوجيّة والتّوالد، الذي يكون في أول مراحله "نطفة" من مني الرجل: الذي هو ماء فيه كل عناصر الحياة الأولى، تستقر في الرّحم الذي هو مكان للإستقرار حصينٌ ومهيأ لحماية تلك النطفة، ثم صَيَّرَ النطفة بعد تلقيح البويضة والإخصاب دماً، ثم كوَّنَ الدَّمَ بعد ذلك قطعة من اللحم، الذي تحوّل تخلقها بعد ذلك فصارت هيكلاً عظمياً، وكسا العظام باللحم، ثم أتم خلقه إنساناً كاملاً لا روح فيه، متمماً الخلق بعد نفخ الروح فيه خلقاً مغايراً لمبدأ تكوينه. فتعالى الله في عظمته وقدرته. وفي ذلك قوله تعالى من سورة المؤمنون:

    ( وَلقدْ خلقنا الإنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طينٍ  ثمَّ جعَلناهُ نُطفةً في قرارٍ مَكينٍ  ثُمَّ جَعَلنا النطفةَ عَلقةً فخلقنا العَلقةَ مُضغةً فخلقنا المضغة عِظاماً فكَسَوْنا العِظامَ لحْماً تُمَّ أنْشأناهُ خلقاً آخرَ فتبارَكَ اللهُ أحْسَنَ الخالقينَ )[1 ]

    وهنا إعلامٌ لنا بالمراحل التي تم فيها خلق الإنسان، فالمرحلة الأولى هي خلق آدم عليه السّلام بالطريقة التي أعلمنا بها القرآن في أكثر من موضع: وهو سلالة الطين. أمّا الثانية: فهو تَكَوّنُ كافة البشر بعد آدم بطريقة واحدة تخضع لقانون الزوجية والتلاقُح وأطوار تكون الجنين.

    من سُـلالـةٍ من طين: وهذا نص يشير إلى أطوارالنشـأة الإنسـانية ولا يحددها، فيفيد أنّ الإنسان قد مرَّ بأطوارمُسلسلة من الطين إلى الإنسان، فالطين هو الطور الأول لتكون الإنسان، ومنه خُلق آدم أول البشرية "الإنسان الأول، وهذا يعني أنَّ الطين هو أصل نشأة الجنس الإنساني التي كانت من سلالةٍ "خلاصةٍ" من طين..... وأمّا نشـأة الفرد الإنساني بعد آدم، فتمضي في طريق آخر معروف هو ما سيحدثنا عنه القرآن بعد ذلك.

    القرار المكين: هو رحم المرأة الذي تنمو فيه النطفة الملقحة حتى تصير جنيناً، ثم تحافظ عليه في بقية أطواره حتى تخرجه طفلاً كامل الخلقة سوي التكوين.... لذا لا بد له أن يكون محروساً ومهيئاً للمحافظة على تلك النطفة. وأول شئ نلاحظه هو أنّ الرحم موضوع في في الحوض الحقيقي لهيكل المرأة مما يوفر له الحمايـة الكاملة من أي عدوان خارجي، ثم نجد الأربطة والصفاقات المختلفة التي تمسك بالرحم، ومع ذلك تسمح له بالحركة والنمو حتى أنّ حجمه ليتضاعف أكثر من ثلآثة آلآف مرة في نهاية الحمل، ومع ذلك يبقى الرحم في مكانه والأربطة ممسكة به، وبايجاز أن هناك عوامل كثيرة تحفظ الرحم في مكانه وتجعله القرار المكين.

    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    ......
    1- المؤمنون: (12-14)
    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    .....
    الموضوع منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي، 1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة

    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    ......

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي

    عملية الحمل وأطواره -3-



    ولرُبَّ سائل يتسائل : هل يخلق الإنسان من ماء الرجل أم من ماء المرأة أم من كليهما ؟ وهل للمرأة ماء كما للرجل؟ .

    لقد وقع الخلاف والنزاع قديماً حول هذه النقطة، كما يقول الإمام "الفخر الرازي" في كتابه: المباحث الشرقية"[1 ]، فقد نفى "أرسطو"[ 2] أن يكون للمرأة مني... أمّا "جالينوس"[ 3] وهو أشهر أطباء اليونان القديمة فقد أكثر من التشنيع عليه في ذلك، مثبتاً أنّ للمرأة منياً، وإن كان يختلف عن مني الرجل في طبيعته، وأنه لا يقذف ولا يندفع بل يسيل على العضو المخصوص وأنه رطوبة بيضاء.[ 4]

    امّا العِلم الحديث فيقرر أنّ الماء الذي لا يقذف ولا يندفع بل يسيل على العضو المخصوص إنّما هو افرازات المهبل وغدد "بارثلون" المتصلة به، وخروج الماء من فرج المرأة هو أمر طبيعي ومشاهد عند الجماع أو الإحتلام. والإسلام يعتبره موجباً للغسل، وعند الجماع يختلط هذا الماء بمني الرجل... ويتقلص الرحم تقلصات عديدة تدفع بهذا الماء المختلط من مني الرجل وماء المرأة إلى الرحم ومنه إلى قناة الرحم، حيث يلتقي الحيوان المنوي ببويضة المرأة ليلقحها[ 5]. وبالدراسة يتضح أنّ للمرأة نوعين من الماء :

    1. ماء لذج يسيل ولا يتدفق وهو ماء المهبل، وليس له أي علاقة في تكوين الجنين، سوى مساعدته في سهولة الإيلاج وفي ترطيب المهبل وتنظيفه من الجراثيم والميكروبات.

    2. ماء متدفق يخرج مرة واحدة في الشهر من حويصلة "جراف" بالمبيض عندما تقترب هذه الحويصلة المليئة بالماء الأصفر من حافة البويضة. وفيما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنّ ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر"[6 ] وعند تمام نموها تنفجر فتنذلق المياه على أقتاب البطن، ويتلقف البوق "وهو في نهاية الرحم" البويضة فيدفعها دفعاً خفيفاً حتى تلتقي بالحيوان المنوي الذي يلقحها في الثلث الوحشي من قناة الرحم. وهذا الماء يحمل البويضة "النطفة المؤنثة" كما يحمل ماء الرجل الحيوانات المنوية "النطفة المذكرة". وكلاهما متدفق .... وكلاهما يخرج من بين "الصلب والترائب"، أي من الغدد التناسلية المنتجة. ماء دافق يندفق من خصية الرجل يحمل النطفة المذكرة. وماء دافق يخرج من حويصلة جراف بمبيض المرأة يحمل النطفة المؤنثة.[ 7]

    وفي الحديث الشريف :
    (أخرج الإمام أحمد في مسنده: أنّ يهودياً مَرَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه. فقالت قريش: يا يهودي إنّ هذا يزعم أنّه نبي، فقال: يا محمد، مم يخلق الإنسان؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا يهودي، من كل يخلق، من نطفة الرجل، ومن نطفة المرأة. فقال اليهودي: هكذا كان يقول من قبلك)[8 ]
    وقال العسقلاني: (المراد أنّ المني يقع في الرحم حين انزعاجه بالقوة الشهوانية الدافعة مبثوثاً متفرقاً فيجمعه الله في محل الولادة من الرحم. والمراد بالنطفة المني، وأصله الماء الصافي القليل، والأصل في ذلك أنّ ماء الرجل إذا لاقى ماء المرأة بالجماع، وأراد الله أن يخلق من ذلك جنيناً هيأ أسباب ذلك، لأنّ في رحم المرأة قوتين: قوة انبساط عند ورود مني الرجل حتى ينتشر في جسد المرأة، وقوة انقباض بحيث لا يسيل من فرجها مع كونه منكوساً ومع كون المني ثقيلاً بطبعه، وفي مني الرجل قوة الفعل، وفي مني المرأة قوة الإنفعال، وقيل في كل منهما قوة فعل وانفعال ولكن الأول في الرجل أكثر، والثاني في المرأة أكثر. وزعم كثير من أهل التشريح أنّ مني الرجل لا أثر له في الولد إلآ في عقده، وأنّه إنّما يتكون من دم الحيض، وأحاديث الباب تبطل ذلك. وما ذكر أولاً أقرب إلى موافقة الحديث. والله أعلم)[9 ]

    ويقول الإمام أبن القيم: (ومني الرجل وحده لا يتولد منه الولد ما لم يماذجه مادة أخرى من الأنثى... إنّ الأعضاء والأجزاء والصورة تكونت من مجموع المائين، وهذا هو الصواب.)[10 ]
    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    ......
    [1] الرازي – فخر الدين، المباحث الشرقية، جزء ( 2 )، صفحه ( 243 ). والرازي – فخر الدين، (1149-1209 م )، فقيه ومفسر مسلم، ولد في الرّي بإيران، وتوفي في هَراة بأفغانستان، عُرف بدفاعه الشديد عن آراء مذهب " أهل السنة "، فطارت له شهرة واسعة... وضع نحواً من مائة مجلد بعضها موسوعي الطابع، أشهر آثاره تفسيرٌ للقرآن الكريم دعاه " مفاتيح الغيب. وهو من أشهر وأوثق التفاسير.
    [2] أرسطو "أرسطوطاليس Aristotle" (384- 322 ق.م.): فيلسوف يوناني، تلميذ أفلاطون وأستاذ الإسكندر المقدوني. جرت فلسفته في اتجاه مغاير لمثالية أفلاطون، وتعاظم اهتمامها شيئاًُ فشيئاً بالعلم وظواهر الطبيعة. ويعتبر واحداً من أعظم فلاسفة العالم، وقد انسحب أثره على جميع المفكرين في عصره ممن أتى بعده حنى مُنبلج العصر الحديث، من أشهر آثاره: " الأورغانون " في المنطق، وكتاب السياسة، وكتاب ما وراء الطبيعة، وكتاب الشعر.
    [3] جالينوس Galleons: طبيب يوناني، له مذهب في الطب يدعى " الجاليسونية Galennism "، وهو يقوم على أساس القول بأنّ الأخلاط الأربعة " الدم والبلغم و الصفراء والسوداء " هي التي تقرر صحة الإنسان ومزاجه.
    (4) البار، محمد علي، خلق الانسان بين الطب والقرآن، صفحة : ( 121-122)
    (5) البار، محمد علي، خلق الانسان بين الطب والقرآن، صفحة : ( 122)
    (6) رواه مسلم
    (7) البار، محمد علي، خلق الانسان بين الطب والقرآن، صفحة: ( 123-124)
    (8) المقصود بمن قبلك : أي الأنبياء.
    [9] العسقلاني، فتح الباري – شرح صحيح البخاري، مجلد ( 11 )، صفحه ( 479 – 480 ).
    [10] الجوزية - الإمام أبن القيم، التبيان في أقسام القرآن، صفحه ( 242 – 256 ).
    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    .....
    الموضوع منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي، 1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    ......

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي

    عملية الحمل وأطواره -4-



    أمّا القرآن الكريم، فيجيب على نفس التساؤلات في مطلع سورة الإنسان:
    (هَلْ أتى على الإنسان حينٌ مِنَ الدّهْر لم يكن شيئاً مذكوراً  إنّا خلقناهُ مِنْ نُطفةٍ أمشاج نَبْتَليه فجَعَلناهُ سَميعاً بَصيراً )[ 1]

    قال إبن جرير الطبري في تفسيره :
    (إنّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج: إنّا خلقنا ذرية آدم من نطفة، يعني من ماء الرجل وماء المرأة. والنطفة كل ماء قليل في وعاء - كان ذلك في ركية أو قربة أو غير ذلك - وقوله "أمشاج" يعني أخلاط، واحدها مَشَجَ ومَشيج، يقال إذا مشجت هذا بهذا أي خلطته، وهو مشوج به ومشيج أي مخلوط... وهو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة)[2 ]

    وقال عكرمة: أمشاج نبتليه: ماء الرجل وماء المرأة يمشج أحدهما بالآخر، أي ماء الرجل وماء المرأة يختلطان. وعن إبن عباس رضي الله عنهما: ماء الرجل وماء المرأة يختلطان. وعن الربيع بن أنس قال: إذا اجتمع ماء الرجل وماء المرأة. وقال الحسن البصري: مشج "خلط" ماء المرأة مع ماء الرجل. وقال مجاهد: خلق الله الولد من ماء الرجل وماء المرأة.[ 3] وقد قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شُعوباً وقبائل لِتَعارفوا إنّ أكرَمَكُم عِندَ الله أتقاكُمْ.)[4 ]

    أما إبن كثير فيقول في تفسيره :
    (يقول تعالى مُخبِراً الإنسان أنّه وُجدَ بَعْدَ أن لمْ يّكُن شيئاً مذكوراً لضعفه وحقارته) ثم يستطرد مفسراً ("أمشاج" أي أخلاط، والمشج والمشيج المختلط بعضه مع بعض)

    ويقول صاحب الظلال رحمه الله :
    (ألأمشاج: الأخلاط. وربما كانت هذه اشارة إلى تكوّن النطفة من خلية الذكر وبويضة الأنثى بعد التلقيح. وربما كانت هذه الأخلاط تعني الوراثات الكامنة في النطفة والتي يمثلها علمياً ما يسمونه علمياً: "الجينات" وهي وحدات الوراثة الحاملة للصفات المميزة لجنس الإنسان أولاً، ولصفات الجنية العائلية أخيراً. وإليها يُعزى سير النطفة الإنسانية في رحلتها لتكون جنين إنسان لا جنين أي حيوان آخر، كما تُعزى إليها وراثة الصفات الخاصة في الأسرة، ولعلها في هذه الأمشاج المختلطة من وراثات شتى)[5 ]
    وبذلك نرى أنّ غالبية المفسرين من قدامى ومحدثين متفقون على أنّ النطفة الأمشاج هي النطفة المختلطة من ماء الرجل وماء المرأة، وأنّ الخلق يتكون من نطفتيهما. ويؤكد القرآن الكريم على حقيقة حصر الخلق في الزوجية في أكثر من موضع في محكم التنزيل، أكتفي منها بما جاء في سورة الحجرات: (يا أيها الناس إنّأ خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم)[6 ] وفي تفسير تلك الآية يقول إبن جرير الطبري في تفسيره: (يا أيها الناس إنّا أنشأنا خلقكم من ماء ذكر من الرجال ومن ماء انثى من النساء، وبنحو ذلك الذي قلنا قال أهل التأويل)... وروى بسنده عن مجاهد قال: (لأنَّ الله تعالى يقول من ذكر وأنثى).

    وقال إبن كثير في تفسيره: (يقول تعالى أنّه خلقهم من نفس واحدة، وجعل منها زوجها وهما آدم وحواء، أي من ذكر وأنثى)[7 ]

    ويقول القرطبي في تفسيره: (ذهب قوم من الأوائل إلى أنَّ الجنين إنّما يكون من ماء الرجل وحده، ويتربى في رحم الأم ويستمد من الدّم الذي يكون فيه.... والصحيح أنّ الخلق إنّما يكون من ماء الرجل وماء المرأة - لهذه الآية - فإنها نَصٌ لا يحتمل التأويل، ولقوله تعالى (خلِق من ماء دافق يخرج من بين الصّلب والترائب)[8 ] والمراد منه أصلاب الرجال وترائب النساء... وأما ما احتجوا بهِ فليس فيه أكثر من أنّ الله ذكر خلق الإنسان من الماء والسلالة والنطفة، ولم يضفها إلى أحد الأبوين دون الآخر. فدلَّ على أنَّ الماء والسُّلالة لهما "والنطفة منهما" بدلالة ما ذكرنا. وبأنَّ المرأة تُمنى كما يُمنى الرجل)[9 ]

    يتضح بجلاء مما تقدم أنّ ما إكتشـفة الإنسان وعلومه مؤخراً (في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين) قد سبقه القرآن الكريم بوضوح لا يحتمل أي تأويل أو شك. وزادت عليه الأحاديث الشريفة توضيحاً، فقدما الأجوبة الصريحة الدقيقة لإستفسارات الإنسان وتساؤلاته. كما أنّ نجوم هذه الأمة الصحابة الكرام ومن تبعهم من المفسرين والفقهاء قد فهموا من نصوص القرآن الكريم والحديث الشريف ما نفهمه نحن اليوم منهم، ويأكد فهمنا هذا الإكتشافات العلمية.


    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    ......
    [1] الانسان: ( 1-2)
    [2] الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان في تفسير القرآن، جلد (29) ، صفحة: (120)
    [3] البار، محمد علي، خلق الانسان بين الطب والقرآن،صفحة: (192)
    (4) الحجرات: (13)
    (5) قطب، سيد، في ظلال القرآن، مجلد:6، صفحة: ( 3779)
    (6) الحجرات: (13)
    (7) ابن كثير، تفسير ابن كثير، جزء:4، صفحة:(454)
    (8) الطارق: (6-7)
    [9] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مجلد: 16، صفحة 343)

    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    .....
    الموضوع منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي، 1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة
    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    ......

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي

    عملية الحمل وأطواره -5-


    أمّا في سورة المرسلات، فإنّ الله تعالى يطلب من الإنسان كل إنسان إعمال عقله والتفكر في الخلق: للإهتداء إلى وجود الخالق المدبر المصور، والدعوة أتت على صورة أسئلة تذكيرية هادفة لتوجه الإنسان إلى الطريقة المنتجة للتفكير: ألم يتم خلقكم من ماء مهين حقير هو النطفة "الحيوان المنوي المذكر والبويضة المؤنثة" وجعلنا تلك النطفة بعد أن تلقحت وامتزجت في مكان آمن حصين تتمكن فيه، فيتم الخلق والتصوير إلى وقت محدود قرره الله تعالى؟ فقدرنا على خلقه وتصويره واخراجه للوجود بشراً سوياً!!! فنعم الخالقون نحن المقدرون له. وبعد كل تلك الأدلة التي لا مجال لدحضها بتاتاً فالويل والثبور لكل من أنعمَ الله تعالى عليه بعقل مفكر ورغم ذلك يُكذب الحقائق ويُنكر ويكفر بنعمة الخلق والتقدير. لقد جاء هذا التساؤل والتذكير والوعيد في سورة المرسلات:

    ( ﴿ألمْ نخلقكُمْ مِن ماءٍ مَّهينٍ  فجَعَلناهُ في قرارٍ مَكينٍ  إلى قدَرٍ مَعْلومٍ  فقدَرْنا فَنِعْمَ القادرونَ  وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلمُكذبينَ ﴾)[ 1]

    والمقصود "بماء مهين": أي ضعيف حقير بالنسبة إلى قدرة الباري عز وجل وهو النطفة. أما المقصود ب "قرارمكين" فيعني جمعناه في الرحم وهو قرار المائين من الرجل والمرأة، فالرحم معد لذلك تماماً، حافظ لما اودع فيه من من ذلك الماء. وأما قوله تعالى:
    "إلى قدر معلوم" فيعني إلى مدة معينة "تسعة أشهر أو أكثر أو أقل". أما "فقدرنا" أي قررنا أو أقدرنا.

    قال القرطبي في تفسيره: (ألم نخلقكم من ماء مهين: أي ضعيف حقير وهو النطفة - وقد تقدم -. وهذه الآية أصل لمن قال: إنّ خلق الجنين هو من ماء الرجل وحده - وقد مضى القول فيه –[ 2]. "فجعلناه في قرار مكين" أي مكان حريز وهو الرحم. "إلى قدر معلوم" قال مجاهد: إلى أن نصوره، وقيل: إلى وقت الولادة. "فقدرنا" أي فقررنا وقت الولادة وأحوال النطفة في التنقيل من حالة إلى أخرى حتى صارت بشرأ سوياً، أو الشقي والسعيد، أو الطويل والقصير)[3 ]

    ودعوة أخرى إلى إعمال العقل والتفكر في صورة سؤال يحوى في طياته التحدي والتذكير الجميل والوعيد كما يحوى التعليم أيضاً، وإعلام بكيفية الخلق والتكوين... أيظن أو يحسب هذا الإنسان المُلحِد المُنكِر لِلبَعث أن يُترَكَ مُهملاً فلا يُحاسَب!!! ألَم يكن ذلك الإنسان نفسه في طور من أطوار تخلقه نطفة من مني قدر تكوينه وحفظه في الرحم؟ ثم صار علقة مع دم جامد، فخلقه الله وسواه في أحسن تقويم!!! وجعل منه صنفي الإنسان الذكر والأنثى، أليس ذلك الخالق المبدع المصور المصور الفعال لِما يُريد، أليس بقادر على إعادة الأحياء ثانية للموتى بعد جمع عظامهم تارة أخرى وقد خلقهم أصلاً من عدم!!! إستعمل عقلك أيها الإنسان المُنكِر للبعث ثانية والحساب، وتفكر في الخلق إنشاءاً من العدم، هل من أنشأ من العدم عاجز عن إعادة الإنشاء ثانية!!! فإلى سورة القيامه:

    (﴿أيَحْسَبُ الإنسانُ أن يُترَكَ سُدى  ألَمْ يَكُ نُطفةً مِنْ مِنِيٍ يُمْنى  ثُمَّ كانَ عَلقةً فخلق فسوّى  فجَعَلَ مِنْهُ الزّوْجَينِ الذكَرَ وَالأنثى  أليْسَ ذلِكَ بقادِرٍ عَلى أنْ يُحْيى المَوْتى ﴾)[4 ]
    وهنا لفتة طريفة، ففي هذه الآية الشّريفة يتحدث خالق النطفة ومنشئها، فيُعَلمنا التمييز بين النطفة وبين المني، : إذ جعل النطفة جزء من المني.

    ويفسّر ذلك حديثه عليه الصلاة والسّلام: (من كل الماء يولد الولد، وإذا أراد الله خلق لم يمنعه شئ)[5 ] ويتطابق هذا أيضاً مع ما جاء في سورة السّجدة: ﴿(ثُمَّ جَعَلنا نَسْلهُ مِنْ سُلالةٍ مِنْ ماءٍ مهين﴾)[6 ] والسُّلالة كما يقول المفسرون هي الخُلاصة. أي جعل نسل بني آدم من خلاصة الماء المهين الذي هو المني. ونحن نعلم الآن أنَّ جزءاً يسيراً جداً من المني هو اللازم لتلقيح البويضة، أي اللازم لعملية تخلق وتكوين الولد. فالدفقة الواحدة من المني تحمل كما يقول العِلم الحديث مائتي مليون حيوان منوي... والذي يقوم بالتلقيح للبويضة هو حيوان منوي واحد من هذا الكم الهائل فقط.

    وعندما تحدى رأس الكفر "أمية بن خلف" رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلف، منكراً البعث ومستهزئاً باعتقاد المسلمين به. أتى ذلك الكافر الملحد الرسول صلى الله عليه وسلم بعظم حائل ففته بين يديه وقال: يامحمد أترى الله يحيي هذا بعدما أرم؟[ 7] فأجابه عليه الصلاة والسلام راداً التحدي بأعظم منه: (نعم، يبعث الله هذا ويميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم)[8 ]

    ويأتي وحي السّماء مصدقاً لتأكيد رسول السّماء، وليؤكد كفر والحاد أمية بن خلف، ومؤكداً صدق إيمان المسلمين بالخلق والبعث والحساب. فيأتي السياق القرآني في صورة سؤال وتعجب واستهزاء، لافتاً النظر للتفكر بالخلق وقوانينه التي إن أُعمِلَ العقل بدراستها بتمعن ورغبة صادقة في الوصول إلى الحقيقة سيصل حتماً للجواب القاطع الغير قابل للجدل والعناد والمكابرة. أجحد الإنسان وجود الله وقدرته؟ أنسي أنا خلقناه بعد العدم وبعد أن لم يكن؟ ألا يعلم أنا خلقناه من نطفة مهينة حقيرة؟ ومع هذا إذا به مجادل شديد الخصومة مبين للحجة، يري بذلك أنّه بعد أن لم يكن شيئاً مذكورأ خصيماً مبيناً، وساق لنا هذا الخصم المبين مثلاً ينكر فيه قدرتنا على إحياء العظام بعد أن تبلى. ونسي أنّا خلقناه بعد أن لم يكن إذ قال ملحداً منكراًُ ومستبعداً قدرتنا على ذلك: "من يحيي العظام وهي رميم؟". قل يا محمد: يحييها الذي أنشأها أول مرة من العدم، ففي استطاعة من بدأ الخلق أول مرة أن يعيده ثانية، إن من كان عظيم العِلم بكل ما خلق لا يعجزه جمع الأجزاء بعد تفرقها. لقد جاء هذا التحدي الرائع الجميل في سورة يسن: (أوَ لَمْ يَرَ الإنسانُ أنّا خلَقناهُ مِن نطفةٍ فإذا هُوَ خصيمٌ مُبين  وَضَرَبَ لنا مَثَلاً وَنَسِيَ خلقهُ قالَ مَنْ يُحْيي العِظامَ وَهِيَ رَميمْ  قُلْ يُحْييها الذي أنْشَأها أوَلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بكلّ خلق عَليمٌ)[ 9]

    إنّ هذا الرّد الذي يحمل قمة التحدي، هو في نفس الوقت حوار هادف، يقوم بتعليم هذا العُتل الزنيم كيفية إعمال العقل في المشاهدات والدلائل القاطعة للتوصل إلى الجواب الشافي لمن أراده، وليس المكابر المجادل الخصيم المبين.

    فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً. ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الله تعالى المَلَكَ فينفخ فيه الروح).

    وفي سورة السّجدة يقول المَلك الجبارالعزيز الرحيم، أنّه قد أتقن كلّ شئ خلقه، أتقنه خلقاً متكاملاً بما فيه من الخصائص والطاقات الكامنة التي كونها فيه. أمّا الإنسان الأول فقد إبتدأ خلقه من طين: ذلك هو آدم أوّل البشر عليه السّلام. أمّا نسله وذراريه وهم كل البشر بلا استثناء فقد جعل خلقهم بعد ذلك من ماء حقير ضعيف "مهين" لا يُؤبه له في العادة، ثم قوَّمَهُ ونفخ فيه من روحه، أي أمده بالروح التي هي سرّ الحياة، وخلق له موهِباً إياه ومُزَيِنَهُ بالسّمع والإبصار والإدراك والحس والعقل، ليسمع ويبصر ويدرك ويعقل ويتفكر.

    ومع كل تلك النِّعَم العظيمة التي لا تقدر، فإنّ هذا الإنسان المُنعَم عليهِ بما لم يُنْعَمَ على غيره من المخلوقات الكثيرة، لا يقوم بواجب الشكر لله والحمد له على تلك النعم إلآ في القليل النادر. حتى أنّ الملاحدة من الناس المنكرين للبعث والحساب قالوا متسائلين يعتريهم العجب: أيعقل أننا بعد أن نصبح تراباً مختلطاً وممزوجاً بأديم الأرض ومتحداً معه بحيث لا يتميز عنه، أيعقل أننا سنعود في خلق جديد؟ إنّ هؤلاء وأمثالهم بالحادهم لا يُنكرون البعث والحساب وحده، بل بجميع ما بعد الحياة الدنيا "أي الآخرة" هم مكذبون. وفي هذا جاء الرّد القرآني في سورة السّجدة:
    (﴿ذلِكَ عالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ العَزيزُ الرَّحيمُ  الذي أحْسَنَ كُلَّ شَئٍ خلقهُ وَبَدَأ خَلقَ الإنسانِ مِنْ طينٍ  ثُمَّ جَعَلَ نَسْلهُ مِنْ سُلالةٍ مِنْ ماءٍ مَهينٍ  ثُمَّ سَوّاهُ وَنَفَخَ فيهِ مِنْ روحِهِ وَجَعَلَ لكُمْ السَّمْعَ وَالأبْصارَ وّالأفئِدَةَ قليلاً ما تَشْكُرونَ  وَقالوا أءِذا ضَللنا في الأرضِ أءِنا لفي خلقٍ جَديدٍ ، بَلْ هُمْ بلِقاءِ رَبّهِمْ كافِرونَ  قُلْ يَتَوَفاكُمْ مَلكُ المَوْتِ الذي وُكلَ بِكُمْ ثُمّ إلى رَبِكُمْ تُرْجَعونَ ﴾)[ 10]

    بعد قرون طويلة من اتمام نزول القرآن، وفي منتصف القرن العشرين، توصل العِلم الحديث إلى معرفة حقيقة ظلت مجهولة لكل الناس - إلآ المسلمين الذين دونت في كتبهم وأسفارهم نقلاً عن القرآن الكريم - وهي أنّ ماء الرجل المنوي يتكون في عظام الظهر الفقارية، وأنّ المرأة تنتج هي الأخرى ماءاً يتكون في عظام الصدر العلوية، حيث يلتقي الماءان بعد ذلك "ماء الرجل وماء المرأة" من خلال الإتصال الجنسي "الجماع" فيتماذجان ويتحدان في مقر حصين آمن حافظ "مكين" الذي هو رحم المرأة مكوناً أول مراحل تخلق الجنين الإنساني.
    وقد بينت الدراسات الجنينية الحديثة أنّ نواة الجهاز التناسلي والجهاز البولي في الجنين تظهر بين الخلايا الغضروفية المكونة لعظام العمود الفقري، وبين الخلايا المكونة لعظام الظهر، وأنَّ الأعضاء التناسلية وما يغذيها من أعصاب وأوعية دموية تنشأ في موضع من الجسم بين الصلب والترائب "العمود الفقري Vertebral column" و "القفص الصدري Thoracic cavity". أليس هذا الذي توصل إليه العِلم الحديث بعد أن جنّد كافة امكاناته المادية من مختبرات وأجهزة وتجارب وتشريح وأشعة ومواد كيماوية... علاوة على الأطباء والعلماء والمشرحين وغيرهم.... أليس هو عين ما تعنيه الآية الكريمة التالية من سورة الطارق؟ ألَمْ يّأنِ لهؤلاء العلماء أن يطأطؤا رؤوسهم إجلالاً واحتراماً وأن تخشع قلوبهم من خشية الله وإقراراً بعجزهم أمام قدرته تعالى؟:
    (﴿فَليَنظُر الإنسانَ مِمَ خلِقْ  خلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ  يَخرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلبِ وَالتَرائِبْ  إنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لقادِر﴾ )[ 11]


    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    ......
    [1] المرسلات: (20-24)
    [2] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، جزءؤ:(12)، صفحة7)
    [3] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، جزءؤ:(19)، صفحة:(159-160)
    (4) القيامة:(36-40)
    (5) صحيح مسلم
    (6) السجدة8)
    (7) حائل:متفتت...، أرم: بالي.
    (8) النيسابوري، أسباب النزول، صفحة:(209)
    [9] يسن:(77-79)
    (10)السجدة6-11)
    (11) الطارق5-8)
    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    .....
    الموضوع منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي، 1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة
    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    ......

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي

    عملية الحمل وأطواره -6-


    (﴿فَليَنظُر الإنسانَ مِمَ خلِقْ  خلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ  يَخرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلبِ وَالتَرائِبْ  إنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لقادِر ﴾)[1 ]

    ماء: يعني ماءي الرجل والمرأة. دافق: متدفق ومصبوب بدفع وسرعة إلى الرحم. الصّلب: الشديد، وباعتبار الصّلابة سمي الظهر صلباً. الترائب: ضلوع الصّدر.

    ذكر القرطبي في تفسيره عن الحسن البصري وغيره[ 2]: بأنَّ الماء الدّافق يخرج من صلب الرجل وترائبه، وصلب المرأة وترائبها. وذكر الألوسي في تفسيره مثل هذا.[ 3] وقد أوضح ذلك ببيان جلي الشيخ المراغي رحمه الله حيث يقول في تفسيره للقرآن:
    (وإذا رجعنا إلى علم الأجنّة وجدنا في منشأ خصية الرجل ومبيض المرأة ما يفسر لنا هذه الآيات التي حيرت الألباب، وذهب فيها المفسرون مذاهب شتى، كل على قدر ما أوتي من عِلم... وإن كان بعيداً عن الفهم الصحيح والرأي السائد.
    ذاك أنّه في الأسبوع السادس والسابع من حياة الجنين في الرحم ينشأ ما يسمى "ولف" وقناته على كل جانب من جانبي العمود الفقري. ومن جزء من هذا تنشأ الخصية وبعض الجهاز البولي... ومن جزء آخر تنشأ الخصية في الرجل والمبيض في المرأة. فكل من الخصية والمبيض في بدأ تكوينهما يجاور الكلى ويقع بين الصلب والترائب، أي ما بين منتصف العمود الفقري تقريباً ومقابل أسفل الضلوع.

    ومما يفسر لنا صحه هذه النظرية أنَّ الخصية والمبيض يعتمدان في نموهما على الشريان الأورطي في مكان يقابل مستوى الكلى الذي يقع بين الصلب والترائب، ويعتمدان على الأعصاب التي تمد كلاً منهما، وتتصل بالضفيرة الأورطية ثم بالعصب الصدري العاشر، وهو يخرج من النخاع من بين الضلع العاشر والحادي عشر، وكل هذه الأشياء تأخذ موضعها من الجسم فيما بين الصلب والترائب.)[4 ]

    (والآية الكريمة تحثنا على النظر والتمعن في تخلق الإنسان من هذا الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب، وسبب تدفقه هو تقلصات جهاز الحويصلة المنوية والقناة القاذفة للمني مع تقلصات عضلات العجان، فتدفع بالسائل المنوي بمحتوياته من ملايين الحيوانات المنوية عبر الإحليل إلى المهبل. وهذا هو سبب الرّعشة عند الإنزال. وذلك كله متعلق بِالجهاز العصبي اللاارادي، والمسمى بِ "الجهاز التعاطفي Sypathetic nerves".

    أمّا الإنتشار والإنتصاب فسببه أعصاب خاصة من الجهاز العصبي اللآارادي المسمى "نظير التعاطفي Para Sypathetic" وبواسطته تمتلئ الأوردة الدموية الكثيفة في القضيب فتسبب الإنتشار. وهذه الأعصاب تأتي من منطقة بين الصلب والترائب. ونرى أنّ ذلك كله موكول إلى جهاز غير إرادي ولا تتحكم فيه الإرادة حتى يخرج أمر الخلق والتخلق من كل شبهة للإرادة الإنسانية.)[ 5]

    تقول الآية الكريمة أنّ الماء الدافق يخرج من بين الصلب والترائب، ونحن قلنا أنَّ الماء الدافق "المني" إنّما يتكون في الخصية وملحقاتها، كما تتكون البويضة في مبيض المرأة. فكيف تتطابق تلك الحقيقة العلمية مع الحقيقة القرآنية؟.

    على هذا السؤال يجيب الدكتور محمد علي البار قائلاً :
    (إنّ الخصية والمبيض إنّما تتكونان من الحدبة التناسلية بين صلب الجنين وترائبه، والصلب هو العمود الفقري، والترائب هي الأضلاع ، وتتكون الخصية والمبيض من هذه المنطقة بالضبط أي بين الصلب والترائب. ثم تنزل الخصية تدريجياً حتى تصل إلى كيس الصفن "خارج الجسم" في أواخر الشهر السابع من الحمل.... بينما ينزل المبيض إلى حوض المرأة ولا ينزل أسفل من ذلك. ومع هذا فإنّ تغذية الخصية والمبيضين بالدماء والأعصاب واللمف تبقى من حيث أصلها... أي بين الصلب والترائب. فشريان الخصية أو المبيض يأتي من الشريان الأبهر "الأورطي البطني Aorta artery" من بين الصلب والترائب، كما أنَّ وريد الخصية يصب في نفس المنطقة... يصب الوريد الأيسر في الوريد الكلوي الأيسر، بينما يصب وريد الخصية الأيمن في الوريد الأجوف السفلي... وكذلك أوردة المبيض وشريانها تصب قي نفس المنطقة أي بين الصلب والترائب... كما أنّ الأعصاب المغذية للخصية أو المبيض تأتي من المجموعة العصبية الموجودة تحت المعدة من بين الصلب والترائب... وكذلك الأوعية الليمفاوية تصب في نفس المنطقة أي بين الصلب والترائب.

    فهل يبقى بعد كل هذا شك أنَّ الخصية أو المبيض إنّما تأخذ تغذيتها ودمائها وأعصابها بين الصلب والترائب؟ ... فالحيوانات المنوية لدى الرجل أو البويضة لدى المرأة إنّما تستقي مواد تكوينها من بين الصلب والترائب، كما أنّ منشأها ومبدأها هو من بين الصلب والترائب والآية الكريمة إعجاز كامل حيث تقول "من بين الصلب والترائب"... فكلمة "بين" ليست بلاغية فحسب، وإنّما تعطي الدقة العلمية المتناهيه)[ 6]

    هذا هو التفسير العلمي، والذي أتى مطابقاً لما ورد في القرآن الكريم. أمّا قول بعضهم أنّ المني يخرج من صلب الرجل، أما ماء المرأة فيخرج من ترائبها ويتكون في ترائبها، فإنّ هؤلاء لم ينتبهوا إلى كلمة "بين" الواردة في النص القرآني، لذا فقد وقعوا في الخطأ. ذلك الخطأ الذي وقع فيه عدد من المفسرين قد تنبه إليه الإمام أبن القيم، حيث ورد في كتابه "إعلام الموقعين عن رب العالمين" ما يلي: (ولا خلاف أنّ المُراد بالصّلب صلب الرجُل. واختلف في الترائب، فقيل المراد ترائبه أيضاً، وهي عظام الصدر بين الترقوة إلى الثندوة... وقيل المراد بها ترائب المرأة. والأول أظهر لأنه سبحانه قال "يخرج من بين الصلب والترائب" ولم يقل "من الصلب والترائب"، فلا بد أن يكون ماء الرجل خارجاً من بين هذين الملتقيين كما قال في اللبن "يخرج من بين فرث ودم"... وهذا لا يدل على إختصاص الترائب بالمرأة، بل يُطلقُ على كل من الرجل والمرأة. قال الجوهري: الترائب عظام الصدر بين الترقوة إلى الثندوة)[7 ]

    أمّا القرطبي فيقول في تفسيره: (يخرج من صلب الرجل وترائب الرجل، ومن صلب المرأة وترائب المرأة،... وأيضاً المكثر بالجماع يجد وجعاً في ظهره وصلبه، وليس ذلك إلا لخلو صلبه عما كان محتبساً من الماء.)[8 ] وللألوسي في تفسيره والشيخ المراغي كذلك نفس الفهم، وقد نبهنا إلى رأيهما في موضع سابق من هذا الفصل.
    يتضح مما تقدم أنّ تخلق الإنسان قد حصل من جراء الزوجية المتمثلة بالجماع الحاصل بين ذكر وأنثى، فيتكون الجنين من اختلاط وتلاقح مائيهما، وكلا المائين دافق، وكلا المائين يخرج من بين الصلب والترائب: من الغدة التناسلية: الخصية في الرجل، أو المبيض في المرأة، وكلاهما يتكون من بين الصّلب والترائب، كما أنَّ تغذيتهما وترويتهما بالدماء والأعصاب تأتي من بين الصُّلب والترائب. فيتضح لنا معاني الآية الكريمة في إعجازها الدقيق الرائع: ماء دافق من الخصية يحمل الحيوانات المنوية... وماء دافق من حويصلة جراف بالمبيض يحمل البويضة ....ومن كلاهما يتخلق الإنســـان.

    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    ......
    [1] الطارق5-8)
    [2] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، جزءؤ:(20)، صفحة4-6)
    [3] تفسير الألوسي،روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني،سورة الطارق.
    (4) البار، د. محمد علي، خلق الانسان بين الطب والقرآن،صفحه:(120-121) نقلاً عن تفسير المراغي
    (5) البار، د. محمد علي، خلق الانسان بين الطب والقرآن،صفحه:(114-116) نقلاً عن تفسير المراغي
    (6) البار، د. محمد علي، خلق الانسان بين الطب والقرآن،صفحه:(114-116) نقلاً عن تفسير المراغي
    (7) ابن قيم الجوزية، اعلام الموقعين عن رب العالمين، جزء 2)، صفحو:(158)
    (8) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، جزءؤ:(20)، صفحة7)
    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    .....
    الموضوع منقول من : موسوعة الخلق والنشوء، حاتم ناصر الشرباتي، 1424هـ / 2002م. مكتبة الايمان - المنصورة
    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    ......

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي

    مـــدة الحـمــــل


    إنّ أقل مدّة الحمل ستة أشهر. لما روى الأثرم بإسناده عن أبي الأسود أنه رفع إلى عمر امرأة ولدت لستة أشر فهم عمر برجمها، فقال علي: ليس لك ذلك. قال تعالى: (والوالدات يُرضعنَ أولادهن حولين كاملين)[1 ] وقال تعالى: (﴿وحمله وفصاله ثلاثون شهراً﴾)2 ]، فحولان وستة أشهر ثلاثون شهراً، لا رجم عليها. فخلّى عمر سبيلها. وولدت امرأة أخرى لذلك الحد. ورواه الأثرم أيضاً عن عكرمة عن ابن عباس قال ذلك الأحول: فقلت لعكرمة أنا بلغنا أنَّ علياً قال ذلك، فقال عكرمة: لا ما قال هذا إلآ ابن عباس. وذكر ابن قتيبة في "المعارف" أنَّ عبد الملك بن مروان وُلِدَ لستة أشهر، وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم.[ 3]

    وظاهر مذهب الحنابلة أنّ أقصى مدة الحمل أربع سنين، بِهِ قال الشافعي، وهو المشهور عن مالك. وروي عن أحمد أنَّ أقصى مدته هو سنتان، وروي ذلك عن عائشة، وهو مذهب سفيان الثوري وأبي حنيفة. لما روت جميلة بنت سعد عن عائشة: "لا تزيد المرأة عن سنتين في الحمل."، ولأنّ التقدير إنّما يُعلمَ بتوقيف أو اتفاق، ولا توقيف ههنا ولا اتفاق، وإنّما هو على ما ذكرنا وقد وُجِدَ ذلك، فإنًّ الضحاك بن مزاحم وهرم بن حيان حملت أمُ كل منهما به سنتين، وقال الليث بن سعد: "أقصاه ثلاث سنين، حملت مولاة لعمر بن عبد الله ثلاث سنين." وقال عباد بن العوام: خمس سنين. وعن الزهري قال: قد تحمل المرأة ست سنين، وسبع سنين. وقال أبو عبيد: ليس لأقصاه وقت يوقف عليه.[4]

    ولنا أنَّ ما لا نَصَّ فيه يُرجَعُ فيه إلى الوجود. وقد وُجدَ الحمل لأربع سنين، فقد روى الوليد بن مسلم قال: (قلت لمالك بن أنس حديث جميلة بنت سعد عن عائشة قالت لا تزيد المرأة عن سنتين في الحمل، قال مالك: سبحان الله! من يقول هذا؟ هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان تحمل أربع سنين قبل أن تلد) وقال الشافعي: بقي محمد بن عجلان في بطن أُمِّهِ أربع سنين، وقال أحمد: (نساء بني عجلان يحملن أربع سنين، وامرأة عجلان حملت ثلاث بطون كل دفعة أربع سنين، وبقي محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي في بطن أُمه أربع سنين، وهكذا إبراهيم بن نجيح العقيلي، حكى ذلك أبو الخطاب، وإذا تقرر وجوده وجب أن يُحكم به ولا يُزاد عليه لأنه ما وُجِد. ولأنَّ عمر ضَرَبَ لامرأة المفقود أربع سنين ولم يكن ذلك إلا لأنه غاية الحَمل، وروي عن عثمان وعلي وغيرهما)[5 ]

    أمّا أكثر الحمل عند الأطباء فلا يزيد عن شهر بعد موعده، وإلا لمات الجنين في بطن أمه، ويعتبرون ما زاد على ذلك خطأ في الحساب.[6 ]

    أمّا الإمام علي بن أحمد بن حزم الظاهري فيقول في "المُحَلّى":
    (لا يجوز أن يكون حمل أكثر من تسعة أشهر، ولا أقل من ستة أشهر، لقول الله تعالى: "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً"[ 7] وقال تعالى "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة"[ 8] فمن ادعى حملاً وفصالاً يكون في أكثر من ثلاثين شهراً فقد قال الباطل والمحال ورد كلام الله عز وجل جهاراً.)[9 ] وبعد أن ذكر مختلف الأقوال في مدد الحمل التي قال بها الفقهاء - والتي سبق أن ورد بعضها في بداية الفصل - بعد أن ذكر كل تلك الآراء قال: (وكل هذه أخبار مكذوبة راجعة إلى من لا يصدق ولا يُعرف من هو ولا يجوز الحكم في دين الله بمثل هذا.)[10 ]

    إلا أنَّ الجنين قد يموت في بطن أمه ويبقى فيها أمداً طويلاً، وقد يتكلس[ 11] الجنين بعد موته ثم يقذفه الرحم بعد فترة، وقد يقذفه على فترات متقطعة. وهذا أمر معروف عند الأطباء ومشهور لديهم.[ ] وقد نقل عن ابن حزم عن الإمام علي قال: (إلا أنَّ الولد قد يموت في بطن أمه فيتمادى بلا غاية حتى تلقيه متقطعاً في سنين...)[ 12]
    وينفي د. محمد علي البار إمكانية حدوث هذا الحمل الطويل الممتد سنيناً..... حيث يذكر أنّهُ قد وجدت نساء ممن كُنَّ يترددن على عيادته في اليمن يزعمن أنَّهُنَّ حوامل لعدة سنوات.... وبالفحص تبين أنهن لم يَكُنَّ حوامل... ويعلل ذلك بأنهُ كان ذلك "الحمل الكاذب Pseudo pregnancy"[14 ] ()

    أمّا الغالب في مدّة الحمل فقد حَدّدَ أحد الأطباء المسلمين مدّة الحمل، فقد حدّدها الطبيب العربي "أحمد بن محمد البلدي" والذي عاش قبل أكثر من ألف عام في كتابه "تدبير الحبالى والأطفال والصبيان" حيث قال: (إنّما نجد جميع من يلد من النساء يكن ولادهن في الأيام التي فيما بين مائتين وثمانين يوماً ونصف بالتقريب، وبين مائتين وأربعة وسبعين يوماً على التقريب)[ 15]

    وهذا التحديد هو الشائع الآن، وهو ما يقول به أطباء أمراض النساء والولادة، أي أنَّ معدل مدّة الحمل هي 280 يوماً، أو عشرة أشهر قمرية، من الممكن أن تزيد قليلاً. أمّا أقل مدّةٍ للحمل التي هي ستة أشهر، فقد اتفق عليها الفقهاء كما ذكر ابن القيم الجوزية في كتابه "التبيان في أقسام القرآن"، كما أنّ أطباء الولادة يوافقون المسلمين في ذلك.

    فتعتبر مدّة الحمل الطبيعية (280 يوماً )، تُحسب من بدء آخر حيضة حاضتها المرأة ، وبما أنَّ التلقيح وبداية الحمل يحدث عادة في اليوم الرابع عشر من بدء الحيض تقريباً ... فإنَّ مُدّة الحمل الحقيقية تكون (280 – 14=266) يوماً . أي حوالي تسعة أشهر في الغالب وأقله ستة أشهر وأكثره سنتان.[ 16]


    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    ......
    [1] البقرة:(233)
    [2] الأحقاف : (15)
    [3] ابن قدامة ، المغني والشرح الكبير، جزء(9)، صفحة:(116).
    (4) ابن قدامة ، المغني والشرح الكبير، جزء(9)، صفحة:(117).
    (5) ابن قدامة ، المغني والشرح الكبير، جزء(9)، صفحة:(117-118).
    (6) البار، د. محمد علي، خلق الانسان بين الطب والقرآن،صفحه:(452)
    (7) الأحقاف : (15)
    (8) البقرة:(233)
    (9) ابن حزم، علي بن أحمد،المحلى، جزء(10)، صفحة:(316)، طباعة دار الفكر - بيروت.
    (10)ابن حزم، علي بن أحمد،المحلى، جزء(10)، صفحة:(316)، طباعة دار الفكر - بيروت.
    [11] يتكلس: يعني ترسب فيه أملاح الكالسيوم فيصبح مثل الجير.
    [12] البار – د. محمد علي، خلق الإنسان في الطب والقرآن، صفحه ( 453 ).
    [13] المحلى لإبن حزم، جزء ( 10 )، صفحه ( 316 ).
    (14) الحمل الكاذب: Pseudopregncy حالة سيكوسوماتية ( أي جسدية نفسية ) تتوهم المرأة الباحثة عن الإنجاب تتوهم أنها حامل، وتكون مصحوبة عادةً ببعض الأعراض الطبيعية الواضحة، كانقطاع الطمث وتضخم البطن، وبحركة جنينية ظاهرة، وباضطراب في عمل الغدد الصم شبيه بذلك الذي يرافق الحمل ولكنه أقل وضوحاً. وتعتقد المرأة مع هذه أنها حامل فعلاً، رغم تأكيد كل الفحوصات الطبية بعدم وجود الحمل. وقد يحدث لأحدى هؤلاء الواهمات بالحمل الكاذب الذي تتصور أنه بقي سنيناً... قد يحدث فعلاً أنها تحمل فعلاً... فتضع طفلاً طبيعياً في فترة حمله، فتتصور أنها قد حملته لسنين عدة.
    [15] البلدي – أحمد بن محمد، كتاب تدبير الحبالى والأطفال والصبيان، تحقيق الدكتور محمود الحاج قاسم محمد، الطبعة العراقية سنة ( 1987 )، صفحه ( 115 ).
    [16] النبهاني – الشيخ تقي الدين، النظام الاجتماعي في الإسلام، صفحه ( 169 ).


    ............................................................ ....................
    ............................................................ .....................
    .....

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي

    يتبع إن شاء الله.>>>>>>>>>>>>>>>>>>> الخلق في السنة الشريفة
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

خُلِقَ الإنسان في أحسن تقويم , بحث في الخلق والنشوء

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الخلق بين النطفتين
    بواسطة الياس عيساوي في المنتدى الإعجاز العلمي فى القرأن الكريم والسنة النبوية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-05-2013, 10:21 PM
  2. كيف تكتسب أحسن الأخلاق؟
    بواسطة أمـــة الله في المنتدى منتدى الأسرة والمجتمع
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 01-02-2008, 07:11 PM
  3. طلاب نشروا صورهم عارية على تقويم سنوي لدعم الكنيسة
    بواسطة muad في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-06-2007, 08:33 PM
  4. خلق الزوجة ( حواء ), ابحاث الخلق والنشوء
    بواسطة المهتدي بالله في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 18-12-2005, 03:54 PM
  5. نام يا بابا أحسن لك
    بواسطة عبد الله المصرى في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 16-12-2005, 11:23 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

خُلِقَ الإنسان في أحسن تقويم , بحث في الخلق والنشوء

خُلِقَ الإنسان في أحسن تقويم , بحث في الخلق والنشوء