الآن بعد أن فندنا شبهة النصرانى تمامًا و أتينا بالأدلة الشرعية على حرمة وطء الزوجة فى الدبر ، نأتى إلى المصادر التى إستند إليها فى شبهته لنكشف تدليسه .

قال النصرانى :

اقتباس
سمعت من بعض الأصدقاء بأنه مسموح فيه إتيان المرأة في دبرها تعجبت و خطر ببالي سؤالاً: هل هو دين #### السليم الصحيح ؟ أو دين#### #### ؟ و كان تعجبي كبير عندما قرأت في الأحاديث تأكيد لهذه المسألة لنرى ماذا قال علماء الإسلام بهذا الخصوص :
إذًا يريد النصرانى إقناعنا أن ما قرأه فى هذه الكتب يُبيح إتيان المرأة فى دبرها فى الإسلام .
إذًا لنكشف تدليسه ، و بيان إقتطافه من الكتب جمل و ترك آخرى و عدم تعرضه لأى حديث يثبت أكاذيبه .

أولًا المغنى لابن قدامة .

يقول النصرانى مدلسًا :

اقتباس
في كتاب المغني لأبن قدامه ( 7 : 225 ) ، قال : ( ورويت إباحته ( وطء الزوجة في الدبر ) عن إبن عمر وزيد بن أسلم ونافع ومالك ... ) وورد نحوه أيضاً في الشرح الكبير ( 8 : 130 ).
هل هذا كل ما جاء فى الكتاب يا مدلس ؟ أين تكملة كلامه أيها المدلس ؟

إن بداية كلامه يحرم فيه وطء الزوجة فى الدبر ، ألم يلتفت النصرانى إلى البداية ؟
نقرأ كلامه كاملًا :-

فصول : حكم الوطء في الدين

فصل : ولا يحل وطء الزوجة في الدبر في قول أكثر أهل العلم منهم علي وعبد الله وأبو الدرداء وابن عباس وعبد الله بن عمرو وأبو هريرة وبه قال سعيد بن المسيب و أبو بكر بن عبد الرحمن و مجاهد و عكرمة و الشافعي وأصحاب الرأي و ابن المنذر ورويت إباحته عن ابن عمر و زيد بن أسلم و نافع و مالك وروي عن مالك أنه قال ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال وأهل العراق من أصحاب مالك ينكرون ذلك واحتج من أجله بقول الله تعالى : { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } وقوله سبحانه : { والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم }
ولنا ما روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ إن الله لا يستحيي من الحق ولا تأتوا النساء من أعجازهن ] وعن أبي هريرة وابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأة في دبرها ] رواهما ابن ماجة وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ محاسن النساء حرام عليكم ] وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ] رواهن كلهن الأثرم
فأما الآية فروى جابر قال كان اليهود يقولون إذا جامع الرجل امرأته في فرجها من ورائها جاء الولد أحول فأنزل الله : { نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم } من بين يديها ومن خلفها غير أن لا يأتيها إلا في المأتى متفق عليه وفي رواية [ ائتها مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج ]
والآية الأخرى المراد بها ذلك

فصل : فإن وطئ زوجته في دبرها فلا حد عليه لأن له في ذلك شبهة ويعزر لفعله المحرم وعليها الغسل لأنه إيلاج فرج في فرج وحكمه حكم الوطء في القبل في إفساد العبادات وتقرير المهر ووجوب العدة وإن كان الوطء لأجنبية وجب حد اللوطي ولا مهر عليه لأنه لم يفوت منفعة لها عوض في الشرع
ولا يحصل بوطء زوجته في الدبر إحصان إنما يحصل بالوطء الكامل وليس هذا بوطء كامل والإحلال للزوج الأول لأن المرأة لا تذوق به عسيلة الرجل ولا تحصل به الفينة ولا الخروج من العنة لأن الوطء فيهما لحق المرأة وحقها الوطء في القبل ولا يزول به الاكتفاء بصماتها في الأذن بالنكاح لأن بكارة الأصل باقية
فصل : ولا بأس بالتلذذ بها بين الاليتين من غير إيلاج لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر فهو مخصوص بذلك ولأنه حرم لأجل الأذى وذلك مخصوص بالدبر فاختص التحريم به

. إنتهى .


هذا كامل كلام ابن قدامة : هل نجد فيه تحليل الوطء فى الدبر ؟ قطعـًا لا فالكلام واضح و قد ساق الأدلة على حرمة ذلك و إنتهى إلى قوله : لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر فهو مخصوص بذلك ولأنه حرم لأجل الأذى وذلك مخصوص بالدبر فاختص التحريم به .

إذًا هل أحله ابن قدامه ، أم دلس النصرانى ؟

نعم ، دلس النصرانى .

ثانيًا أحكام القرآن للجصاص :-

اقتباس
.وفي كتاب أحكام القرآن للجصاص ( 2 : 39 ) : ( وروى أصبغ بن الفرج عن إبن القاسم عنمالك قال : ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشكّ فيه أنّه حلال ، يعني وطء المرأة في دبرها ، ثمّ قرأ ( نساؤُكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنىشئتم) قال : فأيّ شيء أبين من هذا وما أشكّ فيه) ، وذكره أيضاً المنّاوي في فيض القدير ( 1 : 227 ) ، وإبن قدامة في المغني ( 7 : 225 ) ،وفي الشرح الكبير ( 8 : 130 ) ، والطحّاوي في مختصر إختلاف العلماء ( 2 : 344( .

3.وفي أحكام القرآن للجصّاص ( 2 : 40 ) ، قال : ( قال أبو بكر : المشهور عن مالك إباحة ذلك ( إتيان المرأة في دبرها ) وأصحابه ينفون عنه هذه المسألة لقبحها وشناعتها ، وهي عنه أشهر من أن يندفع بن فيهم عن( .

4.وفي أحكام القرآن للجصّاص : ( وقد حكى محمّد بن سعيد ، عن أبي سليمان الجوزجاني ، قال : كنت عند مالك بن أنس فسئل عن النكاح في الدبر فضرب بيده إلى رأسه وقال : الساعة إغتسلت منه( .
ج 2 ، ص : 39 ، 40 ، 41

وقوله تعالى { نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } الحرث المزدرع وجعل في هذا الموضع كناية عن الجماع وسمى النساء حرثا لأنهن مزدرع الأولاد وقوله فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ يدل على أن إباحة الوطء مقصورة على الجماع في الفرج لأنه موضع الحرث واختلف في إتيان النساء في أدبارهن فكان أصحابنا يحرمون ذلك وينهون عنه أشد النهى وهو قول الثوري والشافعى فيما حكاه المزني قال الطحاوي وحكى لنا محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم أنه سمع الشافعى يقول ما صح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في تحريمه ولا تحليله شيء والقياس أنه حلال وروى أصبغ بن الفرج عن ابن القاسم عن مالك قال ما أدركت أحدا أقتدى به في ديني يشك فيه أنه حلال يعنى وطء المرأة في دبرها ثم قرأ { نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } قال فأى شيء أبين من هذا وما أشك فيه قال ابن القاسم فقلت لمالك بن أنس أن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدثنا عن الحارث بن يعقوب عن أبى الحباب سعيد بن يسار قال قلت لابن عمر ما تقول في الجواري أنحمض لهن فقال وما التحميض فذكرت الدبر قال ويفعل ذلك أحد من المسلمين
فقال مالك فأشهد على ربيعة بن أبى عبد الرحمن يحدثني عن أبى الحباب سعيد ابن يسار أنه سأل ابن عمر عنه فقال لا بأس به قال ابن القاسم فقال رجل في المجلس يا أبا عبد اللّه فإنك تذكر عن سالم أنه قال كذب العبد أو كذب العلج على أبى يعنى نافعا كما كذب عكرمة على ابن عباس فقال مالك وأشهد على يزيد بن رومان يحدثني عن سالم عن أبيه أنه كان يفعله
قال أبو بكر قد روى سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن ابن عمر أن رجلا أتى امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك فأنزل اللّه تعالى { نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ } إلا أن زيد بن أسلم لا يعلم له سماع من ابن عمر
وروى الفضل بن فضالة عن عبد اللّه بن عباس عن كعب بن علقمة عن أبى النضر أنه قال لنافع مولى ابن عمر أنه قد أكثر عليك القول إنك تقول عن ابن عمر أنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن قال نافع كذبوا على أن ابن عمر عرض المصحف يوما حتى بلغ { نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ } فقال يا نافع هل تعلم من أمر هذه الآية قلت لا قال إنا كنا معشر قريش نجبى النساء وكانت نساء الأنصار قد أخذن عن اليهود إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل اللّه هذه فهذا يدل على أن السبب غير ما ذكره زيد بن أسلم عن ابن عمر لأن نافعا قد حكى عنه غير ذلك السبب
وقال ميمون بن مهران أيضا قال ذلك نافع يعنى تحليل وطء النساء في أدبارهن بعد ما كبر وذهب عقله
قال أبو بكر المشهور عن مالك إباحة ذلك وأصحابه ينفون عنه هذه المقالة لقبحها وشناعتها وهي عنه أشهر من أن يندفع بنفيهم عنه وقد حكى محمد بن سعيد عن أبى سليمان الجوزجاني قال كنت عند مالك بن أنس فسئل عن النكاح في الدبر فضرب بيده إلى رأسه وقال الساعة اغتسلت منه وقد رواه عنه ابن القاسم على ما ذكرنا وهو مذكور في الكتب الشرعية ويروى عن محمد بن كعب القرظي أنه كان لا يرى بذلك بأسا ويتأول فيه قوله تعالى { أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ
وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ } مثل ذلك إن كنتم تشتهون
وروى عن ابن مسعود أنه قال محاش النساء حرام وقال عبد اللّه بن عمرو هي اللوطية الصغرى وقد اختلف عن ابن عمر فيه فكأنه لم يرو عنه فيه شيء لتعارض ما روى عنه فيه وظاهر الكتاب يدل على أن الإباحة مقصورة على الوطء في الفرج الذي هو موضع الحرث وهو الذي يكون منه الولد
وقد رويت عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم آثار كثيرة في تحريمه
رواه خزيمة بن ثابت وأبو هريرة وعلى بن طلق كلهم عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال ( لاتأتوا النساء في أدبارهن )
وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال ( هي اللوطية الصغرى ) يعنى إتيان النساء في أدبارهن
وروى حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبى تميمة عن أبى هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال (من أتى حائضا أو امرأته في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد)
وروى ابن جريج عن محمد بن المنكدر عن جابر أن اليهود قالوا للمسلمين من أتى امرأته وهي مدبرة جاء ولده أحول فأنزل اللّه تعالى { نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ }
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم (مقبلة ومدبرة ما كان في الفرج)
وروت حفصة بنت عبد الرحمن عن أم سلمة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال ( في صمام واحد )
وروى مجاهد عن ابن عباس مثله في تأويل الآية قال يعنى كيف شئت في موضع الولد وروى عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم (لا ينظر اللّه إلى الرجل أتى امرأته في دبرها)

نكتفى بهذا حتى لا نطيل .


فهل كل هذه الأحاديث التى تُحرم إتيان المرأة فى الدبر لم يراها النصرانى ، ليقول أن الأحاديث تُحل ذلك ؟

نصرانى مُدلس .