بسم الله الرحمن الرحيم

لا عدوى

(قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏لا عدوى ‏ ‏ولا ‏ ‏صفر ‏ ‏ولا ‏ ‏هامة ‏ ‏فقال أعرابي يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيجيء البعير الأجرب فيدخل فيها فيجربها كلها قال فمن أعدى الأول) صحيح مسلم

(لا عدوى و لا طيرة ، و يعجبنى الفأل ، قالوا و ما الفأل ؟ قال : كلمة طيبة)
صحيح البخارى

يعترض هذا الملحد على الاحاديث السابقة فيقول
اقتباس
التناقض :

كما هو مبين من الأحاديث اعلاه ، انها تنفى إنتقال الأمراض بالعدوى ، نفى صريح قاطع ، فنجد فى الحديث الأول ان الرسول يقول لا يعدى شيئ شيئاً بل يرددها ثلاث مرات !

و عندما قال له الإعرابى بأن الجمل المصاب بالجرب يأتى وسط باقى الجمال فيصيبها بالجرب ، سكت الرسول قليلاً ، ثم رد قائلاً : إذن من اعدى الجمل الأول ؟؟؟
فهل هذا منطق ؟

اضرب المثال السابق هذا على انفلونزا الخنازير ، فهل مفترض بك كمسلم ان تؤمن انه لا عدوى تنتقل بين البشر الآن ، بل و تتسآئل قائلاً : و من اعدى اول إنسان بها ؟!!
عزيزى الملحد مهما حاولت جاهدا أنت ومن ينهجون نهجك أن تظهر أن هناك تناقض فى القرأن أو فى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فلن تستطيع و السبب بسيط هو أن أجدادك الاوائل من 1400 عام حاولوا فعل ذلك ففشلوا فهل تقنعينا أنت يا من نقلت عنهم أنك صخرة الحق التى سيتحطم عليها الاسلام بشبهاتك هذه المنقوله عنهم ...هيهات هيهات !!

ثم ما الذى منعك أن تأتى بأقوال العلماء فى هذه الاحاديث ثم ترد بعد ذلك عليهم أذا أستطعت أن ترد من أساسه أم أنك لم تجد فى أقوال أحد منهم ما يؤيد المستقر فى ذهنك ؟
فها هو أيها القراء لثالث مرة لم يأتى بأقوال العلماء وقام بشرح الاحاديث بنفسه ...فهل بالله عليكم هذا يعبر باحث عن الحقيقة كما يدعى ؟...اما عن شبتهك فاليك ما افحمك به وارجوا ان تقرأ بعقلك لا بهواك ان كنت تريد الحق فعلا لا مجادلة ومناظره في الباطل...

-شرح الفاظ الحديث
1. ‎العدوى : اسم من أعدى يُعدي فهو معدٍ ، ومعنى أعدى أي أداز الجرب الذي به إلى غيره ، أو أجاز جرباً ‏بغيره إليه‎.

‎2. ‎الطيرة : ما يتشاءم به من الفأل الرديء ، فكانت العرب تتطير من الطيور وغيرها فأن طارت الى اليمين تبشروا خير و أن طارت الى اليسار تشاءم و يعتقد أنه سيصيبه مكروه بل أنه لو كان عازم على السفر فانه يرجع فجاء الإسلام فأبطل ‏ذلك كله‎.

‎3. ‎الهامة : البومة وكانت العرب تتشاءم منها فإذا وقعت إلى بيت أحدهم قال تنعي إلي نفسي أو يخرب ‏المنزل فأبطل الاسلام أيضا ذلك‎.

‎4. ‎صفر : هو شهر صفر كانت العرب تتشاءم منه وكانت تؤخر المحرم إلى صفر وهو لنسيء الذي حرمه ‏الإسلام‎.

أما المعنى الاجمالى للاحاديث هو إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية، فى الضرر و النفع فيما سبق ذكرة، فأخبرهم صلى الله عليه وسلم أن هذا الاعتقاد باطل، وأن المتصرف في الكون هو الله وحده فنجد فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا عدوى )أراد بذلك نفي ما كان يعتقده أصحاب الطبيعة فإنهم كانوا يرون العلل المعدية مؤثرة لا محالة فأعلمهم بقوله هذا أن ليس الأمر على ما يتوهمون بل هو متعلق بالمشيئة إن شاء كان وإن لم يشأ لم يكن...فقال بعض الحاضرين له صلى الله عليه وسلم:يا رسول الله الإبل تكون في الصحراء، كأنها الغزلان، فيدخل فيها البعير الأجرب فيجربها، فقال صلى الله عليه وسلم:(فمن أعدى الأول).والمعنى أن الذي أنزل الجرب في الأول هو الذي أنزله في الأخرى،و إن كنتم ترون أن السبب في ذلك العدوى لا غير فمن أعدى الأول...و الواقع يؤكد صحة ذلك فكم من مصح خالط مريض الانفلونزا ولم يصبه شيأ فان كان المرض يعدى بطبيعته لاستلزم ذلك حدوث المرض بمجرد مخالطة هذا المريض .

والمشاهدَ أن البيت أحيانا يُصاب أحد أفراده بالزًُّكام فيُصاب كل من في البيت ، ‏وأحياناً يُصاب الرجل فيصاب بعض أفراد البيت وليس كلهم ,‏وأحياناً أخرى يُصاب الرَّجُل في بيته ولا تنتقل العدوى لأقرب الناس إليه ولا يصاب فرد واحد من البيت!...فمن الذي جعلها تنتقل في مرّة ولا تنتقل في مرّات ؟‎ ...إنه الله الذي قَدّر الأقْدَار ، وليس المرض الذي انتقل أو انتشر‎

ومن ناحية أخرى هناك من الاحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم باجتناب الاسباب التى خلقها الله تعالى و قد تؤدى الى المرض و التى قد تجاهلها هذا الملحد ولم يأتى على ذكرها حتى لا تنسف شبهته ....فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الطاعون : إذا سمعتم به بأرض فلا ‏تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تَخْرُجوا فِرارا منه . رواه البخاري ‏ومسلم‎

قال عليه الصلاة والسلام : لا يُورِد مُمْرِضٌ على مُصِحّ . رواه البخاري ومسلم

قال العلماء : الممرِض : صاحب الإبل المراض ، والمصِحّ : صاحب الإبل الصحاح ‏، فمعنى الحديث لا يورد صاحب الإبل المراض إبله على إبل صاحب الإبل ‏الصحاح ، لأنه ربما أصابها المرض بِفِعْلِ الله تعال وقَدَرِه الذي أجرى به العادة لا ‏بِطَبْعِها فيحصل لصاحبها ضرر بمرضها ، وربما حصل له ضرر أعظم من ذلك ‏باعتقاد العدوى بِطَبْعِها فيكفر . أفاده النووي‎ .

بل أن فى رواية لنفس الحديث الذى أعترض عليه هذا الملحد ما نصه ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ، وفُـرّ من المجذوم ‏كما تَفرّ من الأسد )رواية البخارى ...ففى هذا الحديث نجد أن رسول الله ينهى فى بداية عن الاعتقاد فى أنتقال الامراض بطبيعتها أو من ذات نفسها فى قوله(لا عدوى )و فى نهاية الحديث يأمرنا أن نأخذ بالاسباب التى خقلها الله لنتجب بها الامراض فى قوله (و فر من المجذوب كما تفر من الاسد)..


خلاصة ما تقدم :

المراد بنفي العدوى أن شيئاً لا يعدي بطبعه، نفياً لما كانت الجاهلية تعتقده أن الأمراض تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم اعتقادهم ذلك....وأما أمره بالفرار من المجذوم ، ونهيه عن إيراد الممرِض على المصحّ ، وعن ‏الدخول إلى موضع الطاعون ؛ فإنه من باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله ‏تعالى ، وجعلها أسبابا للهلاك والأذى ، والعبد مأمور باتِّقاء أسباب الشر إذا ‏كان في عافية ، فكما أنه يؤمر أن لا يُلْقِي نفسه في الماء أو في النار أو تحت ‏الهدم أو نحو ذلك كما جرت العادة بأنه يُهْلِك ويُؤذي ، فكذلك اجتناب مقاربة ‏المريض كالمجذوم وقدوم بلد الطاعون فإن هذه كلها أسباب للمرض والتلف ، ‏والله تعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها لا خالق غيره ، ولا مقدر غيره‎ .

والله تعالى أعلم‎ .